confirmed
١٬٦٣٠
تعديل
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) |
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٢١: | سطر ٢١: | ||
==الدليل الأوّل== | ==الدليل الأوّل== | ||
حكم العقل بأولوية الجمع من الطرح؛ لأنّ الفرض أنّ كلا الدليلين يشتمل على مقدّمات | حكم العقل بأولوية الجمع من الطرح؛ لأنّ الفرض أنّ كلا الدليلين يشتمل على مقدّمات [[الحجية]] وإلاّ لما وقع التعارض، فإنّ التعارض لايقع إلاّ بين الحجّتين الواجدتين لشرائط [[الحجية]] ولا يقع بين الحجّة واللاحجّة، فإذا كلّ دليل يشتمل على مقومات الحجّية فلابدّ من إعماله والعمل به، ولا مانع من العمل بمقتضى كلّ دليل إلاّ بسبب التكاذب ومع الجمع بينهما في الدلالة يرتفع التكاذب المذكور ويمكن الملاءمة بينهما على مستوى [[الدلالة]]، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين كان ذلك أولى من طرحه بالمرّة وعدم العمل به بحكم العقل<ref>. أنظر: أصول الفقه المظفّر 3 ـ 4: 230.</ref>. | ||
==الدليل الثاني== | ==الدليل الثاني== | ||
سطر ٣٥: | سطر ٣٥: | ||
<br>وقد تبنى هذا الرأي جماعة صرّحوا بوجوب وأولوية العمل بهذه القاعدة، فيما إذا دار أمر الدليلين المتعارضين بين الجمع بينهما بنحوٍ ما وبين أحدهما وإسقاطه عن الحجّية. | <br>وقد تبنى هذا الرأي جماعة صرّحوا بوجوب وأولوية العمل بهذه القاعدة، فيما إذا دار أمر الدليلين المتعارضين بين الجمع بينهما بنحوٍ ما وبين أحدهما وإسقاطه عن الحجّية. | ||
<br>قال ابن أبي جمهور الإحسائي: «إن كلّ حديثين ظاهرهما [[التعارض]] يجب عليك أوّلاً البحث عن معناهما وكيفية دلالة ألفاظهما، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات [[التأويل]] والدلالات، فاحرص عليه واجتهد في تحصيله؛ فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء»<ref>. عوالي اللئالي 4: 136.</ref>. | <br>قال ابن أبي جمهور الإحسائي: «إن كلّ حديثين ظاهرهما [[التعارض]] يجب عليك أوّلاً البحث عن معناهما وكيفية دلالة ألفاظهما، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات [[التأويل]] والدلالات، فاحرص عليه واجتهد في تحصيله؛ فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء»<ref>. عوالي اللئالي 4: 136.</ref>. | ||
<br>قال الرازي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بكلّ واحد منهما من وجه دون وجه أولى من العمل بأحدهما دون الثاني؛ لأنّ دلالة اللفظ على جزء مفهومه دلالة تابعة لدلالته على كلّ مفهومه، ودلالته على كلّ مفهومه دلالة أصلية»<ref>. المحصول 2: 449.</ref>. فإنّ العمل بكلّ واحد من الدليلين يلزم منه مخالفة الدلالة التبعية بينما العمل بأحدهما وطرح الآخر يلزم منه مخالفة الدلالة الأصلية للدليل الآخر، فالأوّل أولى. | <br>قال الرازي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بكلّ واحد منهما من وجه دون وجه أولى من العمل بأحدهما دون الثاني؛ لأنّ دلالة اللفظ على جزء مفهومه دلالة تابعة لدلالته على كلّ مفهومه، ودلالته على كلّ مفهومه دلالة أصلية»<ref>. المحصول 2: 449.</ref>. فإنّ العمل بكلّ واحد من الدليلين يلزم منه مخالفة الدلالة التبعية بينما العمل بأحدهما وطرح الآخر يلزم منه مخالفة [[الدلالة]] الأصلية للدليل الآخر، فالأوّل أولى. | ||
<br>قال الأسنوي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بهما ولو من وجه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال»<ref>. التمهيد: 506.</ref>. | <br>قال الأسنوي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بهما ولو من وجه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال»<ref>. التمهيد: 506.</ref>. | ||
<br>ومثله ما ذكره الشهيد الثاني<ref>. تمهيد القواعد: 283.</ref>. | <br>ومثله ما ذكره [[الشهيد الثاني]]<ref>. تمهيد القواعد: 283.</ref>. | ||
