محمد فتح اللَّه كولن
الاسم | محمّد فتح اللَّه كولن |
---|---|
الاسم الکامل | محمّد فتح اللَّه كولن |
تاريخ الولادة | 1941م/1360ق |
محل الولادة | ترکیه |
تاريخ الوفاة | |
المهنة | متفکر اسلامی، کاتب |
الأساتید | عثمان بكتاش |
الآثار | الموازين أو أضواء على الطريق، طرف الإرشاد في الفكر والحياة، القدر في ضوء الكتاب والسنّة، أضواء قرآنية في سماء الوجدان، روح الجهاد وحقيقته في الإسلام، القلوب الضارعة، حقيقة الخلق ونظرية التطوّر، مجموعة الأدعية المأثورة، مقدّمات، المعزف المكسور، عالمنا الفسيح |
المذهب | سنی حنفی |
محمّد فتح اللَّه كولن (من التركية:Fethullah Glen ): مفكّر إسلامي، وداعية تركي شهير.
ولد محمّد فتح اللَّه كولن أو فتح اللَّه جولان أو فتح اللَّه غولان في 27/ أبريل/ 1941 م في قرية صغيرة تابعة لقضاء حسن قلعة المرتبطة بمحافظة أرضروم، وهي قرية كوروجك، ونشأ في عائلة متديّنة.
كان والده (رامز أفندي) شخصاً مشهوداً له بالعلم والأدب والدين، وكانت والدته (رفيعة خانم) سيّدة معروفة بتديّنها وبإيمانها العميق باللَّه، وقامت بتعليم القرآن لابنها محمّد ولمّا يتجاوز بعد الرابعة من عمره، حيث ختم القرآن في شهر واحد. وكانت أُمّه توقظ ابنها وسط الليل وتعلّمه القرآن. وكان بيت والده مضيفاً لجميع العلماء والمتصوّفين المعروفين في تلك المنطقة، لذا تعوّد محمّد فتح اللَّه مجالسة الكبار والاستماع إلى أحاديثهم. وقام والده بتعليمه اللغة العربية والفارسية.
درس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وكان يتردّد إلى (التكية) أيضاً، أي:
تلقّي تربية روحية إلى جانب العلوم الدينية التي بدأ يتلقّاها أيضاً من علماء معروفين، من أبرزهم عثمان بكتاش الذي كان من أبرز فقهاء عهده، حيث درس عليه النحو والبلاغة والفقه وأُصول الفقه والعقائد، ولم يهمل دراسة العلوم الوضعية والفلسفة أيضاً.
في أثناء أعوام دراسته تعرّف برسائل النور وتأثّر بها كثيراً، فقد كانت حركة تجديدية وإحيائية شاملة بدأها وقادها العلّامة بديع الزمان سعيد النورسي مؤلّف «رسائل النور».
وبتقدّمه في العمر ازدادت مطالعاته وتنوّعت ثقافته وتوسّعت، فاطّلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها وعلى الفلسفة الشرقية أيضاً، وتابع قراءة العلوم الوضعية كالفيزياء والكيمياء وعلم الفلك وعلم الأحياء.... إلخ. عندما بلغ محمّد فتح اللَّه العشرين من عمره عيّن إماماً في جامع (أوج شرفلي) في مدينة أدرنة، حيث قضى فيها مدّة سنتين ونصف سنة في جوّ من الزهد ورياضة النفس، وقرّر المبيت في الجامع وعدم الخروج إلى الشارع إلّا
لضرورة. بدأ عمله الدعوي في أزمير في جامع (كستانه بازاري) في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع، ثمّ عمل واعظاً متجوّلًا، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول. وفي خطبه ومواعظه كان يربّي النفوس ويطهّرها من أدرانها ويذكّرها بخالقها وربّها ويرجعها إليه. كانت النفوس عطشى، والأرواح ظمآى إلى مثل هذا المرشد الذي ينير أمامها الطريق إلى اللَّه تعالى وإلى رسوله الكريم صلى الله عليه و آله حسب تعبير بعض المترجمين له.
