الإنسان هو محور الوجود

من ویکي‌وحدت


عنوان مقاله الإنسان هو محور الوجود
زبان مقاله عربي
اطلاعات نشر ایران
نویسنده احمد شفیعی نیا

من الروية الديتية الإنسان هو محور الوجود وبس، ولكن ليس معنا هذه أنَّه في غنى عن رب العالمين وخالقه كما ذهب إليه بعض الجهلة القائلين بمكاتب منحرفة ضالة ك: اومانيست.

الإنسان هو محور الوجود

أهمُّ موضوع إحتلَّ في الخلقة مكانة لها من الأهمية مالا يعادله هو الإنسان, والعقل بما له من دورٍ يعمل كحجر أساسٍ لفهم الوجود هو أداة ذلك الإنسان, إذا زال الإنسان فلا شيء في الوجود يستحقُّ التَّأمل والإهتمام والنّظأمَّات الإجتماعية, لكي يرتقى بالإنسان إلى الأفضل. كلُّ ما في الوجود يكمن في الإنسان, ما قيمة الوجود بدون الإنسان, كلُّ شيء لأجل الإنسان,
والعلم هو أداة العقل لكي يحسن الفهم, المشاعر والأحاسيس هي جندٌ يؤدِّى وظيفته لكي ينتقل الإنسان إلى ذلك الكمال الكلى الذى هو الله خالق الكون. والوصول إلى نقطة الكمال المطلق دليل على نقص هذا الموجود الأهمِّ بفطرته وتکوينه؛
ولهذا ينشد إلی الأكمل في جنسه وهو الإنسان الکامل فی العلم والعمل، وبالتَّالی تجده يتحرّک فی حياته في مسار حرکة هذا الکامل، المسمِّی في لغة القرآن بالأسوة: >لَقَدْ کانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ ‌اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ<. فلا يمکن الرُّقي والتَّکامل للإنسان النَّاقص والوصول إلی ذَرْی الکمالات وقمَّتها إلاَّ بمساعدة الإنسان الکامل، أو خليفة الله كما في لغة القرآن؛ وهم النَّبي الأعظم وآله (عليهم السلام)؛ كما قال علي (عليه السلام): >لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ وَ لَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً،
هُمْ أَسَاسُ الدِّين وَ عِمَادُ الْيَقِينِ، إِلَيْهِمْ يَفِي‏ءُ الْغَالِي وَ بِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي<. وفي عدم تعدِّيهم يساوي الکلُّ حتَّی الأنبياء الأولي العزم، فضلاً عن غيرهم يطلبون اللحوق بهم، والسَّير علی منهجهم. کما سأل إبراهيم (عليه السلام) هذا المقام الرفيع: >وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ<. حتَّى فكرة الإله تطوَّرت بتطوُّر العقل البشري على إمتداد الزمن، بدءًا من تقديس الظواهر الطبيعية ومحاولة استرضائها بتقديم القرابين وإقامة الطُّقوس الدِّينية السِّحرية. وكلَّما إرتقى الجنس البشري قليلاً على سلَّم المعرفة تطوَّرتْ معه فكرته عن الإله: فمن الطوطمية، إلى التَّعددية، إلى بذور فكرة التوحيد الفرعونية، وفكرة الإله بنسخة الأديان الإبراهيمية.
فأشواط التَّطور فكرة الإله بقيت مرتهنًا في كلّ أحوالها للثقافة، والرغبات، والمعرفة البشرية السَّائدة، المحكومة بما يفرضه الزمان والمكان. وهذا التطُّور محصول إحتياج الإنسان إلى صورة ماديَّةٍ ملموسةٍ ينطلق منها، فكانت السَّماء بنجومها وكواكبها النورانية التي تبهر بصر الإنسان الجهة التي توجِّه إليها في عبادته،
