إبراهيم حمروش
إبراهيم حمروش: رائد من روّاد النهضة الأزهرية الحديثة، وعلم من أعلام الأزهر الكبار في القرن العشرين، كانت له مواقف صلبة وشامخة، منها مواقفه الشجاعة في حرب فلسطين، وفي أثناء اندلاع المقاومة المسلّحة في منطقة القناة بعد إلغاء وزارة الوفد لمعاهدة 1936 في أكتوبر 1951. وصفه الأستاذ عبّاس محمود العقّاد في كتاب يومياته بقوله: "الشيخ حمروش بقية صالحة من بقايا المدرسة التي استفادت من قدوة أستاذها الشيخ محمّد عبده في العناية بعلوم اللغة والأدب والحكمة إلى جانب العناية بعلوم الفقه والشريعة".
ولادته وأسرته
ولد الشيخ إبراهيم حمروش في قرية الخوالد من قرى مركز إيتاي البارود في إقليم البحيرة في الأوّل من مارس سنة 1880م في أسرة عرفت بالعلم وبتولّي وظائف القضاء الشرعي، وقد كان أخوه الشيخ أحمد حمروش قاضياً، وكذلك كان عمّه الشيخ عبدالحميد حمروش قاضياً.
تكوينه العلمي
تلقّى الشيخ إبراهيم حمروش تعليماً دينياً تقليدياً بدأه في الكتّاب، ثمّ في الجامع الأزهر في القاهرة، وتخرّج في الأزهر بشهادة العالمية القديمة التي نالها عام 1906 في السادسة والعشرين من عمره. وقد كان قانون عالمية الأزهر في ذلك الوقت يقضي بالسماح لمن أمضى في الأزهر اثنتي عشرة سنة (أو أكثر) من الدراسة بأن يتقدّم لامتحان شهادة العالمية، ويحقّ لمن يحصل عليها التدريس بالجامع الأزهر. وكان لحصول الشيخ إبراهيم حمروش على هذه الشهادة بتفوّق قصّة لا تزال متداولة بسبب دلالتها على نبوغه المبكّر ، فقد كان امتحان مادّة أصول الفقه يدور على استيعاب مقدّمة كتاب "جمع الجوامع"، ولهذا كان الطلبة يعنون كلّ العناية بدراسة هذه المقدّمة ، ويتعمّقون في دراسة مسائلها من دون أن يعنوا عناية مماثلة ببقية الكتاب، ولكن الإمام عيد الرحمان الشربيني شيخ الأزهر في ذلك العام قرّر أن تكون المناقشة في مسائل الكتاب كلّه، واختار موضوع ” القياس” ليكون موضوع المناقشة، ومن ثمّ أحجم كثير من الطلبة عن دخول الامتحان، فسمح لمن يلونهم أن يتقدّموا للامتحان، فتقدّم الشيخ إبراهيم حمروش، وفاز بالعالمية من الدرجة الأولى عن جدارة ، وكان النظام المتّبع يقتضي أن يؤدّي الطالب الامتحان في أربعة عشر علماً على مدى يوم طويل ، ولكن الشيخ إبراهيم حمروش أثبت جدارته، فاستحقّ تقدير أساتذته الممتحنين بعد ثلاث ساعات فقط.
بين الأستاذية والقضاء
اجتمعت في الشيخ إبراهيم حمروش القدرة على أداء وظائف التدريس والقضاء، فقد عرف بالأستاذية المبكّرة، كما كان في مرحلة مبكّرة من حياته أيضاً من رجال القضاء المبرّزين.
بدأ الشيخ إبراهيم حمروش حياته الوظيفية عقب تخرجه مباشرة، إذ عيّن مدرّساً في الأزهرسنة 1906 وهو في السادسة والعشرين من عمره بعد حصوله على الشهادة العالمية القديمة، ثمّ انتقل للعمل بالقضاء الشرعي في 13 يونيو 1908، ولم يلبث في القضاء إلّا قرابة مائة يوم، حيث اختير مدرّساً في مدرسة القضاء الشرعي في أوّل عهدها، في الوقت الذي كان أغلب مدرّسيها من خرّيجي دار العلوم، وكان في اختياره اعتراف صريح من رجال المعارف بقدرة الأزهر على قيادة التطوير التعليمي والعلمي في هذا المجال، وبهذه الصفة تأكّدت صلته المبكّرة بالزعيم سعد زغلول باشا و بابن أخته الأستاذ التربوي الأشهر عاطف بركات باشا ناظر مدرسة القضاء الشرعي.
