انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «شروط الإجتهاد»

أُضيف ٨٬٨٤٢ بايت ،  ٣٠ يناير ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٧٣: سطر ٧٣:
واستدلّ النراقي عليه، فقال: «ودليل اشتراط الأنس بلسان الفقهاء ظاهر، إذ غير المستأنس قد يغفل عن المراد».<ref> مناهج الأحكام والأصول : 266.</ref>
واستدلّ النراقي عليه، فقال: «ودليل اشتراط الأنس بلسان الفقهاء ظاهر، إذ غير المستأنس قد يغفل عن المراد».<ref> مناهج الأحكام والأصول : 266.</ref>
هذا وقد ورد في كلام النووي اعتبار هذا الشرط، يقول في ذلك: «و اختلاف العلماء واتّفاقهم بالقدر  الذي يتمكن معه من الوفاء بشروط الأدلّة ، والاقتباس منها».<ref> المجموع شرح المهذّب 1 : 42.</ref>
هذا وقد ورد في كلام النووي اعتبار هذا الشرط، يقول في ذلك: «و اختلاف العلماء واتّفاقهم بالقدر  الذي يتمكن معه من الوفاء بشروط الأدلّة ، والاقتباس منها».<ref> المجموع شرح المهذّب 1 : 42.</ref>
==الشرط الثامن: عدم التشكيك والاعتياد على التوجيه والتأويل==
إنّ من يسعى للدقة والاحتياط يبتلى بالتشكيك والتوجيه غير المتعارف فلا يصلح للافتاء حتّى لو تمتع بشخصية علمية بارزة؛ لأ نّه يفتقر إلى ميزة رئيسية من مزايا الاجتهاد، فهو ـ في الحقيقة ـ يعجز عن الفهم العرفي للنصوص، فيضيع في منعطفات الوسواس بدلاً من فهم الروايات من منظار العرف.
التفت النراقي إلى أهمية هذا الشرط وقال: «أن لايأنس بالتوجيه والتأويل؛ فإنّه ربّما يجعل ذلك الاحتمالات البعيدة من  الظواهر».<ref> مناهج الأحكام والأصول : 267.</ref>
أمّا الوحيد البهبهاني فقد أبدى اهتمامه بهذا الشرط قبل النراقي. <ref> الفوائد الحائرية : 341.</ref>
==الشرط التاسع: عدم الإفراط والتفريط في الفتوى==
على الرغم من وجوب اعتبار الشجاعة العلمية من المتطلبات الضرورية للمفتين، إلاّ أنّ هذه الصفة الحسنة لو تحولت إلى شجاعة مفرطة وجرأة بعيدة عن الضوابط والقوانين ستولد نتائج عكسية؛ إنّ الفتاوى التي يشمّ منها رائحة التطرف والغلو تنمّ عن لحظات عصيبة وغليان عاطفي، ومن جهة أخرى، فإنّ عدم الإحساس بالثقة بالنفس والاستقامة النفسية المناسبة لإبراز النظريات والفتاوى الجديدة، سوف لن يقود إلى التطوّر الفقهي والتحرّك الاجتهادي.
لقد التفت الوحيد البهبهاني<ref> الفوائد الحائرية: 341.</ref>، والنراقي من الإمامية إلى هذا الشرط قائلاً: «ألاّ يكون جريئا في الفتوى غاية الجرأة فيخرّب الدين، ولا مفرطا في الاجتهاد فيهمل أحكام الشرع المبين».<ref> مناهج الأحكام والأصول : 267.</ref>
==الشرط العاشر: معرفة تأريخ الفقه==
ليس لزاما أن يكون العلم هو ما في متناول اليد؛ فربّما صدّنا المسار الرئيسي للعلم عن فهم ونيل ملاحظات وأفكار ممتازة من صلب ذلك العلم، غير أ نّها خمدت في ظروف استثنائية، إنّ الوقوف على [[تاريخ تطوّر الفقه]] تتيح للعلماء ما يلي:
1 ـ ألاّ تخفى عليهم الانحرافات الجذرية التي طالما ابتلوا بها، وألاّ يكرسوا أفكارهم على إطلاق الأحكام العامة حول ذلك العلم.
2 ـ أن يصبّوا جلّ اهتمامهم على الأفكار الجديدة، المتولدة نتيجة تطوّر علم الفقه ولم يتسنّ لأحد متابعتها.
لم تبدِ بعض المدارس الفقهية ـ طبعا ـ اهتماما يذكر بتأريخ الفقه ومسائله المختلفة؛ فاستندت إلى استدلالات محضة غير معتمدة على التأريخ، هذا أحد أساليب المدارس الفقهية؛ أمّا المدارس التي اختارت الاهتمام بالتأريخ، فقد اختلفت مع بعضها بعض من ناحية مقدار هذا الاهتمام، وكيفية فهم التأريخ وطريقة بلوغ واقعياته، وتبعا لذلك تشكلت أساليب تأريخية متعدّدة.
