أخبار من بلغ

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٣:١٧، ٢٠ يونيو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''أخبار من بلغ:''' هذا اصطلاحٌ يطلق علی طائفة من الروايات تدلّ علی التسامح في أدلّة السنن وعد...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

أخبار من بلغ: هذا اصطلاحٌ يطلق علی طائفة من الروايات تدلّ علی التسامح في أدلّة السنن وعدم الاشتداد في المستحبات، فهذه الأخبار مشهورة بـ «أخبار من بلغ» لشروعها به، کموثقة هشام بن سالم عن الصادق(ع) قال: «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان أجر ذلک له وإن لم يكن على ما بلغه.

دلالة أخبار من بلغ

المشهور بين علماء الإمامية[١] وجمهور أهل السنّة[٢] دلالة هذه الأخبار علی مشروعية قاعدة التسامح في أدلّة السنن، بل ادّعى بعضهم الاتفاق عليها[٣].
وقد استدلّ الإمامية لهذه المشروعية بأخبار مستفيضة معروفة بأخبار من بلغ، منها: صحيحة هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليه‏السلام، قال: «من بلغه عن النبي(ص) شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول اللّه‏ لم يقله»[٤]. ومنها: موثقة هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام، قال: «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له إن لم يكن على ما بلغه»[٥].
وأمّا جمهور أهل السنّة فقد استدلّوا بروايتين اُخريين: إحداهما: رواية الديلمي عن النبي(ص) قال: «من بلغه عن اللّه‏ شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا ورجاء ثوابه أعطاه اللّه‏ ذلك وإن لم يكن كذلك»[٦].
والثانية: رواية أنس، قال: «من بلغه فضل عن اللّه‏ أعطاه اللّه‏ ذلك وإن لم يكن كذلك»[٧].
فإنّ استلزام الثواب من العمل يعني استحباب ذلك العمل، وإلاّ لما كان موجبا لاستحقاق الثواب[٨].
وخالف في ذلك جماعة من علماء الجمهور[٩] و الإمامية[١٠]، فاستدلّ المخالفون من الجمهور بأنّ الروايتين ضعيفتان[١١]، بل ادّعى ابن القيّم أنّ الرواية الاُولى من كلام عبدة الأصنام[١٢].
وإن اُجيب عنه: بأنّ الخبر مروي في كتبهم، حيث نقله عبدالله بن عمر و الزركشي والعز بن جماعة و السيوطي، ونقله الطبراني في الأوسط عن أنس بلفظ: «من بلغه فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها»، ثُمّ قال: إنّ هذا الحديث أصل أصيل[١٣].
وأمّا المخالفون[١٤] من الإمامية فقد استدلّوا بأصالة عدم الحجّية[١٥] وعدم مساعدة ظاهر الأخبار عليها؛ لأنّ التسامح إمّا أن يعني إسقاط شرائط حجّية الخبر في باب المستحبّات كعدالة الراوي ووثاقته، أو يعني استحباب كلّ عمل بلغ عليه الثواب، وكلاهما مخالف لظاهر روايات التسامح؛ لابتناء الأوّل على إلغاء احتمال الخلاف والبناء على مطابقة الخبر الضعيف للواقع، مع أنّ لسان أخبار من بلغ هو التسامح حتّى مع فرض عدم الثبوت واقعا، كما في قوله عليه‏السلام: «وإن كان رسول اللّه‏ لم يقله».
وأمّا الثاني فلابتنائه على افتراض مصلحة نفسية ينشأ منها الاستحباب النفسي الواقعي لكلّ عمل بلغ عليه الثواب، مع أنّ روايات من بلغ خالية عن الإشارة إليه[١٦]. ومن هنا طرحوا احتمالات اُخرى في تفسير هذه الأخبار كاحتمال كونها للإرشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط واستحقاق المحتاط للثواب[١٧]، وكذا احتمال كونها وعدا مولويا لمصلحة في نفس الوعد للترغيب في الاحتياط؛ لحسنه عقلاً[١٨].
وهذان الاحتمالان يختلفان عن الاحتمالين الأوّلين بعدم تضمّنهما جعلاً لحكم شرعي معيّن[١٩] رغم ثبوت الثواب على العمل ممّا يعني رفض قاعدة التسامح المتضمّنة لحكم شرعي.

المصادر

  1. . نسبها إلى المشهور في رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 137، الكفاية (المحقق الخراساني): 353.
  2. . مواهب الجليل 2: 408.
  3. . المجموع 8: 261، جامع بيان العلم وفضله 1: 22، أنظر: كشاف القناع 1: 443، ذكرى الشيعة 2: 34.
  4. . الوسائل 1: 81، ب 18 من مقدّمات العبادات، ح 3.
  5. . المصدر السابق، ح 6.
  6. . كنز العمال 15: 791، ح 132، فيض القدير 6: 124.
  7. . كنز العمال 15: 791، ح 42133.
  8. . فوائد الأصول 3: 410.
  9. . الآداب الشرعية 2: 303 ـ 304، الموضوعات 1: 188 و2: 337.
  10. . مدارك الأحكام 1: 13، وإن رجع عمّا ذكره في مدارك الأحكام 3: 238، ونسب ذلك إلى العلاّمة في مفاتيح الأصول: 346، مصباح الأصول 2: 319.
  11. . الموضوعات 1: 188 و2: 337.
  12. . نقله عنه في كشف الخفاء العجلوني 2: 198.
  13. . نقله عن القاري في كشف الخفاء العجلوني 2: 310.
  14. . نسبه إلى العلاّمة في مفاتيح الاُصول: 346، أنظر: مدارك الأحكام 1: 13، وإن رجع عمّا ذكره في مدارك الأحكام 3: 238، مصباح الأصول 2: 319.
  15. . استدلّ لهم الشيخ الأنصاري في كتاب رسائل فقهية: 138.
  16. . مصباح الأصول 2: 319.
  17. . المصدر السابق.
  18. . بحوث في علم الأصول 5: 121 ـ 122.
  19. . المصدر السابق.