ليث بن سعد بن عبدالرحمان

الاسم	ليث بن سعد بن عبدالرحمان
تاريخ الولادة	94 هجري قمري
تاريخ الوفاة	175 هجري قمري
كنيته	أبو حارث .
نسبه	الفَهْمِي .
لقبه	المصري .
طبقته	السابعة .

ليث بن سعد بن عبدالرحمان هو ولد في قرية «قَرْقَشَنْدة» بأسفل مصر سنة ثلاث أو أربع وتسعين . وأهل بيته يقولون - وروي عنه كذلك -: نحن من الفرس، من أهل أصبهان . وقال يحيى‏ بن بكير: «كان أبوه سعد مولىً لقريش» . إلّا أنّهم ذكروا: أنّه - أي: ليث - كان مولىً لعبد الرحمان بن خالد بن مسافر، وقيل: مولى‏ بن ثابت بن ظاعن جدّ عبدالرحمان .

وكان الليث مولىً فهم، ويقال: من قَيس عيلان . كان سرياً من الرجال، نبيلاً سخياً له ضيافة ، وذكره أبو نُعَيم في حلية الأولياء في عداد الصوفيّين، وقال: «كان يعلّم الأحكام مليّاً، ويبذل الأموال سخيّاً». وقيل: إنّ التصوّف السخاء والوفاء . وعن محمد بن رمح يقول: «كان دخل الليث بن سعد في كلّ سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب اللَّه عليه زكاة درهم قطّ» . وبعث الليث إلى‏ مالك بألف دينار، وأهدى‏ إلى‏ مالك مرةً أحمال عصفر، وأعطى‏ ابن لهيعة لمّا احترق منزله ألف دينار، ووصل منصور بن عمّار الواعظ بألف دينار .

لم نعثر على‏ آثار ومؤلّفات هذا الرجل، إلّا أنّ غزارة علمه المنقول عنه في الفقه والحديث تحدونا إلى‏ عدّه من الفقهاء أصحاب المذاهب، وحفّاظ الحديث، حتّى‏ قال عبدالملك بن يحيى‏ أبو الوليد: سمعت أبي يقول: «ما رأيت أحداً أكمل من الليث بن سعد، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الشعر والحديث، حسن المذاكرة» ومازال يذكر خصالاً جميلة ويعقد بيده حتّى‏ عقد عشرة، لم أر مثله . بل اعتبره البعض - ومنهم الشافعي - أفقه من مالك ، فعن سعيد ابن أبي أيوب قال: «لو أنّ مالكاً والليث اجتمعا لكان مالك عند الليث أبكم، ولباع الليث مالكاً في من يزيد!» .

وقد سافر الليث إلى‏ العراق سنة 161 ه ، والتقى‏ هناك بعض تلامذة أبي حنيفة، ممّا حدا بالبعض إلى‏ أن يورده في طبقات الحنفية ، وقال ابن سعد: «كان قد استقلّ بالفتوى‏ في زمانه بمصر» . وقال الشافعي: «الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس» . وقال يحيى‏ بن عبداللَّه بن بكير: «الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك» .

ويبدو تفوّقه في الفقه على‏ مالك من خلال بعض الرسائل التي تبادلها مع مالك، فقد ردّ آراء مالك في الأُصول والفقه، ومنها: حجّية إجماع أهل المدينة، والجمع بين الظهرين والعشاءين ، وكان يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم . ولم تورد المصادر التاريخية آراءه الكلامية، وقد نقل عنه قوله: «بلغت الثمانين ومانازعت صاحب هوىً قطّ» . وأشار الذهبي إلى‏ سرّ ذلك، فقال: «كانت الأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي، والسنن ظاهرة عزيزة، فأمّا في زمن أحمد وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتُحن ائمة الأثر، ورفع أهل الأهواء رؤوسهم بدخول الدولة معهم، فاحتاج العلماء إلى‏ مجادلتهم بالكتاب والسنّة، ثم كثر ذلك واحتجّ عليهم العلماء أيضاً بالمعقول، فطال الجدال، واشتدّ النزاع، وتولّدت الشبهة» .

