٨٧٣
تعديل
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}') |
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '====' ب'=====') |
||
سطر ٤٦: | سطر ٤٦: | ||
<br>ويمكن أن يستدلّ لهذا القول بعدّة وجوه: | <br>ويمكن أن يستدلّ لهذا القول بعدّة وجوه: | ||
====الدليل الأوّل==== | =====الدليل الأوّل===== | ||
إنّ [[الشارع]] أناط أحكامه بالظنّ والاعتقاد، ويكون الحكم في حقّ المكلّف هو ما ظنّه واعتقده وإن لم يكن ثابتا في الواقع؛ لأنّ [[الشارع]] أناط الأحكام بظواهرها، فالذي يرتكب ما يعتقده حراما يكون عاصيا بذلك<ref>. شرح مختصر الروضة 1: 327، المحصول 1: 287.</ref>. | إنّ [[الشارع]] أناط أحكامه بالظنّ والاعتقاد، ويكون الحكم في حقّ المكلّف هو ما ظنّه واعتقده وإن لم يكن ثابتا في الواقع؛ لأنّ [[الشارع]] أناط الأحكام بظواهرها، فالذي يرتكب ما يعتقده حراما يكون عاصيا بذلك<ref>. شرح مختصر الروضة 1: 327، المحصول 1: 287.</ref>. | ||
====الدليل الثاني==== | =====الدليل الثاني===== | ||
شمول أدلّة الأحكام الأوّلية للتجرّي، بحيث تكون أدلّة الحكم الشرعي شاملة لمورد قيام الحجّة، من غير فرق بين كون الحجّة موافقة أو مخالفة له. | شمول أدلّة الأحكام الأوّلية للتجرّي، بحيث تكون أدلّة الحكم الشرعي شاملة لمورد قيام الحجّة، من غير فرق بين كون الحجّة موافقة أو مخالفة له. | ||
<br>وهذا الوجه ذكر له تقريبان: | <br>وهذا الوجه ذكر له تقريبان: | ||
سطر ٥٨: | سطر ٥٨: | ||
<br>'''التقريب الثاني:''' وهو ما ذكره [[السيّد الصدر]] من أنّ السبب في كون دليل حرمة الخمر مثلاً شامل لجميع حالاته سواء في ذلك مصادفة الخمر الواقعي أو عدم مصادفته، هو عدم إمكان تضمين قيد المصادفة في دليل الحكم بأن يقال: «لاتشرب الخمر إن صادف الواقع»، لكون الإصابة وعدم الإصابة غير اختياريين حتّى يمكن تضمينهما في دليل الحكم، فلايمكن تعليق الحكم على أمر غير اختياري<ref>. جواهر الأصول: 45 ـ 46.</ref>. | <br>'''التقريب الثاني:''' وهو ما ذكره [[السيّد الصدر]] من أنّ السبب في كون دليل حرمة الخمر مثلاً شامل لجميع حالاته سواء في ذلك مصادفة الخمر الواقعي أو عدم مصادفته، هو عدم إمكان تضمين قيد المصادفة في دليل الحكم بأن يقال: «لاتشرب الخمر إن صادف الواقع»، لكون الإصابة وعدم الإصابة غير اختياريين حتّى يمكن تضمينهما في دليل الحكم، فلايمكن تعليق الحكم على أمر غير اختياري<ref>. جواهر الأصول: 45 ـ 46.</ref>. | ||
====الدليل الثالث==== | =====الدليل الثالث===== | ||
إنّ تعلّق القطع أو الظنّ المعتبر بانطباق عنوان ذي مصلحة توجب حصول مصلحة فيه، وأنّ تعلّقهما بعنوان ذي مفسدة يوجب حصول مفسدة فيه، فيكون حراما بمقتضى العنوان الثانوي وإن كان بعنوانه الأوّلي يختلف عمّا هو عليه من عنوانه الثانوي. فالعلم أو الظنّ بالشيء من العناوين الثانوية التي توجب تغيير جهة الشيء من ناحية الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة، فالقطع بخمرية المائع الموجود يوجب حدوث مفسدة وبمقتضى [[تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد]] يكون الفعل المتجرّى به حراما<ref>. أنظر: فوائد الأصول 3: 41، مصباح الأصول 2: 22.