<br>قال الزركشي: «إنّما يرجّح أحد الدليلين على الآخر إذا لم يمكن العمل بكلّ واحد منهما، فإن أمكن ولو من وجه دون وجه فلا يصار إلى الترجيح، بل يصار إلى ذلك؛ لأنّه أولى من العمل بأحدهما دون الآخر، إذ فيه إعمال الدليلين، فالإعمال أولى من الإهمال»<ref>. تشنيف المسامع 2: 175.</ref>. | <br>قال الزركشي: «إنّما يرجّح أحد الدليلين على الآخر إذا لم يمكن العمل بكلّ واحد منهما، فإن أمكن ولو من وجه دون وجه فلا يصار إلى الترجيح، بل يصار إلى ذلك؛ لأنّه أولى من العمل بأحدهما دون الآخر، إذ فيه إعمال الدليلين، فالإعمال أولى من الإهمال»<ref>. تشنيف المسامع 2: 175.</ref>. | ||
<br>قال النراقي: «التعارض إنّما يقع بين ظنين، وحينئذٍ إمّا يمكن الجمع بينهما والعمل بهما ولو من وجه أو لا، فعلى الأوّل يجب العمل بهما؛ لأنّه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال فيجمع بينهما مهما أمكن»<ref>. أنيس المجتهدين 2: 973.</ref>. | <br>قال النراقي: «التعارض إنّما يقع بين ظنين، وحينئذٍ إمّا يمكن الجمع بينهما والعمل بهما ولو من وجه أو لا، فعلى الأوّل يجب العمل بهما؛ لأنّه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال فيجمع بينهما مهما أمكن»<ref>. أنيس المجتهدين 2: 973.</ref>. | ||
<br>وغير ذلك من الكلمات التي ذكرها جملة من العلماء تؤكّد قبولهم وعملهم بقاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح في الأدلّة المتعارضة. | <br>وغير ذلك من الكلمات التي ذكرها جملة من العلماء تؤكّد قبولهم وعملهم بقاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح في الأدلّة المتعارضة. | ||
<br>'''الرأي الثاني:''' إنّ موردها يختصّ بصورة إمكان [[الجمع العرفي]] وهو الذي يساعد عليه العرف وله شاهد وتقبله أساليب المحاورات العرفية، فإنّه مع إمكان الجمع العرفي بين الدليلين على وجه يحكم به العرف يخرج الدليلان من المعارضة، فلا تصل النوبة إلى القاعدة الأولية في باب [[التعارض]] من التساقط أو [[التخيير]] أو الترجيح. | <br>'''الرأي الثاني:''' إنّ موردها يختصّ بصورة إمكان [[الجمع العرفي]] وهو الذي يساعد عليه العرف وله شاهد وتقبله أساليب المحاورات العرفية، فإنّه مع إمكان الجمع العرفي بين الدليلين على وجه يحكم به [[العرف والسيرة|العرف]] يخرج الدليلان من المعارضة، فلا تصل النوبة إلى القاعدة الأولية في باب [[التعارض]] من التساقط أو [[التخيير]] أو الترجيح. | ||
<br>وهذا الرأي هو مختار أغلب متاخّري الأصوليين ومشهورهم. | <br>وهذا الرأي هو مختار أغلب متاخّري الأصوليين ومشهورهم. | ||
<br>قال المظفر: «القدر المتيقّن من قاعدة أولوية الجمع من الطرح في المتعارضين هو الجمع العرفي... ، وأنّه بالجمع العرفي يخرج الدليلان عن [[التعارض]]، والوجه في ذلك: أنّه إنّما نحكم بالتساقط أو [[التخيير]] أو الرجوع إلى العلاجات السندية، حيث تكون هناك حيرة في الأخذ بهما معا، وفي موارد [[الجمع العرفي]] لا حيرة ولا تردد»<ref>. أصول الفقه 3 ـ 4: 233 ـ 234.</ref>. | <br>قال المظفر: «القدر المتيقّن من قاعدة أولوية الجمع من الطرح في المتعارضين هو الجمع العرفي... ، وأنّه بالجمع العرفي يخرج الدليلان عن [[التعارض]]، والوجه في ذلك: أنّه إنّما نحكم بالتساقط أو [[التخيير]] أو الرجوع إلى العلاجات السندية، حيث تكون هناك حيرة في الأخذ بهما معا، وفي موارد [[الجمع العرفي]] لا حيرة ولا تردد»<ref>. أصول الفقه 3 ـ 4: 233 ـ 234.</ref>. | ||
<br>وذكر الفيروزآبادي: إنّ الجمع بين الدليلين بما لايساعد عليه فهم العرف من دون أن يكون أحدهما نصّا أو أظهر ليكون قرينة عرفية على المراد من الآخر ممّا لا دليل عليه لا عقلاً ولا شرعا<ref>. عناية الأصول 6: 33.</ref>. | <br>وذكر الفيروزآبادي: إنّ الجمع بين الدليلين بما لايساعد عليه فهم [[العرف والسيرة|العرف]] من دون أن يكون أحدهما نصّا أو أظهر ليكون قرينة عرفية على المراد من الآخر ممّا لا دليل عليه لا عقلاً ولا شرعا<ref>. عناية الأصول 6: 33.</ref>. | ||
=المصادر= | =المصادر= |