حركة طالبان حركة إسلامية سِيَاسِية سُنية ديوبندية أفغانية، مُسلحة، تكونت من طلبة المدارس الدينية في باكستان بقيادة الملا محمد عمر خلال فترة التسعينيات، وتهدف لتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة إمارة إسلامية في أفغانستان، وصلت إلى السلطة عام 1994 بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي عام 1989، وسيطرت على المدن والمحافظات الرئيسية في أفغانستان، ودامت فترة حكمها الأول خمس سنوات، وأسقطت عام 2001، بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، وفي ذروتها لم تعترف بحكومة إمارة أفغانستان الإسلامية دبلوماسيا إلا ثلاث دول فقط: باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وخلال فترة حكمها من 1996 إلى 2001، ارتكبت الحركة مع حلفائها مذابح ضد المدنيين الأفغان، وحرمت إمدادات الأمم المتحدة الغذائية لـ 160 ألف مدني جائع، واتخذت سياسة الأرض المحروقة، وحرقت مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ودمرت عشرات الآلاف من المنازل وأثناء سيطرتها على أفغانستان قامت الحركة بحظر الأنشطة و وسائل الإعلام بما في ذلك الرسومات والتصوير الفوتوغرافي والأفلام التي تصور الأشخاص أو الكائنات الحية الأخرى. كما حرموا الموسيقى التي تستخدم الآلات باستثناء الدف. ومنعت الفتيات والشابات من الالتحاق بالمدارس، ومنعت النساء من العمل خارج الرعاية الصحية (منع الأطباء الذكور من علاج النساء)، وطالبت النساء برفقة قريب ذكر (محرِم) وارتداء البرقع في كل الأوقات عندما تكون في الأماكن العامة. وإذا خالفت النساء قواعد معينة، يتم جلدهن أو إعدامهن علانية، تعرضت الأقليات الدينية والعرقية للتمييز الشديد خلال حكم طالبان. كما انخرطت حركة طالبان في الإبادة الثقافية، ودمرت العديد من المعالم بما في ذلك تمثال بوذا الشهير الذي يبلغ من العمر 1500 عام في باميان، ولقد عانى الشيعة في هذه الفترة في أفغانستان من قيود شديدة وضغط وقمع. أعادت المجموعة تنظيم صفوفها لاحقًا كحركة مقاومة لمحاربة «إدارة كرزاي» المدعومة من الولايات المتحدة وقوات إيساف بقيادة الناتو في الحرب في أفغانستان، وأميرها الحالي هو هبة الله آخوند زاده ثم عادت وتولت السلطة في أغسطس/آب 2021، بعد رحيل قوات التحالف التي كانت تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، وسيطرت على البلاد من جديد.

النشأة

نشأت الحركة طالبان" (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار (جنوب غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، على يد الملا محمد عمر، إذ ساهمة في إنشائها الحكومة الباكستانية والجماعات الإسلامية المتشددة السنية وبدعم من المملكة العربية السعودية، وبقيادة الملايان وطالبان البشتون في مدارس المناطق الحدودية الباكستانية في مدينتي بيشاور وكويتا. وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية.

وقيل إن التشاور بشأن تشكيل الحركة، تم بدعوة المؤسسين إلى بيت الملا على وليمة عقيقة ابنه، وروى كيف تمكن من جمع النواة الأولى لهذه الحركة، وأنه كان يطوف ومن معه على دراجات نارية على الحلقات الدينية، فتمكن من إقناع 53 شخصية دينية، و13 طالبا، نقلهم إلى قرية "كشك نخود" يوم 15 يناير/كانون الثاني 1994، فكان يوم تأسيس حركة طالبان.[١].


عوامل

ساعدت على إنشاء وانتشار الحركة، خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية، عدة عوامل داخلية وخارجية، منها:

الجماعات الإسلامية المتشددة

في الولايات والمناطق الحدودية في باكستان، وخاصة في بيشاور وكويتا، منذ الأربعينيات من القرن العشرين، أنشأت الأحزاب السنية مثل جمعية علماء الإسلام، والجماعة الإسلامية، وأهل الحديث ومعاهد دينية. ولا يتم في هذه المدارس تدريس سوى بعض النصوص الدينية بتفسير وبمنظور المدرسة الديوبندية (الهند) التي تشترك في وجهات النظر والأنشطة مع السلفية والوهابية، وتزايد عدد هذه المدارس في تلك المناطاق [٢].

الثقافة القبلية

ومعظم أعضاء طالبان من قبيلة البشتون. لقد نشأ هؤلاء الأشخاص في بيئة قبلية أو ريفية أو مخيمات تعاني من الفقر والأمية. وبالطبع، بعد سيطرة طالبان على كابول، انضم أيضًا إلى هذه المجموعة تدريجيًا أشخاص غير البشتون أو غير المتشددين الطاجيك والأوزبك من السنة المتشددين (بدخشان والمناطق الشمالية من أفغانستان)، والمجاهدين العرب والشيشان والأوزبك، بالإضافة إلى البشتون الذين كانت لهم خبرة وتعاون في الحكومات الشيوعية في أفغانستان. [٣].

