دعاة التقريب

دعاة التقريب:من يتّخذ التقريب هدفاً يسعى لتحقيقه بشتّى الوسائل المشروعة، ويؤمن به طريقاً مهيعاً للوصول إلى الوحدة الإسلامية المنشودة، ممّا يحقّق الرفاه والسلم الاجتماعي والتطوّر نحو مستقبل زاهر جميل يتعاضد فيه أبناء الأمّة جميعاً للوقوف بصلابة وتماسك بوجه التحديات التي تواجه مسيرتهم في هذا العالم الذي تحكمه المنافع والمصالح الضيّقة والشهوات.

صورة تعبيرية

تعريف التقريب لغةً واصطلاحاً

التقريب لغةً: ضدّ التباعد ونقيضه، كما جاءت هذه اللفظة بمعنى التفاعل والامتلاء والإسراع ونحوها.

أمّا اصطلاحاً: فقد تعدّدت التعاريف المختارة لهذا الاصطلاح المهمّ جدّاً، وأغلبها تصبّ في مصبّ واحد، كما يلمسه القارئ حين يطّلع على التعاريف التي صيغت لهذا المصطلح..

فقد عرّفه الشيخ محمّد علي التسخيري الأمين العامّ السابق ىللمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بأنّه: التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعرّف بعضهم على البعض الآخر على طريق تحقيق التآلف والأُخوّة الدينية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتة والأكيدة.

كما عرّفه أيضاً بأنّه: التمسّك بالمبادئ والأُصول الإسلامية المسلّم بها، والتعاون في المساحات المشتركة بين المذاهب، والسعي الحثيث لكشف هذه الميادين المتّفق عليها وتوسيعها، ورجوع كلّ فرد إلى مذهبه الخاصّ في الأُمور التي تختلف فيها المذاهب، وما أقلّها! وتعذير الواحد منّا الآخر فيما نختلف فيه من اجتهادات، وتنمية الآداب والأخلاق التقريبية، كالتآلف وحسن الظنّ والرقي بمستوى التفاهم والإحساس بالأُخوّة والتكافل.

وعرّفه الشيخ محمّد واعظ زاده الخراساني الأمين العامّ السابق للمجمع بأنّه: بذل الجهود العلمية في سبيل إزالة الفوارق التي باعدت بين المذاهب الإسلامية وأئمّتها وأتباعها، وتحسين العلاقة بين الأئمّة وعلماء المذاهب، وتكوين الجوّ الهادئ، والتعارف بينهم على أساس المشتركات بين المذاهب.

كما عرّفه الشيخ جعفر السبحاني أحد مراجع التقليد في قم بأنّه: التقريب بين قادة المذاهب وأتباعها برسم الخطوط العريضة المشتركة التي تجمع المذاهب الإسلامية في مجالي العقيدة والشريعة، وترك بعض الخلافات الجانبية.

وعرّفه الأُستاذ زكي الميلاد مدير تحرير مجلّة «الكلمة» التي تصدر في قم بأنّه: تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية التي تلتقي على الأُصول العامّة والثابتة في مجالات الفقه والأُصول والكلام وعلوم القرآن والحديث، وإزالة سوء الفهم المتبادل، والعمل على ما هو متّفق عليه، وتجنّب ما هو مختلف فيه في إطار العلاقات العامّة.

كما عرّفه الدكتور عبدالسلام العبادي رئيس مجلس أُمناء جامعة آل البيت في الأردن بأنّه: إبراز الجوامع المشتركة، واحترام الفروق في إطار التأكيد على وحدة الأُمّة.

وعرّفه الدكتور علاء الدين زعتري الأُستاذ بجامعة دمشق بأنّه: اتّحاد المسلمين على أُصول الإسلام، وتعذير البعض للبعض الآخر في فهم النصوص مادامت تحتمل ذلك، والدعوة إلى التعاون على البرّ والتقوى لإصلاح أحوال المسلمين، فهو وسيلة لجمع الشمل ورأب الصدع وتبادل حسن الظنّ ومنح التقدير للآخر صيانةً لوحدة الأُمّة الإسلامية.

