وهبة الزحيلي

مراجعة ٠٨:٥٤، ٣٠ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة Mahdipoor (نقاش | مساهمات) (←‏تأليفاته)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

وهبة مصطفى الزحيلي: فقيه سوري، عضو المجامع الفقهية بصفة خبير في مكّة وجدّة والهند وأمريكا والسودان. وهو في سوريا رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق- كلّية الشريعة، ويعدّ أحد دعاة الإصلاح.

الزحيلي، وهبة مصطفی
الاسم وهبة الزحيلي‏
الاسم الکامل وهبة مصطفى الزحيلي
تاريخ الولادة 1932م / 1351هـ
محل الولادة دمشق / سوریا
تاريخ الوفاة 2015م / 1436هـ
المهنة فقيه سوري، عضو المجامع الفقهية بصفة خبير في مكّة وجدّة والهند وأمريكا والسودان. وهو في سوريا رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق- كلّية الشريعة، ويعدّ أحد دعاة الإصلاح
الأساتید
الآثار الفقه وأُصوله، القرآن وعلومه، دراسات إسلامية، السنّة النبوية وعلومها، العقيدة الإسلامية، الفقه الإسلامي وأدلّته
المذهب سنّي

الولادة

ولد في مدينة دير عطية من نواحي دمشق عام 1932 م، وكان والده حافظاً للقرآن الكريم عاملًا بحزم به، محبّاً للسنّة النبوية، مزارعاً تاجراً.

الدراسة

درس الدكتور وهبة الابتدائية في بلد الميلاد في سوريا، ثمّ المرحلة الثانوية في الكلّية الشرعية بدمشق مدّة ستّ سنوات، وكان ترتيبه الأوّل على جميع حملة الثانوية الشرعية عام 1952 م، وحصل فيها على الثانوية العامّة الفرع الأدبي أيضاً.
تابع تحصيله العلمي في كلّية الشريعة بالأزهر الشريف، فحصل على الشهادة العالية، وكان ترتيبه فيها الأوّل عام 1956 م، ثمّ حصل على إجازة تخصّص التدريس من كلّية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس. درس أثناء ذلك الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيّد عام 1957 م، ونال دبلوم معهد الشريعة والماجستير عام 1959 م من كلّية الحقوق بجامعة القاهرة،
وحصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق (الشريعة الإسلامية) عام 1963 م بمرتبة الشرف الأُولى مع توصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأجنبية، وموضوع الأُطروحة «آثار الحرب في الفقه الإسلامي... دراسة مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العامّ».

