الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أقسام الاستصحاب»

أُضيف ١٢٬١٧٢ بايت ،  ٥ أبريل ٢٠٢٣
ط
استبدال النص - '====' ب'====='
لا ملخص تعديل
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
(٤ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''أقسام الاستصحاب:''' الاستصحاب اصطلاح لدی الفقهاء يريدون به استمرار الحکم الذي في الآن السابق إلی الآن اللاحق، کالحکم بطهارة هذا القميص الذي کان فيما سبق متيقن الطهارة ولکن الآن مشکوک الطهارة، فنحکم حينئذ بطهارته. ولهذا الاستصحاب أقسام کثيرة نقدمها في هذا المجال للقارئ الکريم.
'''أقسام الاستصحاب:''' [[الاستصحاب]] مصطلح لدی [[الفقهاء]] يريدون به استمرار الحکم الذي في الآن السابق إلی الآن اللاحق، کالحکم [[الطهارة|بطهارة]] هذا القميص الذي کان فيما سبق متيقن الطهارة ولکن الآن مشکوک الطهارة، فنحکم حينئذ بطهارته. ولهذا الاستصحاب أقسام کثيرة نقدمها في هذا المجال للقارئ الکريم.


=أقسام الاستصحاب=
=أقسام الاستصحاب=
سطر ١٥: سطر ١٥:
<br>'''أولاً:''' أنَّ ارتفاع القدر المشترك ليس مسبَّبا عن عدم حدوث الفرد الباقي، بل هو مسبَّب عن ارتفاع الفرد الزائل.
<br>'''أولاً:''' أنَّ ارتفاع القدر المشترك ليس مسبَّبا عن عدم حدوث الفرد الباقي، بل هو مسبَّب عن ارتفاع الفرد الزائل.
<br>'''ثانيا:''' ليس كلّ أصل جارٍ في الشكّ السببي رافعا لموضوع الأصل المسبَّبي وحاكما عليه، وهناك شروط  ينبغي تحقّقها لصيرورته رافعا وحاكما، وهي غير متوافرة هنا. <ref> المصدر السابق : 415 ـ 416.</ref>
<br>'''ثانيا:''' ليس كلّ أصل جارٍ في الشكّ السببي رافعا لموضوع الأصل المسبَّبي وحاكما عليه، وهناك شروط  ينبغي تحقّقها لصيرورته رافعا وحاكما، وهي غير متوافرة هنا. <ref> المصدر السابق : 415 ـ 416.</ref>
====الشبهة العبائية أو استصحاب الفرد المردّد====
=====الشبهة العبائية أو استصحاب الفرد المردّد=====
وردت مناقشات عديدة في جريان الاستصحاب الكلّي في القسم الثاني<ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 192 ـ 200، كفاية الأصول : 406 ـ 407، الاستصحاب الخميني : 84 ـ 87 ، دروس في علم الأصول 2 : 511  ـ  513.</ref>، منها ما يعرف بالشبهة العبائية المنسوبة للسيّد إسماعيل الصدر<ref> نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، حقائق الأصول 2 : 458، أنوار الأصول 3 : 344.</ref>، وهي عبارة عمَّا يلي:
وردت مناقشات عديدة في جريان الاستصحاب الكلّي في القسم الثاني<ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 192 ـ 200، كفاية الأصول : 406 ـ 407، الاستصحاب الخميني : 84 ـ 87 ، دروس في علم الأصول 2 : 511  ـ  513.</ref>، منها ما يعرف بالشبهة العبائية المنسوبة للسيّد إسماعيل الصدر<ref> نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، حقائق الأصول 2 : 458، أنوار الأصول 3 : 344.</ref>، وهي عبارة عمَّا يلي:
لو علمنا بإصابة النجاسة أحد طرفي العباءة (الأيمن أو الأيسر) فطهَّرنا الطرف الأيمن، فهذا لايكفي للقول بطهارة العباءة بل تستصحب النجاسة؛ لاحتمال أن تكون النجاسة قد لاقت الطرف الأيسر، لكن إذا لاقت اليد الطرف الأيسر نحكم بطهارتها؛ لأنَّ ملاقي بعض الأطراف في الشبهة المحصورة طاهر، ومع ذلك إذا لاقت اليد الطرف الأيمن كذلك حكمنا بالنجاسة رغم طهارة الطرف الأيمن؛ وذلك بحكم استصحاب النجاسة؛ وهذا غريب جدا، فينبغي رفع اليد عن جواز استصحاب النجاسة الذي هو من نوع استصحاب الكلّي من القسم الثاني أو عن جواز استصحاب طهارة ملاقي بعض الأطراف، لرفع غرابة الأمر هنا. <ref> أنوار الأصول 3 : 344 ـ 345 وانظر : نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 107 ـ 111.</ref>
لو علمنا بإصابة النجاسة أحد طرفي العباءة (الأيمن أو الأيسر) فطهَّرنا الطرف الأيمن، فهذا لايكفي للقول بطهارة العباءة بل تستصحب النجاسة؛ لاحتمال أن تكون النجاسة قد لاقت الطرف الأيسر، لكن إذا لاقت اليد الطرف الأيسر نحكم بطهارتها؛ لأنَّ ملاقي بعض الأطراف في الشبهة المحصورة طاهر، ومع ذلك إذا لاقت اليد الطرف الأيمن كذلك حكمنا بالنجاسة رغم طهارة الطرف الأيمن؛ وذلك بحكم استصحاب النجاسة؛ وهذا غريب جدا، فينبغي رفع اليد عن جواز استصحاب النجاسة الذي هو من نوع استصحاب الكلّي من القسم الثاني أو عن جواز استصحاب طهارة ملاقي بعض الأطراف، لرفع غرابة الأمر هنا. <ref> أنوار الأصول 3 : 344 ـ 345 وانظر : نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 107 ـ 111.</ref>
سطر ٤٤: سطر ٤٤:
يراد منه استصحاب الأحكام الواردة في الشرائع السابقة، والتي لم يرد فيها حكم مباشر في [[الشريعة الإسلامية]]، والحكم ببقائها وعدم نسخها.
يراد منه استصحاب الأحكام الواردة في الشرائع السابقة، والتي لم يرد فيها حكم مباشر في [[الشريعة الإسلامية]]، والحكم ببقائها وعدم نسخها.
من الأمثلة التي ذكرت لأحكام الشرائع السابقة، هو القرعة الواردة في قصة زكريا<ref> آل عمران : 44.</ref> وقصَّة يونس<ref> الصافات: 141.</ref> في كتاب اللّه‏، فيستصحب هذا الحكم ويُحكم بثبوته لنا كذلك. <ref> انظر : أنوار الأصول 3 : 366.</ref>
من الأمثلة التي ذكرت لأحكام الشرائع السابقة، هو القرعة الواردة في قصة زكريا<ref> آل عمران : 44.</ref> وقصَّة يونس<ref> الصافات: 141.</ref> في كتاب اللّه‏، فيستصحب هذا الحكم ويُحكم بثبوته لنا كذلك. <ref> انظر : أنوار الأصول 3 : 366.</ref>
====التعبُّد بشرائع من قبلنا====
=====التعبُّد بشرائع من قبلنا=====
يبدو أنَّ جريان الاستصحاب في الشرائع المتقدِّمة متوقّف على القول بالتعبُّد أو عدم التعبُّد بها، وجريان الاستصحاب بحث مطروح بالنسبة إلى مَن قال بالتعبُّد أو بإمكانه نظريا على أقلِّ تقدير، والذي لم يقل به ينفي موضوع الجريان من الأصل.
يبدو أنَّ جريان الاستصحاب في الشرائع المتقدِّمة متوقّف على القول بالتعبُّد أو عدم التعبُّد بها، وجريان الاستصحاب بحث مطروح بالنسبة إلى مَن قال بالتعبُّد أو بإمكانه نظريا على أقلِّ تقدير، والذي لم يقل به ينفي موضوع الجريان من الأصل.
