تنصيص العلّة

تنصيص العلّة: وهو أن يُذكر دليل من الكتاب والسنّة على التعليل بالوصف بلفظ موضوع له في اللغة من غير احتياج فيه إلى نظر واستدلال، كما لو صرّح الشارع مثلاً بحرمة الخمر وقال: يحرم الخمر لأنّه مسكر. والتنصيص يعتبر من مسالك العلّة القطعية.

تعريف تنصيص العلة لغةً

التنصيص: مأخوذ من النص هو رَفْع الشيء، ونَصَ الحديث رفَعَه، وكلّ ما أُظهر فقد نُصّ، ومنه نصّ القرآن ونصّ السنّة، أي ما دلّ ظاهر لفظهما عليه من الأحكام[١].

تعريف تنصيص العلة اصطلاحاً

وهو أن يُذكر دليل من الكتاب والسنّة على التعليل بالوصف بلفظ موضوع له في اللغة من غير احتياج فيه إلى نظر واستدلال[٢]، كما لو صرّح الشارع مثلاً بحرمة الخمر وقال: يحرم الخمر لأنّه مسكر.
والتنصيص يعتبر من مسالك العلّة القطعية.

الألفاظ ذات الصلة

الإيماء والتنبيه

وهو ما لزم مدلول اللفظ، وضابطه كلّ اقتران بوصف لو لم يكن للتعليل لكان بعيدا[٣].
الفرق بين الإيماء والتنبيه وبين التنصيص على العلّة مع كون كلّ منهما من مسالك إثبات العلّة بالنقل، هو أنّ الأوّل يدلّ على العلّية بالالتزام لدلالة نقص الرطب على أن علّة حرمة الربا هو التفاضل، أمّا الثاني فهو يدلّ على العلية بوصفه لها[٤].

أقسام التنصيص علی العلة

التنصيص على العلّة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأوّل: ما صرّح فيه بالعلّية مباشرة

وكون الوصف علّة أو سببا للحكم، وقد يعبّر بالقاطع[٥]، كقول الشارع: لعلة كذا أو لسبب كذا أو لأجل كذا أو لموجب كذا[٦].
مثل قوله(ص): «إنّما جعل الاستئذان لأجل البصر»[٧]، وقوله(ص): «إنّما نهيتكم لأجل الدافه»[٨]، وقوله تعالى: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ»[٩].

القسم الثاني: وهو ما يدلّ على العلّية بالظهور

وذلك بواسطة أحد حروف التعليل كاللام والكاف وإن والباء، وغير ذلك، يوضع لغة للتعليل[١٠].
فاللاّم مثل قوله تعالى: «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ»[١١]، أي لسبب وعلّة زوال الشمس.
والكاف مثل قوله تعالى: «كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء»[١٢]. أي أنّ اللّه‏ تعالى أعطى الخمس إلى الأصناف المستحقّين في الآية لكيلا يتداوله الأغنياء بينهم فلايصل إلى المحتاجين من هذه الاُمة.
وأنّ مثل قوله(ص) في معرض بيان حكم الهرّة من ناحية النجاسة والطهارة: «إنّها من الطوافين عليكم والطوافات»[١٣].
والباء مثل قوله تعالى: «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللّهَ وَرَسُولَهُ»[١٤]. وغير ذلك ممّا هو موضوع للتعليل لغة، وقد وقع في بعضها خلاف بين الأصوليين[١٥].
قال الآمدي: «هذه هي الصيغ الصريحة في التعليل وعند ورودها يجب اعتقاد التعليل إلاّ أن يدلّ الدليل على أنّها لم يقصد بها التعليل فتكون مجازا فيما قصد»[١٦].
وقال الطوفي: «إنّ الفعل بحكم الأصل في وضع اللغة أو استعمالها إنّما يضاف إلى علّته وسببه، فإن أضيف إلى ما لايصلح علّة فهو مجاز، ويعرف ذلك بقيام الدليل على عدم صلاحيته علّة»[١٧].

حكم تنصيص العلة هل هو من القياس أم من الأخذ بالنص

لا خلاف بين أهل السنّة في جواز الأخذ بالعلة إذا كانت منصوصة في كلام الشارع، إنّما الخلاف عندهم في أنّ هذا هل هو من القياس أم من الأخذ بالنصّ[١٨]، أمّا الشيعة الإمامية فإنّ الخلاف عندهم واقع في الأمرين معا وإن كان اكثرهم يذهب إلى حجّيته[١٩].

الهوامش

  1. . لسان العرب 4: 3930 مادّة «نصص».
  2. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 222.
  3. . الوافية: 238.
  4. . شرح مختصر الروضة 3: 361.
  5. . أنظر: المحصول 2: 311، الإبهاج في شرح المنهاج 3: 42.
  6. . أنظر: المستصفى 2: 145، المحصول 2: 311، الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 222، الوافية: 237، أنيس المجتهدين 1: 446، القوانين المحكمة 2: 294.
  7. . كنز العمال 9: 106.
  8. . المصدر السابق 5: 107.
  9. . المائدة: 32.
  10. . أنظر: المحصول 2: 311، 312، الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 222 ـ 223، أنيس المجتهدين 1: 446، إرشاد الفحول 2: 145.
  11. . الإسراء: 78.
  12. . الحشر: 7.
  13. . كنز العمال 9: 399.
  14. . الحشر: 4.
  15. . أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 360 ـ 361، أنيس المجتهدين 1: 446.
  16. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 223.
  17. . شرح مختصر الروضة 3: 359.
  18. . أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 346، إرشاد الفحول 2: 145 ـ 147.
  19. . أنظر: الوافية: 237، القوانين المحكمة 2: 292 ـ 293.