الفتوى التأريخية

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٦:١٠، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات) (الفتوى_التأريخية ایجاد شد)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

العلل المؤدّية الى توحيد العمل الإسلامي. ويمكن تلخيصها فيما يلي :

العامل الأوّل : وحدة المعتقد.

إنّ علماء الاجتماع في الغرب الصليبي ينفون العامل الديني عن أن يكون عامل توحيد، وقد يضعه بعضهم في ذيل قائمة العوامل الأُخرى التي في مقدّمتها الجنس واللغة والثقافة.
ولذلك كان هؤلاء الغربيّون يبعدون (الدين) عن التأثير في بناء وحدة أتباعه، ونحن كمسلمين نرى تأثير الإسلام في بناء وحدتنا ماثلاً كما أمر به كتاب ربّنا (القرآن الكريم) الذي قرّر ذلك مرّتين في قوله : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) (سورة الأنبياء : 92)، ثمّ في أمره الصريح للأُمّة في الاعتصام جميعاً بحبل اللّه ونهيه عن التفرّق والاختلاف : (وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا) (سورة آل عمران : 103).
إنّ الإسلام هو العامل الأكبر والأعظم من عوامل توحيد أُمتنا ؛ لأنّه الجامع لكلّ من شهد أن لا اله إلّااللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحجّ بيت اللّه، بغضّ النظر عن كلّ ما وراء ذلك من الاختلاف. ==العامل الثاني : وحدة التاريخ المشترك==.
إنّ المتابعة الواقعية لأحداث التاريخ تؤكّد أنّ كلّ ما وقع في تاريخ المسلمين من هزائم أو انتصارات قد عاشه المسلمون معاً وإن تباعدت بينهم الأقطار، وإنّ كلّ حدث يقع يترك صداه وتنعكس ردود أفعاله على الجميع أيّاً كان موقعهم بدءاً من نصر (بدر) وهزيمة (أُحد) في عصر الرسول (صلوات اللّه وسلامه عليه) ومروراً بمواجهة المغول والصليبيّين في الحروب المعروفة، وما صحب حركات الجهاد التي قام بها عبر التاريخ كثيرون من أبناء أُمّتنا في مغرب العالم الإسلامي إلى مشرقه، كلّ ذلك يؤكّد وحدة التاريخ ووحدة الآلام والآمال التي عاشتها الأُمّة المسلمة عبر تاريخها الطويل، وأنّ لهذا التاريخ آثاره التي يجب أخذها في الاعتبار عند تقويم أوضاع الأُمّة ودراسة الإيجابي والسلبي من المواقف والتصرّفات التي يستفاد منها في التخطيط للمستقبل. ==العامل الثالث : وحدة المستقبل والمصير==.
في ظلّ التحدّيات التي تواجهها الأُمّة وهي مجزأة الأوصال فإنّ توحيد تعاملنا مع المتغيّرات المستجدّة والتحدّيات هو واجب على كلّ الشعوب حكّاماً ومحكومين وعلى الأفراد المسلمين من ذوي الرأي والمشورة أو من نسمّيهم «أهل الحلّ والعقد» أن يعملوا على تحقيق الأهداف وأن يكونوا على وعي شامل بخطر ما يخبّئه المستقبل للإسلام وللمسلمين.
من ذلك ما صرّح به الأمريكي «صاموئيل هانتجتون» فيلسوف الاستراتيجية الغربية المعاصر في كتابه الشهير «الإسلام والغرب.. آفاق الصِدام»، والذي أكّد فيه أنّ الصراع في القرن الحادي والعشرين هو صراع الحضارات، وأنّ التفوّق الحتمي للحضارة الغربية (أي : للمادّية العلمانية) وللعالم الصليبي، وليس للعالم الإسلامي.
بل إنّ الأمر في الغرب لم يقف عند تصريحات رجال الدين المخطّطين من صنّاع الفكر السياسي، بل قد جاوز الأمر إلى أن يعلن الرئيس الأمريكي الأسبق «ريتشارد نيكسون» في كتابه الشهير «الفرصة السانحة» أنّه بعد القضاء على العدوّ الأحمر «الاتّحاد السوفيتي» لم يبق أمام الغرب بزعامة الولايات المتّحدة سوى العدوّ الأخضر، يعني بذلك الإسلام !.
فهل يكون من المقبول أو المعقول شرعاً وسياسة أن نسمح لأنفسنا بالتفريط في إعلان التفافنا حول شعار وحدة العمل بين المسلمين لمواجهة هذه المخاطر الكبار وأمثالها ؟ ! ==العامل الرابع : الوحدة لأداء مهامّ الرسالة==.
على أنّ لقضية وحدة المسلمين وجهاً آخر عالمياً وإنسانياً مؤسّساً على ما هو منوط بنا نحن المسلمين، وهو موجبات «الخيرية» التي وصفنا بها القرآن الكريم في قول الحقّ سبحانه : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ) (سورة آل عمران : 110).
فالخيرية هنا لا تستند إلى تمييز للعرق أو الجنس أو اللون أو الشعب أو القبيلة على نحو ما يزعمه بنو إسرائيل من أنّهم شعب اللّه المختار، ولكنّها خيرية مؤسّسة على سببية النهوض بالدور الحضاري الكبير الذي ناطه الإسلام بأعناق هذه الأُمّة بأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ويعلنوا الإيمان باللّه تعالى وبالنبي صلى الله عليه و آله.
إنّ مهمّة أُمّتنا وواجبها أن تعلن عطاء الإسلام في قضايا العدل الاجتماعي وحقوق عباد اللّه في الحصول على نصيبهم من رزق اللّه تعالى، وأن تعلن للعالم موقف الإسلام من آمال البشر وأنّه لا يسمح أبداً باستعباد المال للإنسان، بل ينبغي أن يكون المال خادماً للإنسان وسبباً لتمتّعه بنعم اللّه تعالى.
كما أنّ من واجبها أن تعلن موقف الإسلام من العلم وتشريفه له وتكريمه للعلماء، شريطة ألّايغترّ العلماء بالعلم، فيؤلّهونه ويحلّونه مكان الخالق الذي علّمهم إيّاه في الإجلال والإكبار.
وفوق هذا وضع الإسلام العلم في الإطار الأخلاقي النافع للبشرية والشافي لآلامها.