الملك فيصل
الولادة والسيرة:
ولد الملك فيصل الأول في مدينة الطائف عام 1883م وكان الابن الثالث لشريف مكة حسين بن علي الهاشمي.
سافر في عام 1896 مع والده الشريف حسين إلى الاستانة عاصمة الخلافة العثمانية بدعوة من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لكي يكون قريباً منه وتحت مراقبته. وتعلّم فيصل في الآستانة اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية والتاريخ، وعلّمه والده القرآن الكريم. وأتقن بتفوق اللغتين التركية والانكليزية وبعضاً من اللغة الفرنسية. وتزوج هناك من الشريفة حزيمه ابنة عمه الشريف ناصر في عام 1905وانجب منها الملك غازي الذي أصبح بعد والده ملكاً للعراق.
من سيرته السياسية
حينما عاد فيصل إلى الحجاز في عام 1909م اثر تنصيب والده شريفا على مكة تم انتخابه في مجلس "المبعوثان" البرلمان العثماني ممثلا عن مدينة جدة، فعاد إلى الآستانة واكتسب إثناء إقامته هناك خبرة سياسية ومعرفة شاملة بالسياسة التركية ورجالها.
وحينما اضطربت الأمور في المنطقة قام والده الشريف حسين وكان حاكم مكة بإعلان ثورة ضد الدولة العثمانية في يونيو عام 1916م بدعم من بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى. ومنع أفراد القبائل الحجازية الذين انضموا إلى الحركة من وصول الدعم التركي إلى الحجاز، وطردوا الجيش التركي من مكة والمدينة والطائف وجدة وينبع والعقبة.
ووصلت القوات إلى مدينة دمشق بصحبة فيصل الذي تولى قيادة الجيش الشمالي في مطلع أكتوبر من عام 1918، فانسحب العثمانيون منها ومن جميع مدن سوريا، وأعلن فيصل تأسيس حكومة في دمشق.
وفي عام 1919م عقد فيصل مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر باريس للسلام اتفاقية ليعطي من خلالها لليهود التسهيلات في إنشاء وطن في فلسطين والإقرار بوعد بلفور.
وقال فيصل: «نحن العرب، ولاسيما المهذبون منا، ننظر بتعاطف عميق إلى الحركة الصهيونية حيث يعترف وفدنا هنا في باريس بكامل المقترحات التي قدمتها الحركة الصهيونية إلى مؤتمر السلام، معتبرين إياها اقتراحات متواضعة ومنصفة، وسوف نبذل قصارى جهدنا، في حدود ما يتصل بنا، لتقديم يد العون، كما نتمنى لليهود استقبالاً حاراً لدى عودتهم إلى موطنهم».
وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر السوري العام استقلال سورية تحت اسم المملكة السورية العربية وتتويج فيصل بن حسين ملكاً عليها .
وعلى إثر ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني للنظر في الوضع في العراق والتي اجبرت الحكومة البريطانية لتغيير سياستها بالتحول من استعمار مباشر إلى حكومة إدارة وطنية تحت الانتداب، بعد تكبد القوات البريطانية في العراق خسائر فادحة. وأعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية، ورشح في هذا المؤتمر فيصل بن الحسين ليكون ملكا للعراق، وتشكل المجلس التأسيسي من بعض زعماء العراق وشخصياته السياسية المعروفة بضمنها نوري السعيد ، ورشيد عالي الكيلاني، وجعفر العسكري، وياسين الهاشمي. وانتخبت نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب رئيسا لوزراء العراق والذي نادى بالأمير فيصل الأول ملكاً على عرش العراق.
في 12 يونيو 1921م غادر فيصل ميناء جدة في الحجاز متوجها إلى العراق على متن الباخرة الحربية البريطانية ووصل بغداد في 29 يونيو 1921م واستقبله في المحطة السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني والجنرال هولدن قائد القوات البريطانية في العراق ورئيس الوزراء العراقي المنتخب عبد الرحمن النقيب وكان برفقه فيصل من جدة إلى بغداد مجموعه من ثوار ثورة العشرين الذين ذهبوا إلى الحجاز حاملين تواقيع ومضابط عدد كبير من وجهاء العراق وشيوخهم يدعونه فيها للحضور كملك على العراق، باعتباره أحد أنجال الشريف حسين. في 16 يوليو 1921 أذاع المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قرار مجلس الوزراء العراقي بمناداة فيصل ملكاً على العراق في ظل حكومة دستوريه نيابيه، وفي عام 1930 عقد معاهدة مع بريطانيا، سميت بمعاهدة 1930 أقرت بموجبها بريطانيا استقلال العراق عن التاج البريطاني وإنهاء حالة الانتداب، وضمنت الاتفاقية أيضا بعض التسهيلات لبريطانيا في مجال تسهيل مرور القوات البريطانية في أوقات العمليات الحربية، والتعاون في المجالات الاقتصادية.
رحيله الغامض
سافر الملك فيصل الأول إلى بيرن في سويسرا في 1 سبتمبر 1933، لرحلة علاج وإجراء فحوص دورية ولكن بعد سبعه أيام أُعلن عن وفاته في 8 سبتمبر 1933، أثر أزمة قلبية ألمّت به. وقيل وقتها بأن للممرضة البريطانية التي كانت تشرف على علاجه علاقة بموته حيث شيع بأنها قد سمته بدس السم في الإبرة التي أوصى الطبيب بها. او التسمم بالزرنيخ الذي أذيب في الشاي الذي شربه قبل وفاته بست ساعات، وبخاصة أن الأعراض التي ظهرت على الملك فيصل في الاحتضار هي أعراض التسمم بالزرنيخ.
وكانت تقارير الأطباء السويسريين قبل وفاته بيومين تؤكد بأنه بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض خطيرة.
ولا يستعبد ان يكون موته بالسم، فالمحتل والمستعمر عادة ما يلجأ الى هذا الاسلوب مع الزعامات التي يصنعونها بعد انتهاء صلاحياتها. وخصوصا بعد ان فشل الاستعمار في تسويق الملك فيصل كزعيم ديني مجاهد، فهو بالاضافة الى حياة الترف التي كان يعيشها وترافقه حتى في الصحراء كان من أشد المعجبين بالكاتب الفرنسي - ذي الأفكار المعادية للدين - أناتول فرانس.
وصلت جثة الملك فيصل الى بغداد في15 سبتمبر1933ودُفن في المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية وكان عمره (50) عام. وتولى من بعده ولده الأكبر الملك غازي حكم العراق اذ لاقى نفس مصير والده فقد مات في حادث سير مدبر عن عمر(27) عاما.