الفرق بين المراجعتين لصفحة: «اجتماع الحكمین التكلیفیین»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٨: سطر ٣٨:
وأورد عليه بأنّ هذا الكلام لايمكن قبوله بناءً على تفسير المشهور للإنشاء بإيجاد المعنى باللفظ واستعماله بقصد تحقق الاعتبار العقلائي، إذ لايمكن تحصيل هذا الاعتبار بعد اعتقاد العقلاء عدم إمكان الاجتماع. <ref> منتقى الأصول 3 : 83 ـ 84 .</ref>
وأورد عليه بأنّ هذا الكلام لايمكن قبوله بناءً على تفسير المشهور للإنشاء بإيجاد المعنى باللفظ واستعماله بقصد تحقق الاعتبار العقلائي، إذ لايمكن تحصيل هذا الاعتبار بعد اعتقاد العقلاء عدم إمكان الاجتماع. <ref> منتقى الأصول 3 : 83 ـ 84 .</ref>
نعم، لو أخذنا بالتفاسير الأخرى<ref> فوائد الأصول الخراساني: 17، محاضرات في أصول الفقه 1: 88 .</ref> للإنشاء التي لم يلحظ فيها الاعتبار العقلائي صحّ القول بإمكان اعتبار أحكام متضادة في شيء واحد؛ لكون الإنشاء حينئذٍ خفيف المؤونة. <ref> منتقى الأصول 3 : 84 .</ref>
نعم، لو أخذنا بالتفاسير الأخرى<ref> فوائد الأصول الخراساني: 17، محاضرات في أصول الفقه 1: 88 .</ref> للإنشاء التي لم يلحظ فيها الاعتبار العقلائي صحّ القول بإمكان اعتبار أحكام متضادة في شيء واحد؛ لكون الإنشاء حينئذٍ خفيف المؤونة. <ref> منتقى الأصول 3 : 84 .</ref>
ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ ما يظهر من بعض، كالسيد الخوئي من نفي التضاد بين الأحكام فإنّه ناظر إلى هذه المرحلة بالخصوص؛ لاعترافه بالتضاد في مراحلها الأخرى؛ فهو وإن أكّد في موضع من كلامه على: «أنّ حديث تضاد الأحكام بعضها مع بعضها الآخر في نفسها، وإن كان أمرا معروفا بين الأصحاب قديما وحديثا، إلاّ أ نّه ممّا لا أصل له؛ وذلك لما حققناه من أنّ الأحكام الشرعية أمور اعتبارية، فلا واقع لها ماعدا اعتبار من بيده الاعتبار».<ref> محاضرات في أصول الفقه 4 : 248.</ref>
ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ ما يظهر من بعض، كالسيد الخوئي من نفي التضاد بين الأحكام فإنّه ناظر إلى هذه المرحلة بالخصوص؛ لاعترافه بالتضاد في مراحلها الأخرى؛ فهو وإن أكّد في موضع من كلامه على: «أنّ حديث تضاد الأحكام بعضها مع بعضها الآخر في نفسها، وإن كان أمرا معروفا بين الأصحاب قديما وحديثا، إلاّ أ نّه ممّا لا أصل له؛ وذلك لما حققناه من أنّ [[الأحكام الشرعية]] أمور اعتبارية، فلا واقع لها ماعدا اعتبار من بيده الاعتبار».<ref> محاضرات في أصول الفقه 4 : 248.</ref>
لكنَّه نبّه في موضع آخر منه على أنّ: «المضادة بين الأحكام من ناحيتين: الأولى: من جهة المبدأ ... الثانية: ومن جهة المنتهى...». <ref> المصدر السابق.</ref>
لكنَّه نبّه في موضع آخر منه على أنّ: «المضادة بين الأحكام من ناحيتين: الأولى: من جهة المبدأ ... الثانية: ومن جهة المنتهى...». <ref> المصدر السابق.</ref>


سطر ٤٥: سطر ٤٥:
وفي هذه المرحلة اختار جماعة<ref> انظر : كفاية الأصول : 158، تهذيب الأصول الخميني 1 : 400، تحريرات في الأصول 6 : 228، منتقى الأصول 3 : 85 ،</ref> عدم إمكان الاجتماع أيضا؛ إذ مع امتناع اجتماع الإرادة والكراهة على شيء واحد لايمكن اجتماع البعث والزجر الناشئين منهما؛ لعدم إمكان أن يكون الشيء محبوبا ومبغوضا في آن واحد، فلا يكون واجبا إلاّ إذا كان محبوبا، ولايكون محرّما إلاّ إذا كان مبغوضا، بناءً على مذهب العدلية في هذا المجال. <ref> انظر : محاضرات في أصول الفقه 4 : 247 ـ 249.</ref>
