عبد الرحمان تاج

تاريخ الميلاد 1314 هـ / 1896م الوفاة 1395 هـ / 1975 القاهرة، مصر

اسمه: عبد الرحمن حسين علي تاج.

الميلاد: ولد سنة 1896م بأسيوط، وينتسب لأسرة من بلدة (منية الحيط) إحدى قرى مركز إطسا بمحافظة الفيوم انتقل والده مع جده للعمل في إقامة قناطر أسيوط.

نشأته ومراحل تعليمه: نشأ الشيخ عبد الرحمن تاج في أسيوط، وحفظ القرآن بها وهو في العاشرة من عمره، ثم جوَّده وتلقَّى بعض الروايات في قراءاته على يد كبار القُرَّاء، كما تلقَّى بعض مبادئ العلوم الدينية والعربية، وحفظ عددًا من متون العلوم، وانتقلت أسرته إلى الإسكندرية، فانتقل معها والتحق بالسنة الثانية الابتدائية بمعهد الإسكندرية الديني سنة 1910م، وكان المعهد يمتاز عن بقية المعاهد بما تمَّ فيه من إصلاح سبق به غيره، وبما تهيأ له من أساتذة مرموقين أحسن المسؤولون اختيارهم، فأجادوا وسائل الشرح والتوضيح والتوجيه السلوكي لطلابه، وكان هذا المعهد الكبير يضم جميع مراحل التعليم.

ظل الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج يواصل الدراسة فيه، وكان حريصًا على أن يقرأ الدروس قبل أن يتلقاها على أساتذته، ويناقشهم فيها أثناء الدرس مناقشة الفاهم الواعي، فكان أساتذته يثقون به حتى أتاحوا له أن يُلقيَ الدروس في آخر كل أسبوع أمامهم نيابة عنهم، وشهدوا له بالنبوغ، وكان ترتيبه الأول في معظم مراحل التعليم حتى نال الشهادة العَالِمية سنة 1923م، وكان أول الفائزين في هذا العام.

حياته: كانت حركة الإصلاح في الأزهر قائمة على قدم وساق، وكان من نتائج هذه الحركة إلغاء مدرسة القضاء الشرعي، وإقامة قسم للتخصص في القضاء الشرعي، فالتحق الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج به ونال منه شهادة التخصص سنة 1926م وأدَّى فريضة الحج في هذه السنة، وتم تعيينه بمعهد أسيوط الدِّيني عقب تخرجه، وظلَّ مُدَرِّسًا بهذا المعهد حتى تمَّ نقله إلى القاهرة مُدرِّسًا بقسم التخصص للقضاء في كلية الشريعة الإسلامية وفي سنة 1935م عُيِّنَ عضوًا بلجنة الفتوى مُمَثلا للمذهب الحنفي مع قيامه بعمله في كلية الشريعة.

وفي سنة 1936م وقع الاختيار عليه ليكون عضوًا في بعثة الأزهر إلى جامعة السوربون بفرنسا، فصحب أسرته معه وكانت مكونة منه ومن زوجه وثلاثة أطفال، فدرس اللغة الفرنسية وأجادها، ثم واصل دراسته الجامعية وكانت الحرب العَالَمية قد بدأت واشتدت، فلم تعقه أعباء الأسرة ولا أهوال الحرب عن التعمق في دراساته حتى نال الدكتوراه في الفلسفة وتاريخ الأديان عن بحثه القيم (البابية والإسلام) سنة 1942م، وعاد من باريس سنة 1943م، فعُيِّن مُدَرِّسًا بكلية الشريعة في قسم تخصص القضاء الشرعي، وعضوًا بلجنة الفتوى كما كان، ثم سكرتيرًا فَنِيًّا لها، ثم عُيِّن مُفَتِّشًا للعلوم الدينية والعلوم العربية بالمعاهد الدينية، ثم قائمًا بإدارة كلية الشريعة، ثم بإدارة معهد الزقازيق، ثم عُيِّن شَيخًا للقسم العام والبعوث الإسلامية بالأزهر ومُشرفًا على بعث البعوث الدينية للأقطار الإسلامية، فوضع الأسس الدقيقة الكفيلة بتحقيق الغاية من هذه البعوث، وفي هذا الأثناء كتب رسالته القيمة في (السياسة الشرعية) حيث نال بها عضوية جماعة كبار العلماء سنة 1951م، ثم اختير أُستاذًا للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، مع بقائه عضوًا بجماعة كبار العلماء، وعضوًا بلجنة الفتوى، ثم وقع عليه الاختيار ليكون عضوًا في لجنة الدستور إلى أن أتمت عملها.

أخلاقه: كان الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج -رحمه الله- يتمتع بخلق قويم إلى جانب علمه الغزير، وقد صقلته التجارب العديدة التي خاض غمارها، وسمت به عقيدته الدينية إلى آفاق عالية، فقد كان -رحمه الله- شديد التمسك بالشعائر الإسلامية والفضائل الدينية علمًا وعملا وتطبيقًا، فكان إمامًا في المعارف العلمية، وقدوة طيبة في الآداب السلوكية، وكان مع تواضعه يعتز بكرامته كل الاعتزاز، وخاصة مع كبار المسؤولين.

مؤلفاته: - البابية وعلاقتها بالإسلام (بالفرنسية) وهي رسالته التي نال بها درجة الدكتوراه من جامعة السوربون. - السياسة الشرعية في الفقه الإسلامي، وهي الرسالة التي نال بها عضوية كبار العلماء. - الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية. - مذكرة في الفقه المقارن. - تاريخ التشريع الإسلامي. - مناسك الحج وحكمها. - الإسراء والمعراج. - حكم الرِّبا في الشريعة الإسلامية. - (لا) التي قيل إنها زائدة في القرآن الكريم وليست كذلك. - الواو التي قيل إنها زائدة. - الفاء وثم، ودعوى زيادتهما في القرآن الكريم، أو في غيره من فصيح العرب.

- إذ وإذا، ورأي أبي عبيدة، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية سنة 1969م- 1970م (ص 181 - 196).

- أن الزائدة، وأن النافية، وكبوة الفرسان في مجال التفرقة بينهما، وهو بحث نشر في مجلة مجمع اللغة العربية سنة 1974م. - درء مظاهر من الجرأة في تفسير الكتاب العزيز، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية، (ص 24 – 33) من الجزء الرابع والعشرين، بتاريخ يناير سنة 1969م. - القول في (غير) وحكم إضافتها إلى المعرفة، نشر في مجلة المجمع (ص 20- 29) في الجزء الخامس والعشرين، بتاريخ نوفمبر سنة 1969م. - أكثر من واحد، وهو بحث نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 16- 22) في الجزء الثامن والعشرين، بتاريخ نوفمبر سنة 1971م. - حروف الزيادة وجواز وقوعها في القرآن، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 21-27) في الجزء الثلاثين بتاريخ نوفمبر سنة 1972م. - الباء الزائدة في فصيح الكلام وفي القرآن الكريم، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (25-35) في الجزء الحادي والثلاثين بتاريخ مارس سنة 1973م. - من الدراسات اللغوية في بعض الآيات القرآنية، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 23-34) في الجزء الثالث والثلاثين بتاريخ مايو سنة 1973م. - بحث فيما تجب مراعاته في بيان معنى الألفاظ المشتركة الواردة في الكتاب العزيز واختيار أنسب معانيها لمقام ذكرها. - بحث فيما يخرج منه اللؤلؤ والمرجان، وما قيل فيه من أنهما لا يخرجان إلا من البحار ولا يخرجان من الأنهار، وذلك في تفسير قوله تعالى:﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾[الرحمن:22]. - رسالة في أفعل التفضيل واستعماله.

