انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البنيوية»

أُضيف ٧١ بايت ،  ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''البنيوية''': مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في العالم العربي والإسلامي. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيار من حيث: تعريفه، وتأسيسه، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية، وأماكن انتشاره.
'''البنيوية''': مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في [[العالم العربي]] والإسلامي. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيار من حيث: تعريفه، وتأسيسه، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية، وأماكن انتشاره.


=تمهيد=
=تمهيد=


المذاهب جمع مذهب، وهو: ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به، سواء أكان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أو كان خطأً.. ومعنى هذا أنّ المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.
[[المذاهب]] جمع مذهب، وهو: ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به، سواء أكان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أو كان خطأً.. ومعنى هذا أنّ المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.


ويجب معرفة أنّه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع تمشياً مع سنّة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحبّ التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكّر عن غيره من سكّان هذه المعمورة.
ويجب معرفة أنّه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع تمشياً مع سنّة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحبّ التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكّر عن غيره من سكّان هذه المعمورة.
سطر ٩: سطر ٩:
وقيل لها: مذاهب فكرية، نسبةً إلى الفكر الذي تميّز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرّف بأّنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء أكان صواباً أم خطأً.
وقيل لها: مذاهب فكرية، نسبةً إلى الفكر الذي تميّز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرّف بأّنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء أكان صواباً أم خطأً.


وقد نسبت المذاهب إلى الفكر؛ لأنّها جاءت من ذلك المصدر(وهو الفكر)، أي: أنّها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلاً أو استعانت به وبما توصّل إليه الفكر من نتائج جاءته إمّا عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.
وقد نسبت المذاهب إلى الفكر؛ لأنّها جاءت من ذلك المصدر (وهو الفكر)، أي: أنّها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلاً أو استعانت به وبما توصّل إليه الفكر من نتائج جاءته إمّا عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.
وأمّا بالنسبة لاستنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك، بل ربّما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسّسيها، فيقال: الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إمّا لشخصيات مؤسّسيها أو لبلدانهم أو لاتّجاهاتهم وغير ذلك.  
وأمّا بالنسبة إلى ستنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك، بل ربّما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسّسيها، فيقال: الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إمّا لشخصيات مؤسّسيها أو لبلدانهم أو لاتّجاهاتهم وغير ذلك.  


ومن هنا يتّضح أنّه إذا أطلق لفظ الفكر فإنّ المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتّى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.
ومن هنا يتّضح أنّه إذا أطلق لفظ الفكر فإنّ المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتّى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.
سطر ٢٨: سطر ٢٨:
وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسّسو البنيوية في الحقول المذكورة:
وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسّسو البنيوية في الحقول المذكورة:


- ففي مجال اللغة برز (فريدنان دي سوسير) الذي يعدّ الرائد الأوّل للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث إنّ سياق اللغة لا يقتصر على التطوّرية Diachronie. إنّ تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلى وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلّف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إنّ هذه المعاني تتعلّق ببعضها، كما تؤلّف نظاماً متزامناً، حيث إنّ هذه العلاقات مترابطة.
- ففي مجال اللغة برز ([[فريدنان دي سوسير]]) الذي يعدّ الرائد الأوّل للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث إنّ سياق اللغة لا يقتصر على التطوّرية Diachronie. إنّ تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلى وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلّف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إنّ هذه المعاني تتعلّق ببعضها، كما تؤلّف نظاماً متزامناً، حيث إنّ هذه العلاقات مترابطة.


- وفي مجال علم الاجتماع برز كلّ من: (كلود ليفي شتراوس) و(لوي التوسير) اللّذين قالا: إنّ جميع الأبحاث المتعلّقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدّي إلى بنيويات؛ وذلك أنّ المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث إنّها مجموع، وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة.
- وفي مجال علم الاجتماع برز كلّ من: ([[كلود ليفي شتراوس]]) و([[لوي التوسير]]) اللّذين قالا: إنّ جميع الأبحاث المتعلّقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدّي إلى بنيويات؛ وذلك أنّ المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث إنّها مجموع، وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة.