</ref>. | إنّ تعلّق القطع أو الظنّ المعتبر بانطباق عنوان ذي مصلحة توجب حصول مصلحة فيه، وأنّ تعلّقهما بعنوان ذي مفسدة يوجب حصول مفسدة فيه، فيكون حراما بمقتضى العنوان الثانوي وإن كان بعنوانه الأوّلي يختلف عمّا هو عليه من عنوانه الثانوي. فالعلم أو الظنّ بالشيء من العناوين الثانوية التي توجب تغيير جهة الشيء من ناحية الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة، فالقطع بخمرية المائع الموجود يوجب حدوث مفسدة وبمقتضى [[تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد]] يكون الفعل المتجرّى به حراما<ref>. أنظر: فوائد الأصول 3: 41، مصباح الأصول 2: 22.</ref>. | ||
====الدليل الرابع==== | =====الدليل الرابع===== | ||
إنّ التجرّي كاشف عن سوء سريرة المتجرّي وخبث باطنه، وهو يوجب بمقتضى حكم العقل قبح الفعل المتجرّى به، وكلّ ما حكم العقل بقبحه حكم الشرع بقبحه فيكون حراما<ref>. أنظر: مصباح الأصول 2: 23.</ref>. | إنّ التجرّي كاشف عن سوء سريرة المتجرّي وخبث باطنه، وهو يوجب بمقتضى حكم العقل قبح الفعل المتجرّى به، وكلّ ما حكم العقل بقبحه حكم الشرع بقبحه فيكون حراما<ref>. أنظر: مصباح الأصول 2: 23.</ref>. | ||
====الدليل الخامس==== | =====الدليل الخامس===== | ||
ما دلّ من الأخبار على أنّ الإنسان يعاقب على قصد المعصية، والمتجرّي قاصد بفعله للمعصية<ref>. أنظر: مصباح الأصول 2: 29، جواهر الأصول الصدر: 60 ـ 61.</ref>. وكلّ هذه الوجوه وقعت موضع المناقشة وأورد عليها بعدّة إيرادات، وكما يتبيّن ذلك من الوجوه المقامة على القول الثاني<ref>. أنظر: فوائد الأصول 3: 37 ـ 53، مصباح الأصول 2: 19 ـ 30، جواهر الأصول الصدر: 45 ـ 63.</ref>. | ما دلّ من الأخبار على أنّ الإنسان يعاقب على قصد المعصية، والمتجرّي قاصد بفعله للمعصية<ref>. أنظر: مصباح الأصول 2: 29، جواهر الأصول الصدر: 60 ـ 61.</ref>. وكلّ هذه الوجوه وقعت موضع المناقشة وأورد عليها بعدّة إيرادات، وكما يتبيّن ذلك من الوجوه المقامة على القول الثاني<ref>. أنظر: فوائد الأصول 3: 37 ـ 53، مصباح الأصول 2: 19 ـ 30، جواهر الأصول الصدر: 45 ـ 63.</ref>. | ||
سطر ٧١: | سطر ٧١: | ||
<br>وقد يستدلّ لهذا القول بعدّة وجوه: | <br>وقد يستدلّ لهذا القول بعدّة وجوه: | ||
====الدليل الأوّل==== | =====الدليل الأوّل===== | ||
إنّ الظاهر من أدلّة الأحكام الشرعية أنّ الآثار المترتّبة عليها مترتّبة على نفس تلك الاُمور لا على القطع بها، فقوله تعالى: '''«الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ»'''<ref>. العنكبوت: 45.</ref>. أنّ النهي عن المنكر إنّما هو من آثار نفس الصلاة لا القطع بها، وهذا كما هو حال [[الشارع]] الحقيقي حال [[الشارع]] العرفي، كذلك فإنّ غرضه إنّما يتعلّق بنفس العمل<ref>. مصباح الأصول 2: 21.</ref>. | إنّ الظاهر من أدلّة الأحكام الشرعية أنّ الآثار المترتّبة عليها مترتّبة على نفس تلك الاُمور لا على القطع بها، فقوله تعالى: '''«الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ»'''<ref>. العنكبوت: 45.</ref>. أنّ النهي عن المنكر إنّما هو من آثار نفس الصلاة لا القطع بها، وهذا كما هو حال [[الشارع]] الحقيقي حال [[الشارع]] العرفي، كذلك فإنّ غرضه إنّما يتعلّق بنفس العمل<ref>. مصباح الأصول 2: 21.</ref>. | ||
