عبد اللَّه البهبهاني

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٠:٢٧، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات) (عبد_اللَّه_البهبهاني ایجاد شد)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
الاسم عبد اللَّه البهبهاني‏
الاسم الکامل عبد اللَّه البهبهاني‏
تاريخ الولادة 1256 ه / 1840 م
محل الولادة نجف
تاريخ الوفاة 1328 هـ / 1909 م
المهنة عالم
الأساتید
الآثار
المذهب

عبد اللَّه بن إسماعيل بن نصر اللَّه بن محمّد شفيع بن يونس بن حسين بن عبد اللَّه البهبهاني: عالم ومصلح إمامي.
كثيراً ما يقترن اسم هذا العالم المجاهد باسم رفيق دربه في الكفاح السيّد محمّد الطباطبائي، حيث وسّع هذان العالمان المجاهدان من نشاطاتهما، ودخلوا في مراحل أكثر جدّية وتأثيراً في تاريخ إيران وحركة الدستور، فقد حضرا اجتماعاً شعبياً عظيماً في مسجد
الشاه ليتحدّثا عن مضار الحكومة الدكتاتورية ومحاسن الحكومة الشعبية والدستورية، غير أنّ جماعة من عملاء الشاه وخدم البلاط تغلغوا بين الناس- وذلك طبقاً لخطّة معدّة مسبقاً- من أجل تفريق هذا الاجتماع الهائل، وبدأوا بإيذائهم وإهانتهم، حتّى أنّهم أهانوا العالمين المجاهدين الجليلين، وتفاقم الحال في مسجد الشاه ذلك اليوم حتى انتهى إلى المشاجرة والصِدام والجراح، فاضطرّ الناس إلى التفرّق للخلاص من هذه الفتنة.
وفي اليوم الثاني والعشرين من شهر آذر 1282 ه. ش اعتصم العالمان المجاهدان بمعيّة جماعة من العلماء والتجّار كالحاجّ الشيخ مرتضى متولّي مدرسة خان مروي، وصدر العلماء، والسيّد جمال الدين الأفجئي، والميرزا مصطفى ابن الحاجّ الميرزا محمّد حسن الآشتياني، والشيخ محمّد صادق الكاشاني، والشيخ محمّد رضا القمّي، وجماعة من تجّار طهران، في صحن السيّد عبد العظيم الحسني ليعلنوا بذلك احتجاجهم ومعارضتهم.
وفي أثناء الطريق وقف جماعة من أزلام النظام بوجههم، وسعوا إلى صدّهم عن هذه الحركة، وبلغ الأمر حدّ المصادمات وإطلاق النار، ولكن نتيجة لإصرار التجّار وضغوطهم وإغلاقهم محالهم التجارية، واحتمال ازدياد الاضطراب أمر عين الدولة، الحاكم العسكري لطهران آنذاك، أفراد الشرطة وعملاء الحكومة بالكفّ عنهم والسماح لهذه الجماعة أن تكمل مسيرها نحو صحن السيّد عبد العظيم، لكنّه أمر من ناحية أُخرى بأنّه إذا ما استمرّ الذين أغلقوا محلّاتهم بهذه المناسبة في إغلاقها ولم يفتحوها فإنّها ستنهب من قبل أفراد الشرطة، وفعلًا فإنّ بعضاً من التجّار لم يكترثوا لهذا الأمر الصادر، فنهب أزلام النظام بضائع محلّاتهم وسيطروا عليها.
