الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التخصيص»

أُضيف ٣٠ بايت ،  ٥ أبريل ٢٠٢٣
ط
استبدال النص - '====' ب'====='
ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}')
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ٣٦: سطر ٣٦:


===بيان ودلالة الأدلّة المخصِّصة المتّصلة===
===بيان ودلالة الأدلّة المخصِّصة المتّصلة===
====الأوّل: الاستثناء====
=====الأوّل: الاستثناء=====
وهو الإخراج بإلاّ أو إحدى أخواتها من متكلّم واحد<ref>. البحر المحيط 3: 275.</ref>.
وهو الإخراج بإلاّ أو إحدى أخواتها من متكلّم واحد<ref>. البحر المحيط 3: 275.</ref>.
<br>وقد وقع الخلاف بين الأصوليين في الاستثناء بمعناه الأصولي هل يختصّ بـ [[الاستثناء المتّصل]]، وهو الذي يكون فيه المستثنى من جنس المستثنى منه والذي عبر عنه بالاستثناء من الجنس مثل: حضر القوم إلاّ زيدا، أو يعمّ حتّى [[الاستثناء المنقطع]]، وهو الذي يكون فيه المستثنى من غير المستثنى منه والمعبّر عنه بالاستثناء من غير الجنس، مثل: حضر المسافرون إلاّ حقائبهم.
<br>وقد وقع الخلاف بين الأصوليين في الاستثناء بمعناه الأصولي هل يختصّ بـ [[الاستثناء المتّصل]]، وهو الذي يكون فيه المستثنى من جنس المستثنى منه والذي عبر عنه بالاستثناء من الجنس مثل: حضر القوم إلاّ زيدا، أو يعمّ حتّى [[الاستثناء المنقطع]]، وهو الذي يكون فيه المستثنى من غير المستثنى منه والمعبّر عنه بالاستثناء من غير الجنس، مثل: حضر المسافرون إلاّ حقائبهم.
سطر ٤٢: سطر ٤٢:
<br>قال الآمدي: اختلف العلماء في صحّة الاستثناء من غير الجنس، فجوزه [[أصحاب أبي حنيفة]] ومالك والقاضي أبو بكر وجماعة من المتكلّمين والنحاة، ومنع منه الأكثرون<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 496.</ref>.
<br>قال الآمدي: اختلف العلماء في صحّة الاستثناء من غير الجنس، فجوزه [[أصحاب أبي حنيفة]] ومالك والقاضي أبو بكر وجماعة من المتكلّمين والنحاة، ومنع منه الأكثرون<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 496.</ref>.