====الدليل الثاني==== | =====الدليل الثاني===== | ||
إنّ تعلّق القطع أو الظنّ بشيء لايوجب انقلابه عمّا كان عليه من جهة المحبوبية والمبغوضية، فلايكون القطع أو الظنّ بالشيء من الوجوه والاعتبارات التي توجب اتّصاف الفعل المتجرى به بالمبغوضية<ref>. كفاية الأصول: 259 ـ 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 419 ـ 420.</ref>. | إنّ تعلّق القطع أو الظنّ بشيء لايوجب انقلابه عمّا كان عليه من جهة المحبوبية والمبغوضية، فلايكون القطع أو الظنّ بالشيء من الوجوه والاعتبارات التي توجب اتّصاف الفعل المتجرى به بالمبغوضية<ref>. كفاية الأصول: 259 ـ 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 419 ـ 420.</ref>. | ||
====الدليل الثالث==== | =====الدليل الثالث===== | ||
إنّ الذي يتّصف بالوجوب أو الحرمة لا بّد أن يكون اختياريا، فإنّ الفعل المتجرّى به بعنوان كونه شربا للخمر الواقعي لايكون محرما لعدم وقوعه منه خارجا، وبعنوان كونه مقطوع الخمرية ليس اختياريا حتّى يتّصف بالحرمة؛ لأنّه إنّما أراد شرب الخمر الواقعي لاشرب مقطوع الخمرية فلا يتّصف بالحرمة<ref>. كفاية الأصول: 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 420.</ref>. | إنّ الذي يتّصف بالوجوب أو الحرمة لا بّد أن يكون اختياريا، فإنّ الفعل المتجرّى به بعنوان كونه شربا للخمر الواقعي لايكون محرما لعدم وقوعه منه خارجا، وبعنوان كونه مقطوع الخمرية ليس اختياريا حتّى يتّصف بالحرمة؛ لأنّه إنّما أراد شرب الخمر الواقعي لاشرب مقطوع الخمرية فلا يتّصف بالحرمة<ref>. كفاية الأصول: 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 420.</ref>. | ||
====الدليل الرابع==== | =====الدليل الرابع===== | ||
إنّ الذي يتّصف بالوجوب أو الحرمة لا بدّ أن يكون ملتفتا إليه، فإنّ الفعل المتجرى به بعنوان كونه شربا للخمر الواقعي لايكون حراما؛ لأنّه لم يقع منه خارجا، وبعنوان كونه مقطوع الخمرية لايكون ملتفتا إليه غالبا حتّى يقع تحت إرادته؛ لأنّه إنّما قصد مقطوع الخمرية، باعتبار كون القطع آلة وكاشفا عن متعلقه لا بما هو مقطوع في نفسه، فالقطع المذكور غير ملتفت إليه حتّى يقع تحت الإرادة والاختيار فلايتّصف بالحرمة<ref>. كفاية الأصول: 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 420.</ref>. | إنّ الذي يتّصف بالوجوب أو الحرمة لا بدّ أن يكون ملتفتا إليه، فإنّ الفعل المتجرى به بعنوان كونه شربا للخمر الواقعي لايكون حراما؛ لأنّه لم يقع منه خارجا، وبعنوان كونه مقطوع الخمرية لايكون ملتفتا إليه غالبا حتّى يقع تحت إرادته؛ لأنّه إنّما قصد مقطوع الخمرية، باعتبار كون القطع آلة وكاشفا عن متعلقه لا بما هو مقطوع في نفسه، فالقطع المذكور غير ملتفت إليه حتّى يقع تحت الإرادة والاختيار فلايتّصف بالحرمة<ref>. كفاية الأصول: 260، أنظر: منتهى الدراية 4: 420.</ref>. | ||