وحدة البعد المصيري

من ویکي‌وحدت

وحدة البعد الإنساني: إنّ من الأركان والأُسس الكفيلة بتحقيق الوحدة- والتي تبتني عليها أواصر الأُخوّة- هي وحدة البعد الإنساني، مضافاً إلى وحدة: العقيدة، والعمل والاتّباع، والقيادة، والهدف المشترك، والخصال الحميدة المشتركة، والوحدة الثقافية، وغيرها. وسنتناول في هذه المقالة وحدة البعد الإنساني.


إذا كانت الأُمّة الإسلامية ترتبط فيما بينها برباط ديني واحد وتجمعها وحدة جغرافية طبيعية ولها رسالة نورانية حضارية في هذا الوجود ; فإنّ ذلك يعني أنّ لها غايات واحدة وأهدافاً مشتركة ، ويعني في النهاية أنّ لها مصيراً واحداً .

ومن أجل حماية هذا المصير الواحد وصوناً للمبادئ السامية والمثل العليا التي تقوم بها ومن أجلها الأُمّة الإسلامية فلا بدّ من إعداد القوّة اللازمة لدرء الأخطار التي تحيط بها ، سواء كانت هذه الأخطار قائمة بالفعل أو محتملة الوقوع ، أي : سواء كانت منظورة أم غير منظورة ، فالقوّة في كلا الحالين ضرورية . وفي هذا الصدد يقول القرآن الكريم : ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعْتُم مِن قُوَّة وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ) ( سورة الأنفال : 60 ) .

والهدف الذي من أجله يدعو القرآن الكريم إلى هذا الاستعداد الحربي بكلّ ما أُوتينا من قوّة لا يرمي إلى التخريب والتدمير أو الاستعباد والاستعمار أو سلب الآخرين أموالهم وأوطانهم وأمنهم ، وإنّما يرمي إلى دفع شرّ الأعداء وردعهم وتخليص المستضعفين من أيدي الظالمين المعتدين ، وإفساح الطريق أمام دعوة الخير الذي يريده الله لعباده . وقيام هذه القوّة يعدّ من أقوى وسائل السلم الذي أمر الله به ، فهي قوّة تحمي السلم والأمان والاستقرار .

ومثل هذه القوّة لا تتأتّى إلاّ بوحدة الأُمّة الإسلامية ، فهذه الوحدة هي السدّ المنيع والحصن الحصين في وجه كلّ الأطماع التي تستهدف إضعاف الأُمّة الإسلامية وإثارة الفتن والخصومات بين أبنائها .

وعلى الأُمّة الإسلامية صاحبة المصير المشترك أن تعيد النظر في قائمة الأولويات للقضايا والهموم التي تحيط بها في عالمنا المعاصر ، فتشغل نفسها لا بالقضايا الهامشية ، بل بالقضايا المصيرية ، وعلى رأسها قضية التخلّف التي تمثّل الهمّ الأكبر للأُمّة الإسلامية اليوم . والتخلّف المعني هنا تخلّف متعدّد الجوانب يشمل المجالات الروحية والمادّية والأخلاقية والعلمية والحضارية بصفة عامّة ، وتلك قضية مصيرية لا يجوز التهاون فيها أو التفريط في معالجتها بما تستحقّه من اهتمام وعناية .