ولايته للمشيخة: في أثناء عمله عضوًا في لجنة الدستور صدر مرسوم جمهوري بتعيينه شيخًا للأزهر سنة 1954م. ومن آثاره النافعة في النهوض بالأزهر أنه قرر تدريس اللغات الأجنبية فيه، وعُني بإصلاح النظم الإدارية وقواعد الامتحانات به، وفي عهده تم الإنفاق على إنشاء مدينة البعوث الإسلامية لسكنى الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر من شتى أقطار الأرض، وكان أول من فكَّر في إدخال نظم التربية العسكرية بالأزهر.

وظل الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج شيخًا للأزهر حتى صدر قرار جمهوري بتعيينه وزيرًا في اتحاد الدول العربية عند قيامه سنة 1958م إلى أن ألغت الجمهورية العربية المتحدة (جمهورية مصر العربية) هذا الاتحاد سنة 1961م، وفي سنة 1963م انتخب عضوًا بمجمع اللغة العربية، ثم اشترك فيه في لجنة القانون والاقتصاد، ولجنة الأصول، ولجنة المعجم الكبير، ثم اختير عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.

وظلَّ الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج يواصل عمله في صبر وأناة بمجمع اللغة العربية، ومجمع البحوث الإسلامية، وكتب أبحاثًا قيمة ودراسات عميقة في تفسير القرآن الكريم، وعلوم اللغة، وصحَّح بها كثيرًا من الأخطاء الشائعة.

وفاته: توفي الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج -رحمه الله- في صباح يوم الأربعاء، العاشر من جمادى الأولى سنة 1395هـ، الموافق 20 من مايو سنة 1975م.

وقد أقام مجمع اللغة العربية حفلا كبيرًا لتأبين الإمام الراحل عبد الرحمن تاج، تحدَّث فيه الدكتور إبراهيم مدكور، والأستاذ الشيخ علي الخفيف، وعقَّب عليهما الأستاذ حسن عبد الرحمن تاج ابن الإمام.

مصادر ترجمته: - الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر. - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي. - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.


الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج هو ثاني شيخ الأزهر يختار لهذا المنصب في عهد الثورة (بعد العلامة الشيخ محمد الخضر حسين) وهو أول أبناء جيله وصولا إلى هذا المنصب الرفيع سابقا ثلاثة ممن يكبرونه في السن هم الشيخ محمود شلتوت المولود ١٨٩٣، والشيخ حسن مأمون المولود ١٨٩٤، والشيخ محمد الفحام المولود ١٨٩٤ أيضا، وقد شغل هؤلاء المنصب ١٩ عاما ما بين ١٩٥٤ و١٩٧٣ حيث آل بعدها إلي الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود المولود ١٩١٠ واثنين من جيله طيلة ٢٣ عاما هي الفترة فيما بين ١٩٧٣ و١٩٩٦. وفيما قبل وصول الدكتور عبد الرحمن تاج للمشيخة فقد شغل المنصب الشيخ المراغي وسبعة من جيله طيلة ٢٦عاما ما بين ١٩٢٨ و١٩٥٤.

عاش الدكتور عبد الرحمن تاج شيخا سابقا للأزهر في عهد أربعة من خلفائه في هذا المنصب وتوفي في عهد خليفته الرابع الشيخ عبد الحليم محمود.

من حيث تخصصه العلمي كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج واحدا من أبرز فقهاء الشريعة الإسلامية وأساتذتها المعاصرين، كما أنه من اللغويين المجتهدين وأعضاء مجمع الخالدين.

كان من قدر الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج أن يتولى مشيخة الأزهر في أصعب فترات الحياة السياسية علي الأزهر، وفي ذروة نجاح الدعوة إلي الترحيب بالتوجهات اللا دينية وتغلغلها في الحياة العامة، وفي بداية سلطان الدولة الشمولية الساعي إلي إضعاف تأثير الدين في الشخصية المصرية إن لم يكن القضاء عليه، وقد كان من الممكن أو المحتمل أن يشارك الأزهر في إضاعة كثير من ملامح وقواعد تاريخ الوطن وهويته ومجده علي نحو أو آخر، لكن قوة العقيدة وتمكن العلم من نفوس الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وأنداده تكفلا بحماية مصر والعالم الإسلامي من هذا المصير، كما أنه كان من الممكن أو المحتمل لشيخ الأزهر أن يندفع بمؤسسة الأزهر في مسارات خطرة، من التأويل والتوليف والتلفيق لكن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وأبناء جيله من قادة الأزهر لم يتورطوا في هذا ولا في ذاك، وهكذا يمكن القول إن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج كان من الشخصيات التاريخية التي يحسب مبلغ فضلها تبعا لما أحجمت عنه لا لما أقدمت عليه، وتبعا لما استطاعت أن تجنبه مؤسستها العريقة قبل أن يحسب تبعا لما استطاعت تحقيقه.

ولهذا فإنه يجدر بنا أن ننظر إلي طبيعة إنجاز الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في الأزهر من خلال عمله النشط في إطار الحدود الدنيا التي فرض عليه أن تتحدد بها صلاحياته، وهي أدني حدود سياسية وسيادية فرضت علي منصب شيخ الأزهر منذ نشأة الأزهر، وعلي سبيل المثال فنحن نعرف أن قانون التطوير الذي صدر عام 1961 أمن بعض المزايا الشكلية لتسويغ وتمرير التطويرات الجديدة التي فرضتها حكومة الثورة، وكان من هذه المزايا المسوغة للتطوير إطلاق اسم الإمام الأكبر علي شيخ الأزهر، وهو اللقب الذي لم يحظ به الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج ، وإنما حظي به خلفه المباشر، أما في عهد الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وهو العهد الذي سبق التطوير فقد كانت درجة الشيخ أدني من درجة الوزير وهكذا فقد عد تعيين هذا الشيخ وزير دولة في مجالس اتحاد الدول العربية بمثابة ترقية أو إنعام.

