انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الأوزاعي»

أُضيف ١٩ بايت ،  ٢٥ أبريل ٢٠٢٢
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''الأوزاعي:''' من ائمة [[الحديث]] والفقه وهو من تابعي [[التابعي|التابعين]]. امتاز الأوزاعي بذكاء ومثابرة في طلب العلم حتّى استطاع الوصول إلى‏ مقام [[الإفتاء]] والمرجعية العلمية والزعامة الفقهية سنة 140 هـ، وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على‏ مذهبه نحواً من مائتين وعشرين سنة. وكان قد سافر إلى‏ الحجاز، والتقى‏ فقهاء مكّة والمدينة في عهد هشام بن عبد الملك وفي حياة [[الإمام الباقر]] عليه السلام. وكان قد حجّ مرّة فدخل مكّة و [[سفيان الثوري]] آخذ بزمام جمله، و [[مالك بن أنس]] يسوق به، والثوري يقول: افسحوا للشيخ حتّى‏ أجلساه عند الكعبة. وعُدَّ الأوزاعي من حفّاظ [[الکتاب|القرآن]]، فعن العباس بن الوليد قال: قلت لأبي: كان الأوزاعي يحفظ [[الکتاب|القرآن]]؟ قال: ثكلتك أُمك، وأيّ شي‏ء كان لايحفظ الأوزاعي؟ وكان له في بيت المال على‏ الخلفاء أقطاع صار إليه من بني أُميّة، وقد وصل إليه من خلفاء بني أُميّة وأقاربهم وبني العباس نحو من سبعين ألف دينار، فلم يمسك منها شيئاً، ولا اقتنى‏ شيئاً من عقار ولا غيره، ولا ترك يوم مات سوى‏ سبعة دنانير كانت جهازه، بل كان ينفق ذلك كلّه في سبيل اللَّه، وفي الفقراء والمساكين. وعاصر الأوزاعي عهد بني أُمية في الشطر الأكبر من حياته، وعاصر عشرين سنة تقريباً من عصر العباسيّين، على أّنه كانت لمكانة الأوزاعي عند رؤساء الحكومات وأهل الشام دور هام للقيام بالوساطة في متابعة حقوق الناس، واعتراضهم على‏ ما يقوم به الأُمراء والولاة من باب الأمر بالمعروف و [[النهي|النهي عن المنكر]]، وقد استفاد من ذلك كثيراً. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر [[أهل السنة]] و [[الشيعة]] واتّفق أكثر علماء [[أهل السنة]] أو كلّهم تقريباً على‏ إمامته في الفقه و [[الخبر|الحديث]]، وقد صرّحوا بوثاقته وصدقه وجلالته. وأمّا في المصادر الرجالية للشيعة فلم يُشَر إلى‏ منزلته وتوثيقه، مع أنّه قد نُقلت عنه روايات في الجوامع الروائية للشيعة؛ كالكافي والتهذيب. وعلى‏ كلّ حال فهو من الرواة الكبار للحديث.
'''الأوزاعي:''' من ائمة [[الحديث]] والفقه وهو من تابعي [[التابعي|التابعين]]. امتاز الأوزاعي بذكاء ومثابرة في طلب العلم حتّى استطاع الوصول إلى‏ مقام [[الإفتاء]] والمرجعية العلمية والزعامة الفقهية سنة 140 هـ، وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على‏ مذهبه نحواً من مائتين وعشرين سنة.  
 