كما عرّفه الشيخ تاج الدين الهلالي المفتي العامّ لمسلمي قارّة أُستراليا سابقا بأنّه: انفتاح علمي واستقراء فقهي للتعرّف على أدلّة أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة للوقوف على حجّتهم فيما اختلف فيه من أحكام فقهية، والغاية منه اتّساع المدارك والأفهام، ومعرفة أكثر من طريق وبرهان ودليل يصل إلى الغاية التعبّدية لتطبيق النصوص الشرعية.

كما عرّفه الدكتور محمّد الدسوقي المصري أُستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة القطرية بأنّه: محاولة لكسر شوكة التعصّب، وجمع كلمة الأُمّة على أُصول عقيدتها والمبادئ الأساسية لدينها.

وأخيراً عرّفه الدكتور أحمد عبدالرحيم السائح الأُستاذ في جامعة قطر والأزهر وأُمّ القرى بأنّه: اتّحاد أهل الإسلام على الأُصول الإسلامية التي لا يكون المسلم مسلماً إلّا بها، وأن ينظر الجميع فيما وراء ذلك نظرة من لا يبغي الغلب بل يبغي الحقّ والمعرفة الصحيحة، والتركيز على النقاط المشتركة، كوحدة الغاية ووحدة المنهج ووحدة القيادة ووحدة العقيدة.

ولا يخفى أنّ بعض هذه التعاريف ليس دقيقاً، كتعريف التقريب بالتقريب، أو تعريف التقريب بذكر هدفه دون ماهيته. ولسنا هنا في مقام مناقشة هذه التعاريف وأيّها الأقرب إلى واقع الحال وإلى الحقيقة، فهذا له محلّ آخر.

الأُسس التي ينبغي تحلّي دعاة التقريب بها

هناك أُسس فكرية وأُخرى أخلاقية ينبغي تحلّي دعاة التقريب بها..

أمّا الأُسس الفكرية فهي كالتالي:

1 ـ إبقاء الاجتهادات في إطارها الفكري.

2 ـ اتّباع المنهج الوسط وترك التطرّف.

3 ـ التركيز على المحكمات دون المتشابهات.

4 ـ ضرورة الاطّلاع على الرأي الآخر.

5 ـ الانشغال بهموم الأُمّة الكبرى.

والأُسس الأخلاقية كالتالي:

1 ـ الإخلاص والتجرّد من الأهواء.

2 ـ التحرّر من التعصّب.

3 ـ إحسان الظنّ بالآخرين.

4 ـ ترك الطعن والتجريح.

5 ـ الحوار بالتي هي أحسن.

هذا ، ويمكن أن يضاف لما تقدّم من أُسس: الانفتاح في فهم الإسلام ضمن إطار الاجتهاد الصحيح والقائم على أساس الكتاب والسنّة، والابتعاد عن الحسّاسيات التاريخية قدر الإمكان، والانفتاح على الإسلام بروح عالية لا تقيم وزناً لفوارق اللون والجنس واللغة والمذهب.

كما يمكن تصنيف الأسس فيما يلي:

1 ـ حسن الفهم، أي: حسن التعرّف على حقيقة موقف الطرف الآخر، وذلك بأخذ هذا الموقف من مصادره الموثّقة، أو من العلماء الثقات المعروفين، لا من أفواه العامّة، ولا من الشائعات، ولا من واقع الناس، فكثيراً ما يكون الواقع غير موافق للشرع الحنيف.

2 ـ حسن الظنّ بين الطرفين، ذلك أنّ الإسلام يقيم العلاقة بين أبنائه على حسن الظنّ، بمعنى: أن يحمل حال غيره على أحسن المحامل وإن كان يحتمل معنى آخر وتصوّراً معيّناً.