عاش الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج هادئ الطبع، هادئ الصوت، ذا قدرة فائقة على الاستشهاد وعلى الإحاطة بالمصادر البعيدة عن التناول، وكان تواضعه واعتزازه بأزهريته يدفعانه إلى عدم توقيع مقالاته بلقب الدكتور رغم حصوله على دكتوراه من السوربون. ●

بعيدا عن المناصب والسياسة فمن الجدير بالذكر أن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج كان نموذجا مبكرا للأزهريين المحدثين الذين انتفعوا بعلوم الأزهر الأولي وطريقة تدريسه، وضموا إلي هذا الانتفاع ملامح وأصول الأسلوب الجامعي الحديث في التأليف، وهكذا جاءت كتاباته العلمية علي درجة عالية من الوضوح والدقة، وحظي بتقدير السابقين عليه من أساتذة الشريعة الإسلامية في الأزهر والجامعات، وكان أبرزهم في هذا التقدير له الأستاذ علي الخفيف، كما ربطته علاقات متميزة بكثير من العلماء المعاصرين له في الميادين المختلفة، وقد كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج حريا أن يصبح من أساتذة الشريعة التقليديين في كليات الحقوق ( بعدما بدأ هذا المسار بالفعل ) لولا اختياره المبكر لمنصب المشيخة، وكان حريا أن يواصل مسيرة أسلافه : المشايخ أحمد إبراهيم، وعبد الوهاب خلاف، وعلي الخفيف. تكوينه العلمي

أما علي مستوي التكوين العلمي والأزهري فقد كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج ، كما أشرنا، طليعة جيل محظوظ من الأزهريين المحدثين ، فقد بدأ دراسته الأزهرية في الوقت الذي بدأت دعاوي الإصلاح والتطوير تتبلور في صيغ تعليمية وتنظيمية جيدة، ومن ذلك أن الأزهر بدأ تجربة عبقرية ومبكرة في الارتقاء بمعهد الإسكندرية الديني وتطوير رسالته وصلاحياته علي نحو نموذجي متميز لم نصل إليه حتي الآن، وهو الإنجاز الذي عبرت عنه في أكثر من موضع بأن معهد الإسكندرية في ظلال الأزهر القديم كان قد اصبح بمثابة أول جامعة إقليمية في مصر، فقد أصبح بإمكان هيئة الأستاذية الأزهرية القائمة في معهد الإسكندرية في ذلك الوقت (الذي درس فيه عبد الرحمن تاج طالبا ) أن تمنح طلابها شهاداتهم العامة والعامة، وحتي درجة الشهادة العالمية، وهكذا كان الأزهر الشريف (من دون أن يدرك أحد) سباقاً إلي تطبيق فكرة تعدد الجامعات علي نحو رائد، فإذا تذكرنا أن هذا الإنجاز أو التطوير قد حدث في بداية العشرينيات، وأن الجامعة الوليدة في الإسكندرية لم تمنح درجاتها الجامعية الأولي (لا العالمية) إلا في منتصف الأربعينيات لأدركنا كم كان الأزهر الشريف رائداً كالعهد به.

ومن الحق أن نقول إن تجربة تطوير الأزهر في الإسكندرية تحتاج إلى دراسة تجلو أوجه النجاح التي تحققت من خلالها، وربما كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج نفسه بمثابة نموذج بارز من النماذج البارزة للنجاح الذي حققته هذه التجربة، وقد كان من حسن حظ الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج أنه انتقل ليتلقى العلم في معهد الإسكندرية نقلاً من معهد أسيوط رأسا أي بدون أن يمر على القاهرة أو الجامع الأزهر نفسه.

ومن الجدير بالذكر هنا أن الشيخ محمود شلتوت الذي خلف الشيخ الدكتور تاج في المشيخة كان هو الآخر قد تأهل بالمشيخة والعالمية من معهد الإسكندرية عام ١٩١٨ وهو في الخامسة والعشرين من عمره، أما الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج فقد نالها في ١٩٢٣ وهو في السابعة والعشرين من عمره، إن كان قد واصل بعدها دراسات أخرى في الأزهر والسوربون.

وفي مثل هذه التجارب التي يُختار لها أستاذه متميزون فقد كان من حسن حظ الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج (حين كان لا يزال طالبا) أن يكتشف هؤلاء الأساتذة المتميزون تفوقه ونبوغه إلى الحد الذي جعلهم ينتدبونه يوما في الأسبوع للقيام بواجب التدريس لزملائه، وإلى الحد الذي جعلهم يحتفظون له بمرتبة الأولوية في نهاية كل عام من أعوام الدراسة.

ينتسب الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج لأسرة من قرية منية الحيط إحدى قرى مركز إطسا بمحافظة الفيوم لكن والده انتقل مع جده للعمل في إقامة قناطر أسيوط وهنالك ولد وبدأ تعليمه بالكتاب حيث حفظ القرآن الكريم. ●

بعد حصول الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج علي الشهادة العالمية (1923) وهو في السابعة والعشرين من عمره كما ذكرنا ، فإنه واصل نوعا متقدما من الدراسات العليا المتاحة في ذلك الوقت فحصل علي شهاده التخصص في القضاء الشرعي من الأزهر (1926) وهكذا انفتحت أمامه مجالات الوظائف العلمية ، وكان من حسن حظه أن بدأ بوظائف الأستاذية في المعاهد الأزهرية فعمل مدرسا في معهد أسيوط الديني خمس سنوات (1926 – 1931) ثم في معهد القاهرة الديني (1931 – 1933) ثم نقل مدرسا في الدراسات العليا في قسم التخصص للقضاء الشرعي في كليه الشريعة عام 1933 فكان من أوائل من نقلوا إلي هذا القسم في هذه الكلية التي كانت قد نشأت حديثا تبعا لنظام التطوير الذي أنشئت به الكليات الأزهرية في مطلع الثلاثينيات، وهكذا يمكن لنا أن نتصور كيف أنه درّس مثلا في قسم التخصص لمن كانوا طلابا له في معهد أسيوط، وتخرجوا في الأزهر، ووصلوا إلي قسم التخصص هذا الذي هو بمثابة الدراسات العليا في جامعتنا، كما أنه درّس لبعض السابقين علي هؤلاء.

ويبدو أن إلمام الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج بالعلم الفقهي كان على درجة كبيرة من التمكن حتى إنه اختير ليكون بمثابة العضو الحنفي في لجنة الفتوي بالأزهر الشريف التي شُكلت برئاسة الشيخ إبراهيم حمروش إضافة إلى عمله في كلية الشريعة. ●

لم يكن عمل الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في قسم تخصص القضاء الشرعي هذا بمثابة الأمر الأكاديمي الروتيني أو الجامعي التقليدي ، ولكنه كان ، على نحو صوره أستاذنا الدكتور محمد رجب البيومي ، في حقيقة الأمر تعبيرا عن تنافس لإثبات الذات الأزهرية في مواجهة المتطلبات التي كانت حتي عهد قريب منتزعة جزئيا من الأزهر (القديم) ومسندة جزئيا إلي مدرسة القضاء الشرعي وخريجيها، وقد تمكن الأزهريون في ذلك الوقت ـ وبعد صراع طويل من استصدار قرار بـإلغاء مدرسه القضاء الشرعي وإنشاء هذا القسم ليحل محلها، هكذا أصبح الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج بمثابة واحد من أبرز خريجي هذا القسم (1926)، ثم من أبرز مدرسيه كذلك (1933) وذلك في غضون سنوات.

