انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جواز التقليد»

ط
استبدال النص - '====' ب'====='
ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}')
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ٣٨: سطر ٣٨:
وهو قول الجمهور، وأُستدل له بعدّة أدلّة أهمّها:
وهو قول الجمهور، وأُستدل له بعدّة أدلّة أهمّها:


====الدليل الأوّل: الارتكاز والبناء العقلائي====
=====الدليل الأوّل: الارتكاز والبناء العقلائي=====
هذا الارتکاز قائم على جواز رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة في شتّى المجالات، فيجوز رجوع العامّي إلى العالم؛ لكونه أعلم منه بالحلال والحرام، وهذا الارتكاز كان قائما بمرأى ومسمع من المعصوم  عليه‏السلامولم يردع عنه، إذ لوردع عنه لوصل إلينا، فتكون مثل هذا البناء وهذه السيرة ممضاة شرعا<ref>. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 83.</ref>.
هذا الارتکاز قائم على جواز رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة في شتّى المجالات، فيجوز رجوع العامّي إلى العالم؛ لكونه أعلم منه بالحلال والحرام، وهذا الارتكاز كان قائما بمرأى ومسمع من المعصوم  عليه‏السلامولم يردع عنه، إذ لوردع عنه لوصل إلينا، فتكون مثل هذا البناء وهذه السيرة ممضاة شرعا<ref>. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 83.</ref>.
<br>وهذا هو عمدة الأدلّة على جواز التقليد.
<br>وهذا هو عمدة الأدلّة على جواز التقليد.


====الدليل الثاني: [[آية السؤال]]====
=====الدليل الثاني: [[آية السؤال]]=====
قوله تعالى: '''«فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»'''<ref>. النحل: 73.</ref>، فدلّت الآية على وجوب السؤال عند الجهل، وهو في كلّ ما لايُعلم من المسائل والفروع الشرعية، فالآية تدلّ على جواز رجوع الجاهل إلى العالم، وهو معنى التقليد، فإنّ السؤال إنّما هو للعمل به لا لمجرّد السؤال<ref>. الإحكام الآمدي 3ـ4: 451، مستمسك العروة الوثقى 1: 40 ـ 41، كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 88 ـ 89.</ref>.
قوله تعالى: '''«فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»'''<ref>. النحل: 73.</ref>، فدلّت الآية على وجوب السؤال عند الجهل، وهو في كلّ ما لايُعلم من المسائل والفروع الشرعية، فالآية تدلّ على جواز رجوع الجاهل إلى العالم، وهو معنى التقليد، فإنّ السؤال إنّما هو للعمل به لا لمجرّد السؤال<ref>. الإحكام الآمدي 3ـ4: 451، مستمسك العروة الوثقى 1: 40 ـ 41، كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 88 ـ 89.</ref>.


====الدليل الثالث: [[آية النفر]]====
=====الدليل الثالث: [[آية النفر]]=====
قوله تعالى: '''«فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»'''<ref>. التوبة: 122.</ref>. فالآية تدلّ على وجوب [[التقليد]] في الأحكام الشرعية لدلالتها على وجوب الحذر عند إنذار الفقيه، وهو إنّما يتحقّق بالعمل على طبق إنذاره وفتواه<ref>. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 86.</ref>.
قوله تعالى: '''«فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»'''<ref>. التوبة: 122.</ref>. فالآية تدلّ على وجوب [[التقليد]] في الأحكام الشرعية لدلالتها على وجوب الحذر عند إنذار الفقيه، وهو إنّما يتحقّق بالعمل على طبق إنذاره وفتواه<ref>. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 86.</ref>.


====الدليل الرابع: الأخبار والروايات====
=====الدليل الرابع: الأخبار والروايات=====
الروايات الدالّة على جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم، وجواز [[الإفتاء|إفتاء]] السائل بما يسأل  عنه، بل أنّ هناك روايات حثّ فيها الأئمة أصحابهم على القيام بدور الافتاء وبيان الأحكام الشرعية للناس، وهي كثيرة اُدعي تواترها إجمالاً<ref>. أنظر: الفوائد الحائرية: 132، كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 91.</ref>.
الروايات الدالّة على جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم، وجواز [[الإفتاء|إفتاء]] السائل بما يسأل  عنه، بل أنّ هناك روايات حثّ فيها الأئمة أصحابهم على القيام بدور الافتاء وبيان الأحكام الشرعية للناس، وهي كثيرة اُدعي تواترها إجمالاً<ref>. أنظر: الفوائد الحائرية: 132، كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 91.</ref>.


