حركة النهضة في تونس

مراجعة ١٧:٢٢، ١٩ أكتوبر ٢٠٢٤ بواسطة Halimi (نقاش | مساهمات)

حركة النهضة"(حركة الاتجاه الإسلامي سابقاً) حركة إسلامية تونسية تأسست عام 1972 باسم "الجماعة الإسلامية"، ثم غيرت اسمها عام 1989 إلى "حركة النهضة"، اقتصر نشاط الجماعة في البداية على الجانب الفكري والدعوي من خلال إقامة حلقات في المساجد ومن خلال الانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم. لقي نشاط الجماعة في الأول ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الواحد آنذاك)، الذي رأى في الحركة الإسلامية سندا في مواجهة اليسار المهيمن وقتئذٍ على المعارضة. بدأ النشاط الطلابي للحركة في 1971، وفي نفس السنة، أسس الشيخ عبد القادر سلامة مجلة المعرفة، التي بدأت في 1972 بنشر أفكار الجماعة بطريقة غير مباشرة، وذلك حتى 1974 عندما سمح لهم بالنشر بها وأصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة. في 20 مارس 1972، وبعد ذلك تعرضت للقمع والاضطهاد في عهدي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وسجن عدد من قادتها وهجّروا لسنوات طويلة، ولكنها عادت لتتصدر المشهد السياسي التونسي بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي عام 2011. وقد أعلنت الحركة بعد الثورة التونسية 2011 التزامها بالديمقراطية القائمة على تداول السلطة واحترام حقوق الإنسان ومنح المرأة حقوقا واسعة، فازت الحركة بانتخابات 23 أكتوبر 2011، أول انتخابات ديمقراطية في البلاد، ومارست الحكم عبر تحالف الترويكا مع حزبين آخرين، ضمن حكومة حمادي الجبالي وحكومة علي العريض القياديين فيها


النشأة والتأسيس

ترجع بدايات الحركة إلى سنة 1969 بالتقاء كل من راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وأحميدة النيفر، ثم تأسست في أبريل/نيسان 1972 بشكل سري باسم "الجماعة الإسلامية"، وشارك في تأسيسها جامعيون وحقوقيون من أبرزهم راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والمنصف بن سالم، والتحق بهم فيما بعد كثيرون منهم علي العريض. لكن الحركة تعرضت للتضييق والملاحقات والاعتقالات في مراحل متعددة منذ نشأتها، كان آخرها الحملة الواسعة التي شنها عليها نظام بن علي عام 1991، مما دفع قياداتها وكوادرها إلى الهجرة من البلاد. وبعد انطلاق الثورة التونسية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 وسقوط نظام زين العابدين بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011، تم الاعتراف القانوني بالحركة حزبا سياسيا، وتصدرت المشهد وباتت من أبرز القوى السياسية في الساحة التونسية.

الفكر والأيديولوجيا

استلهمت الحركة أفكارها ومبادئها من فكر منظري الإخوان المسلمين في مصر وعلى رأسهم حسن البنا وسيد قطب، إلى جانب مفكرين بارزين مثل الجزائري مالك بن نبي والمغربي علال الفاسي وغيرهما، ومتأثر من الجمهورية الإسلامية وعلى راسها الامام الخميني الكبير حيث يقول الغنوشي في خطابه:أنّ مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران الامام الخميني الراحل بانه احد اكبر المصلحين في التاريخ المعاصر. بيد أن قادتها -خاصة راشد الغنوشي- أكدوا مرارا قبل الثورة التي أطاحت ببن علي وبعدها، أن النهضة طورت منهجها وباتت قريبة جدا من منهج "حزب العدالة والتنمية التركي". وأكدت النهضة في بيانها التأسيسي أنها ذات مرجعية إسلامية، وتسعى إلى "النضال من أجل تحقيق وحدة المغرب العربي كخطوة باتجاه تحقيق الوحدة العربية، فالوحدة الإسلامية وتحرير فلسطين".

وأضافت أنها لا تقدم نفسها ناطقا رسميا باسم الإسلام، وحددت جملة من الأهداف منها: [١].