كان الليث كبير الديار المصرية ورئيسها، ومحتشمها وعالمها، وأمير مَن بها في عصره، بحيث إنّ القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته . وقد طلب منه المنصور أن يتسلّم إمارة مصر، فامتنع .

وكان له يومياً أربعة مجالس يجلس فيها: أمّا أولها فيجلس لنائبة السلطان في نوائبه وحوائجه، ويجلس لأصحاب الحديث، ومجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه، ومجلس لحوائج الناس، لايسأله أحد من الناس فيردّه، كبرت حاجته أم صغرت . قال عثمان بن صالح السهمي: «كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتّى‏ نشأفيهم الليث بن سعد، فحدّثهم بفضائل عثمان فكفّوا عن ذلك، وكان أهل حمص ينتقصون علياً حتّى‏ نشأفيهم إسماعيل بن عيّاش، فحدّثهم بفضائله فكفّوا عن ذلك» .

وقد سافر الليث إلى‏ خارج مصر مرّتين: الأُولى‏ إلى‏ المدينة ومكّة سنة 113 ه، فسمع في تلك السنة من أبي مليكة وعطاء والزُهري وأبي الزبير ونافع وهو ابن عشرين سنة . وفي المرة الثانية سافر إلى‏ العراق سنة 161 ه . قال أبو صالح كاتب الليث: «كنت مع الليث لمّا خرج إلى‏ العراق، فكان يقرأ على‏ أصحاب الحديث من فوق عُلَّيَّة والكتاب بيدي، فإذا فرغ منه رميت به إليهم فينسخوه» .

ويصفه ابن حبّان فيقول: «كان من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً، وورعاً وفضلاً» .

موقف الرجاليّين منه

أسند الليث عن عدّةٍ من كبار التابعين... وقيل: إنّه أدرك نيّفاً وخمسين رجلاً من التابعين. وأدرك من تابعي التابعين ومن دونهم مائة وخمسين نفساً . ولم يُنقل أنّه التقى‏ ائمة أهل البيت عليهم السلام الذين عاصرهم، وهم الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام.

واتّفق الرجاليون وأرباب التراجم من أهل السنّة على‏ وثاقته ، إلّا أنّ منهم من أخذ عليه تساهله، فعن ابن مَعين قال: «كان يتساهل في الشيوخ والسماع» ، وعن أحمد: «الليث ثقة، ولكن في أخذه سهولة» ، لكن الذهبي قال: «وما تساهل فيه الليث فهو دليل على‏ الجواز؛ لأنّه قدوة» .

ولم يذكره رجاليو الشيعة في كتبهم، إلّا أنّ عدداً من رواياته وردت في الجوامع الحديثية للشيعة؛ كخصال الصدوق وأمالي المفيد وأمالي الشيخ الطوسي ، كما روى‏ له الجماعة من أهل السنة .

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن جماعة، منهم: بُكير بن عبداللَّه الأشجّ، جعفر بن عبداللَّه بن الحَكَم الأنصاري، عبداللَّه بن عُبيداللَّه بن أبي مُلَيْكة، أبوالزِناد عبداللَّه بن ذَكْوان، عبدالرحمان ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عبدالعزيز بن عبداللَّه الماجِشُون، ابن جُرَيج، عطاء بن أبي رَبَاح، الزُهري، نافع مولى‏ ابن عمر. وروى‏ عنه جماعة، منهم: كاتبه: عبداللَّه بن صالح، ولده: شُعيب، عاصم بن علي بن عاصم الواسطي، عبداللَّه بن عبد الحَكَم، عبداللَّه بن وَهْب، قيس بن الربيع، يُونُس بن محمد المؤدِّب، مالك، عيسى‏ بن حمّاد.

من رواياته

روى‏ بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «من قال خلف كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرةً، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً، وثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، ويقول: لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على‏ كلّ شي‏ء قدير مرةً واحدةً، غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» .

وفاته

توفّي الليث سنة 175 ه، وصلّى‏ عليه موسى‏ بن عيسى‏ الهاشمي .