أمّا رجال الدولة الذين كانوا مرتبطين بالأجانب، وكان كلّ منهم تحت حماية السفير الروسي أو الإنجليزي، فإنّهم- ومن أجل الحفاظ على مصالح أسيادهم الأجانب- سعوا إلى فصم عروة الاتّحاد بين السيّدين العالمين المجاهدين محمّد الطباطبائي وعبد اللَّه البهبهاني، فاستخدموا التهديد تارةً، والأطماع أُخرى، فكانوا كلّ يوم يرسلون إليهما رسالة تهديد أو وعد بمال ومنصب، وأنّهما يلقيان بأنفسهما إلى التهلكة عبر هذا الطريق الذي اختاراه. لكن‏
هؤلاء غفلوا عن أنّ رجال الحقّ لا يهابون في طريق إيمانهم وعقيدتهم التهديد والموت والشهادة، ولا ينحرفون عن الصراط المستقيم عبر ترغيبهم ووعدهم بالمال والمنصب والجاه، وكما يقول الإمام علي عليه السلام: «فإنّهم زهّاد الليل وليوث النهار».
وقد هزّت إقامة المجاهدين الشجاعين بالري معربين عن اعتراضهما ومخالفتهما للحكومة أعماق الجماهير؛ نظراً لامتلاكهما قلوب الناس ولمكانتهما الخاصّة فيها، ومنذ اليوم الأوّل الذي اتّجه فيه هذان العالمان نحو الري رافقهما جماعة من أنصارهما، أمّا بعد استقرارهما بالري فقد بدأت مجموعات جديدة من الجماهير تتّجه إلى الري كلّ يوم، وقاموا يلتحقون بالعالمين المجاهدين وأنصارهما، وبذلك كانت أعدادهم تزداد يوماً بعد يوم، واستمرّت بالازياد لتكوّن سيلًا جارفاً يقوى على تحطيم جدران الخصم والمخالف في ساعة الصفر.
وقد بلغ الأمر أن خالف بعض شباب العوائل الفخمة المتّصلة بالبلاط، بل وحتّى جماعة من رجال الدولة وأولاد الأُمراء القاجار، النظام الحاكم آنذاك، ولذلك غضب عليهم الملك المستبدّ وأعوانه الانتهازيّون، ففارقته تلك الطائفة وقصدوا الري والتحقوا بذلك الجمع.
وأدّى تزايد أعداد هذه الجماهير يوماً بعد آخر ولحظة بعد أُخرى، والتفافها حول قائديها المحبوبين إلى رعب الجهاز الحاكم وقلقه شيئاً فشيئاً، حتّى أنّ عين الدولة رئيس الوزراء الدكتاتور المستبدّ، ورجل بلاط القاجار المستميت الذي لم يأتِ أحداً من باب السلام والصلح أبداً، عندما رأى أنّه لا يقوى على مواجهة هذه الجماهير عن أيّ طريق كان قد فكر جدّياً بتهديد الشعب وإرعابه، فأرسل أحد عسكرييه القساة الذين كان يعتمد عليهم مع مئات الفرسان المسلّحين إلى الري للقيام بهذا التهديد والإرهاب. غير أنّ المقاتلين المسلمين الشجعان لم يخافوا من مواجهة الفرسان المسلّحين وأفراد الجيش الذي يعملون تحت إمرة الأجانب، فهم ضعفاء أمام القوى الأجنبية، وشجعان جلّادون أمام شعبهم المحروم المضطهد الأعزل وأبناء وطنهم الحفاة! وثبتوا بكلّ جرأة وصلابة أمام هذا
الجحفل، وبيّنوا بقول صريح بليغ مشاكل الشعب وحرمانه، وعدّدوا مفاسد الحكومة الدكتاتورية واحدة فواحدة، وانتقدوا بشدّة إجحاف الدولة بحقوق الجماهير وتعدّيها عليها.
وأخيراً نظّم هذا الجمع بياناً ذكروا فيه مطالبهم التي أشرف عليها وأيّدها العالمان المجاهدان، وأوردوها في ثماني موادّ وأرسلوها إلى الشاه بواسطة السفير العثماني. وكانت هذه المواد التي ثبتت جزئيّاتها في التاريخ كأوّل مطالبة بالحقوق مدوّنة، وأوّل طلب منظّم دقيق بقيام الحكومة الدستورية، عبارة عن:
1- إيجاد (دار العدالة) في أنحاء إيران، سواء في المدن أم القرى.
2- عزل علاء الدولة من حكومة طهران.