3 ـ التركيز على نقاط الاتّفاق، لا على نقاط التمايز والاختلاف، سيّما مع وفرة وكثرة نقاط الاتّفاق.

4 ـ التحاور في المختلف فيه، وهذا ما ركّز عليه الكثير من دعاة الإصلاح والتقريب، كمحمّد رشيد رضا وحسن البنّا، فكلّ مختلف فيه قابل للحوار إذا كان الحوار جادّاً ومخلصاً في طلب الحقيقة بعيداً عن التعصّب والانغلاق.

5 ـ تجنّب الاستفزاز من أحد الطرفين للآخر، فالحوار المنشود يقتضي أن يتوخّى كلّ من الطرفين في خطاب الآخر تجنّب العبارات المثيرة والكلمات المحدثة للتوتّر في الأعصاب وللإيغار في الصدور، واختيار الكلمات التي تقرّب ولا تباعد وتجمع ولا تفرّق.

6 ـ البعد عن شطط الغلاة والمتطرّفين من كلا الفريقين الذين يثيرون الفتن في حديثهم وكتاباتهم، والقرب من المعتدلين من أهل البصيرة والحكمة الذين ينظرون إلى الأُمور بهدوء وعقلانية ووسطية ومن جميع الزوايا، لا من زاوية واحدة.

7 ـ المصارحة بالحكمة، فينبغي أن يصارح بعضنا الآخر بالمشاكل القائمة والمسائل المعلّقة والعوائق المانعة، ومحاولة التغلّب عليها بالحكمة والتدرّج والتعاون المفروض شرعاً بين المسلمين بعضهم مع بعض.

8 ـ الحذر من دسائس الأعداء وكيدهم الذين لا يريدون الخير للأُمّة الإسلامية، بل دأبهم على تفريق الجمع وتشتيت الشمل وتمزيق الصفوف.

9 ـ ضرورة التلاحم في وقت الشدّة والعسرة والمحنة، والوقوف صفّاً واحداً حال ذلك.

وظيفة دعاة التقريب

وظيفة الداعية في المقام هي: ما ينبغي أن يقوم به الداعية من مهامّ ‏تصبّ في صلب اهتمامه.

ومن أهمّها أن يتطرّق إلى مسائل اجتماعية تهمّ الشعوب والجماهير، ‏كالحديث عن:‏

أ ـ التنمية والتطوّر التكنولوجي والاعتماد على الذات وتسخير قوانين الطبيعة لاستثمار وجني ‏ثمارها.‏

ب ـ وحدة الأُمّة ضدّ التجزئة القبلية والعرقية والطائفية والمذهبية من أجل الوحدة الإسلامية.‏

ج ـ العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل بما يحقّق أكبر قدر ممكن من المساواة بين الأغنياء ‏والفقراء.‏

د ـ تحرير الوطن الإسلامي من الغزاة الصهاينة والاستكبار العالمي بزعامة الولايات المتّحدة ‏الأميركية ومقاومة كلّ القوى الاستعمارية الغازية.‏

هـ ـ تحرير المواطن من القهر والاستبداد والدفاع عن حقوق الإنسان حماية لحقوق المواطنين ‏أمام الأحكام التعسّفية الحاكمة.‏

و ـ إثبات الهوية ضدّ التغريب والتبعية والرجوع إلى الأصالة ومراعاة متطلّبات العصر.‏

ز ـ حشد الجماهير وتجنيد الناس حتّى يتحوّل الكمّ إلى الكيف ضدّ اللامبالاة والحياد والفتور.‏

ح ـ كسر حواجز الخوف من المفاهيم الوهمية المخيفة في العالم كأُحادية النظام العالمي الجديد ‏وسلطة اللوبي الصهيوني على العالم الإسلامي وعدم استطاعته التغيير.‏

ط ـ الدعوة إلى إقامة اتّحادات إسلامية استخداماً للطاقات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية ‏والثقافية والاقتصادية، وتفعيل المنظّمات القطرية والمحلّية الإسلامية لصالح المجتمع الإسلامي، ‏كتفعيل منظّمة المؤتمر الإسلامي والصندوق المالي الإسلامي والسوق الإسلامية المشتركة وكلّ ما من ‏شأنه أن يساعد في تقارب الأُمّة الإسلامية.‏

عوامل نجاح دعاة التقريب

من عوامل نجاح دعاة التقريب:

1 ـ جعل القرآن الكريم دستور الأُمّة، واعتباره العنصر الرئيس في أُسس أيّ لقاء، وجعله الحاكم في القضايا بين المسلمين.