أهداف التي تبتغيها الحركة

أهم الأهداف منها: بعث الشخصية الإسلامية لتونس. تجديد الفكر الإسلامي. السعي إلى أن تستعيد الجماهير حقها في تقرير مصيرها. ضمان تنمية اقتصادية عادلة. وجددت النهضة التزامها بالمنهج الديمقراطي في التداول على السلطة، وبمبادئ حقوق الإنسان، وبنبذ العنف. وأعلنت بوضوح قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وبعدها أنها تقبل بمجلة الأحوال الشخصية (قانون الأسرة) التي منحت المرأة التونسية حقوقا واسعة، واعتبرت أن ما ورد في هذا القانون اجتهاد من ضمن اجتهادات إسلامية.[٢].

علاقة موسس الحركة مع الجمهورية الإسلامية

لعل أفضل من يحدثنا عن طبيعة العلاقة وتاريخها بين الحركة والثورة الإسلامية هو راشد الغنوشي، زعيم الحركة هو الغنوشي نفسه في كتابه [٣]. يقول عن بداية تعرّفه على الفكر الشيعي في سنوات إقامته بباريس (1968/1969): "كان يرأس الجمعية – الجمعية الطلابية الإسلامية التي كان الغنوشي قياديا بها – طالب إيراني تعرفت من خلاله على فكر "بازركان" وعلى فكر الخميني، وقد كنت أعين الأخ الإيراني "فخري" في ترجمة خطب الخميني من الفرنسية إلى العربية، وما كنت أعلم يومئذ شيئاً عن الخميني حتى اندلعت ثورته وزرتُه في شتاء 1979 في نوفال لوشاتو، وإن مما يلفت النظر أن ذلك الطالب الإيراني الذي اخترناه لرئاسة جمعية الطلبة المسلمين بفرنسا كان الإيراني الوحيد، وكان شديد التدين على المذهب الجعفري، وما اعترض أحد على تشيعه أو أثار هذا الموضوع جدلاً أو شكل عائقاً أو مصدر حرج لاختياره لموقع الرئاسة في جمعية كل أعضائها سنيون شدهم إليه تدينهم وكفاءته" وكذلك يقول الغنوشي: "لقد جاءت الثورة الخمينية في وقت مهم جداً بالنسبة إلينا، إذ كنا بصدد التمرد على الفكر الإسلامي التقليدي الوافد من المشرق.. فجاءت الثورة الإيرانية لتعطينا بعض المقولات الإسلامية التي مكنتنا من أسلمة بعض المفاهيم الاجتماعية اليسارية.. فلما جاءت الثورة الخمينية علمتنا درساً آخر من الكتاب العزيز لخّصته هذه الآية من سورة القصص (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونُري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون)، وجدنا فيها الحل وكأننا نقرأها لأول مرة.. شعرنا كما لو أن الفكر الإسلامي من قبل لم يقرأ هذه الآية، وكأنما هي كشف خميني. من هنا اشتد حماسنا للثورة الإيرانية وأصبحت وسائل إعلامنا تنشر صور الخميني، ودروسنا أصبح فيها نفس جديد". [٤].

وعن الصلة مع الثورة الإيرانية يقول الغنوشي: "أما بالنسبة لما جذبنا في الثورة الإيرانية، فنظراً لعدم وجود شيعة في تونس تعاملنا مع الثورة على أنها ثورة إسلامية، ولم نلقِ بالاً لبعدها الشيعي الذي مثل حاجزاً بينها وبين المسلمين في المشرق، بل تعاملنا معها بانفتاح. ولكن الملفت أن تبنينا للثورة الإيرانية لم يكن تبنيا مطلقاً وإنما ضمن الإطار التونسي، فقد استفدنا من أبعادها الاجتماعية دون تبني نهجها في التغيير – يقصد الثورة- ... وما أن أسفر هذا التوجه الديمقراطي للحركة عن نفسه حتى انتقدنا الإيرانيون بعد أن كانوا قد استبشروا بتأييدنا العارم لهم... ولهذا كان تأييد حركة النهضة "أبرز موقف من الثورة الإسلامية بإيران في المغرب العربي - بعد موقف الجزائر الرسمي-؛ حتى كان يطلق في الثمانينيات على أعضاء حركة النهضة في تونس اسم: الإيرانيين" وبسبب هذه العلاقة المتميزة ساءت العلاقات الرسمية بين إيران وتونس، و"أقدم النظام التونسي على قطع علاقاته بالجمهورية الإسلامية متهما إياها بدعم الحركة الإسلامية...[٥].


