محمد السنوسي

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٠:٣١، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات) (محمّد_السنوسي ایجاد شد)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
الاسم محمّد السنوسي‏
الاسم الکامل محمّد السنوسي‏
تاريخ الولادة 1851م/1267ق
محل الولادة تونس
تاريخ الوفاة 1900م/1318ق
المهنة استاد الجامعة، مصلح اجتماعی
الأساتید أحمد بن الخوجة، وعلي بن أبي القاسم العفيف، ومحمّد بيرم الخامس، ومحمّد الطاهر النيفر
الآثار مجمع الدواوين التونسية، تفتّق الأكمام، الروض الزاهر في إسناد الحبس للإسلام الزاهر، مسامرات الظريف بحسن التعريف، الأجنّة الدانية الاقتطاف بمفاخر سلسلة السادة الأشراف، تحفة الأخيار بمولد المختار، النبذة التاريخية في منشأ وزارة مصطفى بن إسماعيل، مطلع الدرارتي، الرحلة الحجازية، الاستطلاعات الباريسية، خلاصة النازلة التونسية
المذهب سنی

أبو عبد اللَّه محمّد بن عثمان بن محمّد السنوسي: مصلح تونسي شهير.
في بيت من بيوت العلم التونسية العريقة ولد محمّد السنوسي في 22 من شهر ذي القعدة سنة 1276 ه/ 18 من سبتمبر عام 1851 م، وتعهّدته أُسرته بالتربية والتهذيب، ثمّ التحق بجامع الزيتونة، حيث تتلمذ على عدد من أعلامه، مثل: أحمد بن الخوجة، وعلي بن أبي القاسم العفيف، ومحمّد بيرم الخامس، ومحمّد الطاهر النيفر.
ولزم محمّد السنوسي شيخين جليلين كان لهما أكبر الأثر في حياته وتفكيره، هما:
الشيخ محمود قابادور، والشيخ سالم بوحاجب، وعن طريقهما تعرّف إلى رجال الإصلاح من الضبّاط ورجال الإدارة في الحكم، وفي مقدّمتهم خير الدين التونسي والجنرال حسين.
وبعد أن صار محمّد السنوسي من أنجب خرّيجي جامع الزيتونة جلس للتدريس به سنة 1287 ه (1870 م).
ولمّا ذاع صيته عيّنه المشير الثالث محمّد الصادق باي تونس معلّماً للأمير محمّد الناصر باي، فاتّبع معه أُسلوباً جدّياً في التعليم يجمع بين السنن القديمة والموروثة والمتطلّبات الحديثة في التربية، ثمّ اختاره محمّد بيرم الخامس ليعاونه في بعض المهام الكبيرة في أثناء تولية خير الدين التونسي الوزارة الكبرى، فعيّنه في سنة 1291 ه (1874 م) كاتباً أوّل لمجلس جمعية الأوقاف التي كان يتولّى رئاستها، وأضاف إليه تحرير جريدة «الرائد التونسي» في سنة 1293 ه (1876 م)، وفي هذين العملين أعان رئيسه على تنظيم إدارة الأوقاف، وكتابة افتتاحيات الجريدة، والإشراف على طبع الكتب بالمطبعة الرسمية.
وظلّ محمّد السنوسي يعمل في هاتين المؤسّستين حتّى بعد استقالة خير الدين التونسي من الوزارة، حتّى إذا احتلّت فرنسا البلاد التونسية سنة 1298 ه (1881 م) فُصل السنوسي عن تحرير جريدة «الرائد»، وبقى في منصبه في جمعية الأوقاف التي بدأت تعبث بها الأهواء وتدخّل الحماية الفرنسية فيها، فلم يطق ذلك وقرّر مغادرة البلاد.
