أقسام الاستصحاب

مراجعة ٠٩:٤٦، ١٧ مارس ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''أقسام الاستصحاب:''' الاستصحاب اصطلاح لدی الفقهاء يريدون به استمرار الحکم الذي في الآن الساب...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

أقسام الاستصحاب: الاستصحاب اصطلاح لدی الفقهاء يريدون به استمرار الحکم الذي في الآن السابق إلی الآن اللاحق، کالحکم بطهارة هذا القميص الذي کان فيما سبق متيقن الطهارة ولکن الآن مشکوک الطهارة، فنحکم حينئذ بطهارته. ولهذا الاستصحاب أقسام کثيرة نقدمها في هذا المجال للقارئ الکريم.

أقسام الاستصحاب

1- استصحاب الكلّي

يقصد باستصحاب الكلّي: التعبُّد ببقاء الجامع بين فردين من الحكم، أو الجامع بين شيئين خارجيين إذا كان له أثر عملي[١]، أو أن يكون المستصَحب كلّيا قد ألغيت فيه الخصوصيات الشخصية فيما إذا كان الأثر مترتبا على الجامع. [٢]
وردت تقسيمات مختلفة لاستصحاب الكلّي[٣]، لكنَّ التقسيم الدارج هو تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:

استصحاب الکلي القسم الأول

استصحاب الكلّي المتحقّق في ضمن الفرد المعيَّن أو المردَّد، من قبيل علمنا بوجود زيد في الدار والشكّ في بقائه، فكما يجوز استصحاب زيد كفرد يجوز كذلك استصحاب كلّي الإنسان المتحقّق في زيد أو غيره، وهذا ممَّا لا إشكال فيه[٤]، بل هو محلّ وفاق عند الجميع. [٥]

استصحاب الکلي القسم الثاني

استصحاب الكلّي المتيقّن وجوده ضمن أحد الفردين على نحو الترديد عند العلم بارتفاع أحدهما وبقاء الآخر، وذلك من قبيل موارد العلم الإجمالي، حيث يخرج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء بتلفٍ ونحوه، كالعلم بوجوب إحدى الصلاتين من الظهر أو الجمعة وقد صلَّى المكلَّف الظهر، فالشكّ هنا في بقاء الكلّي بسبب ارتفاع أحد الفردين اللذين عُلِم بتحقق الكلّي في ضمن أحدهما.
لايجري هنا استصحاب الفرد المردَّد؛ للعلم بارتفاع أحد فردي الترديد[٦]، لفقد بعض أركانه، وهو اليقين السابق؛ لأنَّ كلّ فرد منهما بحكم تردّده غير متيقّن، فلا يكون موضعا لروايات هذا الباب. [٧]
أمَّا استصحاب الكلّي فالأقوى جريانه كما ذهب إلى ذلك أكثر المحقّقين[٨]، لكن في خصوص ما إذا لم يكن أثر الكلّي مباينا لأثر الفرد والخصوصيات الفردية، كما إذا علمنا علما إجماليا بنجاسة الثوب ولم نعلم أنَّه دم أو بول، فإنَّ أثر الكلّي والفرد هنا متَّحد، وهو الغسل مرة أو مرتين، أمَّا إذا كان أثر الكلّي مباينا لأثر الفرد، كما في مثال البول والمني من حيث إنَّ أثر البول وجوب الوضوء وأثر المني وجوب الغسل، وهما أثران متباينان، فتجري هنا قاعدة الاحتياط والاشتغال فقط لإثبات وجوب رعاية كلا الأثرين. [٩]
بل لاينبغي الإشكال في جريان الاستصحاب هنا؛ لوجود المقتضي وفقد المانع، أمَّا المقتضي فهو تحقق أركان الاستصحاب من وجود اليقين والشكّ في البقاء، وأمَّا عدم المانع فلكون المانع المتوهَّم هنا هو كون وجود القدر المشترك إنَّما يكون مسبَّبا عن حدوث الفرد الباقي، إذ لولا حدوث الفرد الباقي لكان يعلم بارتفاع القدر المشترك، فبقاء الكلّي إنَّما يكون معلولاً لحدوث الفرد الباقي، فيجري فيه استصحاب عدم الحدوث ويرتفع بذلك الشكّ في بقاء الكلّي؛ لأنَّ الأصل الجاري في السبب رافع لموضوع الأصل المسبَّبي، فلا يبقى مجال لاستصحاب بقاء القدر المشترك. [١٠] وهذا التوهُّم ضعيف ومردود بما يلي:
أولاً: أنَّ ارتفاع القدر المشترك ليس مسبَّبا عن عدم حدوث الفرد الباقي، بل هو مسبَّب عن ارتفاع الفرد الزائل.
ثانيا: ليس كلّ أصل جارٍ في الشكّ السببي رافعا لموضوع الأصل المسبَّبي وحاكما عليه، وهناك شروط ينبغي تحقّقها لصيرورته رافعا وحاكما، وهي غير متوافرة هنا. [١١]