راي مؤسس الحركة حول الامام الخميني

عاد زعيم حزب النهضة التونسي "راشد الغنوشي" ليؤكد بأن الثورة الاسلامية الايرانية تشق طريقها بقوة، تحت زعامة قائد الثورة آية الله السيد "علي خامنئي" وبعزم وارادة الشعب الايراني. و‌أفادت وكالة أنباء فارس، أن "الغنوشي" أعلن ذلك خلال استقباله سفير الجمهورية السلامية الايرانية في تونس "بيمان جبلي" حيث اكد الجانبان علي ضرورة تعزيز وتوسيع مجالات التعاون بين تونس وايران . وابدى زعيم حزب النهضة التونسي ارتياحه للتطور الذي شهدته العلاقات الثنائية بين البلدين بعد ثورة الشعب التونسي التي اطاحت بنظام زين العابدين بن علي . ووصف الغنوشي مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران الامام الخميني الراحل بانه احد اكبر المصلحين في التاريخ المعاصر. واضاف ان الثورة الاسلامية تشق طريقها بقوة، تحت زعامة قائد الثورة آية الله السيد علي خامنئي وبعزم وارادة الشعب الايراني. ومن جهته ابدى السفير الايراني استعداد بلاده لوضع تجاربها وانجازاتها في العديد من المجالات تحت تصرف تونس بعد الثورة.[٦].

المسار السياسي للحركة

تركّز نشاط حركة النهضة في بداية نشأتها على المجالات الفكرية، والدعوة في حلقات المساجد والانخراط في جمعيات المحافظة على القرآن الكريم، ورحب يومئذ الحزب الاشتراكي الدستوري بزعامة الحبيب بورقيبة بنشاطها، لأنه رأى فيها معينا على مواجهة اليسار المهيمن على المعارضة. وأسست الحركة عام 1974 مجلة المعرفة التي باتت المنبر الفعلي لأفكارها، وفي أغسطس/آب 1979 أقامت -بشكل سري- مؤتمرها التأسيسي الذي صادقت فيه على قانونها الأساسي.وفي 9-10 أبريل/نيسان 1981 أقامت -وبشكل سري أيضا- مؤتمرها الثاني في مدينة سوسة التونسية، وقررت الخروج من السرية إلى العلنية، وتغيير اسم الجماعة من "الجماعة الإسلامية" إلى "حركة الاتجاه الإسلامي". وفي 6 يونيو/حزيران 1981 عقد راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو مؤتمرا صحفيا أعلنا فيه عن الحركة بصفة رسمية وعلنية، وتقدمت في اليوم نفسه بطلب الترخيص القانوني. قوبل الطلب بالرفض، وبدأت حملة القمع والتضييق على الحركة، حيث اعتقلت قياداتها في شهر سبتمبر/أيلول 1981 وقدموا للمحاكمة بتهم عديدة، أبرزها الانتماء إلى جمعية غير مرخصة والنيل من كرامة رئيس الجمهورية‏. وحكم على مورو والغنوشي بالسجن عشر سنوات، لكن أفرج عن الأول عام 1983، وعن الثاني في أغسطس/آب 1984، بعد وساطة من الوزير الأول (رئيس الوزراء) محمد مزالي. تحسنت علاقة الحركة بالسلطة نسبيا بشكل سمح بتأسيس الاتحاد العام التونسي للطلبة عام 1985، لكنها عادت للتأزم والصدام بعد إقالة مزالي في يوليو/تموز 1986. اتهمت الحركة بتلقي تمويل من إيران والتورط في التفجيرات التي استهدفت أربعة فنادق في جهة الساحل، فلجأ مورو إلى السعودية، واعتقل الغنوشي في مارس/آذار 1987 وحكم عليه بالأشغال الشاقة مدى الحياة.

