أجواء الحوار

أجواء الحوار المحيط الذي يجري فيه الحوار، والذي يترك أثره الجيّد متى ما توفّرت الأخلاقية وامتلاك الروح الموضوعية وصفة الإنصاف ومسألة احترام الرأي الآخر وقناعاته، ومتى ما توفّرت كذلك صفة عدم التهويل ليصبح للحوار معناه المنطقي الحكيم.
ومن خير الأمثلة على ذلك ما ذكره القرآن الحكيم من الجوّ الانفعالي الذي صنعه المشركون أمام رسول اللّه صلى الله عليه و آله متّهمين إيّاه بالجنون، ففي مثل هذا الجوّ لا معنى للاستدلال على عدم الجنون، ولذا يطلب القرآن منه أن يعمل على حذف هذه الأجواء والتفرّق ثم التأمّل، يقول سبحانه وتعالى : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (سورة سبأ : 46).


فالموقع والجوّ الذي يجري فيه الحوار، وما ينبغي أن يكون عليه مكان الحوار هو عدم وجود أيّ نوع من المؤثّرات التي تنعكس سلباً على أحد الأطراف أو مجموعهم أو على المراقبين.
وقد يتمثّل هذا المؤثّر في أجواء استفزازية أو انفعالية أو صاخبة أو مؤثّرات ناتجة عن أجواء التهويل، فيكون المتحاورون منساقين حينها وراء تأثيرات العقل الجمعي.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره القرآن الكريم من أجواء الانفعال والاستفزاز التي كان
المشركون يخلقونها للتأثير على مسير الحوار الذي يقوم به الرسول صلى الله عليه و آله، ولا سيّما بعد اتّهامه - والعياذ بالله - بالجنون، وهنا يطلب القرآن من الرسول صلى الله عليه و آله أن يدعوهم إلى نبذ هذا التهويل والصخب، والتأمّل في التهم التي وجّهوها إليه بغية استئناف الحوار في إطار الموعظة الحسنة، ولكن بعد أن يتفرّقوا ويبتعدوا عن هذا الجوّ المصطنع: (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) (سورة سبأ: 46).
ولا شكّ أنّ ذلك يترك أثره في خلق أجواء خاصّة وتأثيرات نفسية هائلة على المتحاورين أو الحضور أو المراقبين.