الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التسييس الطائفي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''التسييس الطائفي''': أحد أبرز تحدّيات وموانع [[الوحدة]]، وهو من المشاكل التي تواجه [[الأمّة الإسلامية]] في مسيرتها الوحدوية. وتسلّط هذه المقالة الضوء على هذا المبحث.
'''التسييس الطائفي''': أحد أبرز تحدّيات وموانع [[الوحدة]]، وهو من المشاكل التي تواجه [[الأمّة الإسلامية]] في مسيرتها الوحدوية. وتسلّط هذه المقالة الضوء على هذا المبحث.
=مدخل=


إنّ قراءة التاريخ قراءة متأنّية تعبر بجيلنا الحاضر إلى الأجيال الماضية لاستلهام التجارب والاستفادة من العبر أمر مطلوب إلى حدّ كبير، غير أنّ تحويل التاريخ إلى عقدة ماضوية تؤثّر على الحاضر تأثيراً سلبيّاً يجعله حاجزاً يحول دون التعامل بين أبناء الأُمّة الإسلامية فهو أمر مختلف.   
إنّ قراءة التاريخ قراءة متأنّية تعبر بجيلنا الحاضر إلى الأجيال الماضية لاستلهام التجارب والاستفادة من العبر أمر مطلوب إلى حدّ كبير، غير أنّ تحويل التاريخ إلى عقدة ماضوية تؤثّر على الحاضر تأثيراً سلبيّاً يجعله حاجزاً يحول دون التعامل بين أبناء الأُمّة الإسلامية فهو أمر مختلف.   


من هنا كان علينا أن نقرأ التاريخ قراءة مستقبلية، بمعنى: أنّنا نستفيد من نجاحاتنا في التاريخ ونجاحات الآخرين؛ لدفع عجلة [[التعاون]] في مجال الوحدة نحو الأمام، كما أنّنا نستفيد من أخطائنا التاريخية؛ لتلافي تكرارها وعدم تحوّلها إلى عقبات في الطريق.
من هنا كان علينا أن نقرأ التاريخ قراءة مستقبلية، بمعنى: أنّنا نستفيد من نجاحاتنا في التاريخ ونجاحات الآخرين؛ لدفع عجلة [[التعاون]] في مجال الوحدة نحو الأمام، كما أنّنا نستفيد من أخطائنا التاريخية؛ لتلافي تكرارها وعدم تحوّلها إلى عقبات في الطريق.
=الطائفية المجتمعية=


قد يقال: إنّ المجتمع بذاته متنوّع طائفياً، فيكون التسييس نتيجة طبيعية للطائفية المجتمعية، فلولا [[الطائفية المجتمعية]] لما تمكّن السياسي من الفعل السياسي الطائفي.. وهي كلمة حقّ يراد بها باطل، فالطائفية سياسية بذاتها وليست مجتمعية، بمعنى أنّ الطبيعي هو اختلاف الناس في انتماءاتهم [[الطائفية]] الإثنية، فالتنوّع ظاهرة إنسانية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، وليست هناك دولة صافية العرق أو الديانة أو [[المذهب]] أو الإثنية، فالدولة الصافية أكذوبة عبر التاريخ. الإشكالية التي تتحوّل إلى مشكلة تكمن بتحويل [[الطائفة]] إلى طائفية، الانتماء إلى آيديولوجية.. فالمشكلة تتصدّر بوساطة أدلجة الطائفة سياسياً في خضم بناء الدولة وإدارة شؤونها العامّة، وهذه هي [[الطائفية السياسية]].
قد يقال: إنّ المجتمع بذاته متنوّع طائفياً، فيكون التسييس نتيجة طبيعية للطائفية المجتمعية، فلولا [[الطائفية المجتمعية]] لما تمكّن السياسي من الفعل السياسي الطائفي.. وهي كلمة حقّ يراد بها باطل، فالطائفية سياسية بذاتها وليست مجتمعية، بمعنى أنّ الطبيعي هو اختلاف الناس في انتماءاتهم [[الطائفية]] الإثنية، فالتنوّع ظاهرة إنسانية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، وليست هناك دولة صافية العرق أو الديانة أو [[المذهب]] أو الإثنية، فالدولة الصافية أكذوبة عبر التاريخ. الإشكالية التي تتحوّل إلى مشكلة تكمن بتحويل [[الطائفة]] إلى طائفية، الانتماء إلى آيديولوجية.. فالمشكلة تتصدّر بوساطة أدلجة الطائفة سياسياً في خضم بناء الدولة وإدارة شؤونها العامّة، وهذه هي [[الطائفية السياسية]].
=الطائفية السياسية=


الطائفية السياسية تقوم بتسييس التنوّع للأمّة الإنسانية (المجتمع) سياسياً عبر تسييس الانتماءات الفرعية العرقية الطائفية الإثنية داخل المجتمع لتكوين الجماعة الوطنية (الدولة).. فالطائفية منظومة سياسية تشتغل على تحويل الانتماءات المجتمعية الطائفية إلى ولاءات سياسية، وهي بذلك تنقل الطائفية من مستواها الأفقي إلى المستوى العمودي، بمعنى أنّها تنقل الانتماء الطائفي الطبيعي من حقله الاجتماعي إلى حقل السلطة لتكون الطائفة وحدة سياسية تامّة، وليست وحدة مجتمعية طبيعية.  
الطائفية السياسية تقوم بتسييس التنوّع للأمّة الإنسانية (المجتمع) سياسياً عبر تسييس الانتماءات الفرعية العرقية الطائفية الإثنية داخل المجتمع لتكوين الجماعة الوطنية (الدولة).. فالطائفية منظومة سياسية تشتغل على تحويل الانتماءات المجتمعية الطائفية إلى ولاءات سياسية، وهي بذلك تنقل الطائفية من مستواها الأفقي إلى المستوى العمودي، بمعنى أنّها تنقل الانتماء الطائفي الطبيعي من حقله الاجتماعي إلى حقل السلطة لتكون الطائفة وحدة سياسية تامّة، وليست وحدة مجتمعية طبيعية.  
سطر ١٩: سطر ٢٥:
من هنا، فإنّ الطائفية السياسية هي مَن يجب تفكيكها على مستوى إعادة بناء الدول والمجتمعات الوطنية بوصفها أسلوب حكم يرسّخ إشكالية التسييس للتنوّع والتعدّدية المجتمعية، ويرفعها لمصاف تعدّدية أمّة الدولة (مجموع أمم سياسية)، ويرتّب على أساس من تعدّدية الأمم هذه انقسام سلطات الدولة، فانقسام الأمّة يوجب انقسام السلطة، فلكلّ أمّة حيّزها من السلطات ضمن إطار الدولة.  
من هنا، فإنّ الطائفية السياسية هي مَن يجب تفكيكها على مستوى إعادة بناء الدول والمجتمعات الوطنية بوصفها أسلوب حكم يرسّخ إشكالية التسييس للتنوّع والتعدّدية المجتمعية، ويرفعها لمصاف تعدّدية أمّة الدولة (مجموع أمم سياسية)، ويرتّب على أساس من تعدّدية الأمم هذه انقسام سلطات الدولة، فانقسام الأمّة يوجب انقسام السلطة، فلكلّ أمّة حيّزها من السلطات ضمن إطار الدولة.  


وهنا، فإنّ النظام السياسي الطائفي يقتل وحدة أمّة الدولة عندما يؤسّس فلسفته على أساس أنّ الأمّة الوطنية هي تكدّس أمم متناشزة في هواياتها ومصالحها، ويقتل الدولة عندما ينقل [[التعدّدية]] الطائفية المجتمعية إلى السلطة ليؤسّس نظام التوازن والمحاصصة السياسي الطائفي، فإذا كانت الأمّة في عرف النظام السياسي الطائفي تكدّس أمم، فالدولة لديه هي تكدّس سلطات، واللعبة السياسية عنده هي إيجاد التوازن بين مصالح أمم الدولة على وفق مفاهيم الشراكة والتوازن والمحاصصة العرق-طائفية الحزبوية.. الطائفية السياسية خير وصفة لتشظّي أمّة الدولة ومقتل دولة الأمّة.
إنّ النظام السياسي الطائفي يقتل وحدة أمّة الدولة عندما يؤسّس فلسفته على أساس أنّ الأمّة الوطنية هي تكدّس أمم متناشزة في هواياتها ومصالحها، ويقتل الدولة عندما ينقل [[التعدّدية]] الطائفية المجتمعية إلى السلطة ليؤسّس نظام التوازن والمحاصصة السياسي الطائفي، فإذا كانت الأمّة في عرف النظام السياسي الطائفي تكدّس أمم، فالدولة لديه هي تكدّس سلطات، واللعبة السياسية عنده هي إيجاد التوازن بين مصالح أمم الدولة على وفق مفاهيم الشراكة والتوازن والمحاصصة العرق-طائفية الحزبوية.. الطائفية السياسية خير وصفة لتشظّي أمّة الدولة ومقتل دولة الأمّة.


=المصدر=
=المصدر=
٢٬٧٩٦

تعديل