الفوضى وانعدام النظام

دبت الفوضى في الجسد الأفغاني بعد دحر قوات الاحتلال السوفياتي نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وانقسمت أفغانستان بين الجماعات والفرق المتصارعة، وأصبحت وحدة البلاد مهددة نتيجة لذلك، ولم يكن أمام السكان قوة موحدة تجبرهم على احترام القوانين والتقيد بالأمن العام.وإبان ظهور الحركة كانت حكومة برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود تسيطر على 7 ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، في حين يسيطر القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على 6 ولايات في الشمال، وكانت قوات "شورى ننغرهار" تحكم 3 ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في غرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت من دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملا للشعب الأفغاني في توحيد البلاد ومنع انشطارها.[٤].

الرأي العام وبعد سقوط حكومة نجيب الله (ربيع 1371هـ/ 1992م)، حاول زعماء وقادة مجموعات المجاهدين الاستيلاء على كابول بأسلحتهم الثقيلة، وأدى خلافهم إلى اشتباكات عنيفة وخسائر فادحة وتدمير كابول والمدن الكبرى. . لقد ضاع الرخاء الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي والأمن العام في عهد حكومة المجاهدين. وبحسب ظاهر تانين، مؤلف كتاب "أفغانستان في القرن العشرين"، أصبح الفساد والإكراه والأعمال غير القانونية أكثر انتشارًا وانتفض الرأي العام للاحتجاج لوقف الاضطرابات في أداء المجاهدين والتعويض عنها، أدى الجهل الأولي بحركة طالبان إلى تكوين تصور عام بأن هذه المجموعة مختلفة وأفضل.

الأسس الفكرية للحركة

كما أثر الإطار الأولي والفكري لقادة طالبان على عقلية وتعليم مجتمع البشتون في جنوب أفغانستان، بعلم أو بغير علم من مختلف أفكار التيارات الإسلامية المتطرفة المعاصرة. وبحسب مصادر أفغانية، فإن حركة طالبان، المستعدة للتفاوض من أجل السلام بعد 20 عاما من الحرب في أفغانستان، وضعت شرطا للسلام، وهو ما يسبب في حد ذاته صراعا داخليا وخارجياً وتصر هذه الجماعة على أن الحرب في أفغانستان يجب أن تسمى "جهاداً" وأن يكون الفقه الحنفي فقط هو الأساس الرئيسي للقرارات في مفاوضات السلام ولا يجوز ذكر مذاهب الأخرى! هذا على الرغم من أن هناك مذاهب آخري في أفغانستان كمذهب الشيعي، وهو معترف به في الدستور الأفغاني، وعليه فإن علماء الشيعة والسنة في أفغانستان يعتبرون طلب طالبان هذا غير منطقي وغير عادل ومخالف للدستور.

ومن بين المحتجين على هذا الطلب، قال محمد سروار دانيش، النائب الثاني للرئيس وأحد علماء الشيعة، في هذا الصدد: إن السلام في أفغانستان يتعلق بجميع المجموعات العرقية، وجميع الأحزاب، وأتباع جميع المذاهب وجميع المقاطعات والفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية في البلاد، وهي تنتمي إلى مجموعة واحدة وهي ليست خاصة فإذا كان الهدف من المفاوضات خلق الفرقة بين شعبنا منذ البداية والتشكيك في إنجازات الحكومة والشعب، فإن المفاوضات لن تنتهي لصالح أفغانستان. كما قال لطف الله حق القائم بأعمال مجلس الإخوان المسلمين في أفغانستان: إن تجاهل المذاهب الإسلامية الأخرى، وخاصة المذهب الجعفري، وهو مذهب عالمي وله أتباع في كل أنحاء العالم، يضعف أسس الإخوان المسلمين ولا يكون كذلك، يتوافق مع طبيعة السلام والمصالحة. وأضاف هذا الأستاذ الجامعي أنه إذا أصرت حركة طالبان على مطلبها بأن يكون الفقه الحنفي أساساً للمحادثات، فقد تحركت فعلياً في اتجاه العدو، لأن الأيادي من وراء الستار تحاول إشعال حرب دينية وتقسيمية إن البدء في دفع نتيجة السلام في أفغانستان، وعن غير قصد، نحو حرب دينية دموية، وإثارة مثل هذه القضايا التي تضر بأجواء السلام، من أي جهة كانت، يمنعنا من تحقيق الهدف الأساسي، وهو إرساء الاستقرار والأمن في البلد وأكد حق باريست أن أجواء المحادثات يجب أن تتم بطريقة لا يتم فيها تجاهل حتى حقوق الأقليات البوذية والهندوسية، ناهيك عن المذهب الجعفري المسجل بوضوح في الدستور الأفغاني، وأن يكون مذهبا رسمياً. استبعادها من أجواء المحادثات يعني إزالتها من النظام بأكمله والبلاد، الأمر الذي يمكن أن يكون له عواقب خطيرة، وبالتالي، إذا كانت جماعة طالبان تؤيد السلام، فلا ينبغي لها التحريض على مثل هذه القضايا.

  1. مقتبس من موقع الجزيرة
  2. احمدی، طالبان، ریشه‌ها، علل ظهور و عوامل رشد، ۱۳۷۷ش، ص۲۶
  3. مژده، «بازی قدرت‌ها در افغانستان و شکل‌گیری طالبان»، ۱۳۸۷ش، ص۷۴.
  4. مقتبس من موقع الجزيرة