=عبد الرحمان بن عمرو بن يُحْمَد = الأوزاعي (88 ــ 157ق)=
=عبد الرحمان بن عمرو بن يُحْمَد = الأوزاعي (88 ــ 157ق)=
سطر ٩: سطر ١٠:
<br>وقد لُقّب بالأوزاعي؛ لانتسابه إلى‏ أوزاع، وهي بطن من قبيلة حِمْير أو هِمْدان أو ذي كلاع من اليمن.<ref> كتاب التاريخ الكبير 5 : 326 ، الطبقات الكبرى‏ 7 : 488 ، البداية والنهاية 10 : 115 ، وفيات الأعيان 3 : 128.</ref> وقال آخرون: كان أصله من سباء السند، وكان ينزل الأوزاع، فغلب ذلك عليه. وكان ينزل بيروت ساحل دمشق، وإليه فتوى‏ الفقه لأهل الشام؛ لفضله فيهم، وكثرة روايته.<ref> تهذيب الكمال 17: 312 - 313، والأوزاع: الفرق، قاله الأصمعي.</ref>
<br>وقد لُقّب بالأوزاعي؛ لانتسابه إلى‏ أوزاع، وهي بطن من قبيلة حِمْير أو هِمْدان أو ذي كلاع من اليمن.<ref> كتاب التاريخ الكبير 5 : 326 ، الطبقات الكبرى‏ 7 : 488 ، البداية والنهاية 10 : 115 ، وفيات الأعيان 3 : 128.</ref> وقال آخرون: كان أصله من سباء السند، وكان ينزل الأوزاع، فغلب ذلك عليه. وكان ينزل بيروت ساحل دمشق، وإليه فتوى‏ الفقه لأهل الشام؛ لفضله فيهم، وكثرة روايته.<ref> تهذيب الكمال 17: 312 - 313، والأوزاع: الفرق، قاله الأصمعي.</ref>
<br>ولم تتّضح لنا هوية أُسرة الأوزاعي، وقد اقتصرت المصادر الرجالية على‏ ذكر اسم أبيه، وأنّه ابن عم يحيى‏ بن أبي عمرو السيباني، وأنّ اسم ابنه محمد، ولم يذكروا اسم أُمه أو إخوته أو أولاده الآخرين.<ref> كتاب التاريخ الكبير 5: 326، وانظر: تاريخ الإسلام 9: 488، تهذيب التهذيب 6: 216.</ref>
<br>ولم تتّضح لنا هوية أُسرة الأوزاعي، وقد اقتصرت المصادر الرجالية على‏ ذكر اسم أبيه، وأنّه ابن عم يحيى‏ بن أبي عمرو السيباني، وأنّ اسم ابنه محمد، ولم يذكروا اسم أُمه أو إخوته أو أولاده الآخرين.<ref> كتاب التاريخ الكبير 5: 326، وانظر: تاريخ الإسلام 9: 488، تهذيب التهذيب 6: 216.</ref>
=نشاطاته=
وكان قد سافر إلى‏ الحجاز، والتقى‏ فقهاء مكّة والمدينة في عهد هشام بن عبد الملك وفي حياة [[الإمام الباقر]] عليه السلام. وكان قد حجّ مرّة فدخل مكّة و [[سفيان الثوري]] آخذ بزمام جمله، و [[مالك بن أنس]] يسوق به، والثوري يقول: افسحوا للشيخ حتّى‏ أجلساه عند الكعبة. وعُدَّ الأوزاعي من حفّاظ [[الکتاب|القرآن]]، فعن العباس بن الوليد قال: قلت لأبي: كان الأوزاعي يحفظ [[الکتاب|القرآن]]؟ قال: ثكلتك أُمك، وأيّ شي‏ء كان لايحفظ الأوزاعي؟ وكان له في بيت المال على‏ الخلفاء أقطاع صار إليه من بني أُميّة، وقد وصل إليه من خلفاء بني أُميّة وأقاربهم وبني العباس نحو من سبعين ألف دينار، فلم يمسك منها شيئاً، ولا اقتنى‏ شيئاً من عقار ولا غيره، ولا ترك يوم مات سوى‏ سبعة دنانير كانت جهازه، بل كان ينفق ذلك كلّه في سبيل اللَّه، وفي الفقراء والمساكين. وعاصر الأوزاعي عهد بني أُمية في الشطر الأكبر من حياته، وعاصر عشرين سنة تقريباً من عصر العباسيّين، على أّنه كانت لمكانة الأوزاعي عند رؤساء الحكومات وأهل الشام دور هام للقيام بالوساطة في متابعة حقوق الناس، واعتراضهم على‏ ما يقوم به الأُمراء والولاة من باب الأمر بالمعروف و [[النهي|النهي عن المنكر]]، وقد استفاد من ذلك كثيراً. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر [[أهل السنة]] و [[الشيعة]] واتّفق أكثر علماء [[أهل السنة]] أو كلّهم تقريباً على‏ إمامته في الفقه و [[الخبر|الحديث]]، وقد صرّحوا بوثاقته وصدقه وجلالته. وأمّا في المصادر الرجالية للشيعة فلم يُشَر إلى‏ منزلته وتوثيقه، مع أنّه قد نُقلت عنه روايات في الجوامع الروائية للشيعة؛ كالكافي والتهذيب. وعلى‏ كلّ حال فهو من الرواة الكبار للحديث.
<br>قالوا عنه: لم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجّار وغيرهم أعقل منه ولا أورع، ولا أعلم ولا أفصح، ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتاً منه.<ref> البداية والنهاية 10: 115.</ref> وكان يعظ الناس، ويقول: «من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أنّ منطقه من عمله قلّ كلامه». ويقول أيضاً: «إذا أراد اللَّه بقومٍ شرّاً فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل».<ref> سير أعلام النبلاء 7: 117، 121.</ref>
<br>قالوا عنه: لم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجّار وغيرهم أعقل منه ولا أورع، ولا أعلم ولا أفصح، ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتاً منه.<ref> البداية والنهاية 10: 115.</ref> وكان يعظ الناس، ويقول: «من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أنّ منطقه من عمله قلّ كلامه». ويقول أيضاً: «إذا أراد اللَّه بقومٍ شرّاً فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل».<ref> سير أعلام النبلاء 7: 117، 121.</ref>
<br>وعن بشر بن المنذر قال: «رأيت الأوزاعي كأنّه أعمى‏ من الخشوع». وعن أبي مسهر: «ما رُئي الأوزاعي باكياً قطّ، ولا ضاحكاً حتّى‏ تبدو نواجذه، وإنّما كان يبتسم أحياناً».<ref> المصدر السابق: 120.</ref> وقال أيضاً: «كان الأوزاعي يُحيي الليل صلاةً وقرآناً».<ref> تذكرة الحفّاظ 1: 179.</ref> وقال الوليد بن مسلم: «كان الأوزاعي إذا صلّى‏ الصبح جلس يذكر اللَّه سبحانه حتّى‏ تطلع الشمس، وكان يأثر عن السلف ذلك، قال: ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه و [[الخبر|الحديث]]».<ref> البداية والنهاية 10: 117.</ref>
<br>وعن بشر بن المنذر قال: «رأيت الأوزاعي كأنّه أعمى‏ من الخشوع». وعن أبي مسهر: «ما رُئي الأوزاعي باكياً قطّ، ولا ضاحكاً حتّى‏ تبدو نواجذه، وإنّما كان يبتسم أحياناً».<ref> المصدر السابق: 120.</ref> وقال أيضاً: «كان الأوزاعي يُحيي الليل صلاةً وقرآناً».<ref> تذكرة الحفّاظ 1: 179.</ref> وقال الوليد بن مسلم: «كان الأوزاعي إذا صلّى‏ الصبح جلس يذكر اللَّه سبحانه حتّى‏ تطلع الشمس، وكان يأثر عن السلف ذلك، قال: ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه و [[الخبر|الحديث]]».<ref> البداية والنهاية 10: 117.</ref>
٤٬٩٤١

تعديل