وقد اختلف أصوليو [[أهل السنّة]] ـ  كما هو حال [[الشيعة]]  ـ في قضية التعبُّد وانقسموا إلى طوائف:
وقد اختلف أصوليو [[أهل السنّة]] ـ  كما هو حال [[الشيعة]]  ـ في قضية التعبُّد وانقسموا إلى طوائف:
سطر ٦٣: سطر ٦٣:
والقرينة الثانية مردودة: بأنَّ العلم بالنسخ منحلّ إلى علم إجمالي وتفصيلي، فإنَّا على شكٍّ بدوي في بعض الموارد رغم علمنا تفصيلاً بنسخ الموارد الأخرى، فيمكننا إجراء الاستصحاب في الموارد الأخيرة (مشكوكة النسخ)، والشريعة السابقة وإن كانت منسوخة يقينا إلاَّ أنَّ ذلك لايوجب ارتفاع أحكامها بتمامها، و [[النسخ]] يعني عدم بقائها بتمامها لا ارتفاعها بتمامها. <ref> كفاية الأصول : 413.</ref>
والقرينة الثانية مردودة: بأنَّ العلم بالنسخ منحلّ إلى علم إجمالي وتفصيلي، فإنَّا على شكٍّ بدوي في بعض الموارد رغم علمنا تفصيلاً بنسخ الموارد الأخرى، فيمكننا إجراء الاستصحاب في الموارد الأخيرة (مشكوكة النسخ)، والشريعة السابقة وإن كانت منسوخة يقينا إلاَّ أنَّ ذلك لايوجب ارتفاع أحكامها بتمامها، و [[النسخ]] يعني عدم بقائها بتمامها لا ارتفاعها بتمامها. <ref> كفاية الأصول : 413.</ref>
والقرينة الثالثة تُردُّ: بأنَّ حكم كلّ شريعة حكم إلهي ناشئ عن مصلحة تامة، فبقاؤه في الشريعة اللاحقة ملازم لإمضائه في تلك الشريعة، وبقاؤه يكشف عن تمامية ملاكه، وعدم إمضائه يساوق عدم تمامية ملاكه في الشريعة اللاحقة، وهو خلف، فالمفروض القول ببقاء ملاكه، وإلاَّ يلزم جهل الصادع بها، وهو مستحيل. <ref> نهاية الأفكار 4 ق 1 : 177.</ref>
والقرينة الثالثة تُردُّ: بأنَّ حكم كلّ شريعة حكم إلهي ناشئ عن مصلحة تامة، فبقاؤه في الشريعة اللاحقة ملازم لإمضائه في تلك الشريعة، وبقاؤه يكشف عن تمامية ملاكه، وعدم إمضائه يساوق عدم تمامية ملاكه في الشريعة اللاحقة، وهو خلف، فالمفروض القول ببقاء ملاكه، وإلاَّ يلزم جهل الصادع بها، وهو مستحيل. <ref> نهاية الأفكار 4 ق 1 : 177.</ref>
====شروط جريان استصحاب شرائع من قبلنا====
=====شروط جريان استصحاب شرائع من قبلنا=====
وعلى فرض جريان الاستصحاب فهناك شروط:
وعلى فرض جريان الاستصحاب فهناك شروط:
<br>'''منها:''' أن يرد التشريع السابق عن طريق معتبر مثل القرآن والسنّة الصحيحة.
<br>'''منها:''' أن يرد التشريع السابق عن طريق معتبر مثل القرآن والسنّة الصحيحة.
<br>'''ومنها:''' أن لا تختلف في التحريم والتحليل شريعتان.
<br>'''ومنها:''' أن لا تختلف في التحريم والتحليل شريعتان.