====الاستثناء بعد جمل متعدّدة====
=====الاستثناء بعد جمل متعدّدة=====
من المسائل التي اُثيرت هنا مسألة ما إذا ورد الاستثناء بعد جمل متعددة معطوف بعضها على بعض هل يعود إلى جميعها أو إلى الأخيرة ومثاله: قوله تعالى: '''«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا»'''<ref>. النور: 4 ـ 5.</ref>.
من المسائل التي اُثيرت هنا مسألة ما إذا ورد الاستثناء بعد جمل متعددة معطوف بعضها على بعض هل يعود إلى جميعها أو إلى الأخيرة ومثاله: قوله تعالى: '''«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا»'''<ref>. النور: 4 ـ 5.</ref>.
<br>اختلفوا في ذلك، فقد ذكر الآمدي ثلاثة آراء في المسألة قال: «الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها [[الاستثناء]] رجع إلى جمعيها عند [[أصحاب [[الشافعي]]]] وإلى الجملة الأخيرة عند [[أصحاب أبي حنيفة]]. وقال [[القاضي عبد الجبّار]] و [[أبو الحسين البصري]] وجماعة من [[المعتزلة]]: إن كان الشروع في الجملة الثانية إضرابا عن الاُولى، ولا يضمر فيها شيء ممّا في الاُولى، فالاستثناء مختصّ بالجملة الأخيرة؛ لأنّ الظاهر أنّه لم ينتقل عن الجملة الاُولى مع استقلالها بنفسها إلى غيرها إلاّ وقد تمّ مقصوده منها...»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 504 ـ 512.</ref>.
<br>اختلفوا في ذلك، فقد ذكر الآمدي ثلاثة آراء في المسألة قال: «الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها [[الاستثناء]] رجع إلى جمعيها عند [[أصحاب [[الشافعي]]]] وإلى الجملة الأخيرة عند [[أصحاب أبي حنيفة]]. وقال [[القاضي عبد الجبّار]] و [[أبو الحسين البصري]] وجماعة من [[المعتزلة]]: إن كان الشروع في الجملة الثانية إضرابا عن الاُولى، ولا يضمر فيها شيء ممّا في الاُولى، فالاستثناء مختصّ بالجملة الأخيرة؛ لأنّ الظاهر أنّه لم ينتقل عن الجملة الاُولى مع استقلالها بنفسها إلى غيرها إلاّ وقد تمّ مقصوده منها...»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 504 ـ 512.</ref>.
سطر ٥٥: سطر ٥٥:
<br>قال في الذريعة: «والذي أذهب إليه أنّ الاستثناء إذا تعقب جملاً وصحّ رجوعه إلى كلّ واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل، كما قال [[الشافعي]]، وتجويز رجوعه إلى ما يليه على ما قال [[أبو حنيفة]]، وألاّ يقطع على ذلك إلاّ بدليل منفصل أو عادة أو أمارة. وفي الجملة لايجوز [[القطع]] على ذلك لشيء يرجع إلى اللفظ...»<ref>. الذريعة 1: 249 ـ 250.</ref>. وإلى هذا أشار الآمدي بقوله: «وذهب المرتضى من [[الشيعة]] إلى القول بالاشتراك»<ref>. الإحكام 1 ـ 2: 506.</ref>.
<br>قال في الذريعة: «والذي أذهب إليه أنّ الاستثناء إذا تعقب جملاً وصحّ رجوعه إلى كلّ واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل، كما قال [[الشافعي]]، وتجويز رجوعه إلى ما يليه على ما قال [[أبو حنيفة]]، وألاّ يقطع على ذلك إلاّ بدليل منفصل أو عادة أو أمارة. وفي الجملة لايجوز [[القطع]] على ذلك لشيء يرجع إلى اللفظ...»<ref>. الذريعة 1: 249 ـ 250.</ref>. وإلى هذا أشار الآمدي بقوله: «وذهب المرتضى من [[الشيعة]] إلى القول بالاشتراك»<ref>. الإحكام 1 ـ 2: 506.</ref>.


====الثاني: الشرط====
=====الثاني: الشرط=====
والمراد به الشرط اللغوي، أي جملة مصدرة بأداة من أدوات الشرط مثل «إن» مكسورة الهمزة ساكنة النون و«إذا»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 514، البحر المحيط 3: 327 ـ 330، المهذب في علم أصول الفقه المقارن 4: 1652 .</ref>، وقد خصص عموم قوله تعالى: '''«وَلَكُمْ نِصْفُ مَا  تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ»'''<ref>. النساء: 12.</ref>. بالشرط الوارد بعده: '''«إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ»'''<ref>. النساء: 12.</ref>.
والمراد به الشرط اللغوي، أي جملة مصدرة بأداة من أدوات الشرط مثل «إن» مكسورة الهمزة ساكنة النون و«إذا»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 514، البحر المحيط 3: 327 ـ 330، المهذب في علم أصول الفقه المقارن 4: 1652 .</ref>، وقد خصص عموم قوله تعالى: '''«وَلَكُمْ نِصْفُ مَا  تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ»'''<ref>. النساء: 12.</ref>. بالشرط الوارد بعده: '''«إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ»'''<ref>. النساء: 12.</ref>.