وفي هذه المرحلة اختار جماعة<ref> انظر : كفاية الأصول : 158، تهذيب الأصول الخميني 1 : 400، تحريرات في الأصول 6 : 228، منتقى الأصول 3 : 85 ،</ref> عدم إمكان الاجتماع أيضا؛ إذ مع امتناع اجتماع الإرادة والكراهة على شيء واحد لايمكن اجتماع البعث والزجر الناشئين منهما؛ لعدم إمكان أن يكون الشيء محبوبا ومبغوضا في آن واحد، فلا يكون واجبا إلاّ إذا كان محبوبا، ولايكون محرّما إلاّ إذا كان مبغوضا، بناءً على مذهب العدلية في هذا المجال. <ref> انظر : محاضرات في أصول الفقه 4 : 247 ـ 249.</ref>
وخالف في ذلك جماعة منهم المحقّق الأصفهاني<ref> نهاية الدراية 2 : 308 ـ 309.</ref> مدّعيا عدم التضاد بينهما؛ لأنّ التضاد من الأوصاف الخارجية العارضة للأمور العينية كالسواد والبياض، وليست الإرادة والكراهة كذلك؛ لأ نّها من الأمور النفسانية العارضة على النفس؛ فلا تضاد بينهما، لا من ناحية الموضوع الذي هو النفس، ولا من ناحية المتعلق الذي هو الأفعال.
وخالف في ذلك جماعة منهم المحقّق الأصفهاني<ref> نهاية الدراية 2 : 308 ـ 309.</ref> مدّعيا عدم التضاد بينهما؛ لأنّ التضاد من الأوصاف الخارجية العارضة للأمور العينية كالسواد والبياض، وليست الإرادة والكراهة كذلك؛ لأ نّها من الأمور النفسانية العارضة على النفس؛ فلا تضاد بينهما، لا من ناحية الموضوع الذي هو النفس، ولا من ناحية المتعلق الذي هو الأفعال.
أمّا من ناحية الموضوع؛ فلأنّ النفس حقيقة مجردة قابلة لاجتماع إرادات وكراهات مع تعدّد المراد، وكذا مع اتحاده؛ لأنّ المتعلق لا تأثير له في ماهية الإرادة والكراهة، وإنّما هو مؤثر في تشخيصها وإبرازها، فلا يحصل التضاد والتباعد بين الإرادة والكراهة لمجرد تعدد المراد؛ لعدم طرد ما يوجب انقلاب ماهيتهما وتبدلهما إلى متضادين بعد أن كانتا ملتئمتين مجتمعتين في صورة التعدد، فليس للمراد دور إلاّ في تشخيص الماهية، ولا تأثير له في قوامها وحقيقتها، وعدم اجتماعهما ليس للتضاد بين ماهيتهما، بل قد يكون لأسباب أخرى [كعدم قدرة النفس على الجمع بينهما].
أمّا من ناحية الموضوع؛ فلأنّ النفس حقيقة مجردة قابلة لاجتماع إرادات وكراهات مع تعدّد المراد، وكذا مع اتحاده؛ لأنّ المتعلق لا تأثير له في ماهية الإرادة والكراهة، وإنّما هو مؤثر في تشخيصها وإبرازها، فلا يحصل التضاد والتباعد بين الإرادة والكراهة لمجرد تعدد المراد؛ لعدم طرد ما يوجب انقلاب ماهيتهما وتبدلهما إلى متضادين بعد أن كانتا ملتئمتين مجتمعتين في صورة التعدد، فليس للمراد دور إلاّ في تشخيص الماهية، ولا تأثير له في قوامها وحقيقتها، وعدم اجتماعهما ليس للتضاد بين ماهيتهما، بل قد يكون لأسباب أخرى، كعدم قدرة النفس على الجمع بينهما.
هذا بلحاظ الموضوع، وأمّا بلحاظ المتعلق فلا تضاد بينهما أيضا؛ إذ ليس متعلقهما الفعل الخارجي، بل هو الوجود الفرضي العنواني، وما كان في أفق النفس يستحيل تقومه بخارجها، وإلاّ لزم انقلاب ما في النفس إلى الخارج، مع أ نّه قد يحصل الشوق والإرادة إلى شيء لا وجود له خارجا، فليست الإرادة والكراهة من أوصاف الفعل الخارجي حتى يمكن اتصافهما بالتضاد.