الشبهة العبائية أو استصحاب الفرد المردّد

وردت مناقشات عديدة في جريان الاستصحاب الكلّي في القسم الثاني[١٢]، منها ما يعرف بالشبهة العبائية المنسوبة للسيّد إسماعيل الصدر[١٣]، وهي عبارة عمَّا يلي: لو علمنا بإصابة النجاسة أحد طرفي العباءة (الأيمن أو الأيسر) فطهَّرنا الطرف الأيمن، فهذا لايكفي للقول بطهارة العباءة بل تستصحب النجاسة؛ لاحتمال أن تكون النجاسة قد لاقت الطرف الأيسر، لكن إذا لاقت اليد الطرف الأيسر نحكم بطهارتها؛ لأنَّ ملاقي بعض الأطراف في الشبهة المحصورة طاهر، ومع ذلك إذا لاقت اليد الطرف الأيمن كذلك حكمنا بالنجاسة رغم طهارة الطرف الأيمن؛ وذلك بحكم استصحاب النجاسة؛ وهذا غريب جدا، فينبغي رفع اليد عن جواز استصحاب النجاسة الذي هو من نوع استصحاب الكلّي من القسم الثاني أو عن جواز استصحاب طهارة ملاقي بعض الأطراف، لرفع غرابة الأمر هنا. [١٤] وقد أجيب عن هذه الشبهة بعدّة أجوبة:
منها: أنَّ هذا ليس من موارد استصحاب الكلّي من القسم الثاني؛ لأنَّه يخصُ‏المتيقَّن المردَّد بين فردين وحقيقتين من قبيل التردُّد بين فرد متيقّن الارتفاع وآخر يحتمل البقاء، بينما المتيقّن هنا أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه والترديد في المحلّ والموضوع، فهو أشبه باستصحاب الفرد المردَّد عند ارتفاع أحد فردي الترديد، بأن نتيقَّن بوجود زيد في الدار ونتردَّد في تواجده في الجانب الشرقي الذي تهدَّم، فيعني موته، أو في الجانب الغربي، فيعني لا زال حيّا والترديد إذا كان في جهات أخرى غير الفردين، من قبيل الترديد في المكان أو الزمان أو اللباس، فلا يكون من القسم الثاني. [١٥]
ومنها: لا مورد لجريان استصحاب النجاسة هنا، وهي تجري في مفاد كان التامَّة لا الناقصة، فلا يمكن الإشارة إلى طرف معيَّن من العباءة والقول: بأنَّ هذا الطرف كان نجسا فتستصحب نجاسته؛ وذلك لأنَّ أحد طرفي العباءة مقطوع الطهارة والآخر مشكوك النجاسة، ولايقين لنا بنجاسة أحد طرفي العباءة، لكن يمكن إجراء هذا الاستصحاب في مفاد كان التامّة حيث يقال: كانت النجاسة موجودة في العباءة وشُكَّ في ارتفاعها فنستصحبها، لكن نجاسة الملاقي لاتترتَّب على هذا الاستصحاب؛ لكونه أصلاً مُثْبِتا. [١٦]