====الثالث: الصفة====
=====الثالث: الصفة=====
أي الصفة المعنوية: وهي الحالة التي تصرف العام عن عمومه سواء كان نعتا نحويا أو تمييزا أم حالاً أم ظرفا أم غير ذلك.
أي الصفة المعنوية: وهي الحالة التي تصرف العام عن عمومه سواء كان نعتا نحويا أو تمييزا أم حالاً أم ظرفا أم غير ذلك.
<br>ومن أمثلة تخصيص العام بالصفة، قوله تعالى: '''«وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنا خَطَئا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ»'''<ref>. النساء: 92.</ref>، '''«فَرَقَبَةٍ»'''. لفظ عام خصّص بالصفة وهي '''«مُّؤْمِنَةٍ»'''.
<br>ومن أمثلة تخصيص العام بالصفة، قوله تعالى: '''«وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنا خَطَئا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ»'''<ref>. النساء: 92.</ref>، '''«فَرَقَبَةٍ»'''. لفظ عام خصّص بالصفة وهي '''«مُّؤْمِنَةٍ»'''.
<br>فالصفة في التخصيص تجري مجرى [[الاستثناء]] والشرط في الإخراج من حكم العام<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 516، البحر المحيط 3: 341 ـ 343، المهذب في علم أصول الفقه المقارن 4: 1659.</ref>.
<br>فالصفة في التخصيص تجري مجرى [[الاستثناء]] والشرط في الإخراج من حكم العام<ref>. أنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 516، البحر المحيط 3: 341 ـ 343، المهذب في علم أصول الفقه المقارن 4: 1659.</ref>.


====الرابع: الغاية====
=====الرابع: الغاية=====
قال [[السيّد المرتضى]]: «والغاية تجري في المعنى (يعني التخصيص) مجرى الشرط، وقوله تعالى: '''«وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ»'''<ref>. البقرة: 222.</ref>. معناه إلاّ أن يَطْهُرْنَ، فإن طهرنَ فاقربوهنّ»<ref>. الذريعة 1: 274، أنظر: مبحث الغاية في الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 516، البحر المحيط 3: 344 ـ 349.</ref>.
قال [[السيّد المرتضى]]: «والغاية تجري في المعنى (يعني التخصيص) مجرى الشرط، وقوله تعالى: '''«وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ»'''<ref>. البقرة: 222.</ref>. معناه إلاّ أن يَطْهُرْنَ، فإن طهرنَ فاقربوهنّ»<ref>. الذريعة 1: 274، أنظر: مبحث الغاية في الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 516، البحر المحيط 3: 344 ـ 349.</ref>.


====الخامس: البدل====
=====الخامس: البدل=====
ويراد منه بدل البعض من الكل<ref>. البحر المحيط 3: 350، هداية المسترشدين 3: 256.</ref>، ومثلوا له بقوله تعالى: '''«وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»'''<ref>. آل عمران: 97.</ref>، فقد خصّص البدل المذكور في الآية المباركة وهو قوله تعالى: «مَنِ اسْتَطَاعَ» عموم لفظ «الناس».
ويراد منه بدل البعض من الكل<ref>. البحر المحيط 3: 350، هداية المسترشدين 3: 256.</ref>، ومثلوا له بقوله تعالى: '''«وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»'''<ref>. آل عمران: 97.</ref>، فقد خصّص البدل المذكور في الآية المباركة وهو قوله تعالى: «مَنِ اسْتَطَاعَ» عموم لفظ «الناس».


سطر ٨١: سطر ٨١:


===القرآن===
===القرآن===
====أ ـ تخصيص القرآن بالقرآن====
=====أ ـ تخصيص القرآن بالقرآن=====
اتفق [[الأصوليون]] على وقوع [[تخصيص الكتاب بالكتاب]]<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 520، التحبير شرح التحرير 6: 2650، الموجز في أصول الفقه (السبحاني): 113.</ref>، ومشروعية الاحتجاج به والاستناد إليه.
اتفق [[الأصوليون]] على وقوع [[تخصيص الكتاب بالكتاب]]<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 520، التحبير شرح التحرير 6: 2650، الموجز في أصول الفقه (السبحاني): 113.</ref>، ومشروعية الاحتجاج به والاستناد إليه.
<br>قال [[المحقّق الحلي]] في المعارج: «تخصيص الكتاب بالكتاب جائز، كقوله تعالى: '''«فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ»'''<ref>. محمد: 4.</ref> ثم قال تعالى في موضوع آخر: '''«حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ»'''<ref>. التوبة: 29.</ref>»<ref>. معارج الأصول: 95.</ref>، وهو مثال للخاص المنفصل ومثال الخاصّ المتّصل قوله: '''«إِنَّ الاْءِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا...»'''<ref>. العصر: 2 ـ 3.</ref> فلفظ (الانسان) عام شامل بحكمه وهو الخسران جميع أفراده، لكنّه خصّص بقوله تعالى: '''«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا»'''.
<br>قال [[المحقّق الحلي]] في المعارج: «تخصيص الكتاب بالكتاب جائز، كقوله تعالى: '''«فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ»'''<ref>. محمد: 4.</ref> ثم قال تعالى في موضوع آخر: '''«حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ»'''<ref>. التوبة: 29.</ref>»<ref>. معارج الأصول: 95.</ref>، وهو مثال للخاص المنفصل ومثال الخاصّ المتّصل قوله: '''«إِنَّ الاْءِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا...»'''<ref>. العصر: 2 ـ 3.</ref> فلفظ (الانسان) عام شامل بحكمه وهو الخسران جميع أفراده، لكنّه خصّص بقوله تعالى: '''«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا»'''.
سطر ٨٧: سطر ٨٧:
<br>واُجيب: بأنّه لايخرج عن كونه مبينا إذا بيّن ما أنزل بآية اُخرى منزلة، كما بيّن ما أنزل عليه من السنّة<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 5210، أُنظر: المحصول (الرازي) 1: 429، التحبير شرح التحرير 6: 2652.</ref>.
<br>واُجيب: بأنّه لايخرج عن كونه مبينا إذا بيّن ما أنزل بآية اُخرى منزلة، كما بيّن ما أنزل عليه من السنّة<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 5210، أُنظر: المحصول (الرازي) 1: 429، التحبير شرح التحرير 6: 2652.</ref>.


====ب ـ تخصيص القرآن بالسنّة القطعية====
=====ب ـ تخصيص القرآن بالسنّة القطعية=====
الصحيح أيضا [[تخصيص القرآن بالسنة]]، بل لا خلاف بينهم في ذلك، والمراد من السنّة، هنا هو [[الحديث المتواتر]] والمقترن بما يفيد القطع بصدوره عن المعصوم<ref>. أنظر: الذريعة 1: 279، العدة في أصول الفقه الطوسي 1: 340، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 525، أصول الفقه (ابن مفلح) 3: 957.</ref>.
الصحيح أيضا [[تخصيص القرآن بالسنة]]، بل لا خلاف بينهم في ذلك، والمراد من السنّة، هنا هو [[الحديث المتواتر]] والمقترن بما يفيد القطع بصدوره عن المعصوم<ref>. أنظر: الذريعة 1: 279، العدة في أصول الفقه الطوسي 1: 340، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 525، أصول الفقه (ابن مفلح) 3: 957.</ref>.


