الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أهمية النسل في تثبيت الزواج»

ط
استبدال النص - '====' ب'====='
(أنشأ الصفحة ب' <div class="wikiInfo"> {| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ | |- !عنوان مقاله!! data-type="authorName" |أهمية النسل ف...')
 
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:


<div class="wikiInfo">
{| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ |
|-
!عنوان مقاله!! data-type="authorName" |أهمية النسل في تثبيت الزواج
|-
|زبان مقاله
| data-type="authorfatherName" |عربی
|-
|اطلاعات نشر
| data-type="authorbirthDate" |ایران
|-
|نویسنده
| data-type="authorBirthPlace" |احمد شفیعی نیا
|-


|}
</div>
<br />


==أهمية مقاصد [[الزواج]] في تحقيق الأمن==
==أهمية مقاصد [[الزواج]] في تحقيق الأمن==
سطر ٣٥: سطر ١٨:
لما كانت الأسرة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع، إذا صلحتْ صلح المجتمع وإذا فسدتْ فسد المجتمع، كانت العناية بأمْنها من أهم أنواع الأمْن؛ لذا أولاها القرآن أهمية بالغة؛ من أجل الحفاظ على وجودها، واستمرار عطائها، وأداء وظيفتها في بناء النسل، وتكوين النشء الصالح، المنوط به الاستخلاف، وعمارة الأرض. ويتعلق أمْنُ الأسرة بالحفاظ على النسل من جهة الوجود، والبقاء، وصحّة الانتساب، وسلامة النشء، ويكون من الجانبين المادِّي والمعنوي.
لما كانت الأسرة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع، إذا صلحتْ صلح المجتمع وإذا فسدتْ فسد المجتمع، كانت العناية بأمْنها من أهم أنواع الأمْن؛ لذا أولاها القرآن أهمية بالغة؛ من أجل الحفاظ على وجودها، واستمرار عطائها، وأداء وظيفتها في بناء النسل، وتكوين النشء الصالح، المنوط به الاستخلاف، وعمارة الأرض. ويتعلق أمْنُ الأسرة بالحفاظ على النسل من جهة الوجود، والبقاء، وصحّة الانتساب، وسلامة النشء، ويكون من الجانبين المادِّي والمعنوي.


====الحفظ المادّي للنّسل====
=====الحفظ المادّي للنّسل=====


والمراد منه حفظ الذّات الإنسانية من الانقطاع الكلّي أو الجزئي؛ ذلك لأنَّه تعالى خلق الإنسان واستخلفه لعمارة الكون، ولا يتم ذلك إلا ببقائه واستمراره؛ وحفظ أمْن النسل يكون قبل الإنجاب وبعده.
والمراد منه حفظ الذّات الإنسانية من الانقطاع الكلّي أو الجزئي؛ ذلك لأنَّه تعالى خلق الإنسان واستخلفه لعمارة الكون، ولا يتم ذلك إلا ببقائه واستمراره؛ وحفظ أمْن النسل يكون قبل الإنجاب وبعده.


=====قبل الإنجاب=====
=======قبل الإنجاب=======


أما قبل الإنجاب، فيؤمَّن النّسل مما يقطعه كليّا أو جزئيا، فالقطع الكلّي للنسل محرَّم في الشرع؛ لغير ضرورة؛ لتنافيه مع المقصد من خلق الإنسان، وهو التكاثر والتناسل لعمارة الكون؛ لذا حثّ الله تعالى على الزواج، وأرشد إلى اختيار الولود، ونهى عن الخصاء والتبتّل، ومنع من الإجهاض، ووضع للخاطئ جريمة، وجوّز للحامل الفطر في رمضان من أجل الولد. أما القطع الجزئي للنسل فمعناه تحديد النسل بولد أو اثنين لا غير، وهذا أيضا مناف للغرض من الزواج وهو التناسل والتكاثر؛ إذ قد يؤدِّي ذلك التحديد إلى الانقراض التدريجي، وهو ما نلاحظه في المجتمعات الأوروبية، التي دبّ فيها الشِّيب والهرم، وقلّ فيها عنصر الفتوّة والشباب. وكذلك يؤمّن النّسل من وضعه في غير ما شرع له، كالزنا، والبغاء، وغير ذلك، مما يؤدّي إلى العزوف عن الزواج، فيتعطّل النسل، أو ينشأ النسل مجهول النسب غير معلوم، أو ذا نسب خليط، ومن ثم كان تشريع الزواج وتحريم ما عداه تأمينا للنّسب من الاختلاط، أو الانتساب المجهول، أو الإلحاق غير المشروع كالتبنيّ.
أما قبل الإنجاب، فيؤمَّن النّسل مما يقطعه كليّا أو جزئيا، فالقطع الكلّي للنسل محرَّم في الشرع؛ لغير ضرورة؛ لتنافيه مع المقصد من خلق الإنسان، وهو التكاثر والتناسل لعمارة الكون؛ لذا حثّ الله تعالى على الزواج، وأرشد إلى اختيار الولود، ونهى عن الخصاء والتبتّل، ومنع من الإجهاض، ووضع للخاطئ جريمة، وجوّز للحامل الفطر في رمضان من أجل الولد. أما القطع الجزئي للنسل فمعناه تحديد النسل بولد أو اثنين لا غير، وهذا أيضا مناف للغرض من الزواج وهو التناسل والتكاثر؛ إذ قد يؤدِّي ذلك التحديد إلى الانقراض التدريجي، وهو ما نلاحظه في المجتمعات الأوروبية، التي دبّ فيها الشِّيب والهرم، وقلّ فيها عنصر الفتوّة والشباب. <br>
وكذلك يؤمّن النّسل من وضعه في غير ما شرع له، كالزنا، والبغاء، وغير ذلك، مما يؤدّي إلى العزوف عن الزواج، فيتعطّل النسل، أو ينشأ النسل مجهول النسب غير معلوم، أو ذا نسب خليط، ومن ثم كان تشريع الزواج وتحريم ما عداه تأمينا للنّسب من الاختلاط، أو الانتساب المجهول، أو الإلحاق غير المشروع كالتبنيّ.


