التلفيق

مراجعة ٠٣:١٦، ٥ يوليو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''التلفيق:''' وهو بمعنی تبعيض التقليد يعنی أخذ الفتاوی من المجتهدَين أو أکثر في المسألتين أو...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

التلفيق: وهو بمعنی تبعيض التقليد يعنی أخذ الفتاوی من المجتهدَين أو أکثر في المسألتين أو أکثر؛ وهو اصطلاحٌ رايج بين فقهاء أهل السنّة ولـ الشيعة اصطلاح تبعيض التقليد دون فرق بينهما إلاَّ في أنَّ الشيعة ناقشوا القضيّة في إطار المذهب الواحد، وهو التشيّع، بينما ناقشه أهل السنّة في إطار المذاهب الأربعة.

تعريف التلفيق لغةً

اللفْق: لَفْقُكَ الشيء حتّى تلائمه، لفقتُ الشيء بالشيء أو الثوبين، إذا لاءمتَ بينهما... وتلافق القوم، إذا تلاءمت اُمورهم[١].

تعريف التلفيق اصطلاحاً

المراد من التلفيق عدم الالتزام بمذهب معيّن عند الإتيان بعمل شرعي، بأن تكون صحّته مبتنية في كلّ جزء منه على مذهب محدَّد، فلو جاء بالصلاة بوضوء سال بعده دم ولمس امرأة، فإنَّ صحّة صلاته تعتمد التلفيق على المذهب الشافعي والحنفي[٢]، باعتبار أنّ الشافعي يرى عدم نقض الوضوء بسيلان الدم، و أبا حنيفة يرى لمس المرأة غير ناقض للوضوء.
وهو نفس تبعيض التقليد الوارد عن الشيعة، مع اختلاف في أنَّ الملحوظ هناك دراسة المسألة في إطار المذهب الشيعي، بينما الملحوظ هنا ملاحظة المسألة في اطار المذاهب الأربعة عمدة.

الألفاظ ذات الصلة

1 ـ تقليد

عرّف التقليد بتعاريف مختلفة، منها: الأخذ بقول الغير من غير دليل[٣].
والفرق بينهما أنّ في التقليد أخذا برأي مجتهد واحد بينما في التلفيق الأخذ برأي عدّة مجتهدين.

2 ـ تتبع الرخص

من التعاريف الواردة لتتبع الرخص هي الأخذ من كلّ مذهب ما هو أهون على المكلّف وأيسر عليه فيما يطرأ عليه من المسائل[٤].
وعلى هذا التعريف يكون التلفيق أعم من تتبع الرخص؛ لأنّه قد لا يستهدف الملفّق تتبع الرخص، بل يشترط في التلفيق عدم تتبع الرخص.

3 ـ تبعيض التقليد

لا فرق بين اصطلاح تبعيض التقليد و اصطلاح التلفيق، إلا أنّ الأول اصطلاح بين فقهاء الشيعة والثاني أي التلفيق اصطلاح بين فقهاء أهل السنّة.

حکم التلفيق

ورد نقاش في أنّ العامي إذا عيَّن لنفسه مذهبا معينا كالمذهب الشافعي أو الحنفي والتزم به فهل له الرجوع والأخذ بقول مذهب آخر؟ تذكر هنا ثلاثة آراء، هي:

القول الأوّل: الجواز

باعتبار أنّ التزام مذهب معين غير ملزم للعامّي.

القول الثاني: المنع

باعتبار أنّه بالتزامه مذهبا معينا تعيَّن عليه المذهب وشأن ذلك شأن اتّباع مجتهد في حادثة خاصّة.