3- إرجاع الحاجّ الميرزا محمّد رضا- وهو أحد العلماء المجاهدين في أوائل نهضة الدستور وقد نفي بسبب عقائده التحرّرية- من رفسنجان إلى كرمان.
4- إعادة سدانة مدرسة خان إلى سادنها الأصلي.
5- تطبيق القوانين الإسلامية وتوسعة نطاقها في أنحاء البلد الإيراني.
6- عزل المسيو (نوز) البلجيكي عن رئاسة الكمرك والمالية، حيث لم يكن له همّة وهو في هذا المنصب المهمّ إلّاإيذاء الناس والتبذير بما في بيت المال وإتلافه.
7- تقليل الرواتب الحكومية بمقدار عشر شاهيات من كلّ تومان، والذي سنّ قبل عام واحد.
8- وأخيراً عزل عسكر كاريجي عن إدارة العربات على طريق قم. وكان هذا الرجل قد حصل على امتياز إدارة عربات طريق قم من الدولة، لكنّه كان يسي‏ء معاملة المسافرين وخاصّة علماء قم وطلّابها، فكان يشكونه ويتظلّمون منه إلى علماء طهران، فأراد قادة نهضة الدستور أن يستميلوا علماء قم وطلّاب حوزتها وإشراكهم معهم في الثورة عبر إدراج مطلبهم ضمن هذه المطالب.
أخذ السفير العثماني مطاليب العلماء التي أصدرها ووافق عليها المئات من‏
المتحصّنين بالري، وذهب بها إلى البلاط وسلّمها بيد الشاه، غير أنّ الشاه- وكعادته- رماها جانباً ولم يعرها أدنى اهتمام! لكن مقاومة المعتصمين في صحن السيّد عبد العظيم وطول مكوث العلماء بينهم أثار القلق لدى الشاه؛ لأنّه أُبلغ بتأزّم أوضاع هذا الاعتصام، وبأنّ جماعات جديدة تلتحق كلّ يوم بالمعتصمين، حتّى أنّ الكثير منهم قد جاؤوا من مدن بعيدة للاشتراك في هذه النهضة، وليقفوا إلى جانب المجاهدين، فخاف الشاه من ذلك وفكّر بطريق خلاص، فأشار عليه مشاوروه ومن حوله بالموافقة على مطاليب الثائرين فوراً.
وهذا ما فعله الشاه، بل وأرسل عربته الخاصّة إلى الري لتأتي بالسيّدين المجاهدين ومرافقيهما إلى طهران بكلّ حفاوة وتكريم. بل وطلب مشاوروا الشاه منه أن يكتب رسالة يعد فيها بتأسيس دار العدل وتطبيق أحكام الإسلام.
وبهذا أنهى العلماء، وعلى رأسهم السيّد محمّد الطباطبائي والسيّد عبد اللَّه البهبهاني، اعتصامهم واتّجهوا إلى طهران، وتبعهم على ذلك من كان معهم.
أمّا العلماء فإنّهم انتظروا كثيراً بعد رجوعهم إلى طهران أن يفي الشاه بوعوده، ولكن لم يتمّ ذلك.
وكان السيّد محمّد الطباطبائي يحثّ الطبقة المحرومة المضطهدة إلى الثورة على الظلم، ويشجّعهم على الصمود في مطالبتهم بتأسيس المجلس، بل كان يجمع الناس حوله عدّة مرّات في اليوم، في داره أو خارجها، في المحافل والمجالس، وحتّى في الأزقّة والشوارع، ثمّ يرتقي المنبر ويوضّح ببيانه القاطع وخطابه الملتهب سبيل النجاة من الظلم والجور والتحرّر من قيود الحكّام وأزلام النظام وأفراد الحكومة واستعمار الدول الأجنبية، وكان يطلب من الناس الصمود من أجل الوصول إلى الهدف وإن بُذلت النفوس، وأن لا يخافوا الموت والشهادة التي تبعث على الفخر، وأن لا يتراجعوا حتّى النفس الأخير.
