٢٬٧٩٦
تعديل
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''التجديد''': مفهوم من أكثر المفاهيم التي تنازعتها التيّارات الثقافية والفكرية المختلفة، وقد انعكس هذا التنازع على المفهوم ذاته من حيث معناه ودلالاته، وواقعيّاً يصل الباحثون لمُسلَّمة هي أنّ التجديد -وذلك على المستوى النظامي والحركي- قد تُخفق أهمّ جهوده نظراً لعدم وضوح التأصيل الفكري والمنهجي لعملية التجديد في تأكيد واضح على أهمّية الربط بين النظرية والفاعلية في مجال التجديد الحضاري. | |||
والتجديد في اللغة العربية من أصل الفعل | والتجديد في اللغة العربية من أصل الفعل “تجدّد” أي صار جديداً، جدّده أي صيّره جديداً، وكذلك أجدّه واستجده، وكذلك سُمِّي كلّ شيء لم تأت عليه الأيّام جديداً. | ||
ومن خلال هذه المعاني اللغوية يمكن القول: إنّ التجديد في الأصل معناه اللغوي يبعث في الذهن تصوّراً تجتمع فيه ثلاثة معانٍ متّصلة: | |||
أ- إنّ الشيء المجدّد قد كان في أوّل الأمر موجوداً وقائماً وللناس به عهد. | |||
ب- إنّ هذا الشيء أتت عليه الأيّام فأصابه البلى وصار قديماً. | |||
جـ- إنّ ذلك الشيء قد أعيد إلى مثل الحالة التي كان عليها قبل أن يبلى ويخلق. | |||
ولقد استخدمت كلمة جديد – وليس لفظ التجديد- في القرآن الكريم بمعنى البعث والإحياء والإعادة (غالباً للخلق)، وكذلك أشارت السنّة النبوية لمفهوم التجديد من خلال المعاني السابقة المتّصلة: الخلق- الضعف أو الموت- الإعادة والإحياء. | |||
ويعتبر حديث التجديد- [عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): “إنّ الله يبعث لهذه الأمّة على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد دينها” رواه أبو داود]- من أهمّ الإشارات إلى مفهوم التجديد في السنّة النبوية، وقد تعلّقت بهذا الحديث مجموعة من الأفكار، أهمّها: | |||
1 – تجديد الدين: هو في حقيقته تجديد وإحياء وإصلاح لعلاقة المسلمين بالدين والتفاعل مع أصوله والاهتداء بهديه؛ لتحقيق العمارة الحضارية وتجديد حال المسلمين، ولا يعني إطلاقاً تبديلاً في الدين أو الشرع ذاته. | |||
2 – زمن التجديد: اعتبر بعض الباحثين أنّ الإشارة الواردة في الحديث عن زمن التجديد على رأس كلّ مائة إنّما هي دلالة على حقيقة استمرارية عملية التجديد وتقارب زمانه بحيث يصبح عملية تواصل وتوريث. | |||
ويتيح الربط بين فكرة التجديد والخبرة التاريخية الغربية | 3 -المجدِّد: اجتهد العلماء في توصيف وتحديد المجدّد على رأس كلّ مائة سنة، لكن البعض يرى أنّ المجدّد يقصد به الفرد أو الجماعة التي تحمل لواء التجديد في هذا العصر أو ذاك، ويجوز تفرّقهم في البلاد، ويعرّفهم ابن كثير بأنّهم حملة العلم في كلّ عصر. | ||
ويعد التجديد مفهوماً مناقضاً لمفهوم التقليد، ويقصد بالتقليد: محاكاة الماضي بكلّ أشكاله وشكليّاته. ولقد أدّى التقليد إلى انفصال بين الوحي والعقل، وكأنّهما متضادّان لا يمكن الجمع بينهما. وبناءً على ذلك فإنّ عملية التجديد تعتبر ضرورة لإعادة ضبط العلاقة بين الوحي والعقل حتّى لا تضطرب الأمور، فيصير التجديد نابعاً من الخارج (التقليد الغربي) أو مرتدّ نحو الماضي لمحاولة إعادته (تقديس التراث فوق الحدود المعقولة)، ولكنّها تعني أنّ العقل هدفه تكريم الإنسان وأساس تحمله للأمانة وقاعدة التكليف والالتزام بقواعد الاستخلاف. | |||
ويتيح الربط بين فكرة التجديد والخبرة التاريخية الغربية أبعاداً جديدة؛ حيث يعتبر مفهوم التجديد لدى الغرب إفرازاً لصراع حادّ بين الكنيسة من جانب وسلطة المعرفة والعلم والعقل من جانب آخر، ممّا دفع الأخيرة للاتّجاه نحو تجاوز كلّ النظريات الدينية تحت مسمّى التجديد. | |||
يرتكز مفهوم التجديد في الفكر الغربي على أساسين: | يرتكز مفهوم التجديد في الفكر الغربي على أساسين: |
تعديل