====الدليل الخامس: إجماع المسلمين====
=====الدليل الخامس: إجماع المسلمين=====
من بدايات التشريع إلى اليوم على جواز رجوع الجاهل إلى العالم باُمور الحلال والحرام واستفتائه في ذلك، وعدم إلزام المكلّفين بلزوم تحصيل الاجتهاد<ref>. أنظر: المستصفى 2: 240، الإحكام الآمدي 3ـ4: 451.</ref>.
من بدايات التشريع إلى اليوم على جواز رجوع الجاهل إلى العالم باُمور الحلال والحرام واستفتائه في ذلك، وعدم إلزام المكلّفين بلزوم تحصيل الاجتهاد<ref>. أنظر: المستصفى 2: 240، الإحكام الآمدي 3ـ4: 451.</ref>.


====الدليل السادس: قاعدة العسر والحرج====
=====الدليل السادس: قاعدة العسر والحرج=====
إنّ المكلّف يعلم بثبوت أحكام إلزامية مجعولة من قبل الشارع في حقّه، فيترتّب على ذلك وجوب الخروج عن عهدة تلك التكاليف المجعولة في حقّه، والطريق إلى ذلك لايمكن أن يكون منحصرا بالاجتهاد للزوم العسر والحرج منه غالبا، حيث إنّ النظام الاجتماعي للبشر لايسمح لهم بالسعي جميعا وراء [[الاجتهاد]] وترك اُمور معاشهم لاختلالها بذلك وتعطّل الحرف والصناعات وتوقّف الحياة عن المسير والتقدّم، وقد قال تعالى: '''«وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»'''<ref>. الحجّ: 78.</ref>، وقال(ص): «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»<ref>. وسائل الشيعة 26: 14، كتاب الفرائض والمواريث، الباب 1، ح 10، مجمع الزوائد 4: 110.</ref>، وإذا ثبت حرجية وضررية هذا الطريق وعدم إمكان النفر إليه كافة  لابدّ أن يكون للشارع طريق آخر يتوصّل به المكلّف  إلى معرفة أحكامه وتشريعاته، وهذا الطريق هو  التقليد ورجوع الجاهل‏العالم بتلك الأحكام والتكاليف<ref>. أنظر: المستصفى 4: 240 ـ 241، شرح مختصر الروضة 3: 654 ـ 655. وأضاف متأخّرو أصوليي الشيعة الإمامية إلى هذا الدليل زائدا على عسر الاجتهاد وحرجيته على كافة الناس عسر وحرجية الاحتياط؛ لعدم تمكن المكلّف من تحديد موارده فضلاً عن امكان الإتيان بها جميعا. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 83 ـ 84.</ref>.
إنّ المكلّف يعلم بثبوت أحكام إلزامية مجعولة من قبل الشارع في حقّه، فيترتّب على ذلك وجوب الخروج عن عهدة تلك التكاليف المجعولة في حقّه، والطريق إلى ذلك لايمكن أن يكون منحصرا بالاجتهاد للزوم العسر والحرج منه غالبا، حيث إنّ النظام الاجتماعي للبشر لايسمح لهم بالسعي جميعا وراء [[الاجتهاد]] وترك اُمور معاشهم لاختلالها بذلك وتعطّل الحرف والصناعات وتوقّف الحياة عن المسير والتقدّم، وقد قال تعالى: '''«وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»'''<ref>. الحجّ: 78.</ref>، وقال(ص): «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»<ref>. وسائل الشيعة 26: 14، كتاب الفرائض والمواريث، الباب 1، ح 10، مجمع الزوائد 4: 110.</ref>، وإذا ثبت حرجية وضررية هذا الطريق وعدم إمكان النفر إليه كافة  لابدّ أن يكون للشارع طريق آخر يتوصّل به المكلّف  إلى معرفة أحكامه وتشريعاته، وهذا الطريق هو  التقليد ورجوع الجاهل‏العالم بتلك الأحكام والتكاليف<ref>. أنظر: المستصفى 4: 240 ـ 241، شرح مختصر الروضة 3: 654 ـ 655. وأضاف متأخّرو أصوليي الشيعة الإمامية إلى هذا الدليل زائدا على عسر الاجتهاد وحرجيته على كافة الناس عسر وحرجية الاحتياط؛ لعدم تمكن المكلّف من تحديد موارده فضلاً عن امكان الإتيان بها جميعا. كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي 1: 83 ـ 84.</ref>.