ظنّاً منه أنًَّها مقرُّ عالم الآلهة التي أوجدت العالم. ولقد أشار القرآن إلى حاجة النَّاس جميعاً إلى المناسك والعبادات: >وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. كما أشار القرآن إلى الدوافع الإجتماعية للعبادات الوثنية بقوله: >وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا<. وعالج الإعتقاد الشائع في العبادات القربانية، والذي يذهب إلى أنَّ الآلهة تحتاج إلى القرابين وأنَّها تتغذَّى عليها، فقال تعالى: >لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ. ولايخفي من أنَّ المحور الأصلي الوحيد هو الله تعالى، والإنسان هو الكوكب الذي يدور في فلك خالقه تعالى، وقيمة الإنسان في دورانه حول فلكه، لا في دوران الأفلاك حول الإنسان نفسه،
وإلاَّ ينتهي إلى تأليه الإنسان. فالمقصود بمحورية الإنسان هو في منظومة المخلوقين مع الغضّ عن وجوده سبحانه وتعالى. بخلاف الأنسنة وهي النزعة الإنسانيّة، وهي مدرسةٌ فكريّةٌ غير إسلامية، تؤكّد على محوريّة الإنسان وليس الله، وتأمين سعادته الدنيويّّة وليس الأخرويَّة، بالإعتماد على العقل الإنسانيّ التجريبيّ وليس الوحي السماويّ. وهي عقيدةٌ أو طريقة حياةٍ تتمحور حول المنافع أو القيم الإنسانيّة،
أو الفلسفة الّتي ترفض عادةً ما وراء الطبيعة، وتشدّد على كرامة الفرد وقيمته وقدرته على تحقيق الذات من خلال العقل. والأنسنة ليستْ مجرَّد مدرسةٍ من المدارس الفكريَّة والفلسفيَّة أو في عرضها، بل تُعدُّ الخلفية الفكريَّة لكثيرٍ من المدارس والنظريّات الفلسفيّة كالليبراليّة والعلمانيّة والماركسيّة وغيرها من المذاهب التي نشأت عن الأنسنة. أثَّرت الأنسنة بشعاراتها الخلاَّبة علی البعض في عالمنا الإسلاميّ، فادّعوا بأنَّ الأنسنة التي جعلت الإنسان في مركز إهتمامها وتركتْ التعبَّد لله،
كرَّمت الإنسان وضمنتْ له السعادة والأمان وجعلته حرًّا، وأتتْ له بمكتسباتٍ مثل قانون حقوق الإنسان، واستطاعتْ أنْ تقود البشريَّة إلى هذا التطوُّر الهائل في العلوم والتكنولوجيا، كلُّ ذلك نتيجة استغنائها عن الوحي، واكتفائها بما يملكه البشر من الطاقات، ولا سيَّما العقل التجربيّ؛ ولذلك فهم يعتقدون بأنَّ الأنسنة أو مذهب الإنسان أفضل وأكثر فائدةً من الدِّين والعقيدة. ورسالة الدِّين موجَّهة للإنسان المكلف, التكليف مسؤولية إنسانية لكمال حياة الإنسان بوجوده المادى الظاهر, أو وجوده الروحي فكلاهما من مهمة الدِّين أنْ ينمى الإنسان في كلا الجانبين: أمَّا البعد الإيمانى والروحي للوصول الى الله, والبعد المادي خير مساعد للإنسان في طريقه إلى الله. واهتمام الإسلام بالدولة كأمر ضرورىٍّ للاجتماع الإنسانى، لايكون إلاَّ لتحقيق الإنسان مقاصده في ظلّ نظام تحقّق العدالة؛ لأنَّ النَّاس شركاء فيما كان ضرورياً لكمال الحياة، وما كان في الطبيعة فهو من الله لعباده, لا أحدٌ يستبدَّ به دون الآخرين وقيمته هي قيمة الجهد فيه, لا يمنع ولا يحتكر, لا احد ينفرد بحق يدَّعى ملكيته وهو ليس له,
والأموال تؤدي دورها في مجتمعها, ولا تمنع عمن يستحقها, الإنسان يملك الحق في الحياة وفي كلّ ما يضمن له تلك الحياة من الامور الضرورية, المطالب الضرورية حق للإنسان, والاقوياء يحملون الضعفاء، والاغنياء يتكفلون بالفقراء بما يضمِّن لهم الكفاية والكرامة.