ويأبي القدر إلا أن يضيف إلى تكوين هذا العالم الجليل بعداً جديداً لم يكن في حسبانه، فها هو يختار في 1936 ليكون عضوا في بعثة الأزهر إلي أوروبا وتُختار له جامعة السوربون ليدرس فيها. وكان في ذلك الوقت قد بلغ الأربعين من العمر، كما كان متزوجا ورب أسرة تضم ثلاث من الأبناء، وقد استقرت أحواله الوظيفية والمادية والاجتماعية كما كان قد بلغ من المناصب العلمية ما لا مزيد عليه لمن هم في مثل سنه.

وهكذا بدأ عبد الرحمن التاج دراسة جديدة في السوربون بعقل ناضج وفكر مستنير ونفس مطمئنة إلي اليقين الذي وصلته إليه من قبل ، ولهذا لم يكن المستغرب أن يوجه عناية إلي دراسة البابية وعلاقتها بالإسلام وهي كما نعرف ونتوقع دراسة ذات إشكاليات عديدة ليس من أقلها أنها تُجرى و تُكتب في مجتمع علمي فرنسي لتقييم الآثار غير المباشرة لسياسات بريطانية عميقة في سعيها إلى التشويش على الدين الإسلامي في المستعمرات البريطانية بتأهيل حركات عابثة بالعقيدة الإسلامية للتعبير عن الإسلام والتحدث باسمه رغما عن المسلمين أنفسهم و الإسلام نفسه (!!) و هكذا كان على الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج أن يقدم تعريفا فلسفيا بما يشيع على أنه مشترك بين الإسلام و البابية .

وقد استمرت دراسة الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج ثمان سنوات في باريس، حتى حصل على شهادته الكبرى: الدكتوراه في الفلسفة وتاريخ الأديان من السوربون، وعاد ليصبح واحداً من أوائل أولئك الذين حملوا لقب الشيخ الدكتور.

بعد تخرجه في السوربون

منذ ما بعد منتصف الأربعينيات بقليل أصبحت قدرات الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج ومواهبه بارزة ومعبرة عن نفسها بوضوح، ولهذا فإننا نراه يقوم بكثير من الأعمال على سبيل النيابة والندب فيتولى إدارة كلية الشريعة فترة من الزمن، ويتولى إدارة معهد الزقازيق الديني فترة أخري ثم يعين شيخاً للقسم العام من الأزهر وهي وظيفة توازي الآن (على سبيل التقريب البيروقراطي) وظيفة رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.. وكان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في كل هذه المواقع يضيف ويتفوق، ويبدو أيضا أن إغراء المناصب الجامعية في الجامعات المدنية قد نجح في أن يستقطب الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج، فإذا هو يختار (عن رضا بالطبع وربما عن تقدم منه للإعلان) ليكون أستاذا للشريعة في كلية الحقوق الجديدة الناشئة في جامعة إبراهيم (جامعة عين شمس الآن).

وكان قد ألف في وقت مواز لهذا الوقت رسالة عن «السياسة الشرعية والفقه الإسلامي» نال بها عضوية جماعة كبار العلماء في سنة 1951. عضوية لجنة دستور ١٩٥٤

اختير الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في بداية عهد الثورة ١٩٥٣ ليكون عضوا في لجنة وضع الدستور (1954)، وبالموازاة لهذا كانت تنمو عند الثورة رغبة في التخلص من وجود الشيخ محمد الخضر حسين في منصبه كشيخ الأزهر (مع أن الثورة هي التي جاءت به إلى هذا الموقع) وقد استحدثت الثورة في ذلك الوقت قانونا يقضي بأن يكون سن من يشغل منصب الشيخ دون الستين من عمره (بل أن ينطبق هذا أيضا على أعضاء جماعة كبار العلماء! التي يقضي المنطق والعلم ألا يصلها المرء إلا وهو في هذه السن)، وهكذا قفز منصب المشيخة من الشيخ محمد الخضر الحسين المولود عام 1877 إلي الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج المولود بعده بما يقرب من عشرين عاما (1896)، والذي عين شيخا للأزهر في يناير ١٩٥٤ وكان المعني البيروقراطي أن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج مرشح للبقاء في منصبه لفترة تؤهلها له سنه، وقد لا يؤهلها له القانون(!!) لكنه لا يبقي إلا حتي 1958 فقط، حيث اختير، كما ذكرنا، ليكون وزيراً فيما سمي بمجلس اتحاد الدول العربية الذي ضم مصر وسوريا واليمن.

ومن الطريف أن أبرز تبريرات الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج لهذا المنصب الوزاري الاتحادي كان هو محاولة التوافق مع إمام اليمن الذي كان شاعرا وفقيها. مشاركته في الاحتفال باستقلال إندونيسيا

وقد شارك الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في احتفالات إندونيسيا بالاستقلال على رأس وفد من الأزهر وذلك تلبية لدعوة من الزعيم الإندونيسي العظيم أحمد سوكارنو، وكان الوفد المصري الرسمي برياسة جمال سالم، وهو يومئذ الشخصية الثانية بعد جمال عبد الناصر، لكن الاستقبال الحار وجه تلقائيا إلي وفد الأزهر وإلي رئيسه، مما جعل جمال سالم فيما تواترت روايته، يضيق به، ويحاول عرقلة وجوده، ووصل الحد إلى أن جمال سالم سأله في ضيق: مَنْ رئيس الوفد؟ أنا أم أنت؟ فأجابه الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج: كل منا رئيس فيما جاء له!!

وقد حاول جمال سالم إعادة أعضاء الوفد الأزهري قبل نهاية الاحتفالات، لكن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج تصدي له.. وقد عانى الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج من متاعب متكررة مع قيادات الثورة، وبصفة خاصة مع علي صبري مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر، وقد وصل الحال في هذه النزاعات إلى أن استصدر الرئيس عبد الناصر قرارا بأن يكون على صبري مسؤولا عن الأزهر وتمادى على صبري في هذا السبيل حتى كان يصدر قرارات يقيد بها قرارات شيخ الزهر أو يستبق خطواته.

وقد ألقى الأستاذ الشيخ علي عبد الرازق باشا بعضا من الضوء على نشاط الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في مشيخة الأزهر:

«… أخذ الأستاذ يبدي في هذا المنصب نشاطاً ملحوظاً وبدأ يخط فيه قواعد الإصلاح للنظم السائدة وقواعد الامتحان في الأزهر، وقرر تدريس اللغات الأجنبية، وكان أول مَنْ فكر في ادخال نظم التربية العسكرية في الأزهر، ودفع الأزهريين إلى غمار هذه الحياة دفعا. وفي أيامه تم الاتفاق على إقامة مدينة سكنية لطلبة البعوث الإسلامية تتسع لخمسة آلاف طالب وقد أقيم بالفعل لهذا الغرض مسجد و٤١ عمارة ولكن قبل أن يتم استلام هذه المنشآت في عهده صدر القرار بنقله وزيراً بمجلس اتحاد الدول العربية سنة ١٩٥٨».