سطر ٦٠: سطر ٦٠:
وهو ما نسب إلى [[القدرية]]<ref>. أنظر: المستصفى 2: 240.</ref>، واختاره جماعة من علماء حلب من [[الشيعة]] [[الإمامية]]<ref>. غنية النزوع 2: 414 ـ 415.</ref>.
وهو ما نسب إلى [[القدرية]]<ref>. أنظر: المستصفى 2: 240.</ref>، واختاره جماعة من علماء حلب من [[الشيعة]] [[الإمامية]]<ref>. غنية النزوع 2: 414 ـ 415.</ref>.


====الدليل الأول: آيات القرآن====
=====الدليل الأول: آيات القرآن=====
ويستدلّ لهم بالكتاب وبالسنّة وبالعقل، أمّا الكتاب فقوله تعالى: '''«وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»'''<ref>. البقرة: 169.</ref>، وقوله تعالى: '''«إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ»'''<ref>. الزخرف: 23.</ref>، فإنّ القول بالتقليد قول بلا علم، وإنّه من اتّباع الآباء المذموم في الآية القرآنية، والمذموم لايكون مشروعا<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 452، كتاب الاجتهاد والتقليد (الخوئي) 1: 90.</ref>.
ويستدلّ لهم بالكتاب وبالسنّة وبالعقل، أمّا الكتاب فقوله تعالى: '''«وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»'''<ref>. البقرة: 169.</ref>، وقوله تعالى: '''«إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ»'''<ref>. الزخرف: 23.</ref>، فإنّ القول بالتقليد قول بلا علم، وإنّه من اتّباع الآباء المذموم في الآية القرآنية، والمذموم لايكون مشروعا<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 452، كتاب الاجتهاد والتقليد (الخوئي) 1: 90.</ref>.


====الدليل الثاني: الأخبار والروايات====
=====الدليل الثاني: الأخبار والروايات=====
أمّا من السنّة فقوله(ص): «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»<ref>. الكافي 1: 30، كتاب فضل العلم، باب فضل العلم، ح 1، المعجم الأوسط الطبراني 1: 33.</ref>، وقوله(ص): «اعملوا فكلّ ميسَّر لما خلق له»<ref>. مسند أحمد 1: 132، مسند الإمام علي  عليه‏السلام: ح 622.</ref>، فهما يدلاّن على وجوب النظر ولازمه عدم جواز التقليد<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 452.</ref>.
أمّا من السنّة فقوله(ص): «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»<ref>. الكافي 1: 30، كتاب فضل العلم، باب فضل العلم، ح 1، المعجم الأوسط الطبراني 1: 33.</ref>، وقوله(ص): «اعملوا فكلّ ميسَّر لما خلق له»<ref>. مسند أحمد 1: 132، مسند الإمام علي  عليه‏السلام: ح 622.</ref>، فهما يدلاّن على وجوب النظر ولازمه عدم جواز التقليد<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 452.</ref>.


====الدليل الثالث: العقل====
=====الدليل الثالث: العقل=====
أمّا من العقل فيمكن أن يذكر له عدّة بيانات:
أمّا من العقل فيمكن أن يذكر له عدّة بيانات:
<br>'''البيان الأوّل:''' عدم الأمن من الوقوع في الخطأ، فإنّه من الممكن أن يكون المجتهد مخطئا في اجتهاده فيكون موقِعا للمكلّف في مخالفة الحكم الشرعي، فكيف يكون العامّي مأمورا باتّباع الخطأ<ref>. أنظر: المصدر السابق.</ref>
<br>'''البيان الأوّل:''' عدم الأمن من الوقوع في الخطأ، فإنّه من الممكن أن يكون المجتهد مخطئا في اجتهاده فيكون موقِعا للمكلّف في مخالفة الحكم الشرعي، فكيف يكون العامّي مأمورا باتّباع الخطأ<ref>. أنظر: المصدر السابق.</ref>