====ج ـ تخصيص القرآن بخبر الواحد====
=====ج ـ تخصيص القرآن بخبر الواحد=====
اختلف [[الأصوليون]] في هذه المسألة على أقوال. يقول الآمدي في تعداد أقوال الاُصوليين من [[أهل السنّة]] في هذه المسألة : «يجوز تخصيص عموم القرآن بالسنّة، أمّا إذا كانت السنّة متواترة ،فلم أعرف فيه خلافا، وأمّا إذا كانت [[السنّة]] من [[أخبار الآحاد]]، فمذهب الأئمة الأربعة جوازه، ومن الناس من منع ذلك مطلقا، ومنه من فصّل، وهؤلاء اختلفوا، فذهب عيسى بن أبان إلى أنّه إن كان قد خصّ بدليل مقطوع به، جاز تخصيصه بخبر الواحد، وإلاّ فلا. وذهب الكرخي إلى أنّه إن كان قد خصّ بدليل منفصل لا متّصل جاز تخصيصه بخبر الواحد وإلاّ فلا، وذهب القاضي أبوبكر إلى الوقف»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 525 .</ref>. وأمّا [[الأصوليون]] من [[مدرسة أهل البيت(ع)]] فالمشهور بين المتأخّرين منهم هو جواز التخصيص<ref>. الوسيط في أصول الفقه السبحاني 1: 219.</ref>، لكن ذهب [[الشيخ الطوسي]] إلى عدم الجواز، وتبعه [[المحقّق الحلي]] وقالا: بأنّا لا نسلم أنّ خبر الواحد دليل على الإطلاق؛ لأنّ الدلالة على العمل به هو [[الإجماع]] على استعماله فيما لايوجد عليه دلالة، فإذا وجدت الدلالة القرآنية سقط وجوب العمل به<ref>. العدّة في أصول الفقه الطوسي 1: 344، معارج الأصول: 96.</ref>.
اختلف [[الأصوليون]] في هذه المسألة على أقوال. يقول الآمدي في تعداد أقوال الاُصوليين من [[أهل السنّة]] في هذه المسألة : «يجوز تخصيص عموم القرآن بالسنّة، أمّا إذا كانت السنّة متواترة ،فلم أعرف فيه خلافا، وأمّا إذا كانت [[السنّة]] من [[أخبار الآحاد]]، فمذهب الأئمة الأربعة جوازه، ومن الناس من منع ذلك مطلقا، ومنه من فصّل، وهؤلاء اختلفوا، فذهب عيسى بن أبان إلى أنّه إن كان قد خصّ بدليل مقطوع به، جاز تخصيصه بخبر الواحد، وإلاّ فلا. وذهب الكرخي إلى أنّه إن كان قد خصّ بدليل منفصل لا متّصل جاز تخصيصه بخبر الواحد وإلاّ فلا، وذهب القاضي أبوبكر إلى الوقف»<ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 525 .</ref>. وأمّا [[الأصوليون]] من [[مدرسة أهل البيت(ع)]] فالمشهور بين المتأخّرين منهم هو جواز التخصيص<ref>. الوسيط في أصول الفقه السبحاني 1: 219.</ref>، لكن ذهب [[الشيخ الطوسي]] إلى عدم الجواز، وتبعه [[المحقّق الحلي]] وقالا: بأنّا لا نسلم أنّ خبر الواحد دليل على الإطلاق؛ لأنّ الدلالة على العمل به هو [[الإجماع]] على استعماله فيما لايوجد عليه دلالة، فإذا وجدت الدلالة القرآنية سقط وجوب العمل به<ref>. العدّة في أصول الفقه الطوسي 1: 344، معارج الأصول: 96.</ref>.


