عوامل التمزّق والتفكّك

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٦:٠٩، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات) (عوامل_التمزّق_والتفكّك ایجاد شد)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

العوامل الدخيلة على المجتمع الإسلامي والتي تستهدف تجزئته وتحطيم الأواصر، وبثّ الفرقة، وإثارة النزاعات والحروب ؛ لإضعاف هذا المجتمع والسيطرة عليه، أو تشويه الإسلام والحيولة دون انتشاره واتّساع رقعته.
وقد يستفيد المخطّطون لهذه الأهداف من العوامل الداخلية للتفرّق، ويعملون على تنميتها واستغلالها كأدوات فعّالة لخدمة مآربهم، وهي - أي : العوامل الداخلية - تشكّل أحياناً عوامل مستقلّة وإن كانت أيضاً بالنسبة للعوامل الخارجية تشكّل أرضية ملائمة لها وأدوات فعّالة لخدمتها.
وبالطبع فإنّ أعداء الإسلام الذين يتربّصون بنا الدوائر قد يستفيدون من الكثير من نقاط الضعف، وينفذون إلى مخطّطاتهم من خلال العديد من الثغرات، ويستخدمون من الأدوات ما يتيسّر لهم، وقد تختلف هذه الأدوات من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر، وقد تصطبغ الأدوات أحياناً بصبغة دينية، وأُخرى بصبغة اقتصادية، وربّما استخدمت وسائل محلّية تخفى على الكثيرين ولا يدرك حقيقتها إلّاذوو البصائر.
وأشدّ الأدوات فتكاً تلك التي تعمل بوحي الأعداء دون أن تدري، بل ربّما تصوّرت نفسها تخدم الدين وتحرص على مصالح المسلمين.
كما أنّ هناك رؤية مفادها أنّ الخلافات الفكرية والمذهبية على مستوى المعتقد وعلى مستوى المنهج الفقهي والأُصولي تشكّل عاملاً أساسياً من عوامل التشتّت والافتراق وتطويرها، فتخلق الأرضية المناسبة لاستغلالها من قبل أعداء الإسلام، وهذه الظروف كما يلي :
1 - التأثّر بالأجواء الاجتماعية الموروثة أو الدخيلة على المجتمع الإسلامي والتي تطبع الفكر بطابع خاصّ وتجعله أسيراً لنهج فكري معيّن يقوده إلى الوقوع في انحرافات أو سلوك اتّجاه قد لا يصيب الحقيقة.
2 - التأثّر بذوي النفوذ السياسي أو المكانة الاجتماعية الذي يجرّ عادة إلى اتّباع منهجهم الفكري والابتعاد عن المناهج الأُخرى، ومن ثمّ يتحوّل ذلك إلى مذهب خاصّ له مؤيدّوه والمدافعون عنه.
3 - الميول والمصالح السياسية والاقتصادية التي لها تأثيرها الكبير في تبنّي نوع خاصّ من الرؤية بما يتناسب مع تلك الميول. وقد تدفع أحياناً إلى تشجيع الوضّاعين والدسّاسين الذين يتاجرون بالدين لمآرب شخصية، فيقومون بوضع الحديث، أو اختلاق تفسير وتأويل خاصّ يخدم تلك المصالح، فيؤدّي إلى اختلاط الحقّ على الناس، وينشأ عنه تعدّد في النظرات والآراء، وربّما أدّى إلى ولادة فرقة أو مذهب.
4 - من أسباب تعميق الخلاف الحركات السرّية للمنافقين (الطابور الخامس) واليهود الذين يهدفون إلى زعزعة أركان الدين الإسلامي وتشويه حقائقه، وذلك عبر أساليب كثيرة، كإثارة الشبهات والتشكيكات، وإدخال بعض الأفكار الغريبة بطريق وآخر، وربّما مارسوا عملية الوضع أيضاً بالاتّجاه الذي يخدم أهواءهم. وهذا النمط من العوامل أوجد هذه الكمّية من الإسرائيليّات التي ابتلي بها الحديث عندنا.
5 - الدور الذي يلعبه أعداء الإسلام، باستغلال هذه العوامل والاستفادة منها في إثارة النزاعات وبذر الشقاق وبثّ العداوات، وقد شهد القرن الأخير تصعيداً في هذا النشاط وحقّق المستعمرون أغراضهم ومآربهم عندما عمدوا إلى تقسيم العالم الإسلامي على أساس القوميات واختلاف اللغات والأقاليم، وأُثيرت الحروب بين المسلمين لأغراض لا تخدم إلّاالاستعمار، وقد هزم المسلمون يوم تناسوا المشتركات بينهم والمصالح العامّة، وتخلّوا عن أُسس وحدتهم وحبل اعتصامهم الذي يجمعهم ويؤلّف بينهم، وقدّموا الانتساب إلى القومية وإلى الإقليم وإلى اللغة على الانتساب إلى الدين، على خلاف تعاليم الكتاب العزيز وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه و آله.
ولقد استطاع المستعمرون أن يصنعوا من الوطن الإسلامي الكبير كيانات صغيرة متعدّدة فاقدة لمقوّمات القوّة والحياة والاستمرار، وحرصوا أشدّ الحرص على إضعافها وخلق المعضلات السياسية والاقتصادية لها ؛ لكي تبقى أسيرة الحاجة وفريسة الصراعات ؛ ليتسنّى لهم التحكّم بمصائر شعوبها والسيطرة على ثرواتها ومقدّراتها.
العالم الإسلامي اليوم وبسبب أُولئك المستعمرين بات يشكّل بؤرة الفقر والفاقة وميدان الصراعات المعقّدة، في حين تدار عجلة الصناعة في الغرب بوقوده وزيته، وتقوم الماكنة الاقتصادية على خيراته وكنوزه المودعة فيه، لم يعد أُولئك المستعمرون اليوم بحاجة لإرسال قوّاتهم والمخاطرة بجيوشهم لقمع حركات التحرّر، وتأديب من يفكّر بالتمرّد، أو يهدّد مصالحهم الخاصّة، فهم يمسكون بقياد الجيوش في أكثر البلاد الإسلامية، ويتحكّمون بالدفّة السياسية فيها، فعملاؤهم يكفونهم المؤونة ويؤدّون المطلوب على أفضل وجه.