<br>'''ومنها:''' أن يكون التحريم والتحليل ثابتا قبل تحريفهم وتبديلهم، فإن استحلّوا وحرّموا بعد النسخ والتحريف فلا عبرة به البتة. <ref> انظر : البحر المحيط 6 : 46 ـ 47.</ref>
<br>'''ومنها:''' أن يكون التحريم والتحليل ثابتا قبل تحريفهم وتبديلهم، فإن استحلّوا وحرّموا بعد النسخ والتحريف فلا عبرة به البتة. <ref> انظر : البحر المحيط 6 : 46 ـ 47.</ref>
====ثمرة البحث====
=====ثمرة البحث=====
على فرض جريان استصحاب الشرائع السابقة تذكر النقاط التالية كثمرات له:
على فرض جريان استصحاب الشرائع السابقة تذكر النقاط التالية كثمرات له:
<br>'''الأولى:''' مسألة القرعة الواردة في قوله تعالى: '''«وما كنتَ لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يَختَصِمون»'''<ref> آل عمران : 44.</ref>، وفي قصّة يونس عليه‏السلام في قوله تعالى: '''«فساهَمَ فكان مِنَ المُدحضينَ»'''<ref> الصافات : 141.</ref>، فإنَّه يستفاد من الآيتين حجية القرعة عند التنازع في كلٍّ من شريعة زكريا عليه‏السلام وشريعة يونس عليه‏السلام، فتستصحب في الشريعة الإسلامية.
<br>'''الأولى:''' مسألة القرعة الواردة في قوله تعالى: '''«وما كنتَ لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يَختَصِمون»'''<ref> آل عمران : 44.</ref>، وفي قصّة يونس عليه‏السلام في قوله تعالى: '''«فساهَمَ فكان مِنَ المُدحضينَ»'''<ref> الصافات : 141.</ref>، فإنَّه يستفاد من الآيتين حجية القرعة عند التنازع في كلٍّ من شريعة زكريا عليه‏السلام وشريعة يونس عليه‏السلام، فتستصحب في الشريعة الإسلامية.
سطر ١٦٦: سطر ١٦٦:
<br>2 ـ أن يكون أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهوله، ولهذا الفرض أربعة صور كذلك، هي ذاتها التي وردت في الفروض والصور الأربعة المتقدّمة.
<br>2 ـ أن يكون أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهوله، ولهذا الفرض أربعة صور كذلك، هي ذاتها التي وردت في الفروض والصور الأربعة المتقدّمة.
<br>وفي جريان الاستصحاب في هذه الفروض نقاشات ناشئة عن وجود المقتضي للاستصحاب وعدم وجوده، أو وجود المانع وعدمه، أو وقوع فاصل زمني بين اليقين والشكّ، أي عدم اتصالهما، فبعض يشترط الاتصال بينهما، وبعض آخر يشترط الفعلية فقط دون الاتصال. وبتعبير آخر: الشكّ في جريان الاستصحاب في هذه الموارد ناشئ عن الشكّ في تحقُّق شروط جريان الاستصحاب. <ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 247 ـ 254، كفاية الأصول : 419 ـ 422، فوائد الأصول 4 : 503 ـ 530، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 196 ـ 213، الاستصحاب الخميني : 170 ـ 188، دراسات في علم الأصول (الخوئي) 4 : 176 ـ 207، أنوار الأصول 3 : 392 ـ 401، آراؤنا في أصول الفقه 3 : 95 ـ 104.</ref>
<br>وفي جريان الاستصحاب في هذه الفروض نقاشات ناشئة عن وجود المقتضي للاستصحاب وعدم وجوده، أو وجود المانع وعدمه، أو وقوع فاصل زمني بين اليقين والشكّ، أي عدم اتصالهما، فبعض يشترط الاتصال بينهما، وبعض آخر يشترط الفعلية فقط دون الاتصال. وبتعبير آخر: الشكّ في جريان الاستصحاب في هذه الموارد ناشئ عن الشكّ في تحقُّق شروط جريان الاستصحاب. <ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 247 ـ 254، كفاية الأصول : 419 ـ 422، فوائد الأصول 4 : 503 ـ 530، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 196 ـ 213، الاستصحاب الخميني : 170 ـ 188، دراسات في علم الأصول (الخوئي) 4 : 176 ـ 207، أنوار الأصول 3 : 392 ـ 401، آراؤنا في أصول الفقه 3 : 95 ـ 104.</ref>
==13 ـ الاستصحاب في حالات الشكّ السببي والمسبّبي==
يطلق الاستصحاب أو [[الأصل السببي والمسبَّبي]] عندما يكون لدينا استصحابان: أحدهما ينقّح الموضوع للآخر ويعالج المشكلة في مرحلة الموضوع، فيسمى سببّيا، والآخر يعالج المشكلة في  مرحلة الحكم فيسمى مسببيّا، من قبيل الشكّ في  بقاء طهارة الماء المعيّن، فنستصحب الطهارة، التي  هي موضوع للحكم بجواز شرب الماء، فيترتب جواز شربه على الاستصحاب المزبور. والاستصحاب الآخر هو جواز الشرب من الماء المعيّن الذي شكّ  في بقاء طهارته، فيستصحب جواز الشرب؛ بناءً  على الاستصحاب السابق الذي جرى في الماء.