- وفي مجال علم النفس برز كلّ من (ميشال فوكو) و(جاك لاكان) اللّذين وقفا ضدّ الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك، وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعدّ الشكل المعبّر للبنيوية النفسية.
- وفي مجال علم النفس برز كلّ من ([[ميشال فوكو]]) و([[جاك لاكان]]) اللّذين وقفا ضدّ الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك، وإن كانت نظرية الصيغة (أو [[الجشتلت]]) التي ولدت سنة 1912م تعدّ الشكل المعبّر للبنيوية النفسية.


=الأفكار والمعتقدات=
=الأفكار والمعتقدات=


إنّ دراسة أيّ ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية يعني أن يباشر الدارس أو المحلّل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخّل فكره أو عقيدته الخاصّة في هذا، أو تدخّل عوامل خارجية (مثل: حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النصّ. وكما يقول البنيويّون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest"، وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ من العناصر الغريبة عن طبيعتها".
إنّ دراسة أيّ ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية يعني أن يباشر الدارس أو المحلّل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخّل فكره أو عقيدته الخاصّة في هذا، أو تدخّل عوامل خارجية (مثل: حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النصّ. وكما يقول البنيويّون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة، لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest"، وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ من العناصر الغريبة عن طبيعتها".


وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكّل بنية بحدّ ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا.
وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكّل بنية بحدّ ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا.
سطر ٥٢: سطر ٥٢:
إنّ البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حلّ جميع المعضلات وتحليل كلّ الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيّل إلى البنيويّين أنّ النصّ لا يحتاج إلّا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كلّ أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أنّ التحليل البنيوي ليس إلّا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أيّ بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلّها تعدّ علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية.
إنّ البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حلّ جميع المعضلات وتحليل كلّ الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيّل إلى البنيويّين أنّ النصّ لا يحتاج إلّا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كلّ أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أنّ التحليل البنيوي ليس إلّا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أيّ بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلّها تعدّ علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية.


لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأيّ ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج المادّية الإلحادية، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة، وإنّما منهج وطريقة في البحث.
لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأيّ ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع [[المناهج المادّية]] [[الإلحادية]]، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة، وإنّما منهج وطريقة في البحث.


=الجذور الفكرية والعقائدية=
=الجذور الفكرية والعقائدية=


تعد الفلسفة الوضعية لدى (كونت)- التي لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسية التي تقوم على الوقائع التجريبية– الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها وعمّا يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأوّلية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإنّ البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصوّرنا الفكري والعقدي.
تعد الفلسفة الوضعية لدى ([[كونت]])- التي لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسّية التي تقوم على الوقائع التجريبية– الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها وعمّا يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأوّلية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإنّ البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصوّرنا الفكري والعقدي.


=أماكن الانتشار=
=أماكن الانتشار=


البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعدّ أوروبّا وأمريكا أماكن انتشارها وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية والإسلامية.
البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعدّ أوروبّا وأمريكا أماكن انتشارها وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها [[البلاد العربية]] والإسلامية.


=الخلاصة=
=الخلاصة=
سطر ٧٢: سطر ٧٢:
- المعجم الأدبي، تأليف: جبور عبد النور،نشر: دار العلم للملايين – بيروت، ط2-1984م.
- المعجم الأدبي، تأليف: جبور عبد النور،نشر: دار العلم للملايين – بيروت، ط2-1984م.


- جريدة الحياة، العددان (10380 و10381) 26 و27 ذو الحجّة 1411هـ، مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقّاد.
- جريدة الحياة، العددان: (10380 و10381)\ 26 و27 ذو الحجّة 1411هـ، مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقّاد.


مراجع أجنبية:
مراجع أجنبية:
سطر ٨٤: سطر ٨٤:
www.dorar.net
www.dorar.net


[[تصنيف: تيّارات فكرية معاصرة]]
[[تصنيف: مذاهب وتيّارات فكرية معاصرة]]
[[تصنيف: العالم الإسلامي]]
[[تصنيف: العالم الإسلامي]]
٢٬٧٩٦

تعديل