بقي للدكتور عبد الرحمن تاج من مشيخته للأزهر إنشاؤه معهد الفيوم الأزهري في مبنى أعدته جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وافتتحه الرئيس جمال عبد الناصر والشيخ عبد الرحمن تاج في ١٩٥٦. حكمته في مواجهات الحملات على شخصه

أذكر أني كنت أطالع في صباي هجوماً متصلا علي الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج على صفحات ما يمكن وصفه بأنه الطراز المتاح يومها من مجلات إسلامية سياسية، ولم يكن جوهر هذا الهجوم في حقيقة الأمر يتعدى اختلاف الرأي في المسائل الإدارية والمشكلات التنظيمية، ولكن المهاجمين لم يتورعوا عن أن يمضوا بالهجوم في المسارات المعتادة أو المعهودة في المعارك السياسية المصرية، ولكن دماثة خلق الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وحكمته ونفسيته السوية ساعدته علي أن يجتاز بنفسه وبمنصبه و بالأزهر خضم هذه الفترة من الحياة السياسية المضطربة بالتوجهات المتباينة المتقلبة من دون أن يتورط فيما تفتضيه مثل هذه الظروف من الإفراط في الاشتباكات والتلاسن .

ويطيب لي في أحيان كثيرة الحكم علي الشخصيات القيادية من خلال اختيارها للرجل الثاني لها أو عملها مع الرجل الثاني الذي وجدته في المؤسسة التي رأستها، ويحتاج هذا الأسلوب إلى فهم تاريخي وإلمام بجوانب متعددة من صور ليست ظاهرة، وليس الوصول إلى الصواب من خلال هذا الأسلوب بالأمر السهل، ولا بالإنجاز القليل، وإذا ما تصادف أن خلف النائب رئيسه هذا الذي يعمل معه فمن الإنصاف اعتبار نجاح الرئيس الأول نجاحا مضاعفا، لأنه أعطي الفرصة لنائبه أو مساعده ولم تخنقه الغيرة من لمعانه وهو في مقعد الرجل الثاني.

وبهذا المنطق يمكنني القول إن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج قد مثل نموذجا بارزا في هذا الصدد فقد كان وكيله في مشيخة الأزهر هو خلفه الشيخ «محمود شلتوت» بما أصابه اسمه وأداؤه قدراً كبيراً من اللمعان قبل المشيخة وبعدها، حتى لقد كان كثيرون من معارضي الدكتور تاج ينادون صراحة وعلانية بأحقية الشيخ شلتوت في المشيخة وأفضليته على الشيخ تاج، ومع هذا فإن الشيخ تاج لم يدخل في صراعات كلاسيكية مع الشيخ شلتوت بل رحب بخلافته له حين اختير هو ليكون وزير دولة في وزارة شكلية بمجلس اتحاد الدول العربية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه كانت أول وآخر مرة يخرج فيها شيخ الأزهر ليتولى منصب الوزارة بينما حدث العكس في عهد الملك فاروق، وفي عهدي الرئيسين السادات وحسني مبارك (مصطفي عبد الرازق، وعبد الحليم محمود، ومحمد عبد الرحمن بيصار، وجاد الحق علي جاد الحق).

ومن أطرف ما يمكن أن يروي أن نذكر أن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج نفسه كان مرشحا للعودة لتولي مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ شلتوت، إذ كان لايزال قادرا على العطاء، ولم يكن هناك من المناصب الرسمية ما يشغله، كما أنه لم يكن هناك ما يمنع من تعيينه في هذا المنصب.

اهتمامه بتوظيف المناسبات الدينية في مواجهة طغيان القومية العربية

كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج منتبها ومنبها إلى إعلاء رابطة الإسلام فوق رابطة القومية العربية ، وكان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج طيلة توليته مشيخة الأزهر معروفا باهتماماته الدؤوبة بالمناسبات الدينية فيما يبدو لنا وكأنه كان يصدر عن نحو يستلهم ما رآه وعاشه من ذكاء الفرنسيين في توظيف الأعياد الكثيرة ، وكان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج يكتب في أعداد مجلة «الأزهر» المتوالية عن ليلة الإسراء، وليلة القدر، والهجرة، وثبوت الهلال، والحج، والصوم، والزكاة حديثا دقيقا مستوعبا، وكأنه أُعد ليكون دراسة مستقلة.

وعلى الرغم من طغيان الدعوة إلى القومية العربية بطريقة فجة، ومحاولة استبعاد الدين من الحياة العامة، فإن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج كان حريصا دوما على أن يتحدث بما يعلي من قدر الدين فوق القومية العربية نفسها، وكان يقول في هذا الصدد:

«إن القومية العربية صلة كصلة النسب والقرابة التي تجمع بين الاخوة وأبناء العمومة، وهناك بعد هذا صلة روحية تحكم هذه الصلة، وتهيمن عليها، وهي رباط الإسلام الروحي الذي يعتبر أقوي من صلة القومية، لأنه منها بمنزلة الروح من الجسد، والروح هي التي تسير الجسد وتسيطر عليه، وهو أيضا أوسع وأشمل من رابطة القومية العربية التي تقتصر على البلاد العربية، لأنه يدخل فيه كل مَنْ ينتمي إلي الإسلام.

وكان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج منتبها منذ مرحلة مبكرة إلى إشكالية مهمة أثبتت صواب رأيه مع مرور العهود والأزمات:

” وأهم دليل علي أن هذا الرباط الروحي أقوي من صلة القومية، أنه إذا خرجت جماعة أو دولة من العرب علي ما يقتضيه الرباط الروحي، فإن الصلة الأخرى (صلة القومية) لا يكون لها أثر أو اعتبار حينئذ في موقف باقي الشعوب العربية تجاهها، والإسلام دين التسامح، ولا يعتبر مجرد الاختلاف في الدين سببا للتنازع وإثارة الشحناء، وهو يحرّم على الأمة الإسلامية أن تبدأ بشن حرب عدوانية على غيرها، ويقول تعالي: ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين». الازدواجية المنهجية في إسهامه العلمي

يري أستاذنا الدكتور محمد رجب البيومي أن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج كان فيما يعالج من مسائل الفقه والتفسير يميل إلى تأييد ما قرره الفاقهون من الأسلاف، أما في مسائل اللغة والأدب والنحو فإنه كان أقرب إلى أن يكون مجددا مصححا، إذ يخطئ الأئمة من أعلام هذه الفنون في قوة لا تعرف التراجع! وقد ناقش الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج آراء عدد من أعلام المعاصرين منهم الأستاذ الإمام محمد عبده، والأستاذ الفقيه عبد الوهاب خلاف، والعلامة المجدد الشيخ محمود شلتوت.

وقد ذكر أستاذنا الدكتور محمد رجب البيومي إن البحث يطول به لو تتبع مناقشته لهؤلاء الكبار، وقد اكتفي الدكتور البيومي بمثلين موجزين لمناقشته للأستاذ الإمام محمد عبده، وانتهي الأستاذ البيومي إلي قوله: ” إني كنت أجدني بعد المراجعة الدقيقة لآراء الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج أميل إلى ما قرر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، ولا عليه ولا علي”. منهجه في تفسير القرآن الكريم والحديث

تحدث الأستاذ علي عبد الرازق باشا بتقدير وحب بالغين عن بعض آراء الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج المتميزة في تفسير القرآن الكريم والحديث النبوي فقال:

«لفضيلة الأستاذ رسالة صغيرة أخري أريد أن أخصها بالذكر وأنبه إليها الأذهان كتبها حول الحديث الشريف عن النبي (صلي الله عليه وسلم) الذي يقال إنه بلغ رتبة التواتر «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».