استطاع محمّد السنوسي أن يحصل على إذن بالسفر للحجّ بعد لأي‏وتعب، فسافر إلى إيطاليا في رجب/ 1291 ه (مايو/ 1882 م)، والتحق بالجنرال حسين، وكان من محبّي الإصلاح، ورافقه في زيارة عدّة مدن إيطالية، ثمّ اتّجه إلى إستانبول، والتقى هناك بخير الدين التونسي الذي كان قد استدعاه السلطان عبد الحميد ليتولّى الصدارة العظمى، وأقام عند محمّد بيرم الخامس الذي غادر تونس بعد الاحتلال الفرنسي... ولم تطل مدّة إقامة السنوسي في عاصمة الخلافة، فقصد الحجاز في ذي القعدة سنة 1299 ه (سبتمبر/ 1882 م)، وأدّى فريضة الحجّ، واجتمع بعدد من العلماء هناك، ثمّ سافر إلى دمشق والتقى بالأمير عبد القادر الجزائري قائد حركة المقاومة والجهاد ضدّ فرنسا في الجزائر، (26 من ربيع الأوّل 1300 ه/ 15 من فبراير 1883 م)، وقد سجّل السنوسي هذه الرحلة في كتابه‏
«الرحلة الحجازية»، ودوّن فيها مشاهداته وما رآه في إيطاليا من علوم ومخترعات، وتعرّض لطرح بعض المسائل الفقهية والأخلاقية، كالتي تتعلّق بالإجهاض، والتمثيليّات المسرحية، ومسابقات الخيل والرماية، وطعام أهل الكتاب، وأجرى مقارنات بين العالم العربي الإسلامي والعالم الغربي المسيحي، وضمّن كتابه التعريف بخمسة وعشرين رجلًا من أعلام الأدب والفقه والسياسة والحرب الذين التقى بهم في رحلته.
وبعد عودته إلى تونس استأنف محمّد السنوسي نشاطه في جمعية الأوقاف، وانخرط في عمله مع أهل الرأي والفكر الذين قُيّدت حركاتهم بعد انتصاب الحماية الفرنسية التي رسّخت أقدامها في البلاد، وكان السنوسي يطالع باهتمام مجلّة «العروة الوثقى» التي كان يصدرها في باريس جمال الدين الأفغاني ومحمّد عبده، وكانت هناك مراسلات بين السنوسي والشيخ عبده.
ويبدو أنّ السنوسي كان من مؤسّسي الفرع التونسي للجمعية السرّية الإسلامية التي كانت تسمّى «جمعية العروة الوثقى»، وقد زاره الشيخ محمّد عبده في تونس بتاريخ 19/ صفر/ 1302 ه (6/ ديسمبر/ 1884 م)، واستُقبل هناك استقبالًا حسناً من قبل الحكومة وكبار رجالها وعلمائها، وأُقيم له عدد من الاحتفالات احتفاءً به، وكانت إقامته مناسبة لمحادثات ومناقشات في كثير من أُمور الدين والحياة والتطلّع إلى النهوض والتقدّم بدأت مقصورة على الأندية الخاصّة، ثمّ امتدّ صداها ليشمل طوائف كثيرة من أطياف الشعب التونسي.
اشتعلت في تونس بتاريخ 16/ جمادي الأُولى/ 1302 ه (3/ مارس/ 1885 م) حركة احتجاج على السلطة الفرنسية، أثارها عدد من الإجراءات اتّخذتها قوّات الاحتلال، والتي استهدفت التغيير في نظم الحياة في العاصمة التونسية، وفرضت على الناس ضرائب جديدة، وقد استمرّت هذه الحركة شهراً كاملًا، تعدّدت في أثنائها الاجتماعات التي عقدت في جامع الزيتونة المعمور وفي غيره، وانتظمت المظاهرات أمام قصر الباي حاكم تونس، وكُتبت العرائض.
ونجحت قوّات الاحتلال في السيطرة على الموقف واتّخاذ إجراءات قمعية، كان من بينها عزل السنوسي عن وظيفته لمشاركته في هذه الحركة الاحتجاجية، وإبعاده إلى مدينة «قابس». ولم تطل مدّة نفيه أكثر من ثلاثة أشهر، عاد بعدها إلى العاصمة بعد صدور عفو من الباي. وقد سجّل محمّد السنوسي أحداث هذه الحركة في كتابه «خلاصة النازلة التونسية» الذي ألّفه سنة 1302 ه (1885 م)، لكنّه لم ير النور إلّافي سنة 1397 ه (1976 م) حين نشره محمّد الصادق بسيّس في تونس.
