التأکيد

التأكيد: وهو تقوية المعنی الذي في اللفظ کـ: «سافر زيدٌ نفسُه». والتأکيد مقابل التأسيس فقالوا الأصل في الألفاظ هو التأسيس، فإذا شککنا أنّ اللفظ اُتيَ للتأکيد أو التأسيس حُمِلَ علی التأسيس، لأنّ التأسيس خيرٌ من التأكيد؛ ولعلّ لهذا الأصل أنکر جماعةٌ من الأصوليين وقوعَ التأکيد وقالوا ليس في الکلام ما يدلّ علی التأکيد بل جميع الألفاظ لها معنيً يختصّ بها.

تعريف التأکيد لغةً

التأكيد هو التوثيق والتقوية، يقال: وكد العقد والعهد، أي أو ثقه[١].

تعريف التأکيد اصطلاحاً

وهو اللفظ الموضوع لتقوية ما يفهم من لفظ آخر[٢]. أو هو تقوية المعنى بلفظ موضوع لها أو للمعنى[٣].
أو هو تقوية مدلول ما ذكر بلفظ ثانٍ[٤].
أو هو تقوية مدلول اللفظ المذكور أوّلاً بلفظ مذكور ثانيا[٥].
وغير ذلك من التعريفات التي تعطي معنى واحدا له وهو تقوية المتكلّم لما يريده وتأكيده للمعنى بلفظ آخر، مثل قوله تعالى: «فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ»[٦]. فأكّد سجود الملائكة كلّهم بقوله: «أَجْمَعُونَ» لكي لايتوهّم أنّ الساجد هو بعض الملائكة، أو قولنا: «جاء زيدٌ نفسُه» فأكّد مجيء زيد لا خادمه أو رسوله بقولنا: «نفسه». وغير ذلك ممّا يستعمله المتكلّم لتأكيد كلامه سواء بالمفردات أو بالحروف.

الألفاظ ذات الصلة

الترادف

وهو توالي الألفاظ المفردة الدالّة على مسمّى واحد باعتبار معنى واحد[٧].
الفرق بين الترادف وبين التأكيد، أنّ الأوّل يفيد فائدة التسهيل والاقتدار على الفصاحة والتمكين من تأدية المقصود بأحد المترادفين عند نسيان الآخر، أمّا الثاني فهو يفيد تقوية المؤكّد أو دفع توهم التجوّز أو السهو أو عدم الشمول[٨].

التابع

وهو كالمترادف إلاّ أنّه أخذ فيه قيد عدم افادته لمعنى كما في قول: «حسن بسن» أو قول: «شيطان ليطان»[٩].
وذكروا أنّ الفرق بين التابع وبين التوكيد، أنّ التوكيد يفيد فائدة وهي تقوية اللفظ الأوّل، بينما التابع لايفيد شيئا. أو أنّ التابع من شرطه أن يكون على زنة المتبوع، والتوكيد ليس من شرطه ذلك[١٠].

أقسام التأکيد

يقسّم التوكيد إلى قسمين رئيسين[١١]:

القسم الأوّل: التوکيد اللفظي

وهو تأكيد الشيء بنفسه كما في قوله(ص): «واللّه‏ لأغزون قريشا، واللّه‏ لأغزون قريشا، واللّه‏ لأغزون قريشا»[١٢]. ويسمّى هذا التوكيد: التوكيد اللفظي، وهو قد يكون بالجمل وقد يكون بالمفردات.

القسم الثاني: التوکيد المعنوي

وهو تأكيد الشيء بغيره مثل قولنا: «جاء زيد نفسه» أو: «جاء الرجلان كلاهما». ويسمّى هذا التوكيد: التوكيد المعنوي.

وقوع التأکيد في الکلام وفائدته

ذكروا أنّ التأكيد جائز الوقوع وهو معلوم بالضرورة؛ لأنّه يدلّ على شدّة اهتمام المتكلّم فيحتاج إلى تأكيد كلامه. وذكروا إضافة إلى ذلك وقوعه في اللغات و الاستقراء يدلّ عليه[١٣]. وهناك جماعة أنكروا التوكيد. وللتأكيد فوائد تتعلّق بالكلام وهي نفي احتمال الخلاف، فإذا قيل: «قام زيد» يحتمل أن يراد به قيام غلامه أو خادمه، فبإضافة نفسه إلى زيد: «قام زيد نفسه» ينتفي هذا الاحتمال[١٤]. هذا إذا احرزنا التأكيد في الكلام، أما إذا شككنا في أنّ اللفظ الذي اُتي به هل هو لبيان التأكيد أو لبيان مطلب آخر لم يكن مذكورا في الكلام؟ ذكروا أنّ الأصل في الكلام هو التأسيس، والتأكيد خلاف الأصل وأسسوا لذلك قاعدة اسموها: «التأسيس خير من التأكيد»[١٥].

المصادر

  1. . لسان العرب 4: 4345 مادّة «وكد».
  2. . المحصول الرازي 1: 95.
  3. . نهاية الوصول الحلّي 1: 207.
  4. . نهاية السول 2: 112.
  5. . الإبهاج في شرح المنهاج 1: 244.
  6. . الحجر: 30.
  7. . إرشاد الفحول 1: 107.
  8. . أنظر: المحصول الرازي 1: 93 ـ 94، نهاية الوصول العلاّمة الحلي 1: 203 و205 ـ 206، إرشاد الفحول 1: 108.
  9. . الإبهاج في شرح المنهاج 1: 238 ـ 239.
  10. . أنظر: الإبهاج في شرح المنهاج 1: 239 ـ 240.
  11. . أنظر: المحصول الرازي 1: 95 ـ 96، الإبهاج في شرح المنهاج 1: 245 ـ 246، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 1: 208.
  12. . سنن أبي داوود 3: 231 ك الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت ح 3285.
  13. . أنظر: المحصول الرازي 1: 96، الإبهاج في شرح المنهاج 1: 246، نهاية الوصول (الحلّي) 1: 208.
  14. . أنظر: البحر المحيط 2: 121، الإبهاج في شرح المنهاج 1: 246.
  15. . أنظر: نهاية الوصول 1: 208، البحر المحيط 2: 117.