«جري أكثر العلماء قديما وحديثا علي أن ينتحوا بهذا الحديث ناحية خاصة فقهية صرفة وجرهم ذلك إلي مباحث من الفقه شتي، ومباحث في أصول الفقه وإلي خلافات ومذاهب لا نهاية لها ولا تزال هذه المباحثات في أصول الفقه وإلي خلافات ومذاهب لا نهاية لها، ولا تزال هذه المباحث وهذه الخلافات تتضاعف وتتجدد وتتزايد إلي اليوم، ولكن فضيلة الأستاذ رأي في هذا الحديث غير ذلك الرأي، وسلك به منهجا غير ذلك فهو يقول «إن الحديث ليس في باب الأحكام الفقهية وبيان شروط الصحة أو شروط الكمال وإنما هو في باب الأخلاق يعالج النفسيات، ويزكي الضمائر، ويطهر الطوايا، ويقرر قيمي الأعمال من ناحية البواعث عليها، والأغراض التي تقصد منها، والأعمال تكون خيراً وشراً. بحسب تلك النوايا والمقاصد، والجزاء على تلك الأعمال هو بحسب ذلك كله في الثواب والعقاب».

«ذلك رأي قد يبدو جديدا وفي الواقع أنه ليس بدعا ما ذهب إليه الأستاذ من ذلك المعني ولكنه رأي كان مهجورا فنشره، ومذهب كان متروكا فأعلنه ودعا إليه وأحيا بذلك بابا للإصلاح الديني كاد الجمود يوصده، ونشر بذلك للأخلاق وكريم الصفات مذهبا إذا لم تتداركه رحمة الله وتتبادر بالدفاع عنه رجال الدين والخلق فسوف تقضي عليه حملة الفساد ودعوة الكفر والضلال».

«وجملة القول أيها السادة أن فضيلة الأستاذ قد حصل من الرتب العلمية والدرجات مكانا رفعه كما رأيتم إلي مستوي لا مطمع لكثير من الناس أن يصلوا إليه، ولكن هو نفسه قد استطاع أن يبلغه وأن يبلغ من الفضل مقاما فوق ذلك مظهرا، وأرفع قدرا، وأكبر مقاما مقام تتهادي دونه درجات العلماء، ومقامات الخبراء، وتتخاذل دونه الألقاب وترتد المطامع عنده، وهي كليلة حسري، ذلك هو مقام العلم الناصع إذا ما عضده الخلق الصالح وفي العلم كما تعلمون علم ضار لا خير فيه وفي العلماء كما تعلمون علماء كلهم شر لا يرجي منهم خير ولا ينبت فيهم إلا السوء» . قيمته العلمية والفقهية

ننقل تقييما أمينا لمجمل حياة الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج الفقهية والعلمية من الكلمة التي أبنّه بها الشيخ علي الخفيف حيث قدم له وصفاً دقيقاً ورائعا ومنصفا:

«كان رضي الله عنه أمة وحده، عالما متبحرا، باحثاً متدفقاً، أستاذاً متمكناً، مؤمناً برسالته، مخلصا لدعوته، خلف لنا ثورة علمية قيمة، فيما ترك من كتب ورسائل، وفيما نشر من مسائل، وفيما زود به مجمع اللغة العربية من أبحاث تضمنت أفكاراً مشرقة هادية، وآراء سديدة قيمة، تنم عن علم زاخر، ونظر دقيق، وبحث فاحص، ووزن سليم مع سلامة في الأسلوب، وروعة في التعبير، وإيجاز في القول، واستيعاب في البحث. تمثل كل أولئكم فيما عرض له في بحوثه التي قدمها إلى المجمع في بيان الكتاب الحكيم وأسلوبه واختيار كلماته، مع سلامة في الحكم واستقامة في النظر، وتدقيق في اختيار أحسن الآراء، وأقربها إلي فهم كتاب الله وأوضحها دلالة علي بيان المعني وإيضاح الغرض، ولذا فإنه قد ترك بوفاته رضي الله عنه فراغا لا يملأ، وأسي لا ينسي».

«كان رضي الله عنه سمحا في أخلاقه متميزا في أدبه، متفوقاً في علمه، لم ينل من نفسه زهو المنصب، وما لمشيخة الأزهر من جاه، وما تظفر به من مكانة في النفوس، وسلطان في القلوب، وما عزت به من هيبة روحية ومكانة دينية، ولم يكن ذلك ليشغله عن أن يكون باحثاً مدققاً ناقدا مفكراً، لا يرضي إلا بالحقائق واضحة جلية مؤيدة بحجمها، لا بمن نسبت إليه من قائل، ولا ممن تعزي إليه من باحث». ●

وفي موضع آخر نبه الشيخ على الخفيف إلى ما تميزت به شخصية الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج فقال:

«كان رضي الله عنه من العلماء الأفذاذ الذين استطاعوا أن يفيدوا من التربية الأزهرية ومنهجها التربوي الاستقلالي؛ الماثل في الاعتماد علي النفس في تحصيل العلم ووزن الأفكار ونقد الآراء، وفي السلوك القائم علي الصدق في القول والبعد عن الرياء والمناخر، مع التمسك بالدين، فكان من خير من نشَّأهم الأزهر في الجيل الماضي خلقا وعلماً وعملا وأدبا، وواحداً من أولئك الصفوة الممتازة الذين حفظوا للأزهر ماضيه الكريم وقداسته الدينية، ومكانته العلمية، وجددوا مآثره بما ألفوا للناس من كتب قيمة، وما تركوا فيهم من بحوث عميقة ممتازة، كان للفقيد منها عدد وافر؛ نذكر منها في الفقه كتابه في «السياسة الشرعية» الذي اختير به عضوا في جماعة كبار العلماء بالأزهر، وكتابه في «الأحوال الشخصية» الذي وضعه لطلبة كلية الحقوق في جامعة عين شمس، ورسائل عديدة بعضها في «الفقه المقارن» وضعه لقسم تخصص القضاء بكلية الشريعة بالأزهر وبعضها في «تاريخ التشريع» وبعضها في «مناسك الحج وحكمها» وبعضها في «الإسراء والمعراج» وبعضها في «حكم التأمين علي الحياه» و«التأمين ضد الحوادث» وبعضها في «استثمار المال في المصارف». ●

ووصفه الدكتور إبراهيم بيومي مدكور وصفا جميلا وهو يفتتح حفل تأبينه في مجمع اللغة العربية فقال:

«لقد كان من بقايا السلف الصالح الذين امتلأ قلبهم بالإيمان الصادق، واتسع صدرهم لكل جديد نافع، عرفناه بيننا منذ عدة سنين، فأعطي مجمعنا هذا ما استطاع أن يعطي في سخاء كبير، وعناية تامة». ●