ومن خلال هذا الموقع الأثير درس عليه الفقه وأصول الفقه في مدرسة القضاء الشرعي مجموعة من النوابغ اللامعين في الحياة العامّة بعد هذا، من أمثال: الشيخ عبد الوهاب خلّاف، والشيخ على الخفيف، والشيخ محمّد فرج السنهوري وزير الأوقاف في نهاية عهد الملكية، والشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية، والشيخ علّام نصّار مفتي الديار المصرية، والشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية.
وبعد ثمانية أعوام من عمله بالتدريس في مدرسة القضاء الشرعي انتقل الشيخ إبراهيم حمروش من الأستاذية ليتولّى القضاء مرّة ثانية (1916)، وبقي في مناصب القضاء الشرعي فترة من الزمن، وفي هذا السلك توثّقت صلته بابن جيله الشيخ محمّد مصطفي المراغي، فلمّا تولّى المراغي مشيخة الأزهر للمرّة الأولى سنة 1928 عمل على نقله من القضاء الشرعي للأزهر، حيث كان من أبرز معاونيه في إدارته للأزهر ووضعه لمناهجه وتنظيمه لإدارة العملية التربوية التعليمية في عهدها الجديد، وقد تولّى الشيخ إبراهيم حمروش في عهدي الشيخين المراغي والظواهري مجموعة من مناصب الأزهر الكبيرة في تعاقب سريع لم يتح مثله لغيره من قبل ولا من بعد، فقد عهد إليه الشيخ المراغي بعمادة (مشيخة) معهد أسيوط الديني في 12 أكتوبر 1928، ثمّ شغل منصب المفتّش العامّ في إدارة الأزهر بالقاهرة في أوّل ديسمبر 1929، ثمّ تولّى عمادة (مشيخة) معهد الزقازيق الديني في 25 ديسمبر 1929.
عمادته لكلّية اللغة العربية
أصبح الشيخ إبراهيم حمروش عميداً لكلّية اللغة العربية في الأزهر في 12 يونيو 1931 حين أخذ الجامع الأزهر بنظام الكلّيات في عهد الشيخ محمّد الأحمدي الظواهري، وليكون بهذا أوّل عميد لكلّية اللغة العربية. وكان منصب العمادة يسمّى «شيخ الكلّية»، وهو المنصب الذي طال عهده فيه بأكثر من أيّ منصب آخر، وقد بقي فيه حتّى 24 إبريل 1944، حيث أصبح عميداً (شيخاً) لكلّية الشريعة.
وإلى الشيخ حمروش ينسب كثير من الفضل في المستوى المتميّز لكلّية اللغة العربية، فقد جعل القبول فيها مرتبطاً بامتحان قبول يختار لها أفضل الطلّاب من المتقدّمين لها.
تتويجاته الثلاثة أثناء عمادته لكلّية اللغة العربية
أثناء عمادته لكلّية اللغة العربية نال الشيخ إبراهيم حمروش تقديراً من نوع فائق لم يتكرّر لمثله، فقد اختير ليكون رئيساً للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وكان في هذا الاختيار برهان مبكّر على أن تكون للّجنة الفتوى مكانة موازية وأوسع أفقاً من منصب مفتي الديار الذي كان يتولّاه المفتي الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم.
وفي أثناء عمادته للكلّية اللغة العربية نال الشيخ إبراهيم حمروش أيضاً أكبر تقديرين علميين ينالهما أنداده، وقد جاء هذان التقديران في عامين متتاليين وإن كانت المصادر التي نشرت ترجمته لم تذكر الصواب في تاريخهما وترتيبهما، فقد اعتبر كرسيه في تأريخ عضوية المجمع أوّل كراسي المجمع، كذلك فقد نال الشيخ إبراهيم حمروش عضوية هيئة كبار العلماء في 1 يونيو 1934 برسالته عن «عوامل نموّ اللغة»، وكان حين تقدّم لعضوية هذه الجماعة شيخاً (عميداً) لكلّية اللغة العربية.