وضع السياسي والإجتماعي للحركة في زمن زين العابدين

استفادت الحركة من انقلاب زين العابدين بن علي -الذي وصف بالأبيض- على الرئيس بورقيبة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، فأفرج عن أغلب أعضائها، ووقّعت يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 مع أحزاب أخرى على "الميثاق الوطني"، الذي دعا الرئيس بن علي لاعتباره أرضية لتنظيم العمل السياسي. شاركت في الانتخابات التشريعية في أبريل/نيسان 1989 في لوائح مستقلة، وقالت إنها حصلت على ما لا يقل عن خُمس الأصوات، واتهمت الحزب الحاكم حينها "التجمع الدستوري الديمقراطي" بتزوير النتائج. غيرت اسمها إلى "حركة النهضة" عام 1989، وتقدمت بطلب الترخيص القانوني الذي قوبل بالرفض من السلطة، فتوترت العلاقة معها، وغادر الغنوشي البلاد في 28 مايو/أيار 1989 إلى الجزائر. تصاعد التوتر وبلغ درجة المواجهة أثناء أزمة حرب الخليج الثانية، حيث أعلنت الحكومة في مايو/أيار 1991 إبطال ما سمّته مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت حملة قمع واسعة على الحركة حتى وصل عدد السجناء من أعضائها والمتعاطفين معها نحو 30 ألفا.وقضت محكمة عسكرية في أغسطس/آب 1992 على 256 قياديا وعضوا في الحركة بأحكام قاسية وصلت إلى السجن مدى الحياة، وهاجر عدد من قياداتها إلى الغرب واستقروا هناك سنوات طويلة كما حصل مع الغنوشي الذي طلب اللجوء السياسي في بريطانيا.

وضع الحركة بعد إطاحة حكم زين العابدين

بعد إسقاط الثورة التونسية حكم زين العابدين بن علي عام 2011، نالت النهضة الاعتراف القانوني بها حزبا سياسيا في مارس/آذار 2011، أيام حكومة محمد الغنوشي المؤقتة. وأصبح "حزب حركة النهضة" من أبرز القوى السياسية في المشهد السياسي التونسي، وحصل في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر/تشرين الثاني 2011 على الرتبة الأولى بـ89 مقعدا من أصل 217. وقاد الحزب حكومة انتقالية منتخبة بالتحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، لكن هذه الحكومة قدمت استقالتها بعد حوار وطني قاد إلى تشكيل حكومة كفاءات غير سياسية (تكنوقراط) برئاسة مهدي جمعة في يناير/كانون الثاني 2014. وفي نتائج الانتخابات التشريعية التي نظمت في أكتوبر/تشرين الأول 2014، حل حزب حركة النهضة في المركز الثاني بعد حزب حركة نداء تونس الذي تصدر المشهد السياسي. واختارت الحركة الحياد في الانتخابات الرئاسية ولم تدعم أيا من المرشحين منصف المرزوقي وباجي قايد السبسي، الذي فاز في الدور الثاني في 21 ديسمبر/كانون الأول 2014 بحصوله على 55.68%  من الأصوات.

شاركت حركة النهضة إلى جانب نداء تونس في الحكومة التي شكلها الحبيب الصيد، وأعلن عنها يوم 2 فبراير/شباط 2015. شكل المؤتمر العاشر للحركة، الذي انعقد في أواخر مايو/أيار 2016، منعطفا نوعيا في مسارها الفكري والسياسي، حيث قرر مجلس شورى النهضة فصل العمل السياسي للحزب عن الأنشطة الدعوية، وأكد الغنوشي أن النهضة تحولت إلى حزب يعمل في الحقل السياسي فقط، تاركة الشأن الدعوي للجمعيات المدنية. وقد سلط رئيس شورى حركة النهضة فتحي العيادي الضوء على هذا التوجه النوعي الجديد بقوله إن الحركة تريد أن تتقدم بمشروعها الإسلامي نحو تخصص وظيفي، بمعنى "أن نتخصص كحزب سياسي مدني ديمقراطي متأصل في هويته الإسلامية". وبيّن أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن الحزب سيتحول عن هويته وأفكاره الإسلامية إلى فضاء آخر ومساحة أخرى كما يقول البعض، وكأن الحركة ستصبح علمانية.

وخلال المؤتمر العاشر أعيد انتخاب راشد الغنوشي مجددا رئيسا للحركة يوم 22 مايو/أيار 2016، وأعلن رئيس المؤتمر علي العريض فوز الغنوشي متقدما على منافسين اثنين بفارق كبير، وقال إن الغنوشي حصل على 800 صوت، في حين حصل فتحي العيادي على 229 صوتا، وحصل محمد العكروت على 29 صوتا.

أعلن الغنوشي دعم الحركة للمرشح المستقل حينها قيس سعيد في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم 27 سبتمبر/أيلول 2019 بعد انسحاب مرشح النهضة عبد الفتاح مورو من الدور الأول، واعتبرت أن قيس سعيد "يمثّل قيم ومبادئ الثورة"، وقد دعمته القوى المنحازة للثورة.

إنتخاب البرلمان الغنوشي رئيسا له

وبعد شهرين انتخب البرلمان التونسي رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي رئيسا له، في أول جلسة عامة أدى خلالها النواب اليمين الدستورية. وواجه الغنوشي منذ توليه رئاسة البرلمان معارضة شديدة من أحزاب ضده، ومن قيادات داخل حزبه دعته للتنحي عن السياسة وفسح المجال للقيادات الشابة في الحزب، لكنه رفض هذه المقترحات. وبعد فترة وجيزة من توليه رئاسة المجلس اتهمته بعض الكتل النيابية بالفشل في تسيير البرلمان والتسبب في احتقان الأجواء بداخله، وقالت إنه دخل في صراع على الصلاحيات مع رئيس الدولة قيس سعيد، مما تسبب في خلق أزمة سياسية بالبلاد. هذه الاتهامات ذهبت حدّ المطالبة بسحب الثقة منه وعزله من رئاسة المجلس مرتين، الأولى في يوليو/تموز 2020 والثانية في فبراير/شباط 2021، ولكن البرلمان أسقط العريضتين بتصويت أغلبية الكتل النيابية. وعرفت العلاقة بين راشد الغنوشي وقيس سعيد فترة من الركود والفتور، تحوّلت في كثير من المناسبات إلى مناكفات وتبادل للاتهامات. وأعلن قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 عن تفعيل العمل بالفصل 80 من الدستور التونسي، معلنا في خطاب بثه التلفزيون الحكومي إنهاء مهام رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه.

ورفض الغنوشي القرار الذي اعتبره انقلابا على الثورة والدستور، وعلى الرغم من ذلك تعالت الأصوات المطالبة بتحميله الأزمة السياسية بسبب سياساته، حتى أعلن في 25 سبتمبر/أيلول 2021 أكثر من 131 قياديا وعضوا بارزا في الحركة استقالتهم من الحزب احتجاجا على أداء القيادة. ومن وقتها توالت مع الغنوشي التحقيقات التي بدأت سلسلتها في الأول من أبريل/نيسان 2022، بتهم عدة منها "غسيل الأموال في إطار وفاق وباستغلال التسهيلات التي خوّلتها خصائص الوظيفة والنشاط المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضا، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي، وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي". وفي 17 أبريل/نيسان 2023 اعتقل الغنوشي من منزله، وبقي على ذمة التحقيق في قضية تتعلق بتصريحات كان أدلى بها أثناء حضوره اجتماعا دعت إليه جبهة الخلاص المناهضة للرئيس قيس سعيد، واعتبرتها السلطة التنفيذية ذات طابع تحريضي. وحكم عليه بالسجن يوم 15 مايو/أيار من العام نفسه لعام بتهمة "تمجيد الإرهاب". وبعد اعتقال الغنوشي تولى منذر الونيسي منصب رئيس حركة النهضة بالنيابة في أبريل/نيسان 2023، قبل أن يعتقل هو الآخر في سبتمبر/أيلول 2023 بقرار من النيابة العامة على خلفية ما عرف بملف التسريبات الصوتية التي كشف فيها عن خلافات داخل النهضة. وتعتبر النهضة أن اعتقال قادتها ومنعها من النشاط تم بدوافع سياسية ضمن حملة "قمع تستهدف القوى المعارضة للرئيس قيس سعيد"، وتنفي السلطات التضييق على المعارضة أو استهداف الحريات.[٧].

  1. مقتبس من موقع الجزيرة
  2. مقتبس من موقع الجزيرة
  3. من تجربة الحركة الإسلامية في تونس"صدر عام 2001 عن المركز المغاربي للبحوث والترجمة بلندن.
  4. الغنوشي، من تجربة الحركة الإسلامية في تونس، ص61/62
  5. مقتبس من موقع الراصد
  6. مقتبس من موقع تابناك
  7. مقتبس من موقع الجزيرة