<br>ولا إشكال في جريان الاستصحابين هنا؛ لاتحاد نتيجتهما، إنّما النقاش فيما إذا تعارضت نتائجهما، من قبيل: استصحاب طهارة الماء المغسول به ثوب نجس، فإنَّ الشكّ في بقاء نجاسة الثوب وارتفاعها مسبَّب عن الشكّ في بقاء طهارة الماء وارتفاعها. وعليه يكون استصحاب طهارة الماء أصلاً سببيَّا، واستصحاب عدم طهارة الثوب أصلاً مسبَّبيَّا. <ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 396 ـ 399، كفاية الأصول : 430 ـ 431، بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 353 ـ 359.</ref>
==14 ـ استصحاب حكم الإجماع في محلّ النزاع==
وهو استصحاب المجمع عليه في مواضع النزاع، ومثِّل له بقولنا: (الخارج من غير السبيلين لاينقض الوضوء؛ للإجماع على أنَّ الإنسان متطهِّر قبل هذا الخارج فيستصحب). <ref> نضد القواعد الفقهية : 63، القواعد والفوائد 1 : 133، تمهيد القواعد : 271، الوافية : 217.</ref>
وهو لايختلف عن أصل الاستصحاب الدارج، إلاَّ أنَّ المستصحَب هنا يُدَّعى ثبوته بالإجماع عوضا عن ثبوته بباقي الأدلَّة.
<br>نفى حجيَّته الغزالي، وأبو الطيب الطبري، والقاضي أبو علي ، وابن عقيل ، وأبو خطاب ، والحلواني ، وابن الزاغوني<ref> أعلام الموقّعين 1 : 341. وانظر : المستصفى 1 : 239، الواضح في أصول الفقه 3 : 194 ـ 195، إتحاف ذوي البصائر 3 : 1298.</ref>؛ وذلك باعتبار أنَّ وجود الخلاف بحدِّ ذاته دليل على عدم انعقاد الإجماع. <ref> المستصفى 1 : 239.</ref>
<br>لكنَّ القائلين بجريانه استدلّوا على حجيَّته في المثال المتقدِّم، بأنَّ [[الإجماع]] قائم على أنَّ الخارج من غير السبيلين لاينقض الوضوء قبل أن يخرج المشكوك فيه، والأصل استمرار الحكم إلاَّ أن يوجد النافي له، والأصل عدمه، مع أنَّ المورد المشكوك لم  يثبت قطعا كونه نافيا. <ref> الإحكام الآمدي 3ـ4 : 374.</ref>
<br>ورُدَّ دليل الغزالي: بأنَّه رغم كون الاستصحاب ليس دليلاً بحدِّ ذاته لكنَّه دليل الدليل على الحكم ، أي أنَّه  يوجب غلبة الظن ببقاء ما كان متحقّقا على حاله دون  تغيير. <ref> الإحكام الآمدي 3ـ4 : 375، أعلام الموقّعين 1 : 343ـ344.</ref>
وقد تقدَّم بعض الكلام في هذا المجال في التفصيل الثامن من التفاصيل الواردة في الاستصحاب.