استقالته الاحتجاجية ثمّ مشيخته للأزهر
سجّل التاريخ المصري للشيخ إبراهيم حمروش وزميليه الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ مأمون الشنّاوي موقفهم المبدئي والشجاع حين صمّمت حكومة محمود فهمي النقراشي باشا على تعيين الشيخ مصطفى عبدالرازق شيخاً للأزهر على الرغم من عدم استيفائه الشروط القانونية، فما كان منهم إلّا أن استقالوا من مناصبهم التي كانت أكبر المناصب الدينية في ذلك الوقت، فاستقال الشيخ إبراهيم حمروش من عمادته لكلّية الشريعة.
و في سبتمبر 1951 اختير الشيخ إبراهيم حمروش شيخاً للأزهر في عهد وزارة الوفد الأخيرة، وقد احتفظ بهذا المنصب حتّى ما بعد حريق القاهرة وإقالة وزارة النحّاس باشا، حيث رأت وزارة علي ماهر باشا أن تبعده عن هذا المنصب من باب تهدئة الأوضاع مع البريطانيّين، ومن الطريف أنّها أعادت للمنصب الكبير سلفه في المشيخة الذي هو المفتي الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم، وكانت هذه هي أخر مرّة عاد فيها شيخ للأزهر إلى منصبه.
ويذكر التاريخ أنّ أوّل عمل وجّه إليه الشيخ إبراهيم حمروش عنايته كان هو إنهاء الخلاف حول ميزانية الأزهر بعد الخلاف الشهير الذي ترك الشيخ عبد المجيد سليم منصب المشيخة بسببه، حين قال قولته المشهورة: "تقتير هنا وإسراف هناك"، وقد تمسّك الشيخ إبراهيم حمروش بزيادة الميزانية وإعادة الدرجات التي حذفت منها، وحقّقت وزارة الوفد طلباته.
وقوفه الصريح مع الكفاح الوطني المسلّح ضدّ الإنجليز
تتمثّل القيمة الكبرى للفترة التي قضاها الشيخ إبراهيم حمروش شيخاً للأزهر في بعدها الوطني، فقد أفتى بوضوح شديد بمشروعية الكفاح المسلّح ضدّ الإنجليز في منطقة قناة السويس، ولهذا تربّص به الإنجليز، ولم يكن من الممكن إقالته في عهد وزارة الوفد ذات الأغلبية الشعبية، ولكنّه ترك منصبه عقب خروج الوفد من الحكم مباشرة وبالتحديد في 9 فبراير 1952.
وفيما قبل معركة الشرطة (يناير 1952) بعشرة أيّام فقط نشر الشيخ إبراهيم حمروش بياناً خطيراً يعدً من أروع البيانات التي عوّلت على الوحدة الوطنية ودورها في مجابهة المستعمر، وقد نقلته عنه هذا البيان مصادر عديدة.
وقد أدان صريحاً اعتداءات الجيش البريطاني على الثائرين، حين اشتدّت المواجهة بين الإنجليز والوطنيّين في منطقة القناة والإسماعيلية وبدأت قوّات الاحتلال تعتدي على القرى المأهولة بالسكّان، أصدر الشيخ إبراهيم حمروش منشوراً يدعم فيه حركة الجماهير الثائرة ويؤكّد على مشروعية كفاحهم المسلّح.
موقفه المبكّر والمشرّف من قضية فلسطين
لم يكن موقف الشيخ إبراهيم حمروش من تأييد الكفاح المسلّح ضدّ البريطانيّين هو أوّل مواقفه المشرّفة، فقد كانت له مواقف سابقة كثيرة، كان أبرزها مشاركته في بيان الأزهر الشريف حول فلسطين، وهو بيان قوي رائع صمّم كلّ قادة الزهر الشريف على توقيعه، وشاركهم في هذا لتوقيع أعضاء جماعة كبار العلماء، وكان الشيخ حمروش أوّل أعضاء الجماعة (وأوّل العلماء من غير شاغلي المناصب العليا يوم صدور البيان) توقيعاً على هذا البيان الخطير والمشرّف الذي صدر بتوقيع الشيخ مأمون الشنّاوي شيخ الأزهر في ذلك الوقت، وفيه الحثّ على الجهاد والكفاح من أجل تحرير فلسطين.
القيمة المجتمعية للشيخ حمروش
كان الشيخ إبراهيم حمروش متألّقاً في حضوره الهادئ في الحياة الثقافية ن ويذكر أنه لما أجرت جريدة المصري مسابقة عن الشيوعية و الإسلام عهدت للشيخ إبراهيم حمروش برئاسة هذه اللجنة .
وصف الدكتور محمود توفيق حفناوي وزير الزراعة وعميد كلية الزراعة وعضو مجمع اللغة العربية صالون سلفه في عضوية المجمع الشيخ إبراهيم حمروش فقال:
«… عرفته أعواما طويلة، شهدت فيها عن قرب ما كان يتحلى به من فضائل خلقية وعلمية تذكرنا بخير ما نعرف عن السلف الصالح. كان رحمه الله متفرغا للغة العربية يعشق بحوثها ويتتبع غوامض أصولها. فلم يكن النحو عنده مجموعة من القواعد يصح بها الكلام. ولم يكن بحثه في فقه اللغة وسيلة يعرف بها الفصيح وغير الفصيح ويميز به بين الخطأ والصواب، وبين المدلولات المختلفة للعبارات المتشابهة، إنما كانت عنايته بعلوم اللغة ترجع إلي شيء فوق هذا، كان مغرما بعلوم اللغة يحرص علىها لذاتها ولما فيها من استقامة التفكير ودقة التخريج، حتي أصبحت أحب الأشياء إليه. فأصبح علمه وتفكيره وقفا علىها وبلغ في إتقانه لها مبلغا لم تعهده العصور الحديثة إلا في عدد قليل من علمائنا الأجلاء».
………………………………………………………………………………….
«وكان بيته محجة أولي العلم ينهلون من مورده العذب، ويجدون ما طاب من حديث في دقائق العلم ممزوجا بفكاهة حلوة وطيب سمر. وكان الشيخ طيب النفس بعيدا عن التزمت مؤنسا للجليس لا يمل مجلسه. وفي يوم الجمعة الذي توفي بعده اجتمع الشيوخ عنده عقب الصلاة فجري البحث في تفسير قوله تعالي «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض» وأفاض الشيخ في الحديث فيها، وكان الشيخ يفسح الكلام لمن يتكلم ويعقب برأيه السديد».
«وكان ـ رحمه الله ـ عطوفا على ذوي الحاجات يسعي في قضاء حاجتهم بماله من جاه عند أولي الأمر لا يدخر وسعا في ذلك، ولقد رعي أسرا عضها الدهر بنابه وأناخ عليهم بكلكله حتى استقام أمرها، وبان رشدها».
«وتولي الشيخ إبراهيم حمروش رحمه الله القضاء. فكان فيه كما كان في كل عمل تولاه مبرزا موفقا مشهودا له بالتعمق وصدق الحكم. ولم يكن القضاء عنده عملا يؤديه. ولم يكن الفقه عنده إلا كما كان عند السلف الصالح مظهرا من مظاهر التقوى تنفذ به أوامر الله ويحترم دين الله وتثبت به مبادئ الإسلام التي أنزلها الله على الناس لتستقيم به أمور دنياهم وآخرتهم». ●
كان الأستاذ أحمد حمروش يعتز بأنه ابن عم الشيخ إبراهيم حمروش وإن كان الفارق بينهما في السن اثنين وأربعين عاما !! وهو يروي في مستهل كتابه «نسيج العمر» طبيعة العلاقات التي ربطته بهذا العالم الجليل فيقول:
«… وكان من أمتع الأوقات عندي هذه الجلسات التي أقبع فيها جالسا في صمت على أحد المقاعد في غرفة الاستقبال عند ابن عمي الكبير الشيخ إبراهيم حمروش الذي كان عميدا لكلية اللغة العربية وعضوا في مجمع اللغة العربية … وهو حوار ممتع كان يجمع بين اللغة والدين مع أسماء عرفتها وشعرت نحوها بالهيبة والاحترام… الشيخ فتح الله سليمان الذي كان رئيسا للمحكمة العلىا الشرعية، والشيخ عبدالمجيد سليم مفتي الديار المصرية، والشيخ مأمون الشناوي عميد كلية الشريعة والذي أصبح أيضا شيخا للأزهر فيما بعد، والشيخ محمود أبو العيون وغيرهم».
