الحنبلية

    من ویکي‌وحدت
    مراجعة ١٩:٢٧، ٣ أبريل ٢٠٢٥ بواسطة Halimi (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' ظهر المذهب الحنبلي على يد الإمام الجليل أحمد بن حنبل في بلاد العراق، في القرن الثالث الهجري، في أحضان العصر العباسي، حيث كانت النزاعات الفكرية والكلامية حديث الوقت، واتسع نطاق الفقه ونضج غرسه، وجمعت فيه المدونات المطولة، وكثرت المناظرات والمسجلات العلمي...')
    (فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)


    ظهر المذهب الحنبلي على يد الإمام الجليل أحمد بن حنبل في بلاد العراق، في القرن الثالث الهجري، في أحضان العصر العباسي، حيث كانت النزاعات الفكرية والكلامية حديث الوقت، واتسع نطاق الفقه ونضج غرسه، وجمعت فيه المدونات المطولة، وكثرت المناظرات والمسجلات العلمية في الفقه والعقائد، وتعددت المذذاهب الفقهية. وكان الإمام أحمد المؤسس الأول لهذا المذهب وواضع أصول فقه الحنابلة التي تفرعت المدرسة عليها بعد ذلك.


    اتجاه الحنابلة

    أحمد بن حنبل (164-241هـ) سعى في البداية، مثل أستاذه محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ؛ مؤسس المذهب الشافعي)، إلى اتباع طريق وسط مستوحى من المذهبين الحنفي والمالكي، حيث يرتكز الأول على مدرسة الكوفة الفقهية (مع التركيز على الرأي)، بينما يرتكز الثاني على مدرسة المدينة الفقهية (مع التركيز على الحديث)، لكنه مع الوقت أسس مذهبًا رابعًا باتجاه مميز يقوم على الالتزام الشديد بنص القرآن والحديث [١]. أصبح توجه المذهب الحنبلي نحو النقل شديدًا لدرجة أنه تفوق على المذهب المالكي في هذا الجانب.

    الانتشار التاريخي والتوزيع الجغرافي للحنابلة

    كانت بغداد، مسقط رأس مؤسس المذهب، هي المدينة التي تأسس فيها المذهب الحنبلي في القرن الثالث الهجري، ثم تشكل وانتشر تدريجيًّا، وقد أصبحت بغداد، التي تأسست كعاصمة للخلافة العباسية قبل عقود من ظهور هذا المذهب، مركزًا ثقافيًّا للعالم الإسلامي ومقرًّا لعلماء المذاهب الإسلامية المختلفة، ومنذ القرن الرابع الهجري، أصبحت أيضًا المركز العلمي والثقافي للحنابلة. ورغم أن المذهب حصل على اعتراف رسمي في بغداد في منتصف القرن السادس، عندما استطاع ابن هبيرة يحيى بن محمد (الوزير العباسي والعالم الحنبلي ذو النزعة التقريبية بين مذاهب أهل السنة) تقليل النزاعات المذهبية عبر جمع كبار علماء المذاهب الأربعة المشهورة في بغداد وإبرام اتفاق بينهم، إلا أن بغداد ظلت قبل ذلك بمئتي عام المركز الرئيسي لعلماء وأتباع المذهب الحنبلي، حتى قيل إن ذروة قوة الحنابلة كانت في بغداد خلال القرن الرابع، وصار مذهبهم المذهب الغالب في بغداد أواخر ذلك القرن، وكان للحنابلة نفوذ كبير وأتباع كثر في بغداد وما حولها. معظم علماء الحنابلة إما كانوا من بغداد أو قدموا إليها من مناطق إسلامية أخرى واستقروا فيها. وهكذا، حظيت هذه المدينة بمكانة مميزة وفريدة للحنابلة لفترة طويلة [٢].