النشاطات

عيّن مدرّساً بجامعة دمشق عام 1963 م، ثمّ أُستاذاً مساعداً سنة 1969 م، ثمّ أُستاذاً عام 1975 م، وعمله التدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامّة والخاصّة
والتخصّص الدقيق في الفقه وأُصول الفقه، ويدرّسهما مع الفقه المقارن في كلّية الشريعة، ومواد الشريعة في كلّية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما.
أُعير إلى كلّية الشريعة والقانون بجامعة محمّد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء- ليبيا لمدّة سنتين، ثمّ كلّف بعدئذٍ بمحاضرات فيها في قسم الدراسات العليا، وأُعير إلى كلّية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدّة خمس سنوات من 1984 م- 1989 م، وأُعير بصفة أُستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم- قسم الشريعة، وإلى جامعة أُمّ درمان الإسلامية؛ لإلقاء محاضرات في الفقه وأُصول الفقه على طلّاب الدراسات العليا، كما أُعير إلى قطر والكويت للدروس الرمضانية عام 1989 م- 1990 م، وأُعير بصفة أُستاذ زائر إلى المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في العام الدراسي 1993 م لمدّة أُسبوعين.
وقد أصبحت بعض مؤلّفاته مواداً دراسية في قسم من الجامعات الإسلامية.
وضع خطّة الدراسة في كلّية الشريعة بدمشق في أواخر الستّينات، وخطّة الدراسة في قسم الشريعة في كلّية الشريعة والقانون بالإمارات، وشارك في وضع مناهج المعاهد الشرعية في سوريا عام 1999 م، وقام بتقويم مجلّة «الشريعة والدراسات الإسلامية» بجامعة الكويت عام 1988 م.
له أحاديث إذاعية مستمرّة في الإذاعة السورية في تفسير القرآن (برنامج: قصص من القرآن، وبرنامج: القرآن والحياة)، وندوات في التلفزيون في دمشق والإمارات والكويت والسعودية وفي المحطّات الفضائية، وحوار مع الصحافة في جرائد سوريا والكويت والسعودية والإمارات وغيرها.
أنشأ مجلّة «الشريعة والقانون» بجامعة الإمارات، وكان رئيس اللجنة الثقافية العليا ورئيس لجنة المخطوطات بجامعة الإمارات، وهو أحد أعضاء هيئة التحرير في مجلّة «نهج الإسلام» بدمشق، ورئيس مجلس الإدارة لمدرسة الشيخ عبد القادر القصّاب الثانوية الشرعية بدير عطية، ورئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصّة الإسلامية في البحرين، ثمّ رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسّسة العربيةالمصرفية في البحرين ولندن، وخبير في «الموسوعة العربية الكبرى» بدمشق، ورئيس لجنة الدراسات الشرعية للمؤسّسات المالية الإسلامية، وعضو مجلس الإفتاء الأعلى السوري، وعضو لجنة البحوث والشؤون الإسلامية، وعضو موسوعة «فقه المعاملات» في مجمع الفقه الإسلامي بجدّة.
وهو متزوّج، وله خمسة أولاد أكملوا الدراسة، كلّ في اختصاصه.

تأليفاته

من مؤلّفاته: الفقه وأُصوله، القرآن وعلومه، دراسات إسلامية، السنّة النبوية وعلومها، العقيدة الإسلامية، الفقه الإسلامي وأدلّته، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، الوسيط في أُصول الفقه الإسلامي، أُصول الفقه الإسلامي، نظرية الضرورة الشرعية، أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي، النصوص الفقهية المختارة، نظام الإسلام، العلاقات الدولية في الإسلام، سعيد بن المسيّب، عبادة بن الصامت، أُسامة بن زيد، عمر بن عبد العزيز، فقه الحياة في القرآن الكريم، التفسير المنير، الوصايا والوقف، التفسير الوجيز، العقود المسمّاة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني.
كما قام بتحقيق بعض الكتب (بالمشاركة)، مثل: تحفة الفقهاء، المصطفى من أحاديث المصطفى.