وعلى الرغم من أنّ الفقهاء ـ ومنهم النراقي ـ لم يذكروا الإلمام بتأريخ الفقه كشرط للاجتهاد، لكن جدير بنا دراسة ضرورته ودوره في الاجتهاد؛ لنبيّن ثمراته ونتائجه في الفقه والاجتهاد.
==الشرط الحادي عشر: معرفة علوم الفصاحة والبلاغة والبديع==
يمكن اقتفاء أثر هذه العلوم الثلاثة في الاجتهاد في ثلاثة محاور:
'''الأول:''' الاستعانة بها لإثبات عدم الصدور، إذا واجهنا روايات حاوية على ركاكة وانحطاط من الناحية اللفظية، فبإمكان هذه العلوم أن ترشدنا للبحث والتأكد من صحة صدورها أو عدم صدورها.
'''الثاني:''' الموافاة بمعالم الصدور، فوجود الفصاحة والبلاغة قرينة على صحة صدور الروايات؛ قال الوحيد البهبهاني في هذا الخصوص: «ربّما يحصل العلم من جهة الفصاحة والبلاغة بكون الكلام عن الإمام  عليه‏السلام، فمن هذه الجهة ربّما يكون لهما مدخلية في الاشتراط، بل البديع أيضا».<ref> الفوائد الحائرية : 341.</ref>
'''الثالث:''' شق الطريق نحو عمق معاني [[الآيات والروايات]]، حيث إن كان النص مكتوبا من قِبل شخص ذي ذوق سليم، يكون مفعما بالمعاني الأدبية الرائعة المفهومة؛ فلا يمكن الوقوف على عمق نص ما لم يقم فهم مواصفاته وإدراك الألفاظ الواردة فيه، ولا تستثنى الآيات والروايات من هذه القاعدة؛ فإنّ فهم الإبداعات الفردية والذوقية المستخدمة فيها، يفتح مجالاً جديدا لاستيعاب معاني الروايات.
إنّ التركيز على الإبداعات الأدبية والتزويقات اللفظية المستخدمة في الآيات والروايات احتلت مكانا واسعا، لكن هذا الموضوع افتقد غضاضته وبريقه في أروقة الأبحاث التقليدية والكلاسيكية لعلوم الفصاحة والبلاغة والبديع.
وقد ذهب [[الوحيد البهبهاني]] إلى أنّ تلك العلوم من مكملات الاجتهاد. <ref> الفوائد الحائرية : 341.</ref>
==الشرط الثاني عشر: علم الكلام==
ثمّة رأيان في هذا الموضوع:
'''الأول:''' هو رأى الأعلام الذين يطرحون علم الكلام على أ نّه أحد العلوم المطلوبة للإستنباط. ومنهم: أبو الوليد الباجي<ref> إحكام الفصول : 722.</ref>، والغزالي<ref> المستصفى 2 : 201.</ref>، والنراقي<ref> مناهج الأحكام والأصول : 264 ـ 265.</ref>، والسالمي. <ref> شرح طلعة الشمس 2 : 276.</ref>
'''الثاني:''' هو رأي من يصرّ على عدم دخل الكلام في الاستنباط، وعدم حاجته له، ويشير هؤلاء في دفاعهم عن رأيهم إلى الماهية الاعتقادية لعلم الكلام، ويقولون: «بما أنّ علم الكلام يصحّح العقائد، فلا ينبغي أن يتوقّع منه مردود فقهي».<ref> مناهج الأحكام والأصول : 264 ـ 265.</ref>
وفي مقام الإجابة عن استدلال أصحاب الرأي الثاني يجب القول: إنّ الاجتهاد نفسه قائم على العقائد الصحيحة، ولايمكن إيجاد جدار فاصل بين الشروط العقائدية والفقهية، وقد أجاب النراقي عن ذلك بنفس هذا الجواب، حيث قال: «الاجتهاد يتوقف على تصحيح الاعتقاد».<ref> المصدر السابق.</ref>
وفي الفترة الأخيرة أبدى علماء الحوزة الدينية في الوسط الشيعي اهتماما خاصّا بهذا الموضوع، فأخذوا ينشرون بحوثا تحت عنوان: «المباني الكلامية للفقه»، ولم تتوفر هذه الفرصة والظروف الجديدة إلاّ بطرح مباحث «فلسفة الفقه».
وجدير بالذكر أن نقول: إنّ اندراج هذه المباحث تحت عنوان «فلسفة الفقه» مناسب جدا، وينبغي مواصلة الجهود اللاحقة تحت هذا العنوان بالذات.
و من ذلك يتّضح أكثر فأكثر عمق حديث الشيخ النراقي القائل : « الاجتهاد يتوقّف على تصحيح الاعتقاد».


==المصادر==
==المصادر==


[[تصنيف: شرایط الإجتهاد]][[تصنيف: آيات الأحکام]][[تصنيف: علم اصول الفقه]]
[[تصنيف: شرایط الإجتهاد]][[تصنيف: آيات الأحکام]][[تصنيف: علم اصول الفقه]][[تصنيف: تاریخ تطور الفقه]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل