أسباب الانسداد في باب الاجتهاد

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٢:٥٨، ٢٣ مايو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''أسباب الانسداد في باب الاجتهاد:''' وهذا بحثٌ أصوليٌ يعبّر عن تاريخٍ مرَّ به الاجتهاد في الاس...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

أسباب الانسداد في باب الاجتهاد: وهذا بحثٌ أصوليٌ يعبّر عن تاريخٍ مرَّ به الاجتهاد في الاسلام. إنّه فكر باعتباره يمثّل رأياً حمله عدد من الفقهاء ودرج في قرون مديدة من الزمان، وهو في نفس الوقت يعبّر عن تاريخ ودور من الأدوار التي مرّ بها الاجتهاد و الفقه الاسلامي وخضع فيها إلى ظروف اجتماعية وسياسية إلى جانب التطورات العلمية. وکأنهم أرادوا بهذا الاصطلاح حظر الاجتهاد بعد أن تمَّ غلق أبوابه ـ على يد بعض السلطات على جميع المكلفين ـ وحصر الرجوع إلى خصوص المذاهب الأربعة. وقد ذکروا لهذا الانسداد أسباباً نقدمها للقارئ الکريم.

أسباب الانسداد في باب الاجتهاد

ذكرت عدّة أسباب لانسداد باب الاجتهاد:

الأول: السخط العام تجاه الاجتهاد

وفي هذا المجال يقول السيوطي: «إنّ الناس قد غلب عليهم الجهل وأعماهم حبّ العناد وأصمّهم، فاستعظموا دعوى الاجتهاد»[١]. ما يعني وجود استعظام وسخط عام تجاه الاجتهاد من قبل عموم الناس، والذي يرجعه السيوطي إلى الجهل والعناد.

الثاني: النظرة القدسية أو المتعالية

فلا شكَّ أنَّ النظرة القدسية للمجتهدين على الاطلاق، مثل الأئمة الأربعة، هي التي دفعت من لحقهم من الأتباع لأن يتبنّوا فكرة انسداد باب الاجتهاد عملياً.
وهذا العامل النفسي من العوامل المشتركة بين الشيعة والسنة لقضية الإنسداد أو الركود، فإنّ علوّ منزلة الشيخ الطوسي علميا هي التي سبّبت دورة الجمود وعدم الاجتهاد في القرن الخامس وما بعده لدى الشيعة[٢].

الثالث: الدعم السياسي لبعض المذاهب من جانب والضغط على مذاهب اخرى من جانب آخر

يذكر أنّ في القرن الرابع وما بعده بنيت مدارس واغدقت الأموال عليها لأن تدرس المذاهب الأربعة فحسب[٣].
أرجع الشيخ محمد أبو زهرة انسداد باب الاجتهاد إلى العوامل التالية:
الأول: التعصُّب المذهبي.
الثاني: ولاية القضاء، فقد كان كلّ خليفة يسعى لتقيُّد القاضي بمذهب يرتضيه الخليفة.
الثالث: تدوين المذاهب، فإنّ عملية تدوين المذاهب يسهّل على الناس تناولها، وهو ما يسعى إليه أكثر الناس[٤]. وحدّد محمّد مصطفى شلبي الأسباب بالاُمور الثلاثة التالية:
الأوّل: تدوين المذاهب وميل الناس إلى الراحة.
الثاني: ضعف الدولة العباسية وانقسامها إلى دويلات.
الثالث: أنّ الولاة والقضاة كانوا يُختارون من المقلّدين لمذهب معين لإلزامهم به، بعد ما كانوا يُختارون من المجتهدين.
الرابع: ظهور مجموعة من مدّعي الاجتهاد الذين يفتون الناس بآرائهم، فسدّ الطريق أمامهم[٥].
وأرجع عبد الوهاب خلاّف انسداد باب الاجتهاد إلى أربعة عوامل:
الأوّل: انقسام الدولة الإسلامية وتناحر الملوك وانشغالهم عن تشجيع حركة الاجتهاد، وانشغال العلماء بشؤون السياسة تبعاً لذلك.
الثاني: انقسام المجتهدين إلى أحزاب وتعصُّب كلٍّ إلى حزبه ومدرسته.
الثالث: انتشار المتطفّلين على الفتوى وعدم وجود ضوابط للمفتين ممّا أدّى إلى تقبُّل الانسداد وطرح الجمود كحلٍّ لمعالجة الفوضى.
الرابع: شيوع الأمراض الخلقية من قبيل التحاسد بين العلماء، بحيث إذا طرق أحدهم باب الاجتهاد فتح على نفسه باب التشهير وحطّ أقرانه من قدره[٦].
ولا يبعد أنّ تأليف مثل السيوطي والشوكاني لكتاب (الردّ على من أخلد في الأرض) و (القول المفيد) ناشئ عن عملية تشهير وتسقيط واجهتهما في ذلك العهد، ما دعتهما إلى تدوين هذين الكتابين للدفاع عن نفسيهما.
ويذكر محمّد علي السايس الاُمور التالية كأسباب للتقليد، والانسداد في النتيجة:
الأوّل: الدعاية القوية للمذاهب الأربعة، والتي قام بها أتباعها.
الثاني: ضعف ثقة الناس بالقضاة، بسبب تدنّي مستواهم العلمي.
الثالث: تدوين المذاهب، الأمر الذي أغنى الناس عن تكلُّف البحث والتنقيب عن الجديد.
الرابع: تحاسد العلماء.
الخامس: تزاحم الفقهاء وتجادلهم نقض كلٍّ منهم فتوى الآخر.
السادس: الإفراط في اختصار التدوين أضاع جلّ وقت المتعلّم وأعاق تكوين فقيه.
السابع: فساد نُظُم التعليم.
الثامن: كثرة المؤلّفات، فإنّها عائقة عن التحصيل.
التاسع : فقدان الثقة بالنفس وفتور الهمم وانحلال العزائم.
العاشر: شغف الناس بالمادّة وتسلُّطها عليهم، وانصراف الرغبات إلى جمع المال[٧]. وهناك آراء أخرى قريبة لما مضى تناولت أسباب الانسداد[٨].

المصادر

  1. . الرد على من أخلد إلى الأرض: 2.
  2. . الأصول العامة للفقه المقارن: 580، 600.
  3. . الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه: 92.
  4. . الملكية ونظرية العقد: 42 ـ 43.
  5. . المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي: 136 ـ 137.
  6. . خلاصة التشريع الإسلامي: 341، عن الأصول العامة للفقه المقارن: 579 ـ 580، 599.
  7. . تاريخ الفقه الإسلامي السايس: 138 ـ 140.
  8. . أنظر: تاريخ التشريع الإسلامي الخضري : 242 ـ 247، النظريات العامة في الفقه الإسلامي وتاريخه: 354 ـ 356.