أقسام الإجمال

مراجعة ٢٣:٣٠، ٢٥ يوليو ٢٠٢١ بواسطة Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) (←‏المصادر)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

أقسام الإجمال بحث اصولي بین فقهاء السنة و الشیعة عن مواقع تقع فیها الإجمال، یعنی أن مراد الشارع في هذه الموارد غیر واضحة. ولذلک یبحث الاصولي عن أقسام إجمال الأدلة حتی یتضح له أنّ مراد الشارع ما هو؟

أنواع الإجمال في الأدلة الشرعیة

ينقسم الإجمال باعتبارات مختلفة إلى أقسام، نتعرض لها ضمن التقسيمات التالية:

1 ـ الإجمال إمّا في قول أو فعل أو تقرير

وتوضيحه أ نّه لا شك أنّ للأفعال ـ كالألفاظ ـ دخلاً في إفادة المعاني، وهي أيضا مختلفة من هذه الجهة، فبعضها نصّ وبعضها ظاهر وبعضها مجمل، فالإجمال كما يطرء الألفاظ يطرء الأفعال أيضا. [١] وهذا لا خلاف فيه، فَما كان من الفعل ظاهرا في معنى يلحق باللفظ الظاهر في حكمه ـ وهو وجوب الاتّباع ـ وما كان منه مجملاً يجرى عليه حكم اللفظ المجمل. نعم، قد يقع الكلام في الاصطلاح، وأنّ هذا العنوان المتداول هل يشمل الفعل أيضا مطابقة، بحيث يكون المجمل مشتركا معنويا بين الفعل والقول، أو أ نّه يختص بالقول، والفعل إنّما يجرى مجراه في الحكم؟ علما بأنّ هذا الخلاف والنزاع لايترتب عليه أثر عملي. وكيف كان فظاهر تعريف عدةٍ له: «بما لم يتضح دلالته» وغيره مِمّا اعتمد فيه على «الموصول» عموم الاصطلاح؛ لأ نّه أعمّ من القول والفعل، بل به صرّح بعضهم كالمرداوي، إذ قال: إنّ المجمل يتناول القول والفعل والمشترك والمتواطئ»[٢] وصرّح بذلك المظفر أيضا. [٣] نعم، الظاهر من عدة منهم الخصوص؛ لتعبيرهم عنه (باللفظ ...)، كالسيد المرتضى[٤]، والغزالي[٥]، والمحقّق الخراساني[٦]، وغيرهم. بل الشيخ الأنصاري فسّر «الموصول» الظاهر في العموم ـ كما مرّ ـ باللفظ، قائلاً: «عرّفه جماعة اصطلاحا بأنّه ما لم يتضّح دلالته، والمراد بالموصول اللفظ الموضوع فلا يرد النقض بالمهمل، وتقسيم المجمل إلى الفعل والقول لايدلّ على جريان الاصطلاح عليه كما لايخفى».[٧] وأمّا التقرير الذي حقيقته إمضاء الشيء وإبراز الرضا به، فهو أيضا إمّا قول أو فعل أو سكوت قائم مقام أحدهما، وهو دليل وبيان في بعض المقامات، وقد يسقط عن الإفادة والبيانيّة، وللظروف والمقامات دخل في ذلك. [٨] نعم التقرير من المعصوم الذي هو أحد الحجج الشرعية في قبال قوله وفعله ينحصر في سكوته، وكأ نّه اصطلاح فيه.

2 ـ الإجمال إمّا في مفرد أو في مركبّ

كما يجرى الإجمال في مفردات الجملة من اسم أو فعل أو حرف، كذلك قد يجرى في المركّب منها، مع كون أجزائها ـ بما هي أجزاء ومفردات ـ واضحة المعنى وضعا وعرفا. وذلك كما في موارد تعقب الاستثناء لجمل متعددّة، حيث إنّ الإجمال إنّما يكون فيالهيئة المركبة من المستثنى والمستثنى منه لا الأجزاء، وقد يمثّل له بقوله تعالى: «أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ»[٩]، فإنّه مردّد بين الزوج والولي[١٠]، وقوله(ص): «لا صلاة إلاّ بطهور»[١١]؛ لتردده بين نفى الجنس ونفى الكمال والصحة[١٢]، وبقوله تعالى: «وَافْعَلُوا الْخَيْرَ»[١٣]؛ لتردده بين إرادة الوجوب وبعض الخير، أو الندب وجميع الخير[١٤]

