إيجابيّات الواقع الإسلامي
الأُمور المثبتة لحاضر الإسلام وواقعه، وهي كالتالي :
الإيجابية الأُولى :
أنّ النمو العددي للمسلمين هو أكثر من نموّ أيّ دين آخر. فإن قيل بأنّ العبرة اليوم في النوع لا في العدد، فلا يجوز مع ذلك أن نهمل العدد ونستخفّ به ؛ لأنّ عدد المسلمين الذين يتزايدون بسرعة مذهلة لا يتزايدون بسبب التوالد وحسب، وإنّما بسبب اعتناق الإسلام من قبل غير المسلمين أيضاً. وهذا التزايد لا يتمّ في دول العالم الثالث وحسب، وإنّما يتمّ في الدول النامية أيضاً. ثمّ إنّ نوعية المسلمين الجدد مميّزة حتّى حسب المعايير المادّية الصرفة. وفي مطلق الأحوال فإنّ الإسلام يعتزّ بأتباعه ويتباهى، يعتزّ بعددهم ويتباهى بإيمانهم أيّاً كان منشأهم وكيفما كانت أحوالهم، ثمّ ما هو معيار النوعية التي يقاس بها البشر؟ فربّ إنسان فقير في أفريقيا أقرب في حياته إلى الفضيلة من إنسان ثري في أميركا. والمستضعفون في الأرض ليسوا بالضرورة أسوأ من حيث النوع من الذين يستقوون ويسيطرون ويظلمون. وإن كنّا نؤمن بانتصار الخير على الشرّ فلابدّ لهؤلاء المستضعفين - إن حزموا أمرهم وأقبلوا على العلم وتمسّكوا بالقيم - أن يكون لهم الدور الأكبر في قيادة الإنسانية. وأخيراً لا ريب أنّ العدد هو أحد مصادر القوّة والمنعة، ولذلك فإنّ تزايد عدد المسلمين في العالم هو من الإيجابيات التي لا يجوز الاستخفاف بها عند تقويم حال الأُمّة الإسلامية.
الإيجابية الثانية :
الثروة المادّية المتوفّرة في العالم الإسلامي، وهذه الثروات لا بدّ أن تستغلّ عاجلاً أو آجلاً استغلالاً مجزياً من قبل الحكومات والشعوب الإسلامية التي تمتلكها، فيرتدّ ذلك خيراً على الحكومات والشعوب وعلى الناس كافّة.
الإيجابية الثالثة :
التقدّم العلمي الذي تشهده الدول الإسلامية في العالم. فقد خطت هذه الدول خطوات واسعة، وإن كان مايزال أمامها خطوات في طريق التعلّم في جميع مراحله. ودخلت شعوب إسلامية عديدة عصر التكنولوجيا والمعلوماتية من بابه الأوسع، وحقّقت إنجازات باهرة، فأثبتت دول آسيوية إسلامية مثلاً أنّ التكنولوجيا الحديثة ليست عصية عليها، وأنّ الإسلام لا يقف عائقاً في سبيل ذلك، بل هو الدافع للرقي وطلب العلم وتطوّره.
الإيجابية الرابعة :
هي في الميدان الاجتماعي. وأبرز الإيجابيات في هذا الميدان هي تحرير المرأة من الجهل، ومشاركتها في بناء المجتمع وفي جميع نشاطاته. وكلّ الدلائل تشير إلى أنّ هذه المسيرة النسائية مستمرّة وتتقدّم بسرعة، وأنّه لايمكن بعد اليوم إيقافها، حتّى وإن وضعت في وجهها العراقيل.
الإيجابية الخامسة :
هي في الميدان السياسي. فالوعي السياسي يتنامى في العالم الإسلامي. ومع أنّ مسيرة الديمقراطية تتعثّر في بلدان كثيرة فإنّ تعثّرها هو غالباً بسبب
الدول نفسها التي تدّعي الحرص على الديمقراطية. وهذه حالة غير طبيعية لا بدّ عاجلاً أو آجلاً من أن تزول، بحيث يفسح المجال للدول الإسلامية في أن تقرّر مصيرها بحرّية بعيداً عن القهر أو الاستبداد، فلا يجوز أن تشجّع الديمقراطية عندما يكون ذلك لصالح الدول العظمى، ويفضّل عليها الحكم الاستبدادي حيث لا تخدم الديمقراطية هذه المصالح.