«كان منزل الشيخ إبراهيم حمروش الذي كان يكبرني بأربعين عاما في شارع المدفر الذي يطل على جامعي السلطان حسين والرفاعي ومن خلفهما القلعة هو بمثابة صالون أدبي وديني يلتقي فيه عدد من الشخصيات الدينية أساسا وتناقش فيه أحيانا القضايا الوطنية والاجتماعية… رأيت هناك الدكتور طه حسين والأستاذ أحمد أمين الذي كنت أتابع قراءة مجلته «الثقافة»….».
كان من الذين يطلبون العلم مدى الحياة
كان الشيخ إبراهيم حمروش من الذين عاشوا حياتهم حتى نهايتها وهم يبحثون عن العلم، وهؤلاء طراز نادر من متصوفة العلم الذين يسعد بهم من يعاشرهم كما يفيد منهم تلاميذهم، ويتأسون بهم، وقد وصف هذا الجانب من حياته الأستاذ زكي المهندس حين قال في تأبينه:
“لقد عرفت الفقيد منذ عهد بعيد وأشهد أنه لم ينقطع عن البحث والدرس فما رأيته يوما إلا عاكفا على القراءة، وما رأيته يوما إلا وبين يديه عشرات الكتب والمعاجم للدرس والبحث في اللغة والفقه. ولقد سألته مرة في أخريات أيامه عن أعز أمانيه فقال رحمه الله صحة تمكنني من مواصلة البحث والدرس. فقلت له أما يكفي علمك الواسع في مدي هذه الحياة الطويلة فقال: يا زكي بالعكس لقد بدأت أن أتعلم، وهذا في الواقع يذكرني بقولة قالها مرة أبو عمرو بن العلاء، حين سئل: إلي متي يحسن بالمرء أن يتعلم؟ فقال: مادامت الحياة تحسن به”
” والواقع أن الفقيد الكريم قضي حياته عالما معلما متعلما وهذا أقصي ما يصل إليه العالم الضليع”. فهمه الواضح للعدالة الاجتماعية
روى الأستاذ أحمد حمروش موقفا من مواقف التي حضرها مع الشيخ حمروش في قريتهم:
«أذكر خلال زيارة قام بها الشيخ إبراهيم حمروش للخوالد… وكان يجلس على المصطبة أمام دوار منزله، كما هو في لغة الريف، أن أقبل أحد الخفراء على أخي قابضا على رجل ومعه شكارة مليئة بكيزان الذرة، وهمس في أذن أخي الذي كان يشغل منصب العمدة فقال له أخي بصوت مرتفع: خذه إلى النقطة لعمل محضر. وتساءل فضيلة الشيخ إبراهيم عن السبب… فقيل له إنه لص ضبط متلبسا بسرقة الذرة من حقل أحد الناس… ولما سألهم عن أسرته وكان يعرف أهل القرية جميعا. قيل له: «إنه لا أسرة له ولا سكن ولا عمل… فطلب من أخي الإفراج عنه لأنه لا يعتبر في حكم الدين لصا، لأن ولي الأمر لم يهيئ له عملا يوفر له احتياجات الإنسان الضرورية».
«وبين دهشة الحاضرين، أصر الشيخ إبراهيم حمروش على الإفراج عنه، ومطالبتهم بأن يبحثوا له عن عمل يقيه خطر الانزلاق إلى الجريمة». آثاره
للشيخ حمروش بحث قيم في التضمين ونيابة بعض الحروف عن بعض.
كما أن له بحثا جميلا نشره مجمع اللغة العربية في «الاشتقاق الكبير». وفاته
توفي الشيخ إبراهيم حمروش في ١٤ نوفمبر ١٩٦٠