وكان يجوب البلاد طولًا وعرضاً كواعظ متجوّل يلقي خطبه ومواعظه على الناس في الجوامع. كما كان يرتّب المحاضرات العلمية والدينية والاجتماعية والفلسفية والفكرية، ويعقد الندوات والمجالس واللقاءات الخاصّة يجيب فيها على الأسئلة الحائرة التي تجول في أذهان الناس و الشباب خاصّة ولا يعرفون لها أيّ جواب ممّا كان يلقي بهم في مهلك الشبهة والإلحاد. فكانت أجوبته هذه بلسماً شافياً لعقول وقلوب هؤلاء الشباب والناس، ممّا جعلهم يلتفّون حوله ويطلبون إرشاداته. كما حثّ أهل الهمّة والغيرة على الاهتمام بمجال التعليم. ونتيجة لذلك قام هؤلاء الذين استفادوا من أفكاره دون انتظار أيّنفع مادّي أو دنيوي وضمن إطار القوانين المرعية في تركيا بإنشاء العديد من المدارس والأقسام الداخلية، وبإصدار الجرائد والمجلّات، وإنشاء المطابع، وتأليف الكتب، وإنشاء محطّة إذاعة وقناة تلفزيونية. وبعد انهيار الاتّحاد السوفيتي انتشرت هذه المدارس في العالم بأسره، وخاصّة في دول آسيا الوسطى التي عانت من الاحتلال الروسي و من الإلحاد الشيوعي سبعين عاماً تقريباً.
بدأ الأُستاذ فتح اللَّه- ولا سيّما بعد عام 1990 م- بحركة رائدة في الحوار والتفاهم بين الأديان وبين الأفكار الأُخرى متّسمة بالمرونة والبعد عن التعصّب والتشنّج، ووجدت هذه الحركة صداها في تركيا ثمّ في خارجها. ووصلت هذه الحركة إلى ذروتها في الاجتماع الذي تمّ عقده في الفاتيكان بين الشيخ فتح اللَّه و بين البابا إثر دعوة البابا له. لقد آمن بأنّ العالم أصبح- وذلك بعد تقدّم وسائل الاتّصالات- قرية عالمية، لذا فإنّ أيّحركة قائمة على الخصومة والعداء لن تؤدّي إلى أيّ نتيجة إيجابية، وأنّه يجب الانفتاح على العالم
بأسره، وإبلاغ العالم كلّه بأنّ الإسلام ليس قائماً على الإرهاب كما يصوّره أعداؤه، وأنّ هناك مجالات واسعة للتعاون بين الإسلام وبين الأديان الأُخرى، مع الحفاظ على المرتكزات الإسلامية.
على عكس نجم الدين أربكان الذي يعدّ «أبو الإسلام السياسي» في تركيا، فإنّ فتح اللَّه كولن هو «أبو الإسلام الاجتماعي»، فهو مؤسّس وزعيم «حركة كولن»، وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، ومئات المدارس الدينية خارج تركيا، بدءاً من جمهوريات آسيا الوسطى وروسيا وحتّى المغرب وكينيا وأوغندا، مروراً بالبلقان والقوقاز.
كما تملك الحركة صحفها ومجلّاتها وتلفزيوناتها الخاصّة، وشركات خاصّة، وأعمال تجارية، ومؤسسّات خيرية. ولا يقتصر نشاط الحركة على ذلك، بل يمتدّ إلى إقامة مراكز ثقافية خاصّة بها في عدد كبير من دول العالم، وإقامة مؤتمرات سنوية في بريطانيا والاتّحاد الأوروبّي وأميركا، بالتعاون مع كبريات الجامعات العالمية من أجل دراسة الحركة وتأثيرها وجذورها الثقافية والاجتماعية.
