الإخالة

الإخالة: اصله من خال یَخال بمعنی الظنّ والإعتقاد، والمراد هنا وجود مناسبة بین الحکم والموضوع یتخیل الفقیه أن هذه المناسبة هي علة الحکم، كما في القتل المظنون كونُه علّة لحرمان القاتل من الإرث.

تعریف الإخالة لغةً

الإخالة مأخوذة من خال، بمعنى: ظنّ. [١]

تعریف الإخالة اصطلاحاً

تطلق على الظنّ بوجود مناسبة بين الحكم والوصف الذي يرجّح أن يكون علّة لهذا الحكم، كما في القتل المظنون كونه علّة لحرمان القاتل من الإرث[٢]، وعرّفها بعضهم: باقتران الحكم بوصف مناسب يصلح أن يكون علّة للحكم. [٣] والإخالة من توابع بحث إثبات العلّة في القياس، ويسمّى استخراج الوصف وتحصيله بـ (تخريج المناط) [٤]، وهو أعمّ من الإخالة. [٥] لقد أكثر الجمهور من استعمال مصطلح «مناسبة» بدلاً من الإخالة، بل قلما استعملوا الإخالة في أبحاثهم. [٦]

الفرق بين الإخالة ومناسبة الحكم والموضوع

المقصود بمناسبة الحكم والموضوع، الارتكازات و المناطات العقلائية العامة الناشئة من تجارب وممارسات اجتماعية طويلة ينسبق إلى الذهن بسببها التخصيص تارةً والتعميم أخرى[٧]، كما في مضمرة زرارة التي سأل فيها الإمام عليه‏السلام بقوله: أصاب ثوبي دم رعاف أو شيء من مني ... ، قال عليه‏السلام: «اغسل ثوبك من الناحية التي ترى أنّه قد أصابها، حتى تكون على يقين من طهارتك».[٨] فإنّ المتبادر من هذه الرواية: أولاً: اختصاص الغَسل بالماء دون سائر السوائل. وثانيا: عدم اختصاص التطهير بما إذا كان الدم خارجا من الأنف، بل يعمّ سائر الدماء المحكوم بنجاستها مهما كان مصدرها. وهذا التضييق والتوسيع في دائرة الحكم يعود في حقيقته إلى الظهورات اللفظية التي عمل بها العقلاء، ولم يردع الشارع عنها، فصارت حجّة ومشروعة لذلك. والإخالة ليست من هذا القبيل، رغم تسمية الجمهور لها بالمناسبة؛ لأنّها تقوم على أساس استكشاف الصفة التي يمكن ان تكون علّة للحكم ولتوسيع دائرته، وهو ممّا يرفضه الإمامية؛ لاعتقادهم كما ذكرنا بأنّه خارج عن حدود قدرة الإنسان وإمكاناته، بخلاف مناسبة الحكم والموضوع التي يصحّ الأخذ بها باعتبارها منشأ لظهورات لفظية يدركها كلّ إنسان. [٩]

حكم الإخالة

إنّ الإخالة من أركان القياس، وهي عمدته وغمرة أبحاثه ومحلّ غموضه ووضوحه كما قيل. [١٠] وقالت الحنفية: إنّ كون الوصف علّة لحكم شرعي لابدّ في اعتباره شرعا بالنص أو الإجماع. [١١] وقد اهتم الجمهور بالإخالة واستكشاف العلاقة بين الحكم والوصف؛ تمهيدا للتمسّك بالقياس الذي قالوا بحجّيته، بينما لم يهتم بها الإمامية ولم يتعرضوا لها؛ إيمانا منهم بعدم حجّية القياس، لأنّ دين اللّه‏ لايصاب بالعقول القاصرة[١٢] عن الإحاطة بمناطات الأحكام ومصالحها[١٣]، إلاّ إذا صرّح الشارع بها وأوضحها[١٤]، بل ذهب بعضهم إلى عدم مشروعية تعميم الحكم حتى في هذه الحالة أيضا. [١٥]

المصادر

  1. انظر : لسان العرب 1 : 1210، تاج العروس 14 : 218 مادة «خيل».
  2. أصول الفقه أبو زهرة : 224.
  3. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل : 154.
  4. إرشاد الفحول 2 : 157.
  5. التقرير والتحبير 3 : 256، روضة الناظر : 147، الإبهاج في شرح المنهاج 3 : 83 .
  6. المصادر المتقدمة، إضافةً إلى الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 271، البحر المحيط 5 : 206.
  7. دروس في علم الأصول 1 : 263، وانظر : فوائد الأصول 4 : 586، أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 173، 252، 253، 256، مستند العروة الوثقى (الصوم) 1 : 167.
  8. الاستبصار 1 : 183 كتاب الطهارة، باب 108 أبوال الدواب والبغال والحمير ح13.
  9. مستند العروة الوثقى الصوم 2 : 12، بحوث في شرح العروة الوثقى (الصدر) 1 : 66.
  10. البحر المحيط 5 : 206، إرشاد الفحول 2 : 157.
  11. التقرير والتحبير 3 : 257.
  12. فقد ورد عن الإمام زين العابدين : «إنّ دين اللّه‏ لايصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة...» مستدرك الوسائل 17 : 262، أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد ح25. وانظر : مستند العروة الوثقى (الصوم) 1 : 160.
  13. مصباح الفقيه الرهن 13 : 378 و(الصوم) 14 : 389، كتاب الطهارة (الخميني) 4 : 108، التنقيح في شرح العروة الوثقى 4 : 55، 121.
  14. معارج الأصول : 185، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 134، 189.
  15. الذريعة 2 : 684.