وقد أشار الدكتور محمد محمود الصياد في كلمته التي ألقاها عندما خلفه في كرسيه في المجمع إلى ما عرف على نطاق واسع عن أخلاقه الحميدة:

«وكان كما حدثني بعض معاصريه خلال إقامته في فرنسا مثالا للنبل والخلق الكريم، لم تبهره حضارة الغرب؛ فبقي محافظاً على دينه، متمسكاً بقواعد السلوك التي رسمها الدين الحنيف». معركته المبكرة حول مشروع ضريبة الزكاة

كان الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج منتبها منذ ما قبل الثورة إلي أهمية ربط التشريع المالي للدولة بالإسلام، وكان من أنصار مشروع ضريبة الزكاة، وقد روي أستاذنا الدكتور محمد رجب البيومي أن الدكتور محمد صلاح الدين باشا (وزير الخارجية والمفكر الوفدي الشهير) كان قد نشر (1949) اعتراضا علي مثل هذا المشروع في جريدة «المصري» ذاهبا إلي أن مصر تجري في حكمة واعتدال، علي فصل الدين عن أمور السياسة وخلافات الحكم، وأن الحركة الوطنية أورثتنا مبدأ جليلا يقضي بأن «الدين لله والوطن للجميع»، ومادام المشروع مستمدا حكمته وأحكامه من الدين الإسلامي، فلابد من الاصطدام بالعقبة، والوقوع في المشكلة، وهي علاقة الدين بالسياسة وبالدولة.

لكن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج أكد في رده أن دين الدولة المصرية هو الإسلام، وأن دستور الأمة قد قرر ذلك دون لبس، وأن الذي يعرفه الناس في مصر، ولا يخفي على أحد من أهل العلم، أن قانون المحاكم الوطنية الجديد قد استمد في كثير من مواده من أحكام الشريعة الإسلامية، فيما اقتبسوه من هذه الأحكام، ولو كانوا من هل الاختصاص في دراسة الشريعة الإسلامية لعثروا على ما يريدون وأكثر مما يريدون! ثم قال الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج:

«و. إذا كان قانون ضريبة الزكاة صالحا نافعا، فماذا يضير الوطن أن تكون أحكامه مستقاة من تعاليم الإسلام؟ وهل يليق بإنسان أن يبلغ به التعصب مبلغا ينفره من قانون تستقي أحكامه من شريعة هذا الدين، ولو كان قانونا صالحا نافعا للأمة؟!». مشاركته في بيان علماء الأزهر من قضية فلسطين

يذكر للشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وأساتذته وأنداده ومن العلماء موقفهم السياسي الحازم والمشئول من قضية فلسطين، و لا أزال أذكر أن جدي لوالدي علية رحمة الله كان قد وضع السخة المطبوعة من هذا البيان في موضع بارز من البيت، و ظلت في موضعها طيلة السنوات التي عاشها ذلك البيت:

” يا معشر المسلمين.. قضي الأمر، وتآلبت عوامل البغي والطغيان على فلسطين وفيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومنتهى اسراء خاتم النبيئين صلوات الله وسلامه عليه

قضي الأمر وتبيّن لكم أن الباطل ما زال في غلوائه. وأن الهوى ما فتئ على العقول مُسيطر، وأن الميثاق الذي زعموه سبيلاً للعدل والإنصاف ما هو إلا تنظيم للظلم والإجحاف، ولم يبق بعد اليوم صبرعلى تلكم المضيمة التي يُريدون أن يرهقونا بها في بلادنا وأن يجثموا بها على صدورنا وأن يُمزقوا بها أوصال شعوبٍ وحّد الله بينها في الدين واللغة والشعور.

إن قرار هيئة الأمم المتحدة قرار من هيئة لا تملكه، وهو قرار باطل جائر ليس له نصيب من الحق ولا العدالة، ففلسطين مِلكُ العرب والمسلمين بذلوا فيها النفيس والغالية والدماء الزكية، وستبقى إن شاء الله مُلْكَ العرب والمسلمين رغم تحالف المُبطلين وليس لأحد كائناً من كان أن يُنازعهم فيها أو يُمزّقها.

وإذا كان البُغاة العُتاة قصدوا بالسوء من قبل هذه الأماكن المُقدّسة فوجدوا من أبناء العروبة والإسلام قساورة ضراغم زادوا عن الحمى، وردوا البغي على أعقابه، مُقلم الأظافر، مُحطم الأسنة فإن في السويداء اليوم رجالاً وفي الشرى أساداً، وإن التاريخ لعاند بهم سيرته الأولى، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”

وقد كان الموقعون على هذا البيان:

الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر،

الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية،

الشيخ عبد الرحمن حسن وكيل شيخ الجامع الأزهر،

الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية السابق،

الشيخ محمد عبد اللطيف دراز مدير الجامع الأزهر والمعاهد الدينية،

الشيخ محمود أبو العيون السكرتير العام للجامع الأزهر والمعاهد الدينية،

الشيخ عبد الجليل عيسى شيخ كلية اللغة العربية بالجامع الأزهر،

الشيخ الحسيني سلطان شيخ كلية أصول الدين،

الشيخ عيسى منون شيخ الشريعة،

الشيخ محمد الجهني شيخ معهد القاهرة،

الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ القسم العام،

الشيخ محمود الغمراوي المفتش بالأزهر،

فضلا عن أعضاء جماعة كبار العلماء و في مقدمتهم الشيخان إبراهيم حمروش و محمود شلتوت . الفرادة والجدة في بحوثه اللغوية

أحببت هذا العالم الجليل منذ مرحله مبكرة من حياتي حين طالعت له مقالات وبحوثا رائدة في مجلة مجمع اللغة العربية فصادفت من نفسي هوي شديدا إذ كنت على سبيل المثال لا أتخيل أن يكون هناك حرف من حروف المعاني يوصف بأنه زائد فإذا بهذا العالم الجليل ينشر بحوثه بعنوان واضح، والمدلول يقول فيها مثلا ما التي حسبوها زائده، وهكذا.

وفيما بعد سنوات قرأت هذه البحوث قراءة درس وتمعن فدهشت لهذا المستوي الرفيع من التفكير السديد والاستنتاج المرتب والمنطق العلمي القوي.

وعلي مستوي الأدبيات اللغوية اشتهر الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج ببحوثه التي فند فيها ما نسب إلي القرآن الكريم من زيادة بعض الكلمات ونقص بعضها، وقد كان له بحث عام في حروف الزيادة ووقوعها في القرآن، وبحوث أخري خاصة منها بحثه في زيادة الباء في القرآن، وبحثه في زيادة لا النافية في بعض الآيات، وإسقاطها في آيات أخري، وكذلك فإنه بحث فيما تجب مراعاته في بيان معني الألفاظ المشتركة الواردة في الكتاب العزيز ، واختيار أنسب معانيها لمقام ذكرها، كما نادي برد مظاهر الجرأة التي بدت من بعض المفسرين في تفسير بعض آياته، وبحثه فيما يخرج منه اللؤلؤ والمرجان وما قيل فيه من أنهما لا يخرجان إلا من البحار ، ولا يخرجان من الأنهار، وذلك في تفسير قوله تعالي: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان».