====د ـ تخصيص القرآن ب[[الإجماع]]====
=====د ـ تخصيص القرآن ب[[الإجماع]]=====
اتفق [[الأصوليون]] على جواز تخصيص القرآن بالإجماع]] ومثّلوا للتخصيص بالإجماع بـ (التسوية بين العبد والأمة في تنصيف الحد تخصيصا لآية الجلد).
اتفق [[الأصوليون]] على جواز تخصيص القرآن بالإجماع]] ومثّلوا للتخصيص بالإجماع بـ (التسوية بين العبد والأمة في تنصيف الحد تخصيصا لآية الجلد).
<br>قال العلاّمة: «الثالث: تخصيصه (القرآن) بالإجماع، وهو جائز، للإجماع على تخصيص العبد من آية الميراث ومن آية الجلد»<ref>. مبادئ الوصول: 142.</ref>.
<br>قال العلاّمة: «الثالث: تخصيصه (القرآن) بالإجماع، وهو جائز، للإجماع على تخصيص العبد من آية الميراث ومن آية الجلد»<ref>. مبادئ الوصول: 142.</ref>.
سطر ١٠٠: سطر ١٠٠:
<br>وأمّا المعقول: فهو أنّ [[الإجماع]] دليل قاطع، والعام غير قاطع في آحاد مسمّياته، فإذا رأينا [[أهل الإجماع]] قاضين بما يخالف العموم في بعض الصور علمنا أنّهم ما قضوا به إلاّ وقد اطلعوا على دليل مخصّص له نفيا للخطأ عنهم»<ref>. الإحكام 1 ـ 2: 528 ـ 529 ، أنظر: إرشاد الفحول 1: 525 ـ 526 .</ref>.
<br>وأمّا المعقول: فهو أنّ [[الإجماع]] دليل قاطع، والعام غير قاطع في آحاد مسمّياته، فإذا رأينا [[أهل الإجماع]] قاضين بما يخالف العموم في بعض الصور علمنا أنّهم ما قضوا به إلاّ وقد اطلعوا على دليل مخصّص له نفيا للخطأ عنهم»<ref>. الإحكام 1 ـ 2: 528 ـ 529 ، أنظر: إرشاد الفحول 1: 525 ـ 526 .</ref>.


====هـ ـ تخصيص القرآن بالعقل====
=====هـ ـ تخصيص القرآن بالعقل=====
ذهب أكثر الأصوليين إلى جواز تخصيص عموم الكتاب بالعقل، خلافا لطائفة شاذة من المتكلّمين.
ذهب أكثر الأصوليين إلى جواز تخصيص عموم الكتاب بالعقل، خلافا لطائفة شاذة من المتكلّمين.
<br>قال [[أبو الحسين البصري]] في المعتمد: «اعلم أنّ الأدلّة المنفصلة هي أدلّة العقل وكتاب اللّه‏ سبحانه وسنّة رسوله(ص) و [[الإجماع]]، فالعقل يخصّ به عموم [[الكتاب والسنّة]]، وذلك أنّا نخرج بالعقل الصبي والمجنون من أن يكونا مرادين بخطاب اللّه‏ سبحانه بالعبادات في الحال»<ref>. المعتمد 1: 252، أنظر: إرشاد الفحول 1: 508 ـ 510 .</ref>.
<br>قال [[أبو الحسين البصري]] في المعتمد: «اعلم أنّ الأدلّة المنفصلة هي أدلّة العقل وكتاب اللّه‏ سبحانه وسنّة رسوله(ص) و [[الإجماع]]، فالعقل يخصّ به عموم [[الكتاب والسنّة]]، وذلك أنّا نخرج بالعقل الصبي والمجنون من أن يكونا مرادين بخطاب اللّه‏ سبحانه بالعبادات في الحال»<ref>. المعتمد 1: 252، أنظر: إرشاد الفحول 1: 508 ـ 510 .</ref>.
سطر ١٠٧: سطر ١٠٧:


===السنّة===
===السنّة===
====أ ـ تخصيص السنّة بالسنّة====
=====أ ـ تخصيص السنّة بالسنّة=====
الصحيح بين علماء الفريقين أنّ [[السنّة]] تخصّ بالسنة، قال [[أبو الحسين البصري]]: «وأمّا [[تخصيص السنّة بالسنّة]] فأكثر من أن يحصى»<ref>. المعتمد 1: 255.</ref>.
الصحيح بين علماء الفريقين أنّ [[السنّة]] تخصّ بالسنة، قال [[أبو الحسين البصري]]: «وأمّا [[تخصيص السنّة بالسنّة]] فأكثر من أن يحصى»<ref>. المعتمد 1: 255.</ref>.
<br>واستدلّ لذلك بقوله(ص): «فيما سقت السماء العشر»<ref>. صحيح البخاري 2: 540 كتاب الزكاة باب 55 ح 1413.</ref>، يخصص بقوله(ص): «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»<ref>. المصدر السابق 2: 54 كتاب الزكاة باب 54 ح 1412.</ref>.
<br>واستدلّ لذلك بقوله(ص): «فيما سقت السماء العشر»<ref>. صحيح البخاري 2: 540 كتاب الزكاة باب 55 ح 1413.</ref>، يخصص بقوله(ص): «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»<ref>. المصدر السابق 2: 54 كتاب الزكاة باب 54 ح 1412.</ref>.
سطر ١١٣: سطر ١١٣:
<br>وأشار [[المحقّق الحلي]] إلى هذا الخلاف قائلاً: «وأمّا تخصيص السنّة بالسنّة فقد أنكره قوم، والأصحّ جوازه»<ref>. معارج الأصول: 96.</ref>.
<br>وأشار [[المحقّق الحلي]] إلى هذا الخلاف قائلاً: «وأمّا تخصيص السنّة بالسنّة فقد أنكره قوم، والأصحّ جوازه»<ref>. معارج الأصول: 96.</ref>.


====ب ـ تخصيص السنّة بالإجماع====
=====ب ـ تخصيص السنّة بالإجماع=====
لا خلاف بين الأصوليين<ref>. أنظر: الإحكام 1 ـ 2: 528 ـ 529، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2: 293 .</ref> في تخصيص السنّة بـ [[الإجماع]]، وهذه المسألة هي مثل مسألة [[تخصيص الكتاب بالإجماع]]، فما ذكر هناك يذكر هنا.
لا خلاف بين الأصوليين<ref>. أنظر: الإحكام 1 ـ 2: 528 ـ 529، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2: 293 .</ref> في تخصيص السنّة بـ [[الإجماع]]، وهذه المسألة هي مثل مسألة [[تخصيص الكتاب بالإجماع]]، فما ذكر هناك يذكر هنا.


====ج ـ تخصيص السنّة بالعقل====
=====ج ـ تخصيص السنّة بالعقل=====
كذلك ما قيل في تخصيص الكتاب بالعقل قالوه هنا.
كذلك ما قيل في تخصيص الكتاب بالعقل قالوه هنا.
<br>قال أبو الحسين البصري: «فالعقل يخصّ به عموم الكتاب والسنّة»<ref>. المعتمد 1: 252.</ref>.
<br>قال أبو الحسين البصري: «فالعقل يخصّ به عموم الكتاب والسنّة»<ref>. المعتمد 1: 252.</ref>.


====د ـ تخصيص السنّة القولية بالسنّة الفعلية====
=====د ـ تخصيص السنّة القولية بالسنّة الفعلية=====
وعبروا عنه بتخصيص قول [[النبي[ص)]] بفعله، قال [[السيّد المرتضى]]: «فصل في تخصيص قول النبي(ص) بفعله: اعلم أنّ فعله(ص) للشيء يدلّ على أنّه مباح ـ لا محالة ـ منه، فإذا علمنا بالدليل أنّ حالنا كحاله في الشرائع (يعني في الأحكام الشرعية) علمنا أيضا أنّه مباح منا.
وعبروا عنه بتخصيص قول [[النبي[ص)]] بفعله، قال [[السيّد المرتضى]]: «فصل في تخصيص قول النبي(ص) بفعله: اعلم أنّ فعله(ص) للشيء يدلّ على أنّه مباح ـ لا محالة ـ منه، فإذا علمنا بالدليل أنّ حالنا كحاله في الشرائع (يعني في الأحكام الشرعية) علمنا أيضا أنّه مباح منا.
<br>وإن كان سبق منه(ص) قول عامّ في تحريم ذلك الفعل على العموم، فلابدّ من الحكم بتخصيصه»<ref>. الذريعة 1: 306.</ref>.
<br>وإن كان سبق منه(ص) قول عامّ في تحريم ذلك الفعل على العموم، فلابدّ من الحكم بتخصيصه»<ref>. الذريعة 1: 306.</ref>.