=====بعد الإنجاب=====
=======بعد الإنجاب=======


أما بعد الإنجاب، فيؤمّن النّسل من أسباب ضعفه، أو موته؛ لذا أمر الله تعالى الأمهات بإرضاع أولادهنّ حولين كاملين، وأباح لهن الاسترضاع، وجوّز لهن الفطر في رمضان من أجل الولد، ونهى عن الوأد الذي كان متفشّيا في الجاهلية خوف العار أو الفقر. وكذا تأمين النّسل من الأمراض التي تضعف بنيته، أو تودي بحياته إلى الموت، وكذا العناية بصحّته، وغذائه، ونظافته، وغير ذلك مما يدخل في أمْنه.
أما بعد الإنجاب، فيؤمّن النّسل من أسباب ضعفه، أو موته؛ لذا أمر الله تعالى الأمهات بإرضاع أولادهنّ حولين كاملين، وأباح لهن الاسترضاع، وجوّز لهن الفطر في رمضان من أجل الولد، ونهى عن الوأد الذي كان متفشّيا في الجاهلية خوف العار أو الفقر. وكذا تأمين النّسل من الأمراض التي تضعف بنيته، أو تودي بحياته إلى الموت، وكذا العناية بصحّته، وغذائه، ونظافته، وغير ذلك مما يدخل في أمْنه.


====الحفظ المعنوي للنّسل====
=====الحفظ المعنوي للنّسل=====


إنَّ حفظ أمْن النّسل لا يقتصر على الجانب المادِّي فحسب، بل يتجاوزه إلى الحفظ المعنوي، وهو المقصد الأعظم؛ لأنَّ الغاية من التناسل ليست الإنجاب وتكثير الولد، فهذه الغاية تشترك فيها جميع الكائنات، من حيوان، ونبات، وإنس، وجنّ، أما الإنسان فالغاية فوق ذلك، وهي عمارة الأرض بالخير والصّلاح، وإقامة الدّين، قال تعالى: {'''هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا'''}؛[10] أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنّعم الظاهرة والباطنة، ومكّنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها. ثمَّ قال تعالى: {'''شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ'''}؛[11] وهذا هو الغرض الأسمى من إيجاد الخلق واستخلافهم، منذ خلق آدم عليه السلام، وفي جميع الرسالات. ولا يتمّ ذلك إلا إذا تربىّ النّسل التربية الصالحة التي تؤهّله لهذه المقاصد الجليلة، ويكون ذلك منذ الصّغر؛ لذا حثّ الشارع الأبوين على العناية بالولد، باختيار اسمه، وتعليمه الصّلاة، وتحفيظه القرآن، وتربيته على الفضائل منذ الصّغر حتى يشبّ على الاستقامة.
إنَّ حفظ أمْن النّسل لا يقتصر على الجانب المادِّي فحسب، بل يتجاوزه إلى الحفظ المعنوي، وهو المقصد الأعظم؛ لأنَّ الغاية من التناسل ليست الإنجاب وتكثير الولد، فهذه الغاية تشترك فيها جميع الكائنات، من حيوان، ونبات، وإنس، وجنّ، أما الإنسان فالغاية فوق ذلك، وهي عمارة الأرض بالخير والصّلاح، وإقامة الدّين، قال تعالى: {'''هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا'''}؛[10] أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنّعم الظاهرة والباطنة، ومكّنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها. ثمَّ قال تعالى: {'''شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ'''}؛[11] وهذا هو الغرض الأسمى من إيجاد الخلق واستخلافهم، منذ خلق آدم عليه السلام، وفي جميع الرسالات. ولا يتمّ ذلك إلا إذا تربىّ النّسل التربية الصالحة التي تؤهّله لهذه المقاصد الجليلة، ويكون ذلك منذ الصّغر؛ لذا حثّ الشارع الأبوين على العناية بالولد، باختيار اسمه، وتعليمه الصّلاة، وتحفيظه القرآن، وتربيته على الفضائل منذ الصّغر حتى يشبّ على الاستقامة.