الإرادة والطلب

مراجعة ٠٩:٤٦، ١ مارس ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الإرادة والطلب''' اصطلاح کلامي وفلسفي يراد بها الاختيار والمشيئة. ولکن وقع البحث في أنّ هذا...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

الإرادة والطلب اصطلاح کلامي وفلسفي يراد بها الاختيار والمشيئة. ولکن وقع البحث في أنّ هذا هل هو داخل في مباحث أصول الفقه أيضاً أو لا؟ اعترض بعض الأصوليين على إقحام بحث الإرادة في الأصول؛ لكونه بحثا كلاميا فلسفيا، إلاّ أنّ بعضهم يرى في بحث الإرادة جنبةً أصوليةً ينبغي التعرض لها، وهي علاقتها بالطلب، وهل هي متحدة معه، أم مغايرة له؟ فعلی هذا يبدو أن البحث في الإرادة وأنّها المغاير للطلب أو هي نفس الطلب، أمرٌ ضروريّ التحقيق في أصول الفقه؛ لأنّ أصول الفقه علم يبحث فيه عن دلالات الأدلة الشرعية على مدلولاتها التي هي الأحكام.

تعريف الإرادة لغةً

الارادة هي المشيئة يقال: أراد الشيء إذا شاءه[١]

تعريف الإرادة اصطلاحاً

ليس للأصوليين مصطلح خاص في الإرادة، بيدَ أنّهم تابعوا الفلاسفة والمتكلمين في تفسيراتهم المختلفة لها، وتعرضوا إلى موردين:

المورد الأول: الإرادة الإلهية

وقد وقع الخلاف في ماهيتها وحقيقتها، وما يهمنا في المقام هو المقدار الذي تعرض له الأصوليون، فقد اختلفوا فيها على معانٍ:

المعنی الأول: أنّها صفة ذاتية

أي تنتزع من مقام الذات، كالعلم والحياة، وهو المنسوب للفلاسفة[٢]، وجماعة من المتكلمين[٣]، ثمّ اختلفت كلماتهم في تلك الصفة، فالمتفق عليه بين الأشاعرة أنّ إرادته تعالى صفة قديمة زائدة على الذات المقدّسة قائمة بها. [٤] وذهب جملة من الفلاسفة[٥] إلى أنّ إرادته تعالى عبارة عن علمه بالنظام الأكمل، ومال إليه بعض أصوليي الإمامية[٦]، ففي تفسير الإرادة التكوينية قال المحقّق الخراساني: «هي العلم بالنظام على النحو الكامل...». [٧] وناقش فيه بعضهم بأنّ العلم مغاير للإرادة مفهوما وإن اتّحدا مصداقا، فالعلم عبارة عن الانكشاف، بينما إرادته تعالى بمعنى الابتهاج والرضا بذاته وبلوازم ذاته، ثمّ نسب هذا المعنى لبعض الأكابر. [٨] ومع قبوله بعض تفريق الأخير بين العلم والإرادة إلاّ أنّه لم يرتضِ تعريف الإرادة بالابتهاج والرضا؛ لعدم مفهومية ذلك لا لغةً ولا عرفا، مضافا إلى أنّ هذا المعنى اصطلاح خاص بالفلاسفة في تفسيرهم للإرادة الأزلية، وهو ـ على حدّ تعبيره ـ تفسير خاطئ. [٩]