    تاريخ انتشار الحنابلة في إيران

    قبل القرن الرابع الهجري، لم ينتشر المذهب الحنبلي بشكل واسع في المدن الإسلامية الأخرى وبدأ التبشير بهذا المذهب في بعض مدن إيران قبل بعض المناطق التي أصبحت لاحقًا معاقل رئيسية للحنابلة، تُعد أصفهان من المدن القليلة التي انتشر فيها المذهب الحنبلي منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث كسب أتباعًا وازداد عددهم ونفوذهم تدريجيًّا، كان أبو عبد الله محمد بن يحيى ابن مَندَه الأصفهاني (توفي 301هـ؛ من أصحاب أحمد بن حنبل [٣]. وأسرته من أكثر المؤثرين في نشر هذا المذهب في أصفهان، كما وجد المذهب الحنبلي أتباعًا في مدن إيرانية أخرى مثل الري وسوس، حيث كان عددهم ملحوظًا ومع ذلك، لم ينجح المذهب أبدًا في جذب عدد كبير من الأتباع في إيران [٤].

    انتقال مركز الحنابلة من بغداد إلى الشام

    في منتصف القرن الخامس الهجري، لعب عبد الواحد الأنصاري الشيرازي دورًا في نقل المذهب الحنبلي إلى منطقة الشام (بما في ذلك فلسطين وسوريا الحالية). لم يحظ المذهب بشهرة كبيرة هناك حتى منتصف القرن السادس، لكن نفوذه ازداد بعد ذلك تدريجيًّا حتى أصبح أحد أهم مراكز الحنابلة. بعد سقوط بغداد بيد المغول، الذي أدى إلى تراجع المذهب هناك، انتقل المركز الرئيسي للحنابلة إلى الشام، حيث استمر انتشاره هناك حتى القرن التاسع [٥].

    خول الحنابلة إلى مصر

    دخل هذا المذهب إلى مصر بعد أكثر من ثلاثة قرون من ظهوره، وفقًا للسيوطي كان أول عالم حنبلي يصل إلى مصر في أواخر حياته ويتوفى هناك هو عبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي المقدسي (صاحب مؤلفات عديدة )، بينما كان أول قاض حنبلي في مصر هو شمس الدين محمد بن عماد الجمّاعيلي (توفي 676هـ)، الذي عُزل من منصبه عام 670هـ ولم يُعيّن خلف له طوال حياته. ووفقًا للسيوطي [٦]. كان يُدرَّس الفقه الحنبلي في مدارس مصر مثل الصالحية والمنصورية والناصرية والظاهرية، لكن مكانة الحنابلة تراجعت مع سيطرة الدولة العثمانية. فمثلاً، ورد أنه في عام 1324هـ/1906م، كان هناك فقط 3 مدرسين و28 طالبًا حنبليًّا من بين 312 مدرسًا و9069 طالبًا في الأزهر [٧].

    قلة أتباع الحنابلة

    انتشر المذهب الحنبلي أقل من المذاهب الأربعة الأخرى لأهل السنة [٨]. في عصره، وُصِف أتباع أحمد بن حنبل بأنهم قلة، وغالبًا ما كانوا يقيمون في بغداد والمناطق المحيطة بها وفي الشام. وقيل إن الحنابلة كانوا يمتلكون قوة وكثرة عددية في بغداد، لكن عندما غزا المغول المدينة، لم يعد لهم ذلك النفوذ، بينما ازداد عددهم في الشام. ووفقًا لابن فرحون المالكي ، بدأ المذهب الحنبلي في الضعف خلال القرن الثامن الهجري [٩].

    1. مصطفی ابراهیم زلمی، منشاء الاختلاف في فقه المذاهب، ص45ـ56
    2. ابن رجب، کتاب الذیل علی طبقات الحنابلة، ج۱، ص۲۵۲
    3. ابن ابی یعلی، طبقات الحنابله، ج۲، ص۳۸۵ـ۳۹۱
    4. مقدسی، ص۳۶۵- 429
    5. عبدالهادی، الفقهیة و بیان اثر حنابلة فلسطین فی دمشق ص۲۵ـ۲۶
    6. السیوطی، حسن المحاضرة فی تاریخ مصر و القاهرة ج۲، ص۲۶۳ـ۲۶۵،
    7. کامل موسی، المدخل الی التشریع الاسلامی، ص۱۶۳
    8. احمد تیمور، نظرة تاریخیة فی حدوث المذاهب الفقهیة الاربعة ،ص۸۸ـ۹۱
    9. ابن فرحون، الديباج المُذهَب في معرفة اعيان علماءالمذهب، ج۱، ص۶۲