أهل المدينة

أهل المدينة: وهم الذين يعيشون في المدينة المنورّة في عهد النبي (ص) وبعده، و المالکية يقولون بـ: حجية إجماع أهل المدينة.

أهل المدينة

هم الصحابة و التابعون وتابعو التابعين الَّذين قطنوا المدينة المنوَّرة بعد العهد النبوي الشريف[١]، أي عاشوا في الأعصار التي تدعى القرون الثلاثة المفضَّلة[٢]، لما روي من الحديث الشريف: «خير أمَّتي (أو خير القرون) القرن الذي بعثت فيهم، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم»[٣]. وزاد بعضهم قرنا آخر[٤]، باعتبار ما روي في بعض الأحاديث من قوله(ص): «يأتي على الناس زمان يبعث فيهم البعث، فيقولون: أنظروا هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب رسول اللّه‏؟ فيوجد الرجل، فيفتح لهم به، ثمَّ يبعث البعث الثاني، فيقولون: هل فيكم من رأى أصحاب رسول اللّه‏؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم. ثمَّ يبعث البعث الثالث فيقولون: أنظروا حتَّى ترون فيكم من رأى من رأى أصحاب رسول اللّه‏؟ ثمَّ يكون البعث الرابع فيقال: أنظروا هل ترون فيكم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أصحاب رسول اللّه‏؟ فيوجد الرجل، فيفتح لهم به»[٥].
هناك نقاش جرى في حجيَّة إجماع أهل المدينة، فقد ذهب مالك إلى أنَّه لايعتدُّ بالخلاف مع وجود إجماع أهل المدينة، وقد استدلَّ على ذلك بروايات من قبيل قول رسول اللّه(ص): «انّ المدينة تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد»[٦].
كما استدلّوا عليه باعتبارات مختلفة من قبيل كون المدينة تحظى بمكانة من حيث كونها موضع قبر الرسول ومهبط الوحي ومجمع الصحابة، وفيها ظهر العلم، وأنَّ أهلها شاهدوا التنزيل وسمعوا التأويل فهم أعرف بأحوال الرسول، وأنَّه شهدوا آخر أعمال الرسول وعرفوا ما نسخ وما لم ينسخ، وأنَّ من خرج منها من الصحابة قد ترك العلم وانشغل بالجهد كابن مسعود، وأنَّ روايتهم مقدَّمة على رواية غيرهم، وأنَّ من المحال أن يخفى التشريع الذي أبلغه الرسول على أكثر أهل المدينة الذين عاصروه[٧].
لكنَّ الأكثر يردُّ الأدلَّة المزبورة ولايرى فضل المدينة وأهلها دليلاً على اعتماد إجماعهم دون غيرهم أو يؤول كلام مالك أو يخالفه الرأي ولايرى خصوصية لإجماع هؤلاء[٨].

المصادر

  1. . اللمع: 187.
  2. . صحة أصول مذهب أهل المدينة: 27.
  3. . مسند أحمد 2: 455، ح7083، السنن الكبرى البيهقي 10: 160 كتاب الشهادات باب كراهية التسارع إلى الشهادة من حديث عمران بن حصين.
  4. . صحة أصول مذهب أهل المدينة: 27.
  5. . صحيح مسلم 4: 1962 كتاب فضل الصحابة باب 25 ح208.
  6. . كشف الأسرار البخاري 3: 446.
  7. . الاحكام ابن حزم 1 ـ 4: 585 ـ 598، كشف الأسرار (البخاري) 3: 448 ـ 449، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 206 ـ 209.
  8. . الاحكام ابن حزم 1 ـ 4: 585 ـ 598،اللمع: 187، المستصفى 1: 220، الحاصل من المحصول 2: 515 ـ 516، البحر المحيط 4: 483 ـ 489، الأصول العامة للفقه المقارن: 243، عمل أهل المدينة (نورسيف): 77 ـ 78.