وكانت له رسائل في بعض القواعد النحوية، والمسائل اللغوية كرسالته في حكم «غير» إذا أضيفت أو أدخلت عليها الألف واللام، ورسالته في حكم «إن النافية» و«إن الزائدة» والتفرقة بينهما في الاستعمال، ورسالته في أفعل التفضيل واستعماله، ورسالته في «إذ وإذا» ورأي أبي عبيدة فيهما، ورسالته فيما شاع من استعمال بعض الكاتبين لأفعال التفضيل حين يقولون: أكثر من واحد وما ماثله». ●

نشر الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج بحثا ضافيا عن السجع وتناسب الفواصل، وما يكون من ذلك في القرآن الكريم، وقد ارتضي وجهة مَنْ يثبت وجود السجع في القرآن، وتساءل: بماذا نفسر موقف الذي ينكر إنكارا شديدا أن يكون في القرآن سجع أو تناسب فواصل؟ ثم أجاب بأن الانتصار إلي مذهب الأشاعرة هو الذي دعا الأعلام من أنصار هذا المذهب مثل «الباقلاني» وسواه إلي التمسك بهذه الأفكار، إن سجع القرآن وتناسب فواصله مبرأ من التكلف والعسر، ومبرأ من أن يكون مقصودا لذاته بحيث يكون الاهتمام به أعظم من الاهتمام بالمعني، ولذلك لا يشار إليه في القرآن من طريق إرادة معني بعيد الاحتمال، أو معني يكون غيره أقرب منه وأولي بالمقام، ومحال أن تستخدم في سبيله ألفاظ جوفاء، أو ملتوية لا تستقيم في دلالاتها علي المعني المراد.

ولم يكن الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج يجادل في أن يرد في القرآن شيء مما عهد في اللغة زيادته للتوكيد أو غيره، ولكنه كان يمنع أن نستسهل القول بالزيادة دون فحص، وقد أكد أنه يمتنع القول ـ في أي آية قرآنية ـ بأن كلمة ما زيدت لمجرد تحقيق التناسب بين الفواصل أو رءوس الآيات، فهذا لغو يتنزه عنه القول المعتاد لدي البلغاء، فضلا عن القول المعجز في كتاب الله، كما أن القائلين بالزيادة لا يعنون أن نقصها لا يخل بتمام المعني، فهي ليست مهملة على نية السقوط، بل لابد لها من فائدة بلاغية.

وقد استلزمت هذه الدراسة من الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج حصر الآراء المتضاربة، ومحاولة الترجيح بينها، كما استلزمت فيما رواه الدكتور البيومي مناقشة مفسر واحد في رأيين متعارضين، ساقهما سهوا في نص واحد. عضويته في مجمع الخالدين

انتخب الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج عضوًا بمجمع اللغة العربية سنة ١٩٦٤ في الكرسي الذي خلا بوفاة الأستاذ إبراهيم مصطفي، وشارك الشيخ تاج في أعمال المجمع مشاركة كبيرة في المجلس والمؤتمر واللجان، وبصفة خاصة في لجان القانون والاقتصاد، والأصول، والمعجم الكبير.

وقد تولي الأستاذ الشيخ علي عبد الرازق باشا تقديم الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج في حفل استقباله عضوا في مجمع اللغة العربية. آثاره:

كانت للدكتور تاج فتاوي قيمة في قضايا الشفعة والبيوع والمواريث والطلاق، وقد أشار إليها الأستاذ علي الخفيف في كلمته التي أبنه فيها، كما كانت له رسالة منشورة في تفسير آيات الأحكام ظلت تدرس في كليات الشريعة، وقد وضعها بالاشتراك مع اثنين من أساتذة الكلية.

وله كثير من الكتب والبحوث بعضها مطبوع والبعض الآخر لا يزال مخطوطًا نذكر منها:

ـ مذكرات في الفقه المقارن.

ـ مذكرات في تاريخ التشريع.

ـ أحكام الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية.

ـ البابية والإسلام (باللغة الفرنسية)، وهي الرسالة التي نال بها شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا.

ـ كتاب السياسة الشرعية والفقه الإسلامي (وهي الرسالة التي نال بها عضوية جماعة كبار العلماء.

ـ كتاب في تفسير آيات الأحكام (بالاشتراك).

ـ رسالة في شرح حديث «إنما الأعمال بالنيات».

ـ رسالة في الإسراء والمعراج.

ـ رسالة في صوم رمضان.

ـ رسالة في ليلة القدر.

ـ رسالة في الحج.

ـ رسالة في هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.

ـ رسالة في متنوعات من أحكام الشريعة ” عبادات ومعاملات” (مخطوطة).

ـ بحث في التأمين على الحياة وعلى الأموال من وجهة نظر الشريعة الإسلامية (مخطوط).

ـ بحث في صناديق النذور وبيان حكم الشريعة الإسلامية فيها (مخطوط).

ـ هذا إلى جانب طائفة من المقالات والبحوث في شؤون دينية وتفسيرات لبعض سور القرآن الكريم وآياته، نشرت في المجلات والدوريات. ●

وله في مجمع اللغة العربية مجموعة بحوث:

ـ كلمة في استقباله.

ـ تعبير “سافر محمد بن علي بن حسن، سافر محمد علي حسن”.

ـ تحرير القول في فَعْلان فَعْلي، وفعلان فعلانة.

ـ لا” التي قيل إنها زائدة، وليست كذلك.

ـ “الواو” التي قيل إنها زائدة وليست كذلك.

ـ “الفاء وثم” ودعوي زيادتهما في القرآن أو غيره في فصيح الكلام.

ـ “إذ وإذا” ورأي أبي عبيدة.

ـ “لا” التي قيل إنها أسقطت في بعض آيات القرآن الكريم، والمعني على ثبوتها.

ـ حسن اختيار معني اللفظ المناسب للمقام وهو أساس التفسير الجيد.

ـ درء مظاهر من الجراءة في تفسير الكتاب العزيز.

ـ القول في “غير” وحكم إضافتها إلى المعرفة، ودخول “أل” عليها.

ـ أكثر من واحد.

ـ حروف الزيادة وجواز وقوعها في القرآن.

ـ القول في الباء التي تزاد في فصيح الكلام، وقد وقعت زائدة في القرآن.

ـ من الدراسات اللغوية في بعض الآيات القرآنية.

ـ القول في “ما” الزائدة.

ـ السجع وتناسب الفواصل وما يكون من ذلك في القرآن.

ـ القول في “مِن” الزائدة وجواز وقوعها في القرآن.

ـ “مُليم وتَقِي” ما يمكن أن يكون لهما من المعني، وما يراه النحاة في تقدم جواب الشرط عليه.

ـ “إنْ” الزائدة و”إنْ” النافية وكبوة الفرسان في مجال التفرقة بينهما. ●

ألف عنه الأستاذ أبو بكرعبد الرازق كتابا بعنوان «الشيخ الدكتور عبد الرحمن تاج وبحوث لغوية وقرآنية»، وكتب أستاذنا الدكتور محمد مهدي علام مقدمة لهذا الكتاب.