==15 ـ استصحاب الزمان==
مثاله: ترتيب جواز الأكل والشرب على عدم طلوع الفجر في [[شهر رمضان]]، وفقا لقوله تعالى: '''«كُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ»'''<ref> البقرة : 187.</ref>، فعند  الشكّ  في تبيّن الخيط الأبيض نستصحب عدمه، وكذلك ترتيب وجوب الصلاة على عدم انتصاف الليل، وفقا لقوله تعالى: '''«أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ  الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»'''<ref> الإسراء : 78.</ref> أي انتصافه، فعند الشكّ في تحقّق الغسق نستصحب عدمه ونرتِّب عليه  الأثر.
<br>وقد وقع الإشكال في جريان هكذا استصحاب إثر الاختلاف في تفسير الزمان، وأنَّه موجود واحد وحقيقته التدرّج، أو أنَّه موجود مركّب من آنات قصيرة ومتباينة لا تتجزّء، فإذا قلنا بالأوَّل صحّ الاستصحاب؛ باعتبار اتحاد القضيتين، فقد تعلَّق اليقين بزمان وشكّ في بقاء ذات الزمان، أمَّا على القول الثاني فيشكل جريانه، باعتبار اختلاف القضيتين. لكن قيل: بجريانه حتَّى على القول الثاني؛ وذلك لاتحاد القضيتين عرفا رغم اختلافهما حقيقةً، فإنَّ [[المستصحَب]] هنا نفس الزمان لا قطع الزمان وأجزائه. <ref> انظر : فرائد الأصول 3 : 203 ـ 205، وكفاية الاصول : 407 ـ 410، ونهاية الأفكار 4 ق 1 : 145 ـ 151، ودراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 122 ـ 126، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 6 : 268 ـ 280.</ref>
==16 ـ استصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص واستصحاب النصّ إلى أن يرد نسخ==
هذا الاستصحاب يعني أنَّ العموم إذا ثبت استصحب حُكمه ما لم يرد تخصيص له، كما أنَّ النصَّ إذا ثبت صدوره استصحب مؤدَّاه ما لم يرد فيه نسخ<ref> روضة الناظر : 80 .</ref>، وهو مقتضى القول بالاستصحاب، ولايبدو وجود خلاف في ذلك، بل هو من المسلَّمات لدى العلماء، وعملوا وفقه خلفا عن سلف. <ref> هداية المسترشدين 1 : 211، أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2 : 862 ، إتحاف ذوي البصائر 3 : 1299 ـ 1300.</ref>
==17 ـ استصحاب الكتابي==
وهو استدلال الكتابي لإثبات دينه بالاستصحاب.<ref> مصباح الأصول 3 : 214.</ref> ومنشأ الشبهة في جريان هذا [[الاستصحاب]] هو نزاع وقع بين السيّد محمد باقر القزويني حينما قدم إلى قرية ذي الكفل (تقع بين النجف وكربلاء) في مسير زيارته، والعالم اليهودي بعد أن ادَّعى جريان استصحاب نبوَّة موسى عليه‏السلام، وأجاب عنه القزويني بجواب اقتبسه ممَّا روي عن الإمام الرضا عليه‏السلام في جواب جاثليق العالم المسيحي، وهو: «أنا مقرٌّ بنبوّة كلِّ موسى أخبر بنبوَّة نبي الإسلام، وكافر بنبوَّة كلِّ موسى لم يقرّ بنبوَّة محمد(ص) وكتابه»<ref> بحار الأنوار 10 : 302.</ref>، ولم يرتضه اليهودي؛ نظرا إلى أنَّ موسى جزئي حقيقي لا كلّي يكون له مصاديق مختلفة. <ref> أنوار الأصول 3 : 403.</ref>
<br>ذهب الأصوليون إلى بطلان هذا الاستصحاب للأمور التالية:
<br>'''أولاً:''' أنَّ منشأ يقين المسلم بنبوَّة الأنبياء السابقين هو الأخبار، وهي كما أخبرت بنبوَّة هؤلاء أخبرت بانقطاع نبوَّتهم وبنسخ شرائعهم وتحريفها كذلك. <ref> نهاية الأفكار 4 ق 1 : 221 ـ 222.</ref>
<br>'''ثانيا:''' على فرض حصول اليقين بنبوَّة الأنبياء السابقين عن غير طريق الأخبار فإنَّ المسلم لايشكُّ في بقائها، بل على يقين بارتفاعها؛ للأخبار الواردة في هذا المجال، وهذا يعني انعدام الشكّ الذي هو أحد [[أركان الاستصحاب]]. <ref> مصباح الأصول 3 : 215.</ref>
<br>'''ثالثا:''' من شرائط جريان الاستصحاب هو الفحص حتَّى اليأس، ومن خلال الفحص يثبت اليقين بنسخ الشرائع السابقة، وبه ينتفي الشكّ على فرض حصوله. <ref> أنوار الأصول 3 : 405.</ref>
<br>'''رابعا:''' إشكال اليهودي نشأ عن خطأ في نقل السيّد القزويني لكلام الإمام الرضا عليه‏السلام ممَّا جعل اليهودي يشكل بأنَّ المتيقَّن هو وجود موسى عليه‏السلام وهو جزئي حقيقي لايصدق على غير واحد، وجعله كلّيا خلاف التحقيق مع أنَّ الوارد في كلام الإمام عليه‏السلام: «أنا مقرٌّ بنبوَّة عيسى وكتابه وما بشَّر به أمَّته وأقرَّت به الحواريون» أي نبوة شخص عيسى.
<br>نعم، قد ورد في ذيل الكلام المزبور: «وكافر بنبوَّة كلِّ عيسى لم يقرّ بنبوَّة محمَّد وكتابه» لكنَّه محمول على صدره ويفسَّر به، فالمراد: الاعتراف بنبوَّة عيسى عليه‏السلام مقيّدا بإخباره بنبوَّة محمد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. ولايمكن أن يجعل الذيل تفسيرا للصدر؛ وذلك لأنَّ من المعلوم أنَّ عيسى عليه‏السلام كان جزئيا حقيقيا لا كلّيّا. <ref> المصدر السابق : 405 ـ 406.</ref>
==18 ـ استصحاب الوصف المثبت للحكم الشرعي==
وهو استصحاب حكم دلَّ الشرع على ثبوته ودوامه، كالملك عند جريان العقد المملِّك، وكشغل الذمة عند جريان إتلاف أو التزام، وكذلك الحكم بتكرُّر اللزوم والوجوب إذا تكرَّرت أسبابها، كتكرُّر [[شهر رمضان]] وأوقات الصلوات ونفقات الأقارب عند تكرُّر الحاجات. <ref> المستصفى 1 : 238، وانظر : نضد القواعد الفقهية : 63، القواعد والفوائد 1 : 133، تمهيد القواعد : 271، الوافية : 217.</ref>
<br>لم يتنازع الفقهاء في هذا النوع وإنَّما تنازعوا في بعض أحكامه لتجاذب المسألة أصلين متعارضين، مثاله: أنَّ مالك منع الرجل ـ  إذا شكَّ هل أحدث أم لا  ـ من الصلاة حتَّى يتوضَّأ، فاستصحاب الطهارة هنا متعارض مع لزوم تحصيل اليقين بالطهارة للدخول في الصلاة، ولايتحصَّل اليقين الأخير مع فرض الشكّ في الطهارة، كما هو فرض الاستصحاب، فتبقى الصلاة في ذمته لايفرغ منها حتى يحصِّل اتيانها بطهارة يقينيّة. <ref> أعلام الموقّعين 1 : 340.</ref>


=المصادر=
=المصادر=
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px">
{{مراجع|2}}
</div>


[[تصنيف: مصطلحات الأصول]][[تصنيف: علم أصول الفقه]][[تصنيف: أنواع الاستصحاب]]
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم أصول الفقه]][[تصنيف: أنواع الاستصحاب]]