2 ـ إقامة التقريب بين المذاهب على أساس علمي رصين بعيداً عن العواطف أور ردّات الفعل الآنية؛ لأنّ ما يقوم على أُسس علمية يبقى ويستمرّ، وما يقوم على الظروف الزمانية يفنى ويضمحل.

3 ـ جعل التقريب قائماً على أساس التعاون الجماعي والاجتماعي بعيداً عن السياسات المتقلّبة، أو الانحياز إلى نظام سياسي معيّن هنا أو هناك، فالأنظمة السياسية لا تدوم، والعمل الجماعي يدوم.

4 ـ حسن النيّة وسلامة الطوية، وذلك بتبنّي المقاصد لتحقيق الأهداف.

5 ـ الاهتمام بإبراز النقاط المشتركة بين المذاهب، والحديث دائماً عن نقاط التلاقي، وبخاصّة مع العامّة، وتوجيههم إلى أهمية الوحدة الإسلامية كما أرادها القرآن الكريم: ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ) (سورة الحجّ: 78)، وإشاعة ثقافة التقريب، وتضافر الجهود لذلك، وترك الجدل والمناظرات الفكرية والعقدية والفقهية للمختصّين في المستويات العليا.

6 ـ التأكيد على أنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية هو اختلاف خطأ وصواب، وليس اختلاف كفر وإيمان.

7 ـ عدم تضخيم مسائل الخلاف وتحويلها إلى منازعات تشاحنية وخصومات تنافرية، تنسي مقوّمات الوحدة وعوامل الوفاق، مع أنّ نقاط التلاقي والاتّفاق أكثر بكثير من نقاط الخصام والتفرّق.

8 ـ عدم الانشغال بمناظرات جانبية وجدالات داخلية، فالأهمّ هو الدعوة إلى الإسلام بعرض جوهره النقي وصفائه الروحي، وبيان رسالته الواضحة، وإبراز جمال الدين وشموله لكلّ مجالات الحياة، وأنّه يُصلح الإنسان والزمان والمكان.

فرسالة الإسلام جاءت لتجعل حياة الإنسان سعيدة، وقد وضّح الإسلام سبل النجاة والأمن والاطمئنان للبشر جميعاً، وللعيش فيما بينهم بسلام ومحبّة وإخاء، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (سورة الأنبياء: 107)، وأهمّ العالمين المسلمون فيما بينهم ليكونوا رحماء برحمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

9 ـ التخلّص من عقدة كمال الصحّة المطلقة، وعقدة الوصاية على الدين، فما تحمله حقّ وصواب يحتمل الخطأ، وما أحمله حقّ وصواب يحتمل الخطأ.. قال تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلاَل مُبِين) (سورة سبأ: 24)، وإذا كان هذا في الحوار مع غير المسلمين فهو مع المسلمين من باب أولى.

فالمجتهد مهما بلغ لا يستطيع الجزم بأنّ اجتهاده هو الحقّ المطلق، وأنّ اجتهاد غيره هو الخطأ المتيقّن؛ فذلك لا يعلمه إلّا الله ورسوله، ولا سبيل إلى ذلك العلم بعد انقطاع الوحي.

10 ـ تجنّب التعصّب المذموم ومحاربته، فإنّه يعمي ويصمّ القلوب والعقول والبصائر، ومنهج القرآن النهي عن التعصّب المقيت، ويدعو إلى التسامح الديني، ومن باب أولى التسامح المذهبي، ويدعو إلى التآخي البشري، فكيف بالتآخي الإيماني؟!

