الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الأمارة»

أُضيف ٦ بايت ،  ٥ أبريل ٢٠٢٣
ط
استبدال النص - '====' ب'====='
ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}')
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ٦٤: سطر ٦٤:
ذكروا لسببية الأمارة التي قد يعبّر عنها بالموضوعية<ref> انظر: فرائد الأصول 1: 113، نهاية الأفكار 3: 72، نهاية الدراية 3: 131، منتقى الأصول 4: 173.</ref> أقسام ثلاثة:
ذكروا لسببية الأمارة التي قد يعبّر عنها بالموضوعية<ref> انظر: فرائد الأصول 1: 113، نهاية الأفكار 3: 72، نهاية الدراية 3: 131، منتقى الأصول 4: 173.</ref> أقسام ثلاثة:


====أ ـ السببية الأشعرية====
=====أ ـ السببية الأشعرية=====
إنّ قيام الأمارة سبب لحدوث مصلحة موجبة لجعل الحكم على طبقها وليس في الواقع حكم أصلاً، مع قطع النظر عن قيام الأمارة حتّى كون التعبّد بالأمارة موجبا لفواته على المكلّف، فتكون الأحكام الواقعية مختصّة في الواقع بالعالمين بها، وأمّا الجاهل الذي لم تقم عنده أمارة فلا حكم له أو محكوم بما يعلم اللّه‏ أنّ الأمارة تؤدّي إليه، وقد يطلق على ذلك بالتصويب الأشعري؛ لأنّ المكلّف العامل بالأمارة يصيب الواقع دائما وهو ما أدّت إليه الأمارة، فلايفرض تخطئتها أصلاً<ref> أنظر الفصول في الأصول الجصاص 4: 310 ـ 311، المستصفى 2: 211 ـ 212، المحصول 2: 512.</ref>، ولكن التصويب وعدم اشتراك الأحكام بين الجاهل والعالم، باطل عند [[الإمامية]]<ref> فرائد الأصول 1: 113، مصباح الأصول 2: 95.</ref>.
إنّ قيام الأمارة سبب لحدوث مصلحة موجبة لجعل الحكم على طبقها وليس في الواقع حكم أصلاً، مع قطع النظر عن قيام الأمارة حتّى كون التعبّد بالأمارة موجبا لفواته على المكلّف، فتكون الأحكام الواقعية مختصّة في الواقع بالعالمين بها، وأمّا الجاهل الذي لم تقم عنده أمارة فلا حكم له أو محكوم بما يعلم اللّه‏ أنّ الأمارة تؤدّي إليه، وقد يطلق على ذلك بالتصويب الأشعري؛ لأنّ المكلّف العامل بالأمارة يصيب الواقع دائما وهو ما أدّت إليه الأمارة، فلايفرض تخطئتها أصلاً<ref> أنظر الفصول في الأصول الجصاص 4: 310 ـ 311، المستصفى 2: 211 ـ 212، المحصول 2: 512.</ref>، ولكن التصويب وعدم اشتراك الأحكام بين الجاهل والعالم، باطل عند [[الإمامية]]<ref> فرائد الأصول 1: 113، مصباح الأصول 2: 95.</ref>.