القول الثالث: التفصيل بين المسائل== فإذا اتّصل عمله بالمسألة التي قلّد فيها وكان هناك ارتباط بينهما فلا ينبغي له الرجوع إلى الغير، وإذا لم يتّصل عمله بالمسألة التي قلَّد فيها ولا ارتباط بين الموردين فلا مانع من اتّباع غيره فيها[٥].
وفيما يخصّ التلفيق ذاته وردت عدّة آراء:
الرأي الأوّل: عدم جواز التلفيق. واستدلَّ عليه بأنَّ كلَّ إمام مستقلّ بآحاد الوقائع فلا ضرورة إلى الانتقال إمام آخر إلاَّ التشهّي؛ لما فيه من اتّباع الرُّخص.
الرأي الثاني: جواز التلفيق. واستدلَّ عليه بأمرين: أ ـ الصحابة لم يوجبوا على العوام تعيين المجتهد الّذي يراد تقليده. ب ـ وجوب الاقتصار على مجتهد واحد خلاف سيرة الأوّلين. واستدلّ عليه بعض المتأخّرين بنحوين: 1 ـ في الوقت الذي بدأت ظاهرة التقليد بعد الرسول لم يؤثر عن الصحابة والأئمة لزوم التقليد من أحد المجتهدين والعلماء فحسب، هذا مضافا إلى أنَّ عدم جوازه يؤدّي إلى عدم جواز التقليد من حيث المبدأ، كما أنَّه يناقض المبدأ القائل بأنَّ اختلاف الأئمة رحمة للاُمة، كما يعارض مبدأ السماحة واليسر الذي ابتنت عليه الشريعة. 2 ـ قولهم بعدم صحّة التلفيق يستلزم بطلان عبادات العوام؛ لأنَّا لا نكاد نجد عاميا توافق أعماله مذهبا معيّنا[٦].
الرأي الثالث: إن كان قد عمل بالمسألة على رأي إمامه لم يجز له الانتقال وإلاّ جاز. ونقل الآمدي[٧] عن ابن عابدين[٨] الإجماع على عدم جواز الانتقال عند عمل العامّي برأي مجتهد خاصّ.
الرأي الرابع: إن غلب على ظنِّه أنَّ مذهب غير إمامه في تلك المسألة أقوى من مذهبه جاز له وإلاَّ لم يجز.
الرأي الخامس: إن كان المذهب الذي أراد الانتقال إليه ممّا ينقض الحكم لم يجز له الانتقال وإلاَّ جاز؛ لأنَّ الناس كانوا يمارسون هذا في عصر الصحابة إلى أن ظهرت المذاهب الأربعة من غير نكير من أحد يعتبر إنكاره، ولو كان ذلك باطلاً لأنكره.
وقد تنقل أقوال اُخرى[٩].

شروط التلفيق

بعض الذي جوّز التلفيق اشترط فيه عدّة شروط، من قبيل:
أ ـ ألاّ يؤدّي إلى حكم مجمع على بطلانه أو لا يقول بصحّته أحد المجتهدين.
ب ـ ألاّ يؤدّي إلى نقض حكم الحاكم الشرعي درءا للفوضى.
ج ـ انشراح الصدر للتقليد وعدم كون ذلك من باب التلاعب والتساهل.
د ـ ألاّ يتتبّع المكلّف من خلال التلفيق الرخص، فيأخذ بأسهل الصور.
هـ ـ ألاّ يستلزم الرجوع عمّا عمل به تقليدا أو عن أمر مجمع عليه لازم لأمر قلّده[١٠].

المصادر

  1. . جمهرة اللغة 2: 966، المصباح المنير: 556، لسان العرب 4: 3590.
  2. . أنظر: البحر المحيط 6: 319، حاشية ابن عابدين 1: 244، أصول الفقه الخضري: 384، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2: 1142 ـ 1143.
  3. . المقاصد العلية: 46.
  4. . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1153.
  5. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 458 ـ 459.
  6. . عمدة التحقيق: 194، أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1145 ـ 1146.
  7. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 459.
  8. . حاشية ابن عابدين 1: 244.
  9. . أنظر: الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 458 ـ 459، البحر المحيط 6: 320 ـ 323، الفائق في أصول الفقه 2: 417 ـ 418، حاشية العلاَّمة البناني 2: 616 ـ 617، إرشاد الفحول 2: 345، كتاب الاستعداد لتربية الاجتهاد 2: 1171 ـ 1172.
  10. . البحر المحيط 6: 322، أصول الفقه الخضري بك: 384، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2: 1149.