11 ـ الابتعاد عن مواجهة المسلم للمسلم بأشدّ الكلمات، وأغلظ العبارات، وأقسى الأساليب، وتجنّب التجريح والتنقيص، وإحصاء الأخطاء والعثرات لدرجة قد تصل إلى الإهانة، فمثل هذا يولِّد مزيداً من الأحقاد والكراهية والبغضاء، وما أروع منهج القرآن: (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (سورة آل عمران: 159)!

فما أجمل اللقاء إذا كان بألطف الكلام وأرهف العبارات! وما أحسن الحوار إذا كان بأقوى الحجّة وأصدق الدليل!

12 ـ تقدير الرأي والرأي الآخر واحترامهما؛ لضرورتهما وأهمّيتهما عند الحوار وحين تبادل الرأي.

13 ـ أن يكون الحوار الفكري قائماً على تبادل المعرفة، وقبول الحجّة المنطقية المدعمة بالدليل الشرعي الصحيح دون جمود أو تعصّب.

14 ـ أن يكون الجدال بالتي هي أحسن، فلا يتعدّى الإقناع بالدليل إلى إثارة الفرقة والخصام، ومحاولة التفريق بين المسلمين ليضعف أمرهم ويتمكّن أعداؤهم منهم، فمنهج القرآن مع غير المسلمين رفق ولين، فهو مع المسلمين من باب أولى.. قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(سورة النحل: 125).

15 ـ مراعاة الشعور والعواطف، واحترام تباين الآراء واختلاف الأفهام، فمثل هذا يولِّد المحبّة والصفاء.. قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (سورة فصّلت: 34)، وحينها يتحوّل العدوّ إلى صديق، والمبغض إلى محبٍّ، والبعيد إلى قريب.

16 ـ عدم إثارة الطرف الآخر، فالإثارة تولّد الانفعال وتقطع الحبائل المقرّبة، فهذا منهج القرآن مع غير المسلمين: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم) (سورة الأنعام: 108)، فالمسلم ليس بالسبّاب ولا اللعّان ولا الفحّاش ولا البذيء، فالكلمة الطيّبة أصل التلاقي، والحوار الهادئ أساس التفاهم.

17 ـ التجرّد عن الأحكام المسبقة المبنية على الظنّ لدى أطراف التقريب، فالعمل لا بدّ أن يكون قائماً على اليقين، وليس على الوهم والظنّ والشكّ.

فقد كان أهل السنّة يتصوّرون الشيعة من الغلاة والرافضة، مع أنّ الشيعة تكفِّر الغلاة وتعدّهم من النجاسات. وعند العامّة من أهل السنّة حكم مسبق أنّ الشيعة يعبدون الأحجار، وذلك بسجودهم على أقراص خاصّة، والحقّ أنّ السجود على جنس الأرض هو فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، كما وصف ذلك الصحابة. وعند بعض العامّة من الشيعة أنّ أهل السنّة يبغضون آل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولا يُظهرون مناقبهم وأخلاقهم، وواقع الحال أنّ محبّة آل البيت لا ينكرها مسلم، بدليل تسمية أبنائهم تبرّكاً بأسماء آل البيت، ويكاد لا يخلو بيت من اسم أحد أفراده باسم أحد آل البيت، كعلي وفاطمة والحسن والحسين ورقية وزينب، وما من قصيدة تمدح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلّا ذكرت مناقب آل بيته الكرام.

إنّنا مطالبون بالتعارف والتعاون؛ لتحقيق المصالح المشتركة لشعوب الأُمّة الإسلامية، ونشر القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة بين شعوب الأرض قاطبة.

المصدر

موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح ج1، ص26 وما بعدها.

موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح.

تأليف: محمّد جاسم الساعدي\ نشر: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية- طهران\ الطبعة الأولى-2010م.