الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستحباب»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢٨: سطر ٢٨:
للاستحباب أقسام ومراتب:
للاستحباب أقسام ومراتب:
===أقسام الاستحباب===
===أقسام الاستحباب===
قسّم الأصوليّون من الإماميّة الاستحباب إلى قسمين: استحباب نفسي، واستحباب للغير.
قسّم الأصوليّون من [[الإماميّة]] الاستحباب إلى قسمين: استحباب نفسي، واستحباب للغير.
والأول: مثل استحباب الطهارة عند الحدث.
والأول: مثل استحباب الطهارة عند الحدث.
والثاني: مثل استحباب غُسل الجنابة للصلاة المستحبة. <ref> القوانين المحكمة : 137.</ref>
والثاني: مثل استحباب غُسل الجنابة للصلاة المستحبة. <ref> القوانين المحكمة : 137.</ref>
سطر ٣٤: سطر ٣٤:
حصل الاتفاق بين الأصوليين على وجود مراتب للمستحب من حيث الشدة والضعف<ref> تقريب الوصول : 101، شرح الكوكب المنير : 126، شرح الجلال المحلّي 1 : 137، مرآة الأصول 2 : 175، مجامع الحقائق : 37، حاشية ردّ المحتار 1 : 103، 653.</ref>، غير أ نّهم اختلفوا في جانبين:
حصل الاتفاق بين الأصوليين على وجود مراتب للمستحب من حيث الشدة والضعف<ref> تقريب الوصول : 101، شرح الكوكب المنير : 126، شرح الجلال المحلّي 1 : 137، مرآة الأصول 2 : 175، مجامع الحقائق : 37، حاشية ردّ المحتار 1 : 103، 653.</ref>، غير أ نّهم اختلفوا في جانبين:
'''الأول:''' تعيين المراتب.
'''الأول:''' تعيين المراتب.
فالأحناف قسّموه إلى مرتبتين رئيسيتين هما: السنّة أولاً، وما عداها ثانيا، وقسّموا السنّة إلى: سنّة الهدى، ويعنون بها مايكون مكملاً للدّين، بمعنى أ نّها تكون على سبيل العبادة كالأذان والإقامة، وسنّة الزوائد، ويعنون بها ما كان على سبيل العادة. <ref> مرآة الأصول 2 : 175، مجامع الحقائق : 37، حاشية ردّ المحتار 1 : 103، 653.</ref>
فالأحناف قسّموه إلى مرتبتين رئيسيتين هما: [[السنّة]] أولاً، وما عداها ثانيا، وقسّموا [[السنّة]] إلى: سنّة الهدى، ويعنون بها مايكون مكملاً للدّين، بمعنى أ نّها تكون على سبيل [[العبادة]] كالأذان والإقامة، وسنّة الزوائد، ويعنون بها ما كان على سبيل العادة. <ref> مرآة الأصول 2 : 175، مجامع الحقائق : 37، حاشية ردّ المحتار 1 : 103، 653.</ref>
فيما جعله بعض الحنابلة على ثلاث مراتب: سنّة، وفضيلة، ونافلة، وفسروا الأولى بما عظم أجره، والثالثة بما قلّ أجره، والثانية بما يتوسط بينهما في  الأجر. <ref> شرح الكوكب المنير : 126.</ref>
فيما جعله بعض [[الحنابلة]] على ثلاث مراتب: سنّة، وفضيلة، ونافلة، وفسروا الأولى بما عظم أجره، والثالثة بما قلّ أجره، والثانية بما يتوسط بينهما في  الأجر. <ref> شرح الكوكب المنير : 126.</ref>
وكذلك فعل القاضي حسين من الشافعية، حيث جعل المراتب ثلاثة، لكن فسّرها بما يلي:
وكذلك فعل القاضي حسين من الشافعية، حيث جعل المراتب ثلاثة، لكن فسّرها بما يلي:
السنّة: وهي ماواظب عليه الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، والمستحب: وهو ما لم يواظب عليه الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ولكنه فعله مرّة أو مرتين، والتطوّع: وهو ما ينشئه الإنسان باختياره ولم يرد فيه نقل. <ref> الإبهاج في شرح المنهاج 1 : 57، شرح الجلال المحلّي 1 : 148.</ref>
السنّة: وهي ماواظب عليه الرسول(ص)، والمستحب: وهو ما لم يواظب عليه الرسول(ص) ولكنه فعله مرّة أو مرتين، والتطوّع: وهو ما ينشئه الإنسان باختياره ولم يرد فيه نقل. <ref> الإبهاج في شرح المنهاج 1 : 57، شرح الجلال المحلّي 1 : 148.</ref>
وتلتقي جميع هذه التقسيمات مع بعضها كما أ نّها تختلف، والاختلاف بينها إنّما نشأ تبعا للاختلاف فيما  تبنوه من ملاكات في تحديد هذه المراتب، وأهم الملاكات هي:
وتلتقي جميع هذه التقسيمات مع بعضها كما أ نّها تختلف، والاختلاف بينها إنّما نشأ تبعا للاختلاف فيما  تبنوه من ملاكات في تحديد هذه المراتب، وأهم الملاكات هي:
1 ـ إكمال الدين. <ref> التقرير والتحبير 2 : 297، كشف الأسرار البخاري 2 : 567 ـ 568، حاشية ردّ المحتار 1 : 103.</ref>
1 ـ إكمال الدين. <ref> التقرير والتحبير 2 : 297، كشف الأسرار البخاري 2 : 567 ـ 568، [[حاشية ردّ المحتار]] 1 : 103.</ref>
2 ـ زيادة الأجر. <ref> شرح الكوكب المنير : 126.</ref>
2 ـ زيادة الأجر. <ref> شرح الكوكب المنير : 126.</ref>
3 ـ مواظبة الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. <ref> انظر : شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 148.</ref>  
3 ـ مواظبة الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. <ref> انظر : شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 148.</ref>  
سطر ٤٦: سطر ٤٦:
فيما أطلق آخرون هذه الأسماء على جميع المراتب، وهؤلاء ذهبوا ـ  تبعا لذلك  ـ إلى القول بالترادف بين هذه الألفاظ، وهذا هو قول الشافعية<ref> الإبهاج في شرح المنهاج 1: 57، جمع الجوامع 1: 147 ـ 148، البحر المحيط 1: 284، شرح البدخشي 1: 63.</ref> والاماميّة. <ref> نضد القواعد الفقهية : 28، الأقطاب الفقهية : 37، مفاتيح الأصول : 293.</ref>
فيما أطلق آخرون هذه الأسماء على جميع المراتب، وهؤلاء ذهبوا ـ  تبعا لذلك  ـ إلى القول بالترادف بين هذه الألفاظ، وهذا هو قول الشافعية<ref> الإبهاج في شرح المنهاج 1: 57، جمع الجوامع 1: 147 ـ 148، البحر المحيط 1: 284، شرح البدخشي 1: 63.</ref> والاماميّة. <ref> نضد القواعد الفقهية : 28، الأقطاب الفقهية : 37، مفاتيح الأصول : 293.</ref>
وانقسم من قال بتخصيص الأسماء بالمراتب إلى طائفتين:
وانقسم من قال بتخصيص الأسماء بالمراتب إلى طائفتين:
'''الطائفة الأولى:''' لايجوز إطلاق اسم كلّ مرتبة على غيرها، وهؤلاء هم الأحناف والقاضي حسين من الشافعية. وذهبوا ـ  تبعا لذلك  ـ إلى القول بالتباين بين هذه  الالفاظ غير أنّ القاضي حسين يرى أنّ التباين قائم بينها ما عدا الندب، وأمّا الندب، فهو عنوان عام يشملها جميعا<ref> انظر : شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 148.</ref>، والاحناف يرون أنّ التباين قائم بين السنّة وما عداها. <ref> حاشية ردّ المحتار 1 : 653.</ref>
'''الطائفة الأولى:''' لايجوز إطلاق اسم كلّ مرتبة على غيرها، وهؤلاء هم الأحناف والقاضي حسين من [[الشافعية]]. وذهبوا ـ  تبعا لذلك  ـ إلى القول بالتباين بين هذه  الالفاظ غير أنّ القاضي حسين يرى أنّ التباين قائم بينها ما عدا [[الندب]]، وأمّا الندب، فهو عنوان عام يشملها جميعا<ref> انظر : شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 148.</ref>، والاحناف يرون أنّ التباين قائم بين السنّة وما عداها. <ref> حاشية ردّ المحتار 1 : 653.</ref>
'''الطائفة الثانية:''' تجوّز اطلاق اسم كلّ مرتبة على غيرها أحيانا، بمعنى أنّ كلّ اسم من هذه الأسماء قد يطلق على أساس تخصيصه بمرتبة، وقد يطلق على أيّ مرتبة دون تعيين. وهذا ظاهر الحنابلة<ref> المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل : 62.</ref> والمالكية. <ref> تقريب الوصول : 101، شرح الكوكب المنير : 126.</ref>
'''الطائفة الثانية:''' تجوّز اطلاق اسم كلّ مرتبة على غيرها أحيانا، بمعنى أنّ كلّ اسم من هذه الأسماء قد يطلق على أساس تخصيصه بمرتبة، وقد يطلق على أيّ مرتبة دون تعيين. وهذا ظاهر الحنابلة<ref> المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل : 62.</ref> والمالكية. <ref> تقريب الوصول : 101، شرح الكوكب المنير : 126.</ref>


==رابعا: الحكم الاستحباب==
==رابعا: حكم الاستحباب==
===1 ـ حكم المستحب بعد الشروع فيه===
===1 ـ حكم المستحب بعد الشروع فيه===
جرى البحث هل يجب إتمام المندوب بعد الشروع فيه، أم لا يجب؟ فظهر قولان:
جرى البحث هل يجب إتمام المندوب بعد الشروع فيه، أم لا يجب؟ فظهر قولان:
سطر ٥٨: سطر ٥٨:
ب ـ إنّ النفل ينقلب واجبا بالنذر، فيجب أداؤه مع أ نّه مجرد اللفظ، فإذا كان مجرد اللفظ ينقل العمل من مندوب أو مباح إلى واجب، فأولى أن ينقل الشروع ذلك إلى الواجب. <ref> التوضيح شرح التنقيح 2 : 274 ـ 275.</ref>
ب ـ إنّ النفل ينقلب واجبا بالنذر، فيجب أداؤه مع أ نّه مجرد اللفظ، فإذا كان مجرد اللفظ ينقل العمل من مندوب أو مباح إلى واجب، فأولى أن ينقل الشروع ذلك إلى الواجب. <ref> التوضيح شرح التنقيح 2 : 274 ـ 275.</ref>
وقد ردّ الاستدلال الأوّل: بأنّ النهي هنا لم يتعيّن للتحريم، كما أ نّه لم يتعيّن للأعمال المندوبة، فوجب حمله على الواجبات توفيقا بين الأدلّة، ولذلك لم يبق فيه حجّة للحنفية.
وقد ردّ الاستدلال الأوّل: بأنّ النهي هنا لم يتعيّن للتحريم، كما أ نّه لم يتعيّن للأعمال المندوبة، فوجب حمله على الواجبات توفيقا بين الأدلّة، ولذلك لم يبق فيه حجّة للحنفية.
كما ردّ الثاني بأنّنا نوافق على أنّ ما أدّاه الإنسان من المندوب صار للّه‏ تعالى، وأنّ ذلك لايتمّ إلاّ بلزوم الباقي، ولكنّنا نخالفهم في الباقي، ونقول: إنّ إبطال ما صار للّه‏ تعالى جائز، لأنّ للإنسان أن لايفعله أولاً، فيكون له أن يبطله بعدد فعله، فلم يكن الإتمام لازما لذلك.
كما ردّ الثاني بأنّنا نوافق على أنّ ما أدّاه الإنسان من [[المندوب]] صار للّه‏ تعالى، وأنّ ذلك لايتمّ إلاّ بلزوم الباقي، ولكنّنا نخالفهم في الباقي، ونقول: إنّ إبطال ما صار للّه‏ تعالى جائز، لأنّ للإنسان أن لايفعله أولاً، فيكون له أن يبطله بعدد فعله، فلم يكن الإتمام لازما لذلك.
ومحلّ الخلاف ما عدا الحج والعمرة، فأمّا إتمامهما بعد الشّروع فيهما فهو واجب<ref> راجع : القواعد والفوائد 1 : 99، شرح الكوكب المنير : 127، نضد القواعد الفقهية : 186، شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 153 ـ 154، الحدائق الناضرة 8 : 123.</ref>، قال ابن أبي  جمهور: والنفل لايجب بالشروع فيه، إلاّ الحج  والعمرة إجماعا. <ref> الأقطاب الفقهية : 76.</ref>
ومحلّ الخلاف ما عدا الحج والعمرة، فأمّا إتمامهما بعد الشّروع فيهما فهو واجب<ref> راجع : القواعد والفوائد 1 : 99، شرح الكوكب المنير : 127، نضد القواعد الفقهية : 186، شرح الجلال المحلّي على جمع الجوامع 1 : 153 ـ 154، الحدائق الناضرة 8 : 123.</ref>، قال ابن أبي  جمهور: والنفل لايجب بالشروع فيه، إلاّ الحج  والعمرة إجماعا. <ref> الأقطاب الفقهية : 76.</ref>
وقد اختلف الإمامية في وجوب إتمام الاعتكاف بعد الشروع فيه. وقد تحدّث الشهيد الأول عن هذا بقوله: «وفي الاعتكاف للأصحاب ثلاثة أوجه: الوجوب بالشروع، والوجوب بمضي يومين، وعدم الوجوب، وأوسطها وسطها».<ref> القواعد والفوائد 1 : 99.</ref>
وقد اختلف الإمامية في وجوب إتمام الاعتكاف بعد الشروع فيه. وقد تحدّث الشهيد الأول عن هذا بقوله: «وفي [[الاعتكاف]] للأصحاب ثلاثة أوجه: الوجوب بالشروع، والوجوب بمضي يومين، وعدم الوجوب، وأوسطها وسطها».<ref> القواعد والفوائد 1 : 99.</ref>
ولايمثّل وجوب الإتمام في هذه الموارد انتقاضا للأصل القائل بعدم وجوب إتمام المستحبّ بعد شروعه<ref> اثنا عشر رسالة الداماد 2 : 50.</ref>، بل ذلك من باب الخروج بدليل خاص؛ قال البحراني من الإمامية: لا شيء من المستحب يجب بالشروع فيه إلاّ ما خرج بدليل خاص. <ref> الحدائق الناضرة 8 : 123.</ref>
ولايمثّل وجوب الإتمام في هذه الموارد انتقاضا للأصل القائل بعدم وجوب إتمام المستحبّ بعد شروعه<ref> اثنا عشر رسالة الداماد 2 : 50.</ref>، بل ذلك من باب الخروج بدليل خاص؛ قال البحراني من الإمامية: لا شيء من [[المستحب]] يجب بالشروع فيه إلاّ ما خرج بدليل خاص. <ref> الحدائق الناضرة 8 : 123.</ref>


===2 ـ حكم ترك المندوب===
===2 ـ حكم ترك المندوب===
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل