امية النبي (صلى الله عليه وآله) بين النافين والمثبتين

من ویکي‌وحدت

من اهم الشبهات حول الرسالة هي الجمع بين اُمِّيَّةُ النَّبي (صلى الله عليه وآله) وما أتى به من كتاب عظيم

اُمِّيَّةُ النَّبي (صلى الله عليه وآله) بين النّافين والمثبتين

يعتقد البعض

امية النبي (صلى الله عليه وآله) بين النافين والمثبتين بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان أمِّيّاً في بداية نزول الوحي عليه ثم تعلم القراءة والكتابة فلماذا نقول دائما إنَّ الرسول أمي ونفخر بذلك، فهل تخشون أن نقول إنه ربما نشك أنه كتب القرآن أنا لا أظن إطلاقا أن الرسول أمي لا يعرف القراءة أو الكتابة لقد علم الرسل الأنبياء فهل وقف الأمر عند الرسول محمد عليه أفضل السلام؟

الإجابــة

وصفُ النَّبي (صلى الله عليه وآله) بكونه أمِّيّاً حقيقةٌ ثابتةٌ بنصوصٍ محكمةٍ في كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذه الحقيقة لايمكن أن تنفيها أو تكدر صفوها دعاوى مغرضة أو شبهات زائفة تأتي من هنا أو هناك، ويشيعها بعض من أشربت قلوبهم بالباطل والضلال من النصارى أو غيرهم، وإننا ننصح هؤلاء بالتفكر فيما في كتبهم من الضلال البين والخطأ الواضح في كثير من عقائدهم ليرجعوا إلى الحق بدلا من توجيه جهدهم للطعن في الإسلام ونبيه (صلى الله عليه وآله)، وحالهم في هذه المحاولات كحال من قال فيه القائل: كناطحِ صخرةٍ يوماً لِيُوهِنَها فلم يَضُرها وَأوهى قَرنَهُ الوَعَلَ فلقد بعث الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) أمِّيًّا لا يعرف القراءة ولا الكتابة، لقوله تعالى: «وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ». وهذا يعَدُّ معجزةً من معجزاته الدالة على صدقه، وأنّ ما جاء به من عند الله تعالى لا من عند نفسه، قال تعالى: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ». ولو كان (صلى الله عليه وآله) قارئاً كاتبًا لادَّعى المشركون أنّ ما جاء به من اختراعه ومن بَنَياتِ أفكاره. وقد اختلف أهل العلم، هل تعلَّم النبي (صلى الله عليه وآله) القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أو لا؟ فمنهم من قال: إنه تعلَّم ذلك، فذكر القرطبي في تفسيره نقلاً عن النقاش في تفسيره عن الشّعبي أنّه قال: ما مات النبي (صلى الله عليه وآله) حتى كتب، وأسند أيضاً حديث أبي كبشة السلولي مضمونه أنه (صلى الله عليه وآله) قرأ صحيفة لـعيينه بن حصن وأخبر بمعناها، وضعَّف ذلك ابن عطية. واستدلوا أيضا بما رواه مسلم من حديث البراء في صلح الحديبية أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لـعليٍّ (عليه السلام): «اكْتُبِ الشّرْطَ بَيْنَنَا: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ؛ هَذَا مَا قَاضَىَ عَلَيْهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ. فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ: مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ. فَأَمَرَ عَلِيّاً (عليه السلام) أَنْ يَمْحَاهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: لاَ، وَاللّهِ! لاَ أَمْحَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله): «أَرِنِي مَكَانَهَا»؛ فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا». قالوا: وقد رواه البخاري بأظهر من هذا فقال: فاخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكتاب فكتب. وزاد في طريق أخرى: ولا يحسن أن يكتب. هذا، ولکن قيل: ذلك غير قادح في كونه أمِّيًّا ولا معارضاً لقوله تعالى: «وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ». بل رأوه زيادة في معجزاته واستظهارا على صدقه وصحة رسالته، وذلك أنه كتب من غير تعلم لكتابة ولا تعاطٍ لأسبابها، وإنما أجرى الله تعالى على يده وقلمه حركات، فكان ذلك خارقاً للعادة، كما أنه (صلى الله عليه وآله) عَلِمَ عِلْمَ الأولين والآخرين من غير اكتساب ولا تعلُّم، فكان ذلك أبلغ في معجزاته وأعظم في فضائله ولا يزول عنه اسمُ الأميِّ بذلك. وقال بعض أهل العلم: إنّه (صلى الله عليه وآله) ما كتب ولا حرفاً واحداً، وإنّما أمر من يكتب، وكذلك ما قرأ ولا تهجَّى. وكتابته مناقضهً لكونه أمِّيًّا لايكتب،
ولكونه أمِّيًّا في أمة أمية، فكيف يُطلِقُ الله تعالى يده فيكتب وتكون آية؟ وإنما الآية ألاَّ يكتب، والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضاً، وإنّما معنى كتب وأخذ القلم: أي أمر من يكتب به من كتابه،
وكان من كتبة الوحي بين يديه (صلى الله عليه وآله) ستة وعشرون كاتباً؛ ورجَّح هذا القول القرطبي في تفسيره. وعلى كلا القولين فوصفه بالأمِّيِّ لكونه من معجزاته (صلى الله عليه وآله)،
فإن لم يكن كتب فالأمِّيَّة وصف ملازم له (صلى الله عليه وآله) حتى مات، وإن كان كتب فوصفه بالأمِّيِّ باعتبار ما كان ويبقى متَّصفاً بهذا الوصف لكونه من معجزاته الباهرة، ولكونه بُعِثَ في أمةٍ أمِّيَّةٍ لا تقرأُ ولا تكتبُ، فناسب أن يكون أمِّيًّا مثلهم لتقطع الشبهة.