المعنی الثاني: أنّها صفة فعليّة

ذهب بعض الأصوليين[١٠] إلى أنّ إرادته تعالى صفة فعليّة وليست ذاتية، قال السيد الخوئي: «إنّه لا مقتضي لما التزم به الفلاسفة وجماعة من الأصوليين... من كون إرادته تعالى صفة ذاتية له»[١١]، ثمّ دعم قوله بكون إرادته ـ تعالى ـ فعليّة بنصوص عدّة: منها: قوله تعالى: «إنّما أمره إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»[١٢]، فإنّ صفاته الذاتية القديمة لايصح وقوعها بعد إذا الشرطية أو الزمانية. ومنها: صحيحة عاصم عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام قال: قلت: «لم يزل اللّه‏ مريدا، قال: إنّ المريد لايكون إلاّ المراد معه، لم يزل اللّه‏ عالما قادرا ثمّ أراد».[١٣].[١٤] ثمّ اختلفت تعابيرهم في ذلك، فقد فسّرها بعض المعتزلة بأنّها نفس فعله تعالى أو أمره بفعل المخلوقين[١٥]، واختاره الشيخ المفيد ناسبا إيّاه لسائر الإمامية[١٦]. وذهب آخرون إلى أنّ إرادته تعالى مغايرة لأمره، وهي حادثة لا في محلٍّ[١٧]. وقال السيد الخوئي بأنّها فيه تعالى السلطنة وإعمال القدرة[١٨]، ويظهر من السيد الصدر موافقته لذلك. [١٩]

المعنی الثالث: أنّها صفة ذاتية وفعليّة

قسّم بعض المحققين إرادته تعالى إلى فعليّة وذاتية وحمل النصوص الواردة ـ التي تقدّم ذكر بعض منها ـ على خصوص الفعليّة من الإرادة، وحاصل ما أفاد (أنّ مشيئته تعالى على قسمين: مشيئة ذاتية: وهي عين ذاته المقدّسة كبقية صفاته الذاتية، فهو تعالى صرف المشيئة وصرف القدرة وصرف العلم... وهكذا، فالمشيئة الواجبة عين الواجب تعالى. و مشيئة فعليّة: وهي عين الوجود الإطلاقي المنبسط على الماهيات، والمراد من المشيئة الواردة في الروايات هو المشيئة الفعليّة. [٢٠]

المورد الثاني: الإرادة الإنسانية

وفيها آراء مختلفة أيضا:

الرأي الأول: أنّها صفة تقتضي الترجيح

أي أنّ النفس الإنسانية عندما يعرض لها أمر فيه طرفان جائزان، فإنّها ترجّح أو تخصّص أحد الطرفين من خلال صفة الإرادة. وهذا هو مذهب الأشاعرة واختاره بعض الأصوليين .

  1. انظر : الصحاح 2 : 478، تاج العروس 4 : 466 مادة «رود».
  2. نسبه السيد الخوئي لمشهور الفلاسفة، انظر : مصباح الأصول 1 ق 1 : 279.
  3. انظر : أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة : 323.
  4. انظر : الكاشف عن المحصول 3 : 62، لوامع الأنوار البهية 1 : 145.
  5. الشيخ الرئيس في الإلهيات من كتاب الشفاء : 362 ـ 370، وصدر المتألهين في الحكمة المتعالية 8 : 333، والسبزواري في شرح المنظومه قسم الحكمة 2 : 648 ـ 469.
  6. نسبه السيد الخوئي إلى جماعة من الأصوليين، انظر : محاضرات في أصول الفقه 2 : 34.
  7. كفايه الأصول : 67.
  8. نهاية الدراية 1 : 278 ـ 279.
  9. محاضرات في أصول الفقه 2 : 34 ـ 36.
  10. انظر : محاضرات في أصول الفقه 2 :39، أوائل المقالات : 58.
  11. محاضرات في أصول الفقه 2 : 39.
  12. يس : 82 .
  13. الكافي 1 : 109 كتاب التوحيد، باب الإرادة إنّها من صفات الفعل ح1.
  14. مصباح الأصول 1 ق1 : 281.
  15. انظر : شرح الأصول الخمسة : 434.
  16. انظر : أوائل المقالات : 58.
  17. انظر : شرح الأصول الخمسة : 440، شرح جمل العلم والعمل : 58ـ59، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد : 58.
  18. انظر : محاضرات في أصول الفقه 2 : 37.
  19. بحوث في علم الأصول عبدالساتر 4 : 88 .
  20. انظر : محاضرات في أصول الفقه 2 : 39.