هذا بلحاظ الموضوع، وأمّا بلحاظ المتعلق فلا تضاد بينهما أيضا؛ إذ ليس متعلقهما الفعل الخارجي، بل هو الوجود الفرضي العنواني، وما كان في أفق النفس يستحيل تقومه بخارجها، وإلاّ لزم انقلاب ما في النفس إلى الخارج، مع أ نّه قد يحصل الشوق والإرادة إلى شيء لا وجود له خارجا، فليست الإرادة والكراهة من أوصاف الفعل الخارجي حتى يمكن اتصافهما بالتضاد.
ولكي تقف على كلام المحقّق الأصفهاني بنفسك لا بأس بنقل عبارته في هذا المجال، حيث قال: «لا مانع من اجتماع إرادات [متعددة] وكراهات كذلك في زمان واحد؛ لبساطة النفس وتجردها، فلا تضيق النفس عن قبول إرادات متعددة أو كراهات كذلك في زمان واحد.
ولكي تقف على كلام المحقّق الأصفهاني بنفسك لا بأس بنقل عبارته في هذا المجال، حيث قال: «لا مانع من اجتماع إرادات [متعددة] وكراهات كذلك في زمان واحد؛ لبساطة النفس وتجردها، فلا تضيق النفس عن قبول إرادات متعددة أو كراهات كذلك في زمان واحد.
سطر ٥٥: سطر ٥٥:
وعلى أي حال فالمعروف استحالة اجتماع الإرادة والكراهة في هذه المرحلة، بل نُسب ذلك إلى الأشعرية أيضا، رغم اعتقادهم بجواز التكليف بغير المقدور؛ لأ نّه هنا من التكليف غير المقدور. <ref> انظر : نهاية الأصول 1 ـ 2 : 252 ، محاضرات في أصول الفقه 4 :  164.</ref>
وعلى أي حال فالمعروف استحالة اجتماع الإرادة والكراهة في هذه المرحلة، بل نُسب ذلك إلى الأشعرية أيضا، رغم اعتقادهم بجواز التكليف بغير المقدور؛ لأ نّه هنا من التكليف غير المقدور. <ref> انظر : نهاية الأصول 1 ـ 2 : 252 ، محاضرات في أصول الفقه 4 :  164.</ref>
وأورد على نسبة ذلك إلى الأشعرية:
وأورد على نسبة ذلك إلى الأشعرية:
أولاً: أنّ التكليف بالمحال يؤول إلى التكليف المحال؛ لأنّ طلب المحال لابدّ أن يكون مسبوقا بإرادة المحال، وهي لا تتحقق في نفس المولى، فيرجع طلب المحال إلى الطلب المحال، ولا معنى للتفكيك بين الطلبين.
أولاً: أنّ [[التكليف بالمحال]] يؤول إلى التكليف المحال؛ لأنّ طلب المحال لابدّ أن يكون مسبوقا بإرادة المحال، وهي لا تتحقق في نفس المولى، فيرجع طلب المحال إلى الطلب المحال، ولا معنى للتفكيك بين الطلبين.
وثانيا: أنّ الأشعرية وإن كانوا يعتقدون بعدم إمكان اجتماع الحب والبغض في شيء واحد، إلاّ أ نّهم لايمانعون من صدور الأحكام الشرعية جزافا من دون حب أو بغض، فلا يكون التكليف محالاً باعتقادهم ليضطروا الى الالتزام بعدم الاجتماع<ref> تحريرات في الأصول 4 : 114.</ref>، ولو كانوا ملتزمين حقا بذلك فقد تكون له أسباب أخرى غير مسألة الطلب المحال.
وثانيا: أنّ الأشعرية وإن كانوا يعتقدون بعدم إمكان اجتماع الحب والبغض في شيء واحد، إلاّ أ نّهم لايمانعون من صدور الأحكام الشرعية جزافا من دون حب أو بغض، فلا يكون التكليف محالاً باعتقادهم ليضطروا الى الالتزام بعدم الاجتماع<ref> تحريرات في الأصول 4 : 114.</ref>، ولو كانوا ملتزمين حقا بذلك فقد تكون له أسباب أخرى غير مسألة الطلب المحال.


confirmed
١٬٦٣٠

تعديل