وفي جميع هذه المجابهات كان السيّد عبد اللَّه- رفيقه القريب والمجاهد إلى جانبه في مواضع الجهاد- ملازماً له، فلم يكتفِ باطّلاع الناس على مستوى واسع برسائل صديقه ورفيقه الكبير في الجهاد، بل كان هو أيضاً كالطباطبائي يخطو خطوات ثابتة في هذا
الطريق، وكان يدعو الشعب المحروم كلّ يوم إلى أن يكون أكثر ثباتاً وقدرةً في مطالبته الحقّة بحقوقه المشروعة.
ومع أنّ السيّد عبد اللَّه البهبهاني كان أصغر من السيّد الطباطبائي بسنوات، لكنّه هو الآخر كان طاعناً في السن، مطّلعاً على العالَم، ذاق مرّ الحياة وحلوها، والأهمّ من ذلك أنّه كان أحد مراجع الشيعة الكبار، وقد تصدّى لقيادة فئة عظيمة من الشعب المسلم المجاهد في ثورة الدستور، ويُعدّ أحد قادة ثورة الدستور العظماء الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الجهاد ضدّ الظلم والظالمين، والعمل ضدّ الاستبداد وعملاء الاستعمار، والسعي من أجل تثبيت حكومة الدستور.
وقد كتب العلّامة الأميني، العالم والمتتبّع الإسلامي الكبير، في كتابه الثمين «شهداء الفضيلة» حول هذا المجاهد الشهيد على طريق الحرّية والإنسانية:
«السيّد عبد اللَّه البهبهاني: قائد حركة الدستور، وهو ابن السيّد إسماعيل، ومرجع الشيعة الجليل، والمصلح الكبير، وهو من سلالة أفاخم العوائل وأعراقها، تلك العائلة التي كان له صداها الواسع، وباعها الطويل، ومقامها الرفيع في العلم والثقافة وفي مجال خدمة العالم الإسلامي.
وهذه الشجرة الطيّبة أصلها ثابت في (غُريفة) من قرى البحرين، وفروعها نامية في النجف والبصرة والمحمّرة وميناء بوشهر وشيراز وطهران وبهبهان.
ولد المترجم في النجف سنة 1262 ه. ق، وبها شبّ ونما، وأخذ دروسه العالية عن الإمام المجدّد الشيرازي وآية اللَّه الكوه كمري وشيخنا الفقيه راضي، وكان من أعاظم علماء طهران، وحاز رتبة عالية من العلوم الشرعية، [من مؤلّفاته: «مجموعة رسائل فقهية»].
كابد في دستورية إيران الكوارث الملمّة، ويمّم العراق بعد سيادة الاستبداد الصغير بإيران، ثمّ عرج عليها بعد أن كسحت العراقيل دونه، فهبط العاصمة بكلّ حفاوة من الأهلين، ثمّ حاول تطبيق القوانين الدستورية بالنواميس الإسلامية المقرّرة، ورفض ما أُلصق بها من البدع، فبهظ ذلك سماسرة الأهواء، حتّى باغتوه بإطلاق شواظ البندقية عليه‏
ليلًا في داره في شعبان سنة 1328 ه، وقد نقل جثمانه إلى النجف الأشرف، ودفن مع والده العلّامة في إحدى الحجر الشرقية من الصحن المقدّس».
وبذلك فقد أدّى هذا العالم المجاهد الواعي دوره البنّاء التغييري والتاريخي في إحدى أعظم حوادث تاريخ إيران، وإحدى أكبر الحركات في الشرق، وهي ثورة الدستور، ثبّت بذلك أركان قيام الحكومة الدستورية، ولم يتراجع أو يتقاعس، حتّى تمّ التوقيع على الحكومة الدستورية.

المراجع

(انظر ترجمته في: الذريعة 6: 402 و 15: 43 و 20: 92- 93، الأعلام للزركلي 4: 199، معجم المؤلّفين 6: 35، مستدرك سفينة البحار: 271، كفاح علماء الإسلام: 73- 87).