المحقق الحلي

المحقّق الحلّي (أبو القاسم جعفر بن الحسن الهذلي): من أشهر علماء الإمامية على الإطلاق، وكفاه جلالة قدر اشتهاره بهذا اللقب، فلم يشتهر من علماء الإمامية، على كثرتهم في كل~ عصر، بهذا اللقب غيره، كما ات~سم المحقّق الحلّي بأنّه أوّل من نبغ في أسلوب التحقيق في الفقه، وقد برزت مكانته الفقهية أوجها من خلال مصنّفاته المفيدة. كان مرجع الشيعة الإمامية في عصره، وله علم بالأدب، وشعرُه جيد.

تمهيد

لم تنحصر خصوبة أرض الحلّة في عطائها المادّي، أو أنْ تكون حضناً دافئاً وحنوناً فحسب، وإنّما تعدّت خصوبتها لما هو أسمى لتبشّر بغزارة الغذاء الروحي، فألبست أبناءها جلابيب العلم والأدب، ولتحصد لقباً انفردت به عن قريناتها من المدن (مدينة العلم والعلماء)، فأنجبت أكثر من أربع مائة عالم، هم اليوم منار يفتخر به أحفادهم ومثل تستنير به الأجيال التي لحقتهم، وقد توجّب علينا نحن أبناء اليوم أنْ نستذكرهم ونقف على علومهم وحياتهم ونضعها إزاء أنظار الناس.

ومحطّتنا اليوم مع واحد من أجلّ علمائها وفقهائها، عالم جليل القدر هو: الشيخ نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحليّ، المعروف ب(المحقّق)، وكفاه جلالة قدر اشتهاره بهذا اللقب، فلم يشتهر من علماء الإمامية، على كثرتهم في كلّ عصر، بهذا اللقب غيره، كما اتّسم المحقّق الحلّي بأنّه أوّل من نبغ في أسلوب التحقيق في الفقه، وقد برزت مكانته الفقهية أوجها من خلال مصنّفاته، وقد جاء في كتاب (أعلام العرب): "وبرز في مجلس تدريس المحقّق الحلّي أكثر من (400) مجتهد، وهذا لم يتَّفق لأحد قبله".

ولادته وأسرته

وُلِد الشيخ المحقّق سنة (602هـ -1205م) في الحِلّة، وكان والده الشيخ حسن بن يحيى من كبار العلماء، كما كان جدّه يحيى عالماً من فقهاء عصره، وله ولدان: أحمد وحسن، وهما من أجلّ الفقهاء، وقد تمتّع المحقّق الحلّي بكفاءة عالية، هيّأته ليصبح من أبرز العلماء بفضل نشأته، فقد ترعرع مولعاً بالفقه والعلم، وبفضل أساتذته الذين تعلّم على أيديهم.

وعلى الرغم من انشغاله بالفقه، فقد كان شاعراً بليغاً، وكان أوّل من نبغ بالتحقيق حتّى سبق سواه، فعرف بلقب المحقّق.

أساتذته

من مشايخه: والده الشيخ حسين بن يحيى، والشيخ محمّد بن جعفر الحلّي، والشيخ نجيب الدين محمّد بن نما الربعي الحلّي.

تلامذته

أمّا من تخرّج على يديه من العلماء فهم كثّر، منهم: العلّامة الحلّي (وهو ابن أخته)، وابن داود الحلّي، والشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد الحلّي، والسيّد محمّد بن علي بن طاووس، وغيرهم من الفقهاء الأعلام.

تصانيفه

ترك المحقّق الحلّي عشرات المؤلّفات، من أبرزها: كتاب شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الذي لايزال يدرّس في الحوزات العلمية، وكتاب المختصر النافع، ولهما شروح عديدة أكثر من غيرهما، والمعتبر في شرح المختصر، والمسائل المصرية، ونهج الوصول إلى علم الأصول، ومختصر المراسيم في الفقه، والمسلك في أصول الدين، ونكت النهاية للشيخ الطوسي، والرسائل التسع، وديوان شعر.

ما قيل فيه

أطراه الكثير من العلماء منهم: العلامة الحلي في إجازته لبني زهرة فقال:" هذا الشيخ كان أفضل أهل عصره في الفقه"، وقال الشهيد الثاني عنه:" لا أرى في فقهائنا مثله"، وعبّر عنه فخر المحققين محمد بن العلّامة الحلي "بـشيخ مشايخ الإسلام"، وكتب عنه الشيخ عباس القمي فقال:" أبو القاسم جعفر بن الحسن... الملقب بالمحقق على الإطلاق الرافع أعلام تحقيقاته في الآفاق، هو أعلى وأجل من أنْ يصفه مثلي"، وكتب عنه خير الدين الزركلي: " فقيه إماميّ مُقدم من أهل الحلة في العراق".

وفاته

، انتقل المحقق الحلي طيب الله ثراه إلى جوار ربه يوم الثالث عشر من ربيع الآخر سنة (676هـ)، وقبره في الحلّة في محلة الجباويين في الشارع الذي يحمل اسمه، شارع أبو القاسم.

المصدر

مقتبس مع تعديلات من موقع: www.mk.iq