الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عبدالله بن عمر بن الخطاب»

|عبدالله بن عمر بن الخطاب <ref> الجرح والتعديل 5: 107، تاريخ أسماء الثقات: 269، وفيات الأعيان 3: 28.</ref>

|أبو عبدالرحمان <ref> تهذيب التهذيب 5: 287، المعارف: 185.</ref>.

|القرشي، العَدَوي <ref> مختصر تاريخ دمشق 13: 152، تهذيب الكمال 15: 332.</ref>.

|المكي، المدني <ref> تذكرةالحفّاظ 1: 37، سير أعلام النبلاء 3: 204.</ref>.

|صحابي <ref> تقريب التهذيب 1: 435.</ref>.

'''عبدالله بن عمر بن الخطاب''' هو ابن الخليفة [[عمر بن الخطاب]]، وأُمّه [[زينب بنت مظعون]]، وكان له اثناعشر ابناً وأربع بنات <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 142.</ref> صار منهم سبعة من الرواة، وهم: سالم وحمزة وعبدالله وعبيدالله وزيد وبلال وعمر <ref> تهذيب الكمال 15: 333، تهذيب التهذيب 5: 287.</ref>. ووصف أنّه كان آدم جسيماً، إزاره إلى نصف الساقين <ref> سير أعلام النبلاء 3: 209.</ref>. وكان يحفي شاربه حتّى تنظرإلى بياض الجلدة، وكان يصفر لحيته. وكان لايلبس الخزّ، ويطلق إزاره <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 172، 174، 175، 178،.</ref>.

واشتهر بكونه صحابياً زاهداً، ونقلت عنه فضائل أخلاقية كثيرة <ref> أنظر: حلية الأولياء 1: 292.</ref>، منها: كان يقول: «لاأدري» إذا سئل عمّا لايعلم. وكان يصلّي من الليل فيكثر. وعن نافع: «كان ابن عمر لايدع عمرة رجب» وقال: «تصدّق ابن عمر بداره محبوسة، لاتُباع، وتُوهب، ومن سكنها من ولده لايخرج منها، ثم سكنها ابن عمر»، وعنه أيضاً قال: «كان ابن عمر لايصوم في السفر، ولايكاد يفطر في الحضر». وعن ابن ريحانة: «كان ابن عمر يشترط على  من صحبه في السفر الفطر» <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 144، 147، 148، 162.</ref>. كما وروي عنه أنّه كان لايروح إلى الجمعة إلّا أدهن وتطيّب، إلّا أن يكون حراماً <ref> المصدر السابق: 152.</ref>. وأنّه إذا رأى  من رقيقه أمراً يعجبه أعتقه. وعن بشير بن يسار قال: «ما كان أحدٌ يبدأ أو يبدر ابن عمر بالسلام» <ref> المصدر نفسه: 152، 167.</ref>. وذُكر أنّه أعتق ألف إنسان <ref> تهذيب التهذيب 5: 288.</ref>.

وعن نافع: كان عبدالله يقول: «لا أسأل أحداً شيئاً، ولا أردّ ما رزقني». وقال أيضاً: «كان عبدالله بن عمر إذا قدم من سفر بدأ بقبر النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر» <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 150، 156.</ref>.

وكان في منتهى  الزهد في الدنيا، إذ روي عن ميمون بن مهران قال: «دخلت على ابن عمر، فقوّمت كلّ شي ء في بيته من فراش أو لحاف أوبساط وكلّ شي ء عليه، فما وجدته يساوي مائة درهم» <ref> المصدر السابق: 165.</ref>.

وعن مالك قال: «قد أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وآله ستّين سنة، يفتي الناس في الموسم»<ref> أُسد الغابة 3: 228، تذكرة الحفّاظ 1: 39.</ref>. وعن الشعبي قال: «كان ابن عمر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه»<ref> الطبقات الكبرى‏ 2: 373.</ref>. وكان إسلامه بمكة مع إسلام أبيه عمر ولم يكن بلغ يومئذٍ، وهاجر مع أبيه إلى المدينة<ref> المصدر السابق 4: 142، تهذيب التهذيب 5: 287. وذكر البعض: أنّه هاجر قبل هجرة أبيه (تهذيب الأسماء واللغات 1: 279).</ref>.

وعُرض على النبي صلى الله عليه وآله في معركة بدر وأُحد فردّه لصغر سنّه <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 143، المغازي 1: 21، 216.</ref>، لكنّه شهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله <ref> تهذيب الكمال 15: 333، المغازي 2: 453، 501، 604، 3، 877.</ref>. كما واشترك في معركة اليمامة، وفي الفتوحات الإسلامية في خلافة أبيه <ref> الكامل في التاريخ 2: 364 و3: 9.</ref>. وخرج إلى العراق فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع، وورد المدائن غيرمرّة <ref> تاريخ بغداد 1: 182.</ref>، وشهد أيضاً غزو افريقيا <ref> تاريخ خليفة: 115.</ref>.

وبعد أن ضُرب أبوه اقترحوا عليه أن يجعل عبدالله خليفته، فقال عمر: كيف استخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته! لكنّه أوصى في أصحاب الشورى أنّه إن رضي ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً، فحكِّموا عبدالله! <ref> الكامل في التاريخ 3: 65، 67، تاريخ الطبري 4: 228، تاريخ اليعقوبي 2: 60.</ref>

واشترك في فتح طبرستان وخوزستان وأفريقية في زمن عثمان <ref> الكامل في التاريخ 3: 109.</ref>. وعن نافع: أنّ ابن عمر لبس الدرع يوم الدار مرّتين <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 156.</ref>. وقد عُرضت عليه الخلافة بعد مقتل عثمان، فأبى قبولها <ref> المصدر السابق: 151، حلية الأولياء 1: 293.</ref>.

وكان عبدالله ممّن قعد عن علي بن أبي طالب، فلم يبايعه، ولم يشترك معه في حروبه <ref> مروج الذهب 3: 15، الكامل في التاريخ 3: 191.</ref>. ودعاه أصحاب الجمل ليسير معهم، فأبى وقال: «أنا من أهل المدينة، أفعل ما يفعلون» فتركوه، ولما أجابتهم حفصة إلى المسير معهم منعها أخوها عبدالله <ref> الكامل في التاريخ 3: 208.</ref>.

وبعد معركة صفّين وحدوث التحكيم، كان أبو موسى الأشعري راغباً في تنصيبه خليفةً، إلّا أنّه لم يقبل؛ خوفاً من الاختلاف بين المسلمين، وإراقة دمائهم <ref> أنظر: تاريخ الطبري 5: 68، تذكرة الحفّاظ 1: 38.</ref>. وعن نافع: أنّ معاوية بعث إلى ابن عمر بمائة ألف، فلمّا أراد أن يبايع ليزيد بن معاوية، قال: أرى ذاك أراد أنّ ديني عندي لرخيص <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 182.</ref>. إلّا أنّه بعد تسلّط يزيد، بايعه بحجّة عدم الخروج عن جماعة المسلمين، بل، حذّر الإمام الحسين عليه السلام وعبد الله بن الزبير بقوله لهما: لاتفرِّقا جماعة المسلمين <ref> تاريخ الطبري 5: 343، الكامل في التاريخ 4: 17.</ref>.

ولمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، دعا عبدالله بن عمر بنيه وجمعهم، فقال: إنّا بايعنا هذا الرجل على  بيع الله ورسوله، وإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «إنّ الغادر يُنصب له لواء يوم القيامة فيقول: هذه غدرة فلان...» فلايخلعنّ أحد منكم يزيد، ولايسرعنّ أحد منكم في هذا الأمر، فتكون الصيلم بيني وبينه <ref> الطبقات الكبرى 4: 183.</ref>.

ولمّا كان المختار سجيناً بعث إليه يسأله أن يشفع فيه، وكان ابن عمر تزوّج أُخت المختار صفيّة بنت أبي عبيدة، فكتب ابن عمر إلى  يزيد يشفع فيه، فأرسل يزيد إلى ابن زياد يأمره بإطلاقه، فأطلقه، وأمره أن لايقيم غير ثلاث <ref> الكامل في التاريخ 4: 169، 211.</ref>.

واستمرّ عبدالله في التسامح والتساهل مع حكّام بني أُمية حتّى إنّه طرق على الحجّاج بابه ليلاً ليبايع لعبد الملك؛ كي لايبيت تلك الليلة بلا إمام، حيث روي عن النبي صلى الله عليه وآله أ نّه قال: «من مات ولا إمام له مات ميتةً جاهلية» فأخرج له الحجّاج رجله من الفراش، وقال: إِصفق بيدك عليها!! <ref> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 242.</ref>

مدحه أهل السنّة، واعتبروه ممّن يصلح للخلافة، ووصفوه بالصلاح، مضافاً لما عندهم من عدالة جميع الصحابة <ref> تاريخ أسماء الثقات: 269، تهذيب الكمال 15: 339، 341، تذكرة الحفّاظ 1: 37.</ref>. وأمّا علماء الشيعة فإنّهم انتقدوه لمواقفه من الإمام علي عليه السلام، ولم يجدوا له عذراً للتخلّف عنه. هذا وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله <ref> جامع الرواة 1: 498، معجم رجال الحديث 11: 286، قاموس الرجال 6: 538، منهج المقال: 209، تنقيح المقال 2: 200، 201، مجمع الرجال 1: 181، رجال الطوسي: 22.</ref>.

وقد حاول الكثير من العلماء من خلال التذرّع بكلمة «الفتنة» توجيه ما حصل من الخروج بوجه حكومة الإمام علي عليه السلام، وكذلك توجيه وتبرير امتناع بعض كبار الصحابه والتابعين من الوقوف إلى جانبه عليه السلام في حروبه <ref> ومن جملة هؤلاء: سعد بن أبي وقاص، عبداللَّه بن عمر، محمد بن مسلمة، أُسامة بن زيد، وهؤلاء من الصحابة. وأمّا من التابعين: ربيع بن خثيم، مسروق بن أجدع، الأسود بن يزيد، أبو عبدالرحمان السلمي. راجع الاستيعاب 1: 77، مروج الذهب 3: 15.</ref>. ولعلّهم يقصدون من وراء ذلك الإبقاء على  قداسة كلا الطرفين اللذين اختلفوا وتخاصموا مع علي عليه السلام؛ عملاً أو لفظاً، مع أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكرّر - على  مسامع المسلمين - هذه المقولة: «علي مع الحقّ، والحقّ مع علي» <ref> وردت هذه العبارة مايقرب من 36 مرّة في كتاب بحار الأنوار . وانظر: صحيح الترمذي 5: 633، التفسير الكبير للرازي 1 : 205 ، مجمع الزوائد 7 : 235 ، تاريخ بغداد 14 : 321 .</ref>.

وكان من خصائص عبدالله اللافتة للنظر أنّه يولي أهميةً عظمى ل «جماعة المسلمين»، وظلّ ملتزماً بذلك حتّى بعد عهد أميرالمؤمنين عليه السلام، فكان مطيعاً لكلّ أمير وصاحب سلطان. فعن زيد بن أسلم: «أنّ ابن عمر كان في زمان الفتنة لايأتي أمير إلّا صلّى خلفه، وأدّى إليه زكاة ماله» <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 149، حلية الأولياء 1: 294.</ref>. وكان يقول: «لا أُقاتل في الفتنة، وأُصلّي وراء من غلب» <ref> الطبقات الكبرى‏ 4: 149.</ref>، حتّى إنّه كان يصلّي مع الحجّاج بمكة <ref> المصدر السابق.</ref>، وهو الذي لم يسلم من انتقاد أحد من علماء أهل السنّة <ref> ذكر أهل السنّة حديثاً منسوباً إلى‏ النبي‏صلى الله عليه وآله أ نّه قال: «يكون في ثقيف كذّاب ومبير» وفسّروا المبير بالحجاج. أنظر: تاريخ الإسلام 5: 226، 358 ترجمة المختار بن أبي عبيدة، وأسماء بنت أبي بكر.</ref>.

ونقل الكشّي في ترجمة أُسامة بن زيد روايةً عن الإمام الباقرعليه السلام، روى  فيها أنّ عبدالله قد عوتب بسبب انعزاله، وعدم حضوره مع الإمام علي عليه السلام في حروبه <ref> رجال الكشّي: رقم (81).</ref>.

هذا وقد أعلن عبدالله فيما بعد ندمه على  ترك نصرة الإمام علي عليه السلام، حيث قال: «ما أجد في نفسي شيئاً إلّا أنّي لم أُقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب» <ref> أُسد الغابة 3: 228 - 229، سير أعلام النبلاء 3: 232.</ref>.

=من روى عنهم ومن رووا عنه <ref> تهذيب الكمال 15: 333 - 338.</ref>=

وروى عنه جماعة، منهم: [[الحسن البصري]]، [[زيد بن أسلم]]، [[سعيد بن جُبير]]، [[سعيد بن المسيّب]]، [[طاوس بن كَيْسان]]، [[عبدالرحمان بن أبي ليلى]]، [[عروة بن الزبير]]، [[عطاء بن أبي رباح]]، [[عكرمة]]، [[مجاهد]]، [[ابن سيرين]]، [[الزهري]]، [[مَسْروق]]، [[مكحول الأزدي]]، [[غلامه نافع]]، أولاده السبعة: حمزة و سالم و عبدالله و عبيدالله و زيد و عمر و بلال. وقد وردت رواياته في الصحاح الستّة لأهل السنّة <ref> تهذيب التهذيب 5: 287.</ref>، وبعض المصادر الروائية للشيعة <ref> كتاب الخصال 1: 31 و2: 486، قرب الإسناد: 27، غيبة النعماني: 93.</ref>.

وقد اتّفق البخاري ومسلم على 170 حديثاً من بين 1630 حديثاً رواها عبدالله عن النبي صلى الله عليه وآله، وانفرد البخاري بواحد وثمانين حديثاً، ومسلم بواحد وثلاثين حديثاً منها <ref> رجال صحيح البخاري 1: 383، رجال صحيح مسلم 1: 336، تهذيب الأسماء واللغات 1: 279.</ref>. ويعدّ ابن عمر أحد الستّة الذين هم أكثرُ الصحابة روايةً عن النبي صلى الله عليه وآله <ref> تهذيب الأسماء واللغات 1: 280.</ref>، كما يُعدّ من جملة الصحابة الذين رووا حديث الغدير <ref>الغدير 1: 53.</ref>.

روي في سبب موته: أنّ عبدالله قام والحجّاج يخطب، فقال: عدوّالله استحلّ حرم الله، وخرّب بيت الله، وقتل أولياء الله، فقال الحجّاج: من هذا؟ فقيل: عبدالله بن عمر، فقال الحجّاج: أُسكت يا شيخاً قد خرف. فلمّا صدر الحجّاج أمر بعض الأعوان فأخذ حربةً مسمومةً فضرب بها رِجْل عبدالله بن عمر، فمرض ومات <ref> تذكرة الحفّاظ 1: 37.</ref>.

وتوفّي ابن عمر بمكة سنة 74 ه، ودُفن بذي طوى، وقيل: بفخّ، في مقبرة المهاجرين، وبلغ سنّه سبعاً وثمانين <ref> كتاب التاريخ الكبير 5: 2، كتاب الثقات 3: 210، تاريخ بغداد 1: 173، العبر في خبر من غبر 1: 61.</ref>.

وقيل: بل دُفن في «[[المحصَّب]]» وهو موضع فيما بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب. <ref> تهذيب الأسماء واللغات 1: 281، مختصر تاريخ دمشق 13: 181، معجم البلدان 5: 62.</ref>"