آرائه الوحدوية

وقد شارك في عدّة مؤتمرات إسلامية دولية، كمؤتمرات بيروت والأردن وإيران وغيرها. ونُشرت بعض بحوثه ومقالاته في عديد من المجلّات، كمجلّة «حضارة الإسلام» بدمشق، ومجلّة كلّية الشريعة بمكّة المكرّمة، ومجلّة كلّية الشريعة بالكويت، ومجلّة كلّية الشريعة بالإمارات، ومجلّة «جامعة دمشق»، ومجلّة «الدراسات الإسلامية» بإسلام آباد.
يقول: «.... آل أمر الانقسام إلى ضعف المسلمين وتخلّفهم، وتباينهم في المواقف، وتصادمهم في حلّ المشكلات المصيرية التي تهدّدهم جميعاً، كقضية فلسطين وغيرها، ووجود ظاهرة الحقد والكراهية، وضعف الثقة أو انعدامها، وخدمة مصالح المستعمرين، ولا سيّما الدول الكبرى.
وليس هناك أُمّة مثل الأُمّة الإسلامية لديها من الروابط الوثيقة، كوحدة الدين والعقيدة، ووحدة المبادئ الخلقية، والعبادات، ففي كلّ يوم يشعر المؤمن بالوحدة الإسلامية إن أدّى العبادات اليومية على وجهها، فالربّ واحد، والقبلة واحدة، والشعائر واحدة، بل إنه بعد سقوط الشيوعية عام 1989 م وتتابع تصريحات كبار المسؤولين الغربيين بأنّه لم يبق أمامهم إلّاالإسلام، يصبح من الضروري جعل مصير المسلمين واحداً أمام الخطر الواحد والعاقبة الواحدة، ولكنّهم لا يشعرون بهذا، ولا يلتفتون لمخاطر المخطّطات التي تدبّر لهم في الخفاء.
كلّ هذا يدعو المسلمين أكثر من غيرهم وبإلحاح شديد إلى ضرورة توحيد الصفّ والتجمّع الواحد أو الجماعة الإسلامية الواحدة، إن لم يعد ممكناً وجود حكم واحد أو دولة واحدة أو إمامة واحدة؛ عملًا بالتوجيه القرآني الكريم: «وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى‏ وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ» (سورة المائدة: 2).
ولا يهمّ شكل التجمّع الموحّد،
سواء أكان على النمط الأوّل في صدر الإسلام، أم على نمط جديد من اتّحاد فيدرالي أو كونفدرالي أو غيره؛ لأنّ المهمّ تحقيق الجوهر والمضمون، لا الشكل والمظهر.
وإنّ المطالبة بتوحيد المسلمين وتحقيق جامعة إسلامية لا يراد منه المساس بكراسي ومناصب الحكّام القائمين، ولا بأشكال الحكم في البلاد الإسلامية أو العربية، فلكلّ بلد نظام حكمه، وإنّما المراد تحقيق منهج التجمّع الموحّد أو الاتّحاد المجمّع في مظلّة واحدة، هي أحكام الإسلام وشعائره، وعبادته وعقائده، ومقاصده وأهدافه؛ لإيجاد وجود إسلامي قوي ومتميّز، له قراره المستقلّ وشخصيته المستقلّة النابعة من الحفاظ على المصالح الإسلامية الكبرى.
إنّ هذا التجمّع الوحدوي بأيّ شكل من أشكاله القديمة أو الحديثة يتطلّب أُموراً ثلاثة:
أوّلها: إحياء مفهوم الأُخوّة الإسلامية المتعالية عن الجنسية والعنصرية،
وأن تتّحد مشاعرنا في الإحساس بقوّة ومتانة وأبعاد هذه الأُخوّة.
ثانيها: تحقيق الوحدة الثقافية واللغوية والاجتماعية التي تجمع المشاعر والأحاسيس، والتي تلتقي وتصبّ في معين واحد، هو العمل بمبادئ القرآن أو الإسلام الصحيح الذي يحقّق إعزاز المسلمين وقهر الأعداء.
ثالثها: وحدة السلم والحرب والاقتصاد والدفاع، فالمسلمون مسالمون فيما بينهم، لا تقوم بينهم حرب مطلقاً، واقتصادهم واحد، سواء في الإنتاج والتوزيع،
أو التصدير والاستيراد، وسوقهم الاقتصادية مشتركة، وعملتهم واحدة، ويعتمدون على مبدأ الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي، إلّافي حدود الضرورات من أجل علاج شي‏ء مؤقّت، والانتقال إلى ما هو أفضل. فإذا حدث نزاع عولج بالصلح، وإذ نُكب إقليم عاونه الآخرون؛ لأنّ المسلم يكون في حاجة أخيه المسلم،
لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يكذّبه ويتعاون معه، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وأمامنا أمثلة كثيرة من اتّحاد الولايات الواقع فعلًا، سواء في أمريكا، أو أوروبّا، أو الاتّحاد السوفياتي سابقاً.
وليكن مطمح كلّ مسلم وكلّ دولة إسلامية معاصرة هو التوصّل إلى وحدة الدولة الإسلامية مهما تناءت الديار أو الولايات المحلّية، أو إلى اتّحاد يجمع المسلمين، وينأى بهم عن التفرّق والتباعد، وإلى محو كلّ أشكال أو أسباب الفرقة الإقليمية أو الجغرافية أو العنصرية أو المذهبية أو العرقية، فإنّ هذه الأمراض هي التي فرّقتنا في الماضي، والتي يجب تجاوزها وعلاجها في عصرنا؛
من أجل تحقيق الخير للجميع، وإبعاد الشرّ وشبح الخطر عن الجميع، فنحن في حالة من التردّي والتشتت والضياع والمذلّة والهوان ما لا نغبط عليه، بل هو أدعى للسخرية والتهكّم!
وإذا ظلّ المسلمون في القرن الحادي والعشرين القادم على هذا النحو من التباعد والتفرّق فإنّهم سيتعرّضون لمحن وويلات أشدّ، وستكون الخسارة والدمار أكثر ممّا نتصوّر، ولات ساعة مندم.
ومن الغريب حقّاً أنّ أُمّة تنتمي إلى القرآن الكريم عقيدةً ودستوراً وعبادةً ونظاماً تكون‏
على هذا النحو من التشرذم والتفرّق!
ولا ينتظر المسلمون من أعدائهم أنّهم يقدّمون لهم الخير على أطباق من ذهب إن لم يتحرّكوا هم بأنفسهم نحو بناء عالم وحدوي جديد، له مفاهيم محدّدة، واستراتيجية موحّدة، ومطالب محدّدة، رضي الآخرون والأعداء بها آنياً أم غضبوا، فإنّهم بعد بناء الوحدة الدولية الإسلامية القوية سيخضع لهم الجميع، فالعيب إذاً في تفرّقنا وبعدنا عن وحدة الدولة أو اتّحاد الدولة.
وإذا تنكّرت بعض البلاد الإسلامية في مبدأ الأمر لمبدأ الوحدة أو الاتّحاد بسبب العلمانية ونحوها فإنّها في النهاية ستخضع للمنهج الوحدوي الصائب، وستقلع عن مبادئها وأنظمتها المتباعدة عن مظلّة وحدة حاكمية القرآن، إذا أُحسن تسويسها وكسبها بالمفاوضات والتفاهم والأساليب الدبلوماسية من وساطة حميدة أو تطويق سياسي».
ويقول واصفاً وحدوية بلاد الشام: «كلّ هذه البلاد، على الرغم من تباعد حدودها أحياناً، وتجاورها أحياناً أُخرى، أصبحت- وللَّه الحمد- تدرك إدراكاً جازماً أنّ الإسلام دين لا يتجزّأ، وأنّ أُصوله وفروعه ومواقعه النظرية والتاريخية والجغرافية والثقافية والتربوية واحدة، وأنّ منهج الوحدة الفكري والتطبيقي هو الاتّجاه السائد والمهيمن على الساحة الإسلامية، وإن وجدت جيوب ونزعات فئوية هزيلة تحاول تغذية الفرقة بين أتباع المذاهب، وإثارة النعرات المذهبية، والتورط في الاقتتال أو الاتّهام أو الانفعال المشوب بالعواطف الهوجاء، والذي قد ينجم عنه إمّا سفك بعض الدماء العزيزة أو هدم أو إحراق بعض المواقع أو المساجد الإسلامية، وهذا الاتّجاه الوعر المسالك والقاتم المظلم منشؤه: إمّا بعض آراء العلماء غير الناضجين،
أو المواقف الزائغة لبعض العوام، أو التجاوب مع سموم ومساعي المستشرقين وسياسات دول الشرّ والضلال والكفر من الغرب أو الشرق؛ لإضعاف بنية المسلمين، وتسهيل السيطرة على بلادهم وثرواتهم ومقدّراتهم، وإبقائهم في حال ساخنة من البركان الساكن أحياناً والمتفجّر أحياناً أُخرى؛ لتمرير مخطّطات معسكر البغي والعدوان والاستعمار.
وإنّه لمع الأسف كانت ظاهرة التفرّق والتباعد المذهبي والاتّهام والمصنّفات أو المؤلّفات الساقطة أو المسمومة هي الرائجة أو الغالبة على الوسط الإسلامي ما قبل خمسين أو أربعين سنة، فتجد منحى الهبوط في مزلقة التكفير أو الطعن والدسّ أو السبّ والشتم أو الإساءة لنجوم الإسلام في العهود الأُولى التي لولا رجالاتها العظام المخلصون أهل التضحية والفداء لما وجد الإسلام على الساحة الواقعية الكبرى أو الصغرى، ولا في المشرق أو المغرب أو الوسط.
وفي تقديري أنّ هذه الظاهرة قد أفل نجمها وانحسر ظلّها وحلّ محلّها وعي مستنير في رحاب الصحوة الإسلامية في الثلاثين سنة الماضية،
وأدرك الخاصّة من أهل العلم وبعض أو أغلب العامّة أنّ هذا الاتّجاه خطير، بل وعديم النفع، ويسي‏ء إلى العقيدة والعبادة والأخلاق الإسلامية، ثمّ إنّه يهدّد المصلحة الإسلامية العليا، ويجرّ الأُمّة الإسلامية كلّها إلى الدمار والخراب وفقدان الوجود والذات، ويقطع أوصال المسلمين،
ويزرع الفرقة والشتات والتمزّق والضياع في كلّ ما يعملون أو يخطّطون، وهو ما يطمح إليه الأعداء المجرمون الذين يعملون الآن لتفكيك لبنات الإسلام تباعاً، ويمزّقون شمل الدول الإسلامية واحدة بعد الأُخرى دون استثناء أخذاً بسياسة الانفصال واستغلال بعض السلبيات أو ألوان التخلّف والقصور، ولا سيّما تأليب الطوائف غير الإسلامية في بقاع وجودها، والتسلّل أيضاً إلى الفئات الإسلامية لإثارة المشكلات والخلافات فيما بينها؛ عملًا بقاعدة: «فرّق تسد»، والفرقة ضعف وأيلولة للسقوط.
أمّا بلاد الشام- ولا سيّما سورية بالذات- فإنّها واعية لهذه المخطّطات الإجرامية الاستعمارية، ولقد كانت سورية على ممرّ تاريخها الحديث ووجودها الآن أعمق نظراً وأكثر إدراكاً وأبعد رؤية مستقبلية لقضية الوحدة الوطنية وضرورة الحفاظ عليها وتجاوز كلّ سلبياتها وعنعناتها ومزالقها، حتّى إنّ المواطن السوري منذ فجر الاستقلال والتخلّص من الاستعمار الفرنسي في السابع عشر من نيسان (إبريل) عام 1946 م وإلى الآن لا يفكّر بأيّة فوارق بين أتباع الأديان والمذاهب والطوائف،
وهذه مفخرة لسورية الحديثة المتحرّرة
والأبية.
فلا نجد مثلًا في سورية أيّ تمييز بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات، ولا بين أتباع المذاهب من سنّة أو شيعة، ونجد انمحاق آثار التفرقة وخلَجاتها من كلا الفريقين.
إنّ هذا النمو السياسي من القادة الحكماء، والحسّ الديني من الناس بمختلف فئاتهم، والانبعاث الحضاري والمدني من جميع المواطنين جعل سورية وكذا بقية بلاد الشام، ما عدا بعض المواقف المشبوهة الموالية للاستعمار في لبنان، في طليعة الدول العربية التي لا توجد فيها مشكلات طائفية أو مذهبية أو عنصرية».

المراجع

(انظر ترجمته في: المفسّرون للأيازي: 684- 690).