ما تتميّز به حركة كولن عن باقي الحركات الإسلامية في المنطقة والعالم هو أنّها غالباً تلقى ترحيباً كبيراً من الغرب؛ إذ تعتبر هي «النموذج» الذي ينبغي أن يحتذى به بسبب «انفتاحها» على العالم وخطابها الفكري. فمثلًا إذا كان أربكان يرى أميركا عدوّاً للعالم الإسلامي بسبب تحكّم «الصهيونية العالمية» في صنع القرار فيها، فإنّ كولن يرى أنّ أميركا والغرب عموماً قوى عالمية لا بدّ من التعاون معها! وهو يرى أنّه إذا كان لتركيا يوماً ما أن تعود لمكانتها بوصفها واحدة من أهمّ دول العالم، كما كانت خلال الدولة العثمانية، فلا بدّ من نفوذ قوي لها وسط الأتراك في كلّ مكان في العالم. لكن كولن من البراغماتية والذكاء بحيث لا يستخدم تعبير «القيادة التركية» في المنطقة، كما لا يدعو إلى استقلال الأقلّيات التركية في وسط آسيا، ولا تمارس جماعته أنشطة تعليمية في البلاد التي يمكن أن تتعرّض فيها الأقلّية التركية لمشاكل من قبل النظم الحاكمة مثل الصين وروسيا واليونان.
وأوّل ما يلفت النظر في كولن هو أنّه لا يفضّل تطبيق الشريعة في تركيا، ويقول في هذا
الصدد: «إنّ الغالبية العظمى من قواعد الشريعة تتعلّق بالحياة الخاصّة للناس، فيما الأقلّية منها تتعلّق بإدارة الدولة وشؤونها، وأنّه لا داعي لتطبيق أحكام الشريعة في الشأن العامّ»! ووفقاً لهذا يعتقد كولن أنّ الديمقراطية هي أفضل حلّ، ولهذا يكنّ عداءً للأنظمة الشمولية في العالم الإسلامي. ومع أنّ أربكان ينظر إليه بوصفه أُستاذ رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، إلّاأنّ تجربة حزب العدالة والتنمية في الحكم تشير إلى أنّ كولن هو أُستاذ أردوغان الحقيقي.
ازدهرت حركة فتح اللَّه كولن في إطار انتعاش الحركات والطرق الدينية في تركيا في الثمانينيات من القرن الماضي، فبعد الانقلاب العسكري بقيادة كنعان أفرين عام 1980 م، والقرارات التي اتّخذتها الحكومة العسكرية والمتعلّقة بتحرير الاقتصاد وخصخصة الإعلام وإتاحة حرّية عمل أكبر للمنظّمات المدنية بما في ذلك الجماعات الدينية، بدأت الطرق الدينية في الازدهار، ومنها «طريقة النور» التي أسّسها الصوفي التركي سعيد النورسي (1873 م- 1960 م) والتي خرجت منها وتأثّرت بها لاحقاً حركة كولن. وجوهر فلسفتها إيجاد مجتمع إسلامي ملتزم، لكن في الوقت نفسه متلهّف للمعرفة والتكنولوجيا الحديثة والتقدّم لإنهاء تقدّم العالم الغربي على العالم الإسلامي. واليوم يقترن اسم فتح اللَّه كولن بمصطلح الإسلام التركي المتنوّر أو المعتدل، إذ حاول فتح اللَّه كولن مع مؤيّديه تأسيس حركة دينية سياسية اجتماعية حديثة تمزج الحداثة بالتديّن بالقومية بالتسامح بالديمقراطية، ووضع الإسلام والقومية والليبرالية في بوتقة واحدة! وكتبت الكثير من الدوريات الغربية عن كولن تصوّره كزعيم حركة اجتماعية إسلامية قومية غير معاد للغرب، ووجه المستقبل للإسلام الاجتماعي في الشرق الأوسط، لكنّ معارضيه يقولون عنه: إنّه الخطر الحقيقي على العلمانية التركية، ويتّهمونه بمحاولة تقويض العلمانية التركية عبر أسلمة الممارسات الاجتماعية للأتراك.