استصحاب الکلي القسم الثالث

وهو ما إذا كان الشكّ في بقائه لأجل احتمال قيام فرد آخر مقام الفرد الذي كان الكلّي في ضمنه مع القطع بارتفاعه، كما إذا علم بوجود الإنسان في الدار في ضمن وجود زيد، وعلم بخروج زيد عن الدار ولكن احتمل قيام عمرو مقامه، فيشكّ في بقاء الإنسان في الدار. [١٧] وهو على نحوين: 1 ـ أن يحتمل حدوث الفرد الثاني في ظرف وجود الأول. 2 ـ أن يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاع الأول، إمَّا بتبدُّله إليه أو بمجرّد المقارنة الاتفاقية بين ارتفاع الأوَّل وحدوث الثاني. [١٨] وفي جريان هذا الاستصحاب ثلاثة احتمالات: الأوَّل: جريانه مطلقا؛ باعتبار اليقين السابق والشكّ في الارتفاع، ولايضرُّ العلم بارتفاع بعض وجودات الكلّي والشكّ في حدوث وجودات أخرى، فإنَّ ذلك يمنع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلّي. [١٩]، ولا نعرف من يقول بهذا الرأي. [٢٠] الثاني: عدم جريانه مطلقا؛ باعتبار أنَّ بقاء الكلّي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجي المتيقّن سابقا، وهو معلوم العدم، فلا شكّ هنا. [٢١] وهذا الرأي هو المعروف بين الأصوليين. [٢٢] الثالث: التفصيل بين القسمين، فيجري في الأول دون الثاني؛ لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقا، فيتردَّد المعلوم سابقا بين أن يكون وجوده الخارجي على نحو لايرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه، وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فالشكّ حقيقة إنَّما هو في مقدار استعداد ذلك الكلّي للبقاء واستصحاب عدم حدوث الفرد المشكوك لا يُثبت تعيين استعداد الكلّي. ويستثنى من عدم الجريان في الثاني ما يتسامح فيه العرف، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمر الواحد، مثل ما لو علم السواد الشديد في محلٍّ وشكّ في تبدّله بالبياض أو بسواد أضعف من الأوَّل، فإنَّه يُستصحب السواد. وهذا الرأي للشيخ الأنصاري. [٢٣]

المصادر

  1. دروس في علم الأصول 2 : 507، بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 235.
  2. دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 99.
  3. انظر : مصباح الأصول 3 : 103 ـ 104، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 100 ـ 101، دروس في علم الأصول 2 : 509ـ513، أنوار الأصول 3 : 337 ـ 338.
  4. فوائد الأصول 4 : 412.
  5. الاستصحاب كوثراني : 255.
  6. فوائد الأصول 4 : 412.
  7. الأصول العامة للفقه المقارن : 453.
  8. الاستصحاب الخميني : 84 .
  9. أنوار الأصول 3 : 341 ـ 342.
  10. فوائد الأصول 4 : 415.
  11. المصدر السابق : 415 ـ 416.
  12. انظر : فرائد الأصول 3 : 192 ـ 200، كفاية الأصول : 406 ـ 407، الاستصحاب الخميني : 84 ـ 87 ، دروس في علم الأصول 2 : 511 ـ 513.
  13. نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، حقائق الأصول 2 : 458، أنوار الأصول 3 : 344.
  14. أنوار الأصول 3 : 344 ـ 345 وانظر : نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 107 ـ 111.
  15. فوائد الأصول 4 : 421 ـ 422، وانظر : دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 108.
  16. مصباح الأصول 3 : 111.
  17. فوائد الأصول 4 : 423.
  18. أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 332.
  19. فرائد الأصول 3  : 195 .
  20. أنوار الأصول 3 : 348.
  21. فرائد الأصول 3 : 195.
  22. انظر : أنوار الأصول 3 : 348.
  23. فرائد الأصول 3 : 196.