الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ليث بن سعد بن عبدالرحمان»

|

| هجري قمري

| هجري قمري

|

|

|

|

ليث بن سعد بن عبدالرحمان <ref>2026) تاريخ الإسلام 11: 302، 303، تهذيب الكمال 24: 255، كتاب التاريخ الكبير 7: 246.</ref>

ولد ليث في قرية «قَرْقَشَنْدة» بأسفل مصر <ref>2031) الأنساب 4: 413.</ref> سنة ثلاث أو أربع وتسعين <ref>2032) الطبقات الكبرى‏ 7: 517.</ref>. وأهل بيته يقولون - وروي عنه كذلك -: نحن من الفرس، من أهل أصبهان <ref>2033) تهذيب الكمال 24: 256.</ref>. وقال يحيى‏ بن بكير: «كان أبوه سعد مولىً لقريش» <ref>2034) المصدر السابق.</ref>. إلّا أنّهم ذكروا: أنّه - أي: ليث - كان مولىً لعبد الرحمان بن خالد بن مسافر، وقيل: مولى‏ بن ثابت بن ظاعن جدّ عبدالرحمان <ref>2035) المصدر نفسه.</ref>.

كان سرياً من الرجال، نبيلاً سخياً له ضيافة <ref>2037) الطبقات الكبرى‏ 7: 517.</ref>، وذكره أبو نُعَيم في حلية الأولياء في عداد الصوفيّين، وقال: «كان يعلّم الأحكام مليّاً، ويبذل الأموال سخيّاً». وقيل: إنّ التصوّف السخاء والوفاء <ref>2038) حلية الأولياء 7: 318.</ref>. وعن محمد بن رمح يقول: «كان دخل الليث بن سعد في كلّ سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب اللَّه عليه زكاة درهم قطّ» <ref>2039) تهذيب الكمال 24: 273، تذكرة الحفّاظ 1: 225. أي أ نّه لم يكن يُبقي من ماله ما يصل إلى‏ حدّ نصاب الزكاة.</ref>. وبعث الليث إلى‏ مالك بألف دينار، وأهدى‏ إلى‏ مالك مرةً أحمال عصفر، وأعطى‏ ابن لهيعة لمّا احترق منزله ألف دينار، ووصل منصور بن عمّار الواعظ بألف دينار <ref>2040) تذكرة الحفّاظ 1: 225.</ref>.

لم نعثر على‏ آثار ومؤلّفات هذا الرجل، إلّا أنّ غزارة علمه المنقول عنه في الفقه والحديث تحدونا إلى‏ عدّه من الفقهاء أصحاب المذاهب، وحفّاظ الحديث، حتّى‏ قال عبدالملك بن يحيى‏ أبو الوليد: سمعت أبي يقول: «ما رأيت أحداً أكمل من الليث بن سعد، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الشعر والحديث، حسن المذاكرة» ومازال يذكر خصالاً جميلة ويعقد بيده حتّى‏ عقد عشرة، لم أر مثله <ref>2041) تاريخ بغداد 13: 6.</ref>. بل اعتبره البعض - ومنهم الشافعي - أفقه من مالك <ref>2042) تهذيب الكمال 24: 270، تذكرة الحفّاظ 1: 226، تهذيب الكمال 24: 268.</ref>، فعن سعيد ابن أبي أيوب قال: «لو أنّ مالكاً والليث اجتمعا لكان مالك عند الليث أبكم، ولباع الليث مالكاً في من يزيد!» <ref>2043) تذكرة الحفّاظ 1: 226، وفيات الأعيان 4: 130.</ref>.

وقد سافر الليث إلى‏ العراق سنة 161 ه <ref>2044) تهذيب الكمال 24: 266.</ref>، والتقى‏ هناك بعض تلامذة أبي حنيفة، ممّا حدا بالبعض إلى‏ أن يورده في طبقات الحنفية <ref>2045) الجواهر المضيئة 2: 720.</ref>، وقال ابن سعد: «كان قد استقلّ بالفتوى‏ في زمانه بمصر» <ref>2046) الطبقات الكبرى‏ 7: 517.</ref>. وقال الشافعي: «الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس» <ref>2047) حلية الأولياء 7: 319، تذكرة الحفّاظ 1: 224 - 225، تهذيب الكمال 24: 270.</ref>. وقال يحيى‏ بن عبداللَّه بن بكير: «الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك» <ref>2048) الجرح والتعديل 7: 180.</ref>.

ولم تورد المصادر التاريخية آراءه الكلامية، وقد نقل عنه قوله: «بلغت الثمانين ومانازعت صاحب هوىً قطّ» <ref>2051) سير أعلام النبلاء 8: 144.</ref>. وأشار الذهبي إلى‏ سرّ ذلك، فقال: «كانت الأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي، والسنن ظاهرة عزيزة، فأمّا في زمن أحمد وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتُحن ائمة الأثر، ورفع أهل الأهواء رؤوسهم بدخول الدولة معهم، فاحتاج العلماء إلى‏ مجادلتهم بالكتاب والسنّة، ثم كثر ذلك واحتجّ عليهم العلماء أيضاً بالمعقول، فطال الجدال، واشتدّ النزاع، وتولّدت الشبهة» <ref>2052) المصدر السابق.</ref>.

كان الليث كبير الديار المصرية ورئيسها، ومحتشمها وعالمها، وأمير مَن بها في عصره، بحيث إنّ القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته <ref>2053) تاريخ الإسلام 11: 304.</ref>. وقد طلب منه المنصور أن يتسلّم إمارة مصر، فامتنع <ref>2054) تذكرة الحفّاظ 1: 224، وفيات الأعيان 4: 129.</ref>.

وكان له يومياً أربعة مجالس يجلس فيها: أمّا أولها فيجلس لنائبة السلطان في نوائبه وحوائجه، ويجلس لأصحاب الحديث، ومجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه، ومجلس لحوائج الناس، لايسأله أحد من الناس فيردّه، كبرت حاجته أم صغرت <ref>2055) تهذيب الكمال 24: 276.</ref>. قال عثمان بن صالح السهمي: «كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتّى‏ نشأفيهم الليث بن سعد، فحدّثهم بفضائل عثمان فكفّوا عن ذلك، وكان أهل حمص ينتقصون علياً حتّى‏ نشأفيهم إسماعيل بن عيّاش، فحدّثهم بفضائله فكفّوا عن ذلك» <ref>2056) المصدر السابق.</ref>.

وقد سافر الليث إلى‏ خارج مصر مرّتين: الأُولى‏ إلى‏ المدينة ومكّة سنة 113  ه، فسمع في تلك السنة من أبي مليكة وعطاء والزُهري وأبي الزبير ونافع وهو ابن عشرين سنة <ref>2057) كتاب الثقات 7: 360، 361، تهذيب الكمال 24: 265، غاية النهاية في طبقات القرّاء 2: 34.</ref>. وفي المرة الثانية سافر إلى‏ العراق سنة 161 ه <ref>2058) تهذيب الكمال 24: 266.</ref>. قال أبو صالح كاتب الليث: «كنت مع الليث لمّا خرج إلى‏ العراق، فكان يقرأ على‏ أصحاب الحديث من فوق عُلَّيَّة والكتاب بيدي، فإذا فرغ منه رميت به إليهم فينسخوه» <ref>2059) تاريخ الإسلام 11: 306.</ref>.

ويصفه ابن حبّان فيقول: «كان من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً، وورعاً وفضلاً» <ref>2060) كتاب الثقات 7: 361.</ref>.

أسند الليث عن عدّةٍ من كبار التابعين... وقيل: إنّه أدرك نيّفاً وخمسين رجلاً من التابعين. وأدرك من تابعي التابعين ومن دونهم مائة وخمسين نفساً <ref>2061) حلية الأولياء 7: 324.</ref>. ولم يُنقل أنّه التقى‏ ائمة أهل البيت عليهم السلام الذين عاصرهم، وهم الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام.

واتّفق الرجاليون وأرباب التراجم من أهل السنّة على‏ وثاقته <ref>2062) ميزان الاعتدال 3: 423، الطبقات الكبرى‏ 7: 517، الجرح والتعديل 7: 179، 180.</ref>، إلّا أنّ منهم من أخذ عليه تساهله، فعن ابن مَعين قال: «كان يتساهل في الشيوخ والسماع» <ref>2063) ميزان الاعتدال 3: 423.</ref>، وعن أحمد: «الليث ثقة، ولكن في أخذه سهولة» <ref>2064) تهذيب الكمال 24: 261.</ref>، لكن الذهبي قال: «وما تساهل فيه الليث فهو دليل على‏ الجواز؛ لأنّه قدوة» <ref>2065) ميزان الاعتدال 3: 423.</ref>.