عيّن السنوسي بعد رجوعه من منفاه سنة 1303 ه (1886 م) كاتباً للمجلس العقاري المختلط، وحاول أن يخدم وطنه في ظلّ الاحتلال بعدما شاهد من اضطراب الصفوف وخور العزائم في أثناء الحركة الاحتجاجية، ثمّ انتقل إلى العمل في عدّة مناصب قضائية، واشترك في تأسيس جريدة «الحاضرة» إلى جانب جريدة «الرائد»، ثمّ سافر إلى فرنسا في سنة 1306 ه (1889 م) لزيارة المعرض الدولي في باريس. وقد وصف السنوسي رحلته هذه في كتابه «الاستطلاعات الباريسية في معرض سنة 1889»، دوّن فيه إعجابه بالحضارة العصرية الجديدة، وعقد مقارنات بين الحالة التي كانت عليها ديار الإسلام من تخلّف وفقر وما عليه أهل الغرب من تقدّم وازدهار، وأسباب ذلك، وسجّل ما شاهده في فرنسا من نظم الحكم ومؤسّسات التعليم والثقافة، وكان كلّما تعرّض لشي‏ء ممّا شاهده وأُعجب به ذكّر قارئه بمثيله ممّا كان عند المسلمين في أوج حضارتهم، فحين وصف المكتبة العامّة بباريس أشار إلى ما كان عليه بعض خلفاء المسلمين من شغف في جمع الكتب مثل المأمون في بغداد والحكم الأُموي في قرطبة، وحين ذكر عناية الدولة في فرنسا بالتعليم وكثرة المدارس وبخاصّة العليا أشار إلى عناية الإسلام بنشر المعارف والعلوم وطلب تعلّمها.
وبعد عودته من باريس تعرّض لسخط الحماية الفرنسية عليه بسبب مواقفه الوطنية.
أمّا آثار محمّد السنوسي فهي متنوّعة شملت الأدب والقانون والتاريخ والدين، فلم تشغله أعباؤه عن مواصلة الكتابة والتأليف، وتضمّ مؤلّفاته:
1- مجمع الدواوين التونسية. استوعب فيه شعر نحو خمسين شاعراً من فحول الشعراء بتونس. وطُبع من الكتاب جزءان، وتضمّ دار الكتب الوطنية بتونس ثلاثة أجزاء لا تزال مخطوطة.
2- تفتّق الأكمام. وهي رسالة في المرأة يوضّح فيها ما للمرأة المسلمة من حقوق وواجبات، ولا توجد إلّامترجمة بالفرنسية، نقلها من العربية محيي الدين السنوسي ابن المترجم.
3- الروض الزاهر في إسناد الحبس للإسلام الزاهر. ويقصد بالحبس الأوقاف، تحدّث في هذا الكتاب عن دور الأوقاف في البلاد التونسية مبرزاً ما لها من مزايا في مكافحة الفقر من جهة ونشر العلم والعناية بأهله من جهة أُخرى.
4- مسامرات الظريف بحسن التعريف. ويقع في ثلاثة أجزاء، يتعرّض فيه لتاريخ فقهاء الدولة الحسينية بتونس، من فقهاء وقضاة.
5- الأجنّة الدانية الاقتطاف بمفاخر سلسلة السادة الأشراف. وهي قصيدة في المدح تشتمل على 251 بيتاً، نظّمها محمّد السنوسي في سلسلة الأشراف بتونس.
6- تحفة الأخيار بمولد المختار. وهو مؤلّف مفقود.
7- النبذة التاريخية في منشأ وزارة مصطفى بن إسماعيل.
8- مطلع الدرارتي. شرح فيه القانون العقاري.
9- الرحلة الحجازية.
10- الاستطلاعات الباريسية.
11- خلاصة النازلة التونسية.
وقد استخدم السنوسي في تأليفاته المتنوّعة مصدرين رئيسيين، هما: ثقافته في المنقول والمعقول مستعيناً بكتب الفقهاء، وثقافة أُخرى حصل عليها من مطالعته للصحف العربية والمجلّات المصرية التي كانت تصل تونس، والتي تأثّر بها عدد غير قليل من قادة الحركة الفكرية في تونس.
ومحمّد السنوسي يمكن عدّه من رجال الإصلاح في العالم العربي، وإن لم يقم بدور بارز مثل ما فعله خير الدين التونسي أو الأفغاني أو محمّد عبده، ولا يمكن إغفال تأثيره باعتباره داعية ماهراً، أذاع تصوّرات عصره المتعلّقة بيقظة الإسلام، وساعد على تنبيه المسلمين وإيقاظهم من غفلتهم، والسعي إلى التحرّر من الهيمنة الغربية، واعتمد في نشر أفكاره على المقالات التي كانت تنشرها له جريدة «الرائد»، مستنداً إلى الدقّة في العرض، والمنطق في الإقناع.
تعرّض الشيخ محمّد السنوسي لمرض عضال لم يشف منه حتّى وافته المنية في 24/ رجب/ 1318 ه (17/ نوفمبر/ 1900 م)، ودفن في بلاده.

المراجع

(انظر ترجمته في: شجرة النور الزكية: 416- 417، الأعلام للزركلي 6: 263، معجم المؤلّفين 10: 285- 286، ملحق موسوعة السياسة: 446، معجم الشعراء للجبوري 5: 131).