محمد الفحّام
محمّد الفحّام: عالم من كبار علماء النحو المعاصرين، توجّت حياته باختياره عميداً لكلّية اللغة العربية وشيخاً للازهر وعضواً في مجمع اللغة العربية. وهو التاسع والثلاثون من بين من شغلوا المشيخة (1969 ـ 1973)، لكنّه في الترتيب التاريخي لسلسلة مشايخ الأزهر يحتلّ الترتيب الخامس والأربعين، ذلك أنّ ستّة من شيوخ الأزهر تولّوا المنصب مرتين.
ولادته
ولد الفحّام بالإسكندرية سنة 1894 م لأُسرة أصلها من أسيوط، تنتمي عائلته الى قرية بني مرّ في أسيوط، ولقب عائلته هو الدك.حفظ القرآن الكريم وجوّده.
دراسته
دخل المعهد الديني، فنال منه الشهادتين الابتدائية والثانوية، ثمّ نال شهادة العالمية النظامية الأزهرية سنة 1922 م، واشتغل فترة مدرّساً للرياضيات إلى جانب العلوم الدينية.
وفي سنة 1936 م أُرسل في بعثة إلى جامعة باريس للحصول على الدكتوراه في الآداب، وكان موضوع رسالته «معجم عربي- فرنسي لاصطلاحات النحويّين والصرفيّين العرب»، ونال أيضاً دبلوم مدرسة اللغات الشرقية الحية في الأدب العربي عام 1941 م، وقضى في باريس هو وأُسرته عشر سنوات، وعيّن مدرّساً للأدب المقارن بكلّية اللغة العربية وبكلّية الشريعة عام 1947 م، وقام بتدريس النحو بكلّية الآداب بجامعة الإسكندرية، وظلّ يرقى في مناصب هيئة التدريس إلى أن أصبح عميداً لكلّية اللغة العربية، وبعد ذلك أُحيل على المعاش، ثمّ عيّن شيخاً للأزهر سنة 1969 م، بعد استقالة الشيخ حسن مأمون من المشيخة، وانتخب لعضوية مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1972 م.
رحلاته
ظلّ الدكتور محمّد الفحّام طيلة حياته صاحب نشاط علمي واثق وهادئ، فقد شارك بحكم عمله في الأزهر وبحكم منصبه ومسئوليته كعميد لكلّية اللغة العربية ثمّ كشيخ للأزهر في مؤتمرات عدّة في: لبنان، ونيجيريا، وباكستان، وموريتانيا، وإندونيسيا، وأسبانيا، والسودان، والجزائر، والسعودية. وكانت له في كثير من هذه المؤتمرات بحوث وكلمات تشهد بعلمه الغزير.
زار الدكتور محمّد الفحّام السعودية خمس مرّات، مرّتين للعمرة وثلاثاً للحجّ، وزار لبنان، حيث كان هو من مثّل الأزهر في المؤتمر الثقافي العربي في سنة ١٩٤٧، كما قام بزيارة باكستان ثلاث مرّات اتّصل فيها بكثير من علمائها، وزار كثيراً من مدارسها ومعاهدها ومكتباتها. وزار موريتانيا، وأسهم في إنشاء مكتبة إسلامية كبيرة بها، وشارك في مناقشات إسلامية، منحوه بعدها وثيقة مواطن موريتاني. وسافر الدكتور محمّد الفحّام إلى إندونيسيا ثلاث مرّات ممثّلاً للأزهر، وسافر أيضاً إلى أسبانيا والسودان والجزائر وإيران وليبيا.
مؤلّفاته
أمّا مؤلّفاته فهي متنوّعة وإن كان معظمها لم ينشر في كتاب مكتمل، إلّا كتابه عن سيبويه.
ومن كتبه: «المسلمون واسترداد بيت المقدس»، و«رسالة في الموجّهات»، ومذكّرات في الأدب المقارن، ومذكّرات في النحو.
وله بحوث كثيرة، نشر بعضها في مجلّة مجمع اللغة العربية.
تكريمه
نال الدكتور محمّد الفحّام كثيراً من التقدير والتكريم، ومنح وسام الجمهورية المصرية من الطبقة الأولى سنة (1973) عند انتهاء فترة مشيخته للأزهر، كما منح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر.
الفحّام والتقريب
الشيخ الفحّام من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية. وكان يقول: «الكلام بين السنّة والشيعة كثير، ولكن ليس هذا بالمعتبر في الإسلام، وكذلك الحدود بين المسلمين وغير المسلمين: الشهادة بتوحيد اللَّه ورسالته ورسالة النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، والاعتقاد بيوم القيامة... الإسلام لا يعرف العصبية والتعصّب، ولا فضل لعرب على عجم إلّا بالتقوى».
وفاته
توفّي الشيخ محمّد الفحّام في 30/ 8/ 1980 م. وبوفاته لم يعد هناك شيخ سابق للأزهر على قيد الحياة.
قال عنه الدكتور أحمد الحوفي في يوم تأبينه: «نحن اليوم نرثي رجلاً عظيم القدر، أبي النفس، خفيض الصوت، كثير الصمت، سريع العفو، قريب الرضا».
المصدر
(انظر ترجمته في: الأزهر في ألف عام 1: 350- 353، تتمّة الأعلام 2: 217، إتمام الأعلام: 405، موسوعة ألف شخصية مصرية: 498- 499، نثر الجواهر والدرر 2: 1458- 1459، الشيخ محمود شلتوت... آية الشجاعة: 104 (الهامش الثالث)، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 142- 143).