الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستثناء»

أُضيف ٧٬٢٨١ بايت ،  ٦ مارس ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢٤: سطر ٢٤:
'''والأخرى:''' الاستثناء بالمشيئة وما شابهها في مثل قوله تعالى: '''«وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ»'''<ref> الكهف : 23ـ24.</ref> فيُدعى هذا الاستثناء استثناء مشيئة؛ باعتبار توقّفه على مشيئة اللّه‏، ولايكون حاصلاً في الخارج بنحو قطعي إلاّ بعد المشيئة.
'''والأخرى:''' الاستثناء بالمشيئة وما شابهها في مثل قوله تعالى: '''«وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ»'''<ref> الكهف : 23ـ24.</ref> فيُدعى هذا الاستثناء استثناء مشيئة؛ باعتبار توقّفه على مشيئة اللّه‏، ولايكون حاصلاً في الخارج بنحو قطعي إلاّ بعد المشيئة.
وقد اختُلِفَ في دخوله في الاستثناء، ومنهم من منعه، واحتجَّ بأنَّه لو قال: «أنت طالق ثلاثا إن شاء اللّه»، لم يقع، خلافا لمالك، في حين إذا قال: «أنتِ طالق ثلاثا إلاَّ ثلاثا» وقع، فدلَّ على أنَّه ليس باستثناء. <ref> انظر : الكاشف عن المحصول 4 : 436، البحر المحيط 3 : 324.</ref>
وقد اختُلِفَ في دخوله في الاستثناء، ومنهم من منعه، واحتجَّ بأنَّه لو قال: «أنت طالق ثلاثا إن شاء اللّه»، لم يقع، خلافا لمالك، في حين إذا قال: «أنتِ طالق ثلاثا إلاَّ ثلاثا» وقع، فدلَّ على أنَّه ليس باستثناء. <ref> انظر : الكاشف عن المحصول 4 : 436، البحر المحيط 3 : 324.</ref>
==شروط الاستثناء==
ذكرت عدة شروط للاستثناء اختلف الاصوليون فيها:
'''الأوّل:''' أن يكون الاستثناء متّصلاً بالكلام، وحُكِيَ عن ابن عبّاس أنَّه كان يذهب إلى أنَّه يجوز تأخيره عن حال الخطاب، أي زمان حصوله<ref> انظر : العدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 313 ـ 314، المنخول : 157، المستصفى 2 : 74 ـ 75، ميزان الأصول 1 : 455 ـ 456، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 237، تمهيد القواعد : 195.</ref>، وهو ضعيف غير صحيح. <ref> الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 183.</ref>
احتجَّ القائلون بشرط الاتّصال بالأمور التالية:
أ: ما رُوِي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنَّه قال: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه، فليأتِ الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه»<ref> سنن الترمذي 4 : 106، 107 كتاب النذور والأيمان، باب 5 ما جاء فيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ح1529، 1530، وسنن البيهقي 10 :31 ـ 33 كتاب الأيمان، باب من حلف على شيء فرأى خيرا منه.</ref>، ولو كان الاستثناء المنفصل صحيحا، لأرشد النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إليه؛ لكونه طريقا مخلصا للحالف عند تأمُّل الخير.
ب: أنَّ أهل اللغة لايعدّون ذلك كلاما منتظما.
ج: أنَّه لو قيل بصحّة الاستثناء المنفصل، لما عُلِمَ صدق صادق، ولا كذب كاذب، ولا حصل وثوق بيمين، ولا وعد ولا وعيد، ولا حصل الجزم بصحّة عقد نكاح وبيع وإجارة، ولا لزوم معاملة أصلاً؛ لإمكان الاستثناء المنفصل ولو بعد  حين. <ref> العدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 314، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 494.</ref>
'''الثاني:''' أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، كقوله: «رأيت الناس إلاَّ زيدا»، ولا تقول: «رأيت الناس إلاَّ حمارا» <ref> المستصفى 2 : 75.</ref>، وأجازه الحنفية والمالكية<ref> انظر : المسوّدة : 139.</ref>، بل بعض الشافعية<ref> انظر : الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 482، روضة الناظر : 132، البلبل في اُصول الفقه : 67، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 253.</ref> و [[الشهيد الثاني]] من [[الإمامية]]. <ref> انظر : تمهيد القواعد : 196.</ref>
وذكر الفقهاء اختلاف الشافعي وأبي حنيفة في الرجل إذا قال: «لفلان عليَّ ألف درهم إلاَّ ثوبا»، ثمَّ ذكر ثوبا لايستغرق قيمة الألف المذكورة، وذكر وجها معقولاً في استثناء قيمة الثوب من الألف، وجعل ذكر الثوب عبارة عن قيمته، فهذا مقبول عند الشافعي، ومردود عند أبي حنيفة.
وسوَّغ [[أبوحنيفة]] استثناء المكيل بعضه من بعض وإن اختلفت الأجناس، ردّا إلى التأويل الذي ذكره الشافعي في الثوب، وكذلك جوَّز استثناء المكيل من الموزون، والموزون من المكيل. <ref> البرهان في أصول الفقه 1 : 144، وانظر : المنخول : 159.</ref>
القائلون بصحّة الاستثناء من غير جنس المستثنى احتجّوا بالمنقول والمعقول:
أمَّا المنقول، فما ورد من آيات تستثني [[إبليس]] من [[الملائكة]]<ref> البقرة : 34، الأعراف : 11، الحجر : 30 ـ 31، الإسراء : 61، الكهف : 50، طه : 116، ص : 73 ـ 74.</ref>، وكذلك الآية الكريمة: '''«لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوا وَلاَ تَأْثِيما * إِلاَّ قِيلاً سَلاَما سَلاَما»'''.<ref> الواقعة : 25 ـ 26.</ref>
وبعض أبيات الشعر مثل قول الشاعر: «وبلدةٍ ليس بها أنيسُ؛ إلاَّ اليعافيرُ وإلاَّ العيسُ». وكذا كلام العرب مثل: «ما بالدار أحد إلاَّ الوتد».
وأمّا المعقول، فقد استدلّوا بأنّ الاستثناء لايرفع جميع المستثنى منه، فصحَّ، كاستثناء الدراهم من الدنانير وبالعكس. <ref> انظر : روضة الناظر : 132 ـ 133، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 498 ـ 499، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 243 ـ 245.</ref>
والنافون للصحّة أوّلوا الأمثلة المتقدّم ذكرها، وقدّروا فيها ما يجعل المستثنى والمستثنى منه من جنس واحد. وردّوا ما ذكر من دليل المعقول: بأنَّ دليلهم لا إشعار له بصحّة الاستثناء من غير جنس، واستثناء الدراهم من الدنانير وبالعكس ممَّا وقع النزاع فيه. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 499 ـ 501، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 245 ـ 248.</ref>
'''الثالث:''' أن لايكون مستغرقا، فلو قال: «لفلان عليَّ عشرة إلاَّ عشرة» بطل الاستثناء، ولزمته العشرة؛ لأنَّه رفع للإقرار، والإقرار لايجوز رفعه. <ref> المستصفى 2 : 76، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2 : 248، أصول الفقه (الخضري بك) : 178.</ref> والاستثناء إذا كان مستغرقا باطلٌ بالإجماع. <ref> انظر : المحصول 1 : 410، الكاشف عن المحصول 4 : 445، تمهيد القواعد : 200، العقد المنظوم : 606، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 912، البحر المحيط 3 : 287، القواعد والفوائد الأصولية : 327، إرشاد الفحول 1 : 489 ـ 490.</ref>
وفصَّل الحنفية في المستغرق: فإن كان بلفظ الصدر، نحو: «لفلان عليَ عشرةٌ إلاّ عشرة»، أو بما يساويه في المفهوم، نحو: «عبيدي أحرار إلاّ مماليكى»، فهو باطل. وإن كان بغير ذلك، نحو: «عبيدي أحرار إلاّ هولاء» وأشار إلى عبيده الموجودين، لم يمتنع. <ref> سلّم الوصول المطيعي 2 : 411، وانظر : التوضيح شرح التنقيح 2 : 86 ـ 87 ، أصول الفقه (الخضري بك) : 178.</ref>
ويبدو أنَّ حجّة القائلين بهذا الشرط استلزام الاستثناء المستغرق بطلان الكلام ولغويته. <ref> انظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 143.</ref>


==المصادر==
==المصادر==
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل