الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الطهارة»

'''الطهارة:''' وهي ظاهرية وباطنية، فالطهارة الباطنية هي حالة معنوية حاصلة للمکلف بسبب [[الغسل]] و [[الوضوء]] و [[التيمم]]، ومن حصل له هذه الحالة ابيح له الدخول في الصلاة وسائر الأعمال التي تشترط فيها الطهارة. وفي هذا المجال آراء وأقوال من [[الإمامية]] ومن [[أهل السنة]] خصوصاً [[الشافعية]] و [[الحنفية]] نقدمها للقارئ الکريم.

=الطهارة=

وأما الطهارة فعلى ضربين: طهارة عن حدث وطهارة عن نجس. فالأول على ضربين: وضوء وغسل، أو ما يقوم مقامهما من [[التيمم]].

<br>والأحداث التي توجب [[الوضوء]] خمسة: البول، والغائط، والريح، ودم [[الاستحاضة]] المخصوصة، وما يفقد معه التحصيل من نوم أو مرض.

<br>وأما المذي، والودي، فلا ينقض بهما وكذا الحصاة والدود خاليين من النجاسة لأن [[الأصل]] براءة الذمة وشغلها بما يوجب الطهارة يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه. خلافا لفقهاء أهل السنة <ref>طوسی، الخلاف : 1 / 115 مسألة 57</ref> فقالوا: فيهما الوضوء لحديث مقداد ( رضي الله عنه ). <ref>عمرو بن ثعلبة ، أبو معبد وقيل : أبو الأسود ، ويقال له أيضا : المقداد الكندي ، وهو قديم الإسلام هاجر إلى أرض الحبشة وكانت وفاته بالمدينة في خلافة عثمان ، وعمره ( 70 ) سنة . أسد الغابة : 4 / 475 رقم 5069 .</ref> أن النبي ( عليه السلام ) أوجب في المذي، الوضوء. <ref>سنن البيهقي : 1 / 202 حديث 562 .</ref> والودي ما يخرج عقيب البول.

<br>قلنا أما حديث مقداد، فمعارض بحديث سلمان<ref>الفارسي أبو عبد الله ، ويقال له : سلمان بن الإسلام وسلمان الخير ، أصله من رام هرمز كان أول مشاهده الخندق وشهد بقية المشاهد ، وفتوح العراق ، وولي المدائن مات سنة ( 36 ه‍ ) الإصابة : 3 / 141 رقم 3359 .</ref> أن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أراد أن يسأل النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن المذي فاستحيى منه لمكان فاطمة الزهراء [ ( عليها السلام ) ] عنده فسأله [[سلمان الفارسي]]، فقال ( صلى الله عليه وآله ): لا بأس به. <ref>لم نعثر عليه بعد الفحص الأكيد في كتب الفريقين .</ref> وإذا تعارض الحديثان بطل التمسك بهما.

<br>والخارج من غير السبيلين كالدم والقيح والقئ لا يوجب الوضوء لما مر ذكره في المذي والودي ولأنه روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قاء فغسل فمه، فقال: هذا هو الوضوء من القئ. <ref>لم نعثر عليه .</ref> خلافا لأبي حنيفة <ref>طوسی، الخلاف : 1 / 119 مسألة 61 ، اللباب في شرح الكتاب : 1 / 11 .</ref> لحديث ابن أبي مليكة<ref>عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، مؤذن الحرم ، ثم قاضي مكة لابن الزبير، مات سنة ( 117 ه‍ ) . تاريخ الإسلام : 101 - 120 ه‍ رقم 457 .</ref> عن ام المؤمنين عائشة(رضي الله عنها)<ref>بنت أبي بكر ، تزوجها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة كان لها ست سنين وقبض ( صلى الله عليه وآله ) وهي بنت ( 18 ) سنة ماتت سنة ( 58 ) ودفنت بالبقيع . وفيات الأعيان : 3 / 16 رقم 318 .</ref> عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال: من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم. <ref>سنن البيهقي : 1 / 241 حديث 676 .</ref>

خلافا للشافعي فإنه عنده إذا كان مقعده متمكنا من الأرض لا ينقض الوضوء.

<br>واستدل الإمامية علی ناقضية النوم أن الناقض للوضوء هو النوم بالاتفاق ولا اعتبار بالسقوط كما لو سقط من غير النوم، ومن اعتبر السقوط فعليه الدليل ولن يجد، " وقوله تعالى '''«يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم»'''.<ref>المائدة : 6 .</ref> والمراد إذا قمتم من النوم، على ما قاله المفسرون<ref>التبيان : 3 / 448 ، جامع البيان : 4 / 112 .</ref> وقول النبي ( عليه السلام ): وأما العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ، ولم يفصل ".<ref>الغنية : 37 .</ref>.

<br>وأما القهقهة في الصلاة فلا ينقض الوضوء خلافا لأبي حنيفة<ref>الخلاف : 1 / 121 مسألة 62 .</ref>، وتمسك بحديث الأعرابي الذي في عينه سوء تردي في بئر، فضحك من خلف رسول الله فلما فرغ النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الصلاة فقال ألا من ضحك منكم فقهقه فليعد الوضوء والصلاة جميعا. <ref>سنن البيهقي : 1 / 245 حديث 686 .</ref>

<br>وكذلك أكل لحم الجزور، أو ما مسته النار لا ينقض الوضوء<ref>الخلاف : 1 / 122 مسألة 63 - 64 .</ref>، وما روي من أنه ( صلى الله عليه وآله ) توضأ منه<ref>نيل الأوطار : 1 / 208 .</ref>، فهو محمول على غسل اليدين كما روي عنه ( صلى الله عليه وآله ): الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي التَرَح. <ref>الترح بالتحريك ضد الفرح . وفي مستدرك الوسائل : 16 / 268 حديث 19834 عن شهاب الأخبار للقضائي ص 41 حديث 252 : اللمم . وهو طرف من الجنون يلم الإنسان .</ref>

<br>والدليل علی عدم النقض لأن الأصل بقاء الوضوء وبراءة الذمة، فمن حكم بانتقاضه واشتغال الذمة به يحتاج إلى دليل ولا يصح التمسك لقوله تعالى: '''«أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيباً»'''<ref>النساء : 43 .</ref> لأن المراد بالملامسة المجامعة وهي موجبة للغسل. بيانه أنه تعالى لما بين الطهارة من الوضوء والغسل بالماء في قوله: '''«وإذا قمتم إلى الصلاة»''' إلى قوله: '''«وإن كنتم جنبا فاطهروا»''' بينهما لمن لم يجد الماء كيف يعمل فقال: '''«وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا»''' ولأن لمس المرأة التي ليست بمحرم لو نقض الوضوء لنقضه لمس التي هي محرم والثاني باطل فالأول مثله بيان الملازمة أن كليهما محل الشهوة، والتحريم الوارد في الشرع لا يخرجها عن محل الشهوة.

<br>" ويجب على المكلف أن لا يستقبل [[القبلة]] ولا يستدبرها ببول ولا غائط مع الإمكان، لا في الصحاري ولا في البنيان ".<ref>الغنية : 35 .</ref> لقوله ( صلى الله عليه وآله ): ( إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل [[القبلة]] ولا يستدبرها ببول ولا غائط ) ولم يفصل، خلافا للشافعي في البنيان<ref>الخلاف : 1 / 101 مسألة 48 .</ref>

<br>ويجب الاستنجاء من البول والغائط ".<ref>الغنية : 35 - 36 .</ref> لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعله، وقد دل الشرع و [[الإجماع]] على وجوب اتباعه والتأسي به، فيجب علينا فعله إلا أن يدل دليل على أنه ندب. <br>خلافا لأبي حنيفة فإنه سنة عنده. <ref>الخلاف : 1 / 103 مسألة 49 .</ref>

<br>ومن [[السنة]] أن تكون ثلاثة "<ref>الغنية : 36 .</ref> لأن المقصود إنما هو التنقية فإذا حصلت بواحد واثنين فلا يجب الزائد. لقوله ( صلى الله عليه وآله ): من استنجى فليستنج بثلاثة أحجار. <ref>سنن البيهقي : 1 / 179 حديث 500 .</ref>

<br>وخلافا لأبي حنيفة لأنه ليس عنده فيه عدد مسنون. <ref>اللباب في شرح الكتاب : 1 / 54 .</ref> لقوله ( صلى الله عليه وآله ): من استجمر فليوتر ومن فعل فحسن ومن لا، فلا حرج. <ref>سنن البيهقي : 1 / 182 حديث 509 .</ref>