هليل، أحمد محمد

(بالتحويل من أحمد محمد هليل)

أحمد محمّد هليل: إمام الحضرة الهاشمية، وقاضي قضاة المملكة الأردنية الهاشمية، ودعاة الوحدة.

أحمد محمّد هليل
الاسم أحمد محمّد هليل‏
الاسم الکامل أحمد محمّد هليل‏
تاريخ الولادة 1367ه/ 1948م
محل الولادة ناعور/ عمان
تاريخ الوفاة
المهنة إمام الحضرة الهاشمية، وقاضي قضاة المملكة الأردنية الهاشمية، وداعية وحدة.
الأساتید
الآثار رسالة القضاء، الخطاب الإسلامي المعاصر، قصص الأنبياء، الحرابة، تفسير سورة نوح، تفسير سورة يوسف، تفسير سورة الحجرات، أبو جعفر النحّاس وأثره في التفسير، نحو تجديد الخطاب الديني، العولمة من منظور إسلامي، الوحدة في العالم الإسلامي، البعد الأخلاقي في تكوين الحضارة الإسلامية، حكم نقل زراعة الأعضاء.
المذهب سنی

الدراسة

حصل على درجة البكالوريوس من الجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة، وحصل على درجة الماجستير من جامعة الأزهر- كلّية أُصول الدين، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر- كلّية أُصول الدين بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف.

النشاطات

وهو رئيس مجلس إدارة مؤسّسة تنمية أموال الأيتام، ونائب رئيس مجلس التربية والتعليم، وعضو مجلس أُمناء مؤسّسة آل البيت للفكر الإسلامي، ورئيس مجلس الإفتاء العامّ في المملكة الأردنية الهاشمية، ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلامية، وأمين عامّ وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلامية، ووزير للأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلامية، ومستشار ملك الأردن.
عمل محاضراً في الجامعة الأردنية- كلّية الشريعة، وجامعة البلقاء التطبيقية- كلّية الدعوة وأُصول الدين الجامعية، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية والإسلامية والبرامج التلفزيونية والإعلامية، وألقى‏ العديد من المحاضرات.

التأليفات

له عدد من البحوث والمؤلّفات، منها: رسالة القضاء، الخطاب الإسلامي المعاصر، قصص الأنبياء، الحرابة، تفسير سورة نوح، تفسير سورة يوسف، تفسير سورة الحجرات، أبو جعفر النحّاس وأثره في التفسير، نحو تجديد الخطاب الديني، العولمة من منظور إسلامي، الوحدة في العالم الإسلامي، البعد الأخلاقي في تكوين الحضارة الإسلامية، حكم نقل زراعة الأعضاء.

آرائه الوحدوية

يقول: «الإسلام ليس ديناً مُنبتاً ليس له جذور، فدين اللَّه واحد، وقد فصّل القرآن حقيقة الأصل الواحد، وأنّ محمّداً صلى الله عليه و آله إنّما هو امتداد لموكب الرسل الكرام في مسيرة واحدة وأصل ثابت، فالإنسانية كلّها في نظر الإسلام بناء واحد، قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ‏.
وكأنّ هذه الآية تقرّر السلام العميق بين المؤمنين بدين اللَّه الواحد السائرين على شرعه الثابت، وانتفاء الخلاف والشقاق، والشعور بالقربى الوثيقة التي تدعو إلى التعاون والتفاهم ووصل الحاضر بالماضي والماضي بالحاضر، والسيرة جملة في الطريق. وإذا كان الذي شرّعه اللَّه من الدين للمسلمين المؤمنين بمحمّد هو ما وصّى به نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ففيم يتقاتل أتباع موسى وأتباع عيسى‏؟ وفيم يتقاتل أتباع موسى وعيسى مع أتباع محمّد صلى الله عليه و آله؟ ولِمَ لا يتضامن الجميع ليقفوا تحت الراية الواحدة التي يحملها رسولهم الأخير والوصية الصادرة للجميع: أن أقيموا الدين ولا تفرّقوا فيه؟
فرسل اللَّه جميعاً حملت ذات الدعوة: اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ‏، حتّى كأنّهم رسول واحد على اختلاف زمانهم ومكانهم ولغاتهم. وقد مثّل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله‏
نفسه لبنة في هذا الصرح العظيم، فقال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بنياناً فأحسنه وأجمله إلّاموضع لبنة، فجعل الناس يطوفون به ويقولون: ما رأينا بنياناً أحسن من هذا إلّاهذه اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة».
فالدين إذاً دعوة إلى الوحدة الجامعة المبنية على الأُصول الثابتة، ودعوة إلى العودة إلى الوحدة، قال تعالى: وَ ما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا، وقال: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ‏، أي: فاختلفوا فبعث اللَّه النبيّين لإخراجهم من الاختلاف وإرجاعهم إلى الوحدة على اختلاف معانيها. ويذكّرهم القرآن بأصلهم الواحد وأنّ تشعّبهم الناتج عن كثرتهم لا يسوّغ لهم التفرّق، قال تعالى: إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا.
لقد قام الإسلام على ركنين أساسيين: «كلمة التوحيد» و «توحيد الكلمة، فكلمة التوحيد هي الباب الوحيد الذي يدخل منه الناس إلى ساحة الإسلام، وتوحيد الكلمة هو التطبيق العملي لكلمة التوحيد. فكلمة التوحيد باب الإسلام، وتوحيد الكلمة سرّ البقاء فيه والإبقاء عليه، ولا شكّ أنّ التوحيد يبعث على الوحدة.
ودعا الإسلام الناس جميعاً إلى كلمة سواء أن لا نعبد إلّااللَّه حتّى لا نكون كالعبيد المملوكين عند الشركاء المتشاكسين، وكلمة التوحيد هي العنصر الأساس في توحيد الأهداف والاهتمامات والتصوّرات، وهذا يجعل الجماعة متقاربة متآلفة متوحّدة، وذلك أنّ كلّ فرد من أفرادها يرتبط بغيره على أساس الإيمان ‏باللَّه، فيكون البنيان متآلفاً والجميع متماسكاً، قال تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا.
وقد جاءت العبادات في الإسلام ترجمة لهذا المعنى مرسّخة لهذا التلاقي في تدريب عملي حتّى لا يصيبه ضعف أو يعتريه وهن... فالصلاة هي الصلة الدائمة المتكرّرة باللَّه سبحانه وتعالى، ينادي منادي الإيمان ويرفع الأذان، فيترك المسلمون ما بأيديهم من أشغال وما في أفكارهم من مشاغل منطلقين صوب النداء، فتجتمع الأبدان، وتتعارف الوجوه، وتتصافح الأيدي، وتتآلف القلوب ... يقومون في صعيد واحد، يناجون ربّاً واحداً، ويصلّون خلف إمام واحد، ويتلون كتاباً واحداً، ويتوجّهون إلى قبلة واحدة، ويؤدّون أعمالًا واحدة، ويتلون كتاباً واحداً، ويتوجّهون إلى نقطة واحدة ومركز ثابت، لا يتحوّلون عنه ولا يلتفتون.
وتأدية هذه العبادة في جماعة أمر مقصود، أشار إليه قوله تعالى: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏، فالركوع مطلوب، ولكنّه مطلوب مع الراكعين لتترسم صورة حيّة ماثلة للوحدة الإسلامية.
وشتّان بين وحدة ألّفتها يد اللَّه واعتصمت بحبل اللَّه، وبين وحدة جمعتها المصالح والأهواء! فإنّه لا شكّ مآلها الانهيار؛ لأنّها تقوم على شفير هار.
وإنّ الدارس للسيرة والتاريخ ليتجلّى له بوضوح أنّ أسباب نصر القلّة المؤمنة على الكثرة الكافرة بعد الإيمان باللَّه والثقة به لهو التماسك والاتّحاد في الصفّ المؤمن مقابل تشتّت باد وإن توارى خلف انضمام ظاهري الشكل، فالأحزاب الباغية حينما أتوا إلى المدينة بغية القضاء على الإسلام والمسلمين كانوا كثرة عددية ترهب وترعب، لكنّها كانت تنقصهم الوحدة الجامعة والأُلفة الرابطة، فتشتت الشمل وتفرّق الجمع وتبعثر الصفّ.
فالأعداد مهما كانت كثرتها إذا كانت أعداداً غير متكاتفة ولا متّحدة كانت كما لا قيمة له؛ لأنّها أشبه ما تكون حينها بغثاء السيل الذي يجري إلى غير هدف معلوم أو مجرى مرسوم.
وهذا ما كان يخشاه صلى الله عليه و آله على أُمّته حين قال: «يوشك أن تداعى عليكم الأُمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتهم»، قالوا: أَو مِن قلّة نحن يومئذٍ يا رسول اللَّه؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، لكنّكم غثاء كغثاء السيل».
إنّ الأُمّة إن لم تتّبع السبيل نفقت هي أنفاق السبل، وإن لم يجمعها الحقّ شعّبها الباطل، وإنّ التاريخ يقول: إنّ الأُمّة لم تحقّق غاياتها وتدرك أمانيها إلّامن خلال الوحدة وفي نطاق الجماعة، كما أنّها لم تضعف ولم تنتكس إلّابسبب الفرقة والاختلاف، وإنّ الاختلاف ليضعف الأُمم القوية ويميت الأُمم الضعيفة، كما أنّ في الاتّحاد قوّة للضعفاء.
وقديماً شرح هذا المعنى حكيم لأبنائه؛ إذ قدّم إليهم حزمة من العصي، فعجزوا عن‏
كسرها، ففكّ رباطها فكسروها، ثمّ خلص من هذا المثل العملي إلى الثمرة:
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى‏
خطب ولا تتفرّقوا آحاداً
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّراً
وإذا افترقن تكسّرت أفراداً


إنّنا نعيش في عالم سمته التقارب، وشعاره التكتّل، وإنّ الأُمّة لا تستطيع أن تحقّق التنمية المنشودة والقوّة المطلوبة إلّابالاتّحاد، وما لا يتمّ الواجب إلّابه فهو واجب، وإنّ أوجب الواجبات اليوم لهو بناء صفّ الأُمّة، ونشر ثقافة الوحدة، وتعزيز أواصر التماسك، والضرب بيد من حديد على ثقافة الفتنة.
ومن الأولويات المناطة بالعلماء التقريب، لا بل الموآخاة بين الطوائف الإسلامية؛ لإزالة معنى الطائفية، واستبدال الخلاف بالاختلاف، فإنّ الاختلاف محلّه العقول، والخلاف محلّه القلوب.
وإذا كان البغدادي قد كتب عن «الفَرق بين الفِرق» فإنّا أحوج ما نكون إلى الكتابة عن الجمع بين الفرق، وإذا كان الأشعري قد كتب عن «اختلاف المصلّين» فإنّا أحوج ما نكون إلى الكتابة عن اتّفاق المصلّين، والكلّ منّا على ثغرة، وإنّ نفير طائفة منّا تنذر نفسها في سبيل الوحدة بين المسلمين واجب شرعي وفرض كفائي.
والمطلوب أن لا يكون الواحد منّا كالدفتر يحكي ما قال الرجال وما فعلوا دون أن يضرب معهم في بناء الوحدة بنصيب أو يرمي في معترك الآراء بالسهم المصيب، ولنبني في وحدة أُمّتنا لبنة».