3 ـ الإجمال إمّا بالذات أو بالعرض

المجمل بالذات ما يكون إجماله في نفس اللفظ، بأن يكون في نفسه مبهما غير معلوم المراد عند المخاطبين، وذلك كالمشترك اللفظي، بناءً على عدم جواز استعماله في أكثر من معنى. والمجمل بالعرض ما كان إجماله عرضيا، كما في موارد احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة، ومثاله العام المخصّص بمتصلٍ مجملٍ، حيث يسرى إجماله إلى العام ويمنع من انعقاد ظهور له في العموم، فهو إجمال عارض على اللفظ من خارجه، بخلاف الإجمال بالذات. [١٥]

4 ـ الإجمال إمّا حقيقيٌ أو حكميٌ

الإجمال إذا كان وصفا مباشرا وحقيقيا للّفظ فهو إجمال حقيقي، سواء أكان منشأه إبهام اللفظ في نفسه، او كان عارضا عليه من خارج، فالإجمال الحقيقي هو ما إذا كان اللفظ غير ظاهر في المراد الاستعمالي، أي لم يكن له ظهور في معنى. وفي قبال ذلك ما إذا لم يكن الإجمال وصفا مباشرا للفظ، بأن كان له ظهور إلاّ أ نّه لمكان العلم بعدم إرادة ظهوره يكون بحكم المجمل، فالمراد الاستعمالي منه معلوم، ولكن المراد الجدى منه غير معلوم، فهو حقيقة مبيّن لعدم انثلام ظهوره، وحكما مجملاً، وبتعبير آخر يترتّب عليه نتيجة الإجمال وحكمه ـ وهو عدم الحجّية في ما هو ظاهر فيه ـ لا نفس الإجمال. ومثاله العام المخصّص بمنفصل مردّد بين المتباينين، مثل قول المولى: «أكرم كلّ فقير» وقوله منفصلاً: «لا تكرم زيدا الفقير» فإنّ إجمال المخصّص لا يوجب انثلام ظهور العام «أكرم كلّ فقير» في ظهوره، إلاّ أ نّه يسقطه عن الحجّية والمرجعية في الحكم بوجوب الإكرام بالنسبة إلى أ يّهما. أو الخبران المتعارضان حيث يعلم بكذب أحدهما ـ بناءً على التساقط ـ فلا يمكن الاستناد إلى أي واحدٍ منهما، وإن كان الظهور في كلٍّ منهما محفوظا. وبالتأمّل في التقسيمين السابقين يتضح أنّ بالإمكان جعلهما تقسيما واحدا ثلاثيا: وذلك بأن يقال: الإجمال إمّا حقيقي أو حكمي، والحقيقي إمّا بالذات أو بالعرض. والحاصل أنّ الأقسام ثلاثة: إجمال بالذات، وإجمال بالعرض، وإجمال حكمي. [١٦] ثمّ إنّ الإجمال الحكمي الذي صار قسيما ومقابلاً للعرضي ـ بمقتضى ما مرّ ـ قد يطلق عليه الإجمال بالعرض[١٧]؛ وذلك لمكان عرضيّة نفس هذا الوصف، أي الإجمال الحكمي؛ لوضوح أنّ الإجمال الحكمي وإن لَمْ يكن إجمالاً للّفظ حقيقةً، إلاّ أ نّه إذا أريد توصيفه به ـ ولو مسامحة ـ فهو أمر عارض ناشئ من خارج اللفظ قطعا.

المصادر

  1. إرشاد الفحول 2 : 23، أصول الفقه المظفر 1ـ2 : 248.
  2. التحبير شرح التحرير 6 : 2750.
  3. أصول الفقه 1ـ2 : 248.
  4. رسائل الشريف المرتضى 2 : 286.
  5. المستصفى 1 : 279.
  6. كفاية الأصول : 252.
  7. مطارح الأنظار 2 : 295.
  8. الكاشف عن المحصول 5 : 51.
  9. البقرة : 237.
  10. روضة الناظر : 94، إرشاد الفحول 2 : 23.
  11. وسائل الشيعة 1 : 369 كتاب الطهارة، باب 2 تحريم الدخول في الصلاة بغير طهارة ح 3.
  12. الفصول في الأصول 1 : 71، دراسات في علم الأصول الخوئي 2 : 353.
  13. الحج : 77.
  14. الفصول في الأصول 1 : 71.
  15. انظر : محاضرات في أصول الفقه 5 : 386، بحوث في علم الأصول الهاشمي 3 : 444.
  16. انظر : مقالات الأصول 1 : 471 ـ 472، نهاية الأفكار 1ـ2 : 516، دراسات في علم الأصول الخوئي 2 : 352، محاضرات في أصول الفقه 5 : 386.
  17. انظر : مصباح الأصول 3 : 365 ـ 366.

تصنيف: الإجمال العرضي]]