وليس هناك سبب علني رسمي لأسباب مغادرة كولن تركيا إلى أميركا، لكن متاعب كولن مع السلطات التركية بدأت في 18 يونيو (حزيران) عام 1999 م عندما تحدّث في
التلفزيون التركي وقال كلاماً اعتبره البعض انتقاداً ضمنياً لمؤسّسات الدولة التركية. وبعد ذلك بدأ المدّعي العامّ للدولة تحقيقاً في تصريحات كولن، وساعتها تدخّل رئيس الوزراء التركي آنذاك بولنت أجاويد ودعا الدولة إلى معالجة الأمر بهدوء، بدلًا من فتح الموضوع للنقاش على المحطّات التلفزيونية التركية، كما دافع عن كولن وعن مؤسّساته التعليمية وقال: «مدارسه تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرّف تركيا بالعالم... مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات». بعد ذلك اعتذر كولن علانية عن تصريحاته، إلّاأنّ بعض العلمانيّين ظلّوا متشكّكين في أهدافه، ولاحقاً وجّهت له اتّهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسّسات الدولة بما في ذلك الجيش. بعد تلك الأزمة حدثت أزمة لقطة الفيديو الشهيرة التي بثّت على اليوتيوب وظهر فيها كولن وهو يقول لعدد من أنصاره:
إنّه سيتحرّك ببطء من أجل تغيير طبيعة النظام التركي من نظام علماني إلى نظام إسلامي، كما تحدّث عن نشر الثقافة التركية في أوزبكستان، ممّا أثار موجة غضب في الجيش التركي وباقي المؤسّسات العلمانية في البلاد. كما أدّى إلى أزمة دبلوماسية بين تركيا وأوزبكستان دفعت بولنت أجاويد للتدخّل مجدّداً في محاولة لحلّها. وقال أجاويد:
«الرئيس الأوزبكستاني لديه مخاوف غير مبرّرة تتعلّق بتركيا. تركيا لا تتدخّل في الشؤون الداخلية لأوزبكستان. لا يمكن أن نسمح بالإساءة إلى العلاقات بين البلدين بسبب مخاوف غير ضرورية». لكن أوزبكستان قرّرت إغلاق عدد من المدارس التابعة لكولن.
ويبدو أنّه خلال هذا الوقت كانت المؤسّسة العلمانية في تركيا بدأت هي أيضاً تستشعر قلقاً متزايداً من كولن ومؤسّساته التعليمية، فأصدرت هيئة التعليم العالي في تركيا قراراً يقضي بعدم الاعتراف بالشهادات العلمية التي تعطيها مدارس كولن، لكن هذا القرار كان مؤقّتاً.
وكولن يقول: بأنّه مقيم في أمريكا بسبب العلاج.
ولفتح اللَّه كولن 60 كتاباً، وقد حصل على العديد من الجوائز على كتبه هذه، وأغلبها حول التصوّف في الإسلام، ومعنى التديّن، والتحدّيات التي تواجه الإسلام اليوم. ومن هذه
الكتب: الموازين أو أضواء على الطريق، طرف الإرشاد في الفكر والحياة، القدر في ضوء الكتاب والسنّة، أضواء قرآنية في سماء الوجدان، روح الجهاد وحقيقته في الإسلام، القلوب الضارعة، حقيقة الخلق ونظرية التطوّر، مجموعة الأدعية المأثورة، مقدّمات، المعزف المكسور، عالمنا الفسيح.
وقد احتلّ كولن المرتبة الأُولى ضمن أبرز المفكّرين على مستوى العالم في قائمة عشرين شخصية أكثر تأثيراً على مستوى العالم الإسلامي لعام 2008 م، في استطلاع دولي أجرته مجلّة «فورين بولسي» الأمريكية ومجلّة «بروسبكت» البريطانية.