====ب ـ السببية المعتزلية====
=====ب ـ السببية المعتزلية=====
ذهب المعتزلة إلى أنّ الحكم الواقعي متحقّق في ظرفه لولا قيام الأمارة على خلافه، بحيث يكون قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم وتتبدل الأحكام إلى ما يوافق الأمارة، فيكون قيامها من قبيل طروّ العناوين الثانوية كالحرج والضرر موجبة لحدوث مصلحة في المؤدّى أقوى من مصلحة الواقع، فلا يكون التعبّد بالأمارة موجبا لفوات المصلحة والإلقاء في المفسدة<ref> أنظر المحصول الرازي 2: 504 ـ 505، فرائد الأصول 1: 114، درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2: 95.</ref>.
ذهب المعتزلة إلى أنّ الحكم الواقعي متحقّق في ظرفه لولا قيام الأمارة على خلافه، بحيث يكون قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم وتتبدل الأحكام إلى ما يوافق الأمارة، فيكون قيامها من قبيل طروّ العناوين الثانوية كالحرج والضرر موجبة لحدوث مصلحة في المؤدّى أقوى من مصلحة الواقع، فلا يكون التعبّد بالأمارة موجبا لفوات المصلحة والإلقاء في المفسدة<ref> أنظر المحصول الرازي 2: 504 ـ 505، فرائد الأصول 1: 114، درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2: 95.</ref>.
<br>وهذا باطل أيضا بإجماع [[الإمامية]] نظرا إلى تغير الواقع عمّا هو عليه بسبب قيام الأمارة وغيرها من الإشكالات<ref> فرائد الاصول 1: 114، 116، فوائد الاصول 3: 95، مصباح الاصول 2: 96.</ref>.  
<br>وهذا باطل أيضا بإجماع [[الإمامية]] نظرا إلى تغير الواقع عمّا هو عليه بسبب قيام الأمارة وغيرها من الإشكالات<ref> فرائد الاصول 1: 114، 116، فوائد الاصول 3: 95، مصباح الاصول 2: 96.</ref>.  


====ج ـ السببية [[الإمامية]]====
=====ج ـ السببية [[الإمامية]]=====
قد نسب إلى مشهور القدماء من [[الإمامية]] القول بالسببية في باب [[الطرق والأمارات]]، بمعنى أنّ قيام الأمارة يوجب حدوث مصلحة في المؤدّى فتغلب على ما كان عليه من الملاك عند مخالفتها للواقع<ref> فوائد الأصول 3: 420.</ref>.
قد نسب إلى مشهور القدماء من [[الإمامية]] القول بالسببية في باب [[الطرق والأمارات]]، بمعنى أنّ قيام الأمارة يوجب حدوث مصلحة في المؤدّى فتغلب على ما كان عليه من الملاك عند مخالفتها للواقع<ref> فوائد الأصول 3: 420.</ref>.
<br>ولكن بعد ما عرفت من الإشكال عليه، أبدع الشيخ الأعظم الأنصاري<ref> المصدر السابق 1: 114 ـ 115.</ref> مسلكا آخر وذهب إلى نوع من السببية السالمة من الإشكالات الواردة على ما تقدّم من السببية الأشعرية والمعتزلية، وشيّد أركانها المحقّق النائيني<ref> المصدر نفسه 3: 95 ـ 97.</ref>، وهي أنّ الأحكام الواقعية باقية على حالها حتّى في صورة قيام الأمارة على خلافها ولاتؤثّر الأمارة في الحكم الواقعي وتبديلها، فإنّها في الحقيقة في طول الواقع لا في عرضه<ref> أنظر: المصدر نفسه 4: 759.</ref>، ولكن في تطبيق العمل على الأمارة والسلوك على طبقها، مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع، وهذا ما يعبّر عنه بالمصلحة السلوكية.
<br>ولكن بعد ما عرفت من الإشكال عليه، أبدع الشيخ الأعظم الأنصاري<ref> المصدر السابق 1: 114 ـ 115.</ref> مسلكا آخر وذهب إلى نوع من السببية السالمة من الإشكالات الواردة على ما تقدّم من السببية الأشعرية والمعتزلية، وشيّد أركانها المحقّق النائيني<ref> المصدر نفسه 3: 95 ـ 97.</ref>، وهي أنّ الأحكام الواقعية باقية على حالها حتّى في صورة قيام الأمارة على خلافها ولاتؤثّر الأمارة في الحكم الواقعي وتبديلها، فإنّها في الحقيقة في طول الواقع لا في عرضه<ref> أنظر: المصدر نفسه 4: 759.</ref>، ولكن في تطبيق العمل على الأمارة والسلوك على طبقها، مